دوامة العنف تتجه إلى مسارات خطيرة
في بيان نشر يوم الاثنين في جنيف أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر والاتحاد الدولي لحركة الهلال والصليب الأحمر عن قلقهما لمقتل الدكتور خليل سليمان، رئيس قسم الطوارئ بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وهو ثاني موظف بالهلال الأحمر الفلسطيني يقتل منذ اندلاع أعمال العنف الأخيرة.
وقد أعربت الهيئة الدولية للصليب الاحمر عن بالغ قلقها بسبب الاوضاع المتدهورة في المنطقة وناشدت الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي احترام حقوق الانسان.
فقد تصاعدت وتيرة أعمال العنف الإسرائيلي الموجه ضد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين يوم الاثنين وكأن شارون يصر أن يكتب اسمه في تاريخ المعارك على أشلاء ضحايا المخيمات، ولعل ما يثير شهيته على مواصلة حملته الضارية ضد الفلسطينيين هو رغبته في قمع الانتفاضة التي لم تفلح الآلة العسكرية الإسرائيلية أن تخمدها على الرغم مما اشتهرت به من قوة وتقنية متفوقة، من طائرات “اف 16” إلى الدبابات الاكثر تحصينا في العالم مرورا بالوحدات الخاصة للقضاء على النشطين الفلسطينيين وتركيع البقية.
من الصعب أن يعترف شارون بأن سياسته قد فشلت فشلا ذريعا فلا هو حقق الأمن الذي وعد به الناخبين ولا يملك برنامجا سياسيا يطرحه على الرأي العام في الداخل والخارج، ويبدو أنه قرر المضي قدما في مواجهة عسكرية غير متكافئة، فأقر مع مجلس الوزراء المصغر خطة عمل تهدف إلى ضغط عسكري مستمر على السلطة الفلسطينية وجماعات النشطين، حيث صرح مائير شتريت وزير العدل الاسرائيلي لراديو اسرائيل “عندما يشعرون – الفلسطينيون – بالملل من الاعمال العسكرية سنكون سعداء للتحدث معهم ولكن الى ان يحين ذلك الوقت فإننا في حرب”، وهو ما انعكس فعليا في توغل القوات الإسرائيلية في مخيمين للاجئين وقتلت بالرصاص ثمانية فلسطينيين.
حالة حرب في الضفة والقطاع
مصادر من الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ذكرت أن عشرات الدبابات الإسرائيلية والعربات العسكرية توغلت في مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية في وقت مبكر من صباح الاثنين مما اثار اشتباكات في الشوارع مع مسلحين محليين في ثاني غارة في المخيم في اقل من أسبوع.
كما أفادت مصادر أمنية فلسطينية ان مسلحا يبلغ من العمر 23 عاما قتل في معركة بالأسلحة مع جنود في المخيم. وقال شهود عيان ومصادر مستشفى ان فتاة تبلغ من العمر 17 عاما وامرأة في الثالثة والخمسين من عمرها ورجلا يبلغ من العمر 37 عاما قتلوا داخل منازلهم في قصف لطائرات هليكوبتر إسرائيلية.
الجيش الإسرائيلي أعلن انه يبحث في المخيمات من جديد عن مشتبه بهم وعن أسلحة حيث يعتقد الجيش أنها معقل لجماعات نشطة، فتوغلت الدبابات الإسرائيلية بعد ذلك في قرية طمون القريبة، وذكرت مصادر مستشفى فلسطيني ان خمسة أطفال أصيبوا في الساق اثر إطلاق إسرائيلي للنيران. ولم يرد تعليق فوري من الجيش الإسرائيلي.
وفي رفح وحسب شهود عيان فلسطينيين توغلت قوات ومدرعات إسرائيلية في مخيم رفح للاجئين في قطاع غزة وفتحت النيران ودمرت ثلاثة منازل ومركزا للشرطة واشتبكت مع مسلحين قبل الانسحاب بعد خمس ساعات، بعد مصرع ثلاثة فلسطينيين أثناء الغارة، وقال شهود عيان فلسطينيون ان اثنين من الثلاثة الذين قتلوا في رفح من المدنيين وان أحدهما قتل وهو يحاول إبعاد طفله عن مكان المعركة.
ولم ينف مصدر عسكري إسرائيلي اقتحام المخيم معللا تلك الخطوة بأنها كانت “عملية محدودة” للبحث عن أنفاق تستخدم لتهريب الأسلحة من مصر الى رفح.
شارون يجد نفسه حاليا في مأزق اذ يتحتم عليه تهدئة السياسيين اليمينيين الذين يطالبون بعمل عسكري اكثر صرامة واليساريين الباحثين عن حل سياسي، وشعبه الذي ينتظر الأمن في عهده، الذي يعتقد انه لن يأتي إلا بتركيع الفلسطينيين حتى يطلبوا بأنفسهم وقفا لاطلاق النار ، ومن ثم يمكن أن يفكر في كيفية التفاوض معهم، وربما يكون هذا التصعيد الدموي المتواصل أحد مراحل خطة طويلة الامد لا يعرفها سواه تهدف إلى القضاء على السلطة الوطنية الفلسطينية واعادة احتلال الضفة والقطاع.
قد يروق هذا التصور لحكومة شارون لاسيما مع الصمت الدولي على الرغم من كل ما يحدث ونقل وسائل الإعلام بأنواعها للموقف المتدهور واراقة الدماء ومعاناة على الجانبين، ولكن كل هذا ليس سوى دافع ليمارس المجتمع الدولي هوايته المفضلة في تطبيق المعايير المتعددة المفاهيم.
سويس أنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.