دوامة عنف لا يتوقف!
قُتل أزيد من 300 جزائري، خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة على الرغم من أن اجهزة الأمن تزعم تحقيق نجاحات ملحوظة ضد الجماعات المسلحة.
ولم يجد المحللون تفسيرا مُقنعا، لكثرة القتلى من الجزائريين في الفترة الأخيرة، في الوقت الذي كثرت فيه التصريحات المتتالية، من قبل مصالح الأمن، حول نهاية الجماعات المسلحة، لأنها محاصرة بشكل كامل.
الغريب أن مثل هذه التصريحات، يعقبها دائما، إما مجزرة في حق المدنيين، أو هجوم على موقع أمني، ليتسرب بعد ذلك أن الرئاسة الجزائرية، لا زالت تُصر على قانون الوئام المدني، الذي يعفو عن المسلحين، إذا ما نزلوا من الجبال، وهو وضع، كثيرا ما تذمرت منه المؤسسة العسكرية.
سبب التذمر حسب العسكريين، هي تبعات تطبيق قانون الوئام المدني، التي تنص على عدم مراقبة المسلحين، الذين نزلوا من الجبال، لأنهم أقلعوا عن حمل السلاح ضد الحكومة.
وضع يجعل من الصعب التأكد، من نوايا “المسلحين السابقين”، الذين ثبت أن العديد منهم قد رجع إلى الجبال مرة أخرى. كما أن قانون الوئام المدني، حسب الراغبين في قبره، يمنع سؤال ” التائبين”، عن علاقاتهم السابقة والحالية، وهو ما يجعل العمل الأمني صعبا للغاية.
ولكن هل تُفسر هذه الحجج، تعفن الوضع الأمني؟، الجواب حسب مصدري أمني، رفض الكشف عن هويته لسويس إنفو، “بعيد كل البعد عن الخلافات السياسية، وهو أمني بحت،
ويرجع إلى عدم اتخاذ السلطات الأمنية، قرار اقتحام مواقع الجماعات المسلحة، عن طريق المشاة، والقوات الخاصة”.
ويُضيف المصدر الأمني لسويس إنفو: “يُخشى أن يكشف هذا الأسلوب عن قتال الفئات الدنيا من قوات الأمن لوحدها، دون مشاركة قادتهم الأرفع رتبة، مما قد يُؤدي إلى غضب حاد في صفوف قوات الأمن”.
تطوير وسائل المواجهة
ليس هناك شك أن مواجهة عصابات مسلحة في الجبال، صعب جدا على قوات عسكرية تتحرك بأسلوب كلاسيكي، غير أن عشرة أعوام من محاربة هذه الجماعات كفيلة بمنح خبرة هائلة للقوات المسلحة.
حقيقة أخرى، كُشف عنها مؤخرا، وتتمثل في التحاق العديد من الشباب، بالجماعات المسلحة على اختلافها، رغم أن هذا الشباب، لم يكن يوما ضمن المسلحين، بل إن الكثير منهم لم يتجاوز العشرين من العمر.
وقد أوقفت قوات الشرطة في العاصمة، شابين مراهقين، لم يتجاوز عمرهما، السادسة عشرة، بسبب مشاركتهما في ذبح العديد من المدنيين، على الرغم من عدم انتماء عائليتي
الشابين، إلى أي تنظيم إسلامي، سياسي أو عسكري.
لذلك تصر العديد من العناوين الصحافية الجزائرية، على وصف النتائج الاقتصادية، لفترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بأنها كارثة، وتدفع الكثير من الشباب، إما إلى الهجرة أو الانتحار أو.. إلى حمل السلاح. وهو ما يرفضه الرئيس الجزائري بشدة، و يُصر على تجنب وصف الوضع بأنه متعفن لأبعد الحدود…
أوضاع اجتماعية مترديّة
وصف يُفضله الكثيرون. فعندما يعجز المرء عن تفسير ما يجري في بلده، بناء على تصريحات المسؤولين، سيضطر إلى العودة إلى الواقع ليكتشف، أن الحياة في المناطق الداخلية، التي يخرج منها الشباب الذابح، لا تصلح لحياة كريمة للبشر…
كما أن نسبة البطالة التي جاوزت الستين، في المائة في بلاد القبائل، كفيلة بإبقاء نار التمرد مشتعلة، كما أن الوضع يدفع الشباب إلى الانتحار، بسبب البعد عن القيم الأصيلة للشعب الجزائري.
من الواضح أن الأخطاء، يشترك فيها الجميع، و محاولة التشبث، باعتذارات بيروقراطية، اكثر منها أمنية، قد يُؤدي إلى كوارث أكبر، كما أن السياسة الدفاعية التي ينتهجها الرئيس الجزائري، وتأكيده على أنه مُحاط بالأعداء، قد لا تنفع في حل كل المشاكل. ويذكر أن الدستور الجزائري ينصّ على أن الرئيس هو رئيس المجلس الأعلى للقضاء في البلاد والقائد العام للقوات المسلحة.
هيثم رباني – الجزائر
كلما أعلنت قوات الأمن الجزائرية نجاحات في القضاء على الجماعات المسلحة، إلا وتصاعدت حدّة المجازر التي ترتكبها تلك الجماعات، لاسيما ضد مدنيين عُزّل. فلا يمر أسبوع دون الكشف عن مجازر أو اغتيالات في مختلف أنحاء البلاد، وكأن العنف أضحى للجزائر قدرا محتوما…
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.