مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

دورة ثانـية مُكـثـّفـة لمجلس حقـوق الإنـسان

swissinfo.ch

تميز افتتاح الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان في جنيف بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان ومنظمات غير حكومية، إلى الاهتمام بتفاقم الوضع في إقليم دارفور.

ولم يغب لبنان وتصريحات البابا حول الإسلام عن اليوم الأول، فيما تتابع سويسرا عن كثب سير آلية المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان.

أعطت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، الكندية لويز أربور، صبيحة الإثنين 18 سبتمبر في جنيف الانطلاقة الرسمية للدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان التي ستتواصل إلى غاية 6 أكتوبر القادم.

وتلت السيدة أربور رسالة وجهها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان للدول السبع والأربعين الأعضاء في المجلس. ووجه السيد أنان في رسالته نداء من أجل الاهتمام بتفاقم الوضع في إقليم دارفور غربي السودان، مُذكرا بالهدف المعلن للمجلس، أي “عدم الكيل بعدُ بمكيالين والقضاء على التسييس” خلال بحث انتهاكات حقوق الإنسان.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن اعتقاده أن المجلس كان “على حق” عندما خصص أولى أعماله، في يونيو الماضي، ثم في يوليو وأغسطس، لبحث تطورات الوضع في الشرق الأوسط، قائلا “أنا واثق أنكم ستولون نفس الاهتمام لانتهاكات حقوق الإنسان أينما يمكن أن تحدث”.

وتابع السيد أنان: “اليوم، يجب أن أثير انتباهكم بشكل خاص لانتهاكات حقوق الإنسان التي يقع ضحيتها شعب دارفور، والتي يمكن أن تتفاقم في مستقبل قريب”.

وكانت الدورة الأولى للمجلس الجديد، الذي أنشئ يوم 15 مارس 2006 ليحل محل لجنة حقوق الإنسان السابقة، قد عقدت من 19 إلى 30 يونيو الماضي. وتلاها اجتماعان غير عاديين، الأول حول غزة يوم 5 يوليو والثاني حول لبنان يوم 11 أغسطس.

قـلق ومطالب وتحذيرات

وفي خطابها، عبرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز أربور أيضا عن قلقها إزاء تدهور الوضع في دارفور، قائلة إنه “تذكير مأساوي لفشل المجتمع الدولي في حماية” الضحايا.

وطلبت السيدة أربور من المحكمة الجنائية الدولية تنفيذ انتدابها بشكل تام، ومن الحكومة السودانية التعاون مع المحكمة، مؤكدة في هذا الشأن أنه “يتعين بذل كافة الجهود المتاحة من أجل دعم عمل المحكمة، ولإرساء أسس قضاء عالمي أمام جرائم من هذا الحجم”.

وركزت المفوضة السامية لحقوق الانسان أيضا على ما وصفته بـ”الانتهاكات الخطرة لحقوق الانسان والحق الانساني” المرتكبة في سريلانكا، سواء على يد نمور التاميل أو على يد قوات الامن. وأعربت عن أملها في أن يتمكن المجتمع الدولي من مراقبة الوضع في سريلانكا بقدر أكبر من الاهتمام المُباشر.

من جهتها، شددت منظمة “هيومان رايتس واتش” غير الحكومية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، على أن مصداقية مجلس حقوق الإنسان الجديد باتت في الميزان، قائلة “إذا ما فشل المجلس في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان غير تلك المرتكبة من قبل إسرائيل، فان مصداقيته ستتضرر بشكل لا رجعة فيه”.

وطالبت المنظمة أيضا المجلس بإدانة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في السودان، وبتوصية مجلس الأمن الدولي بتمديد الحصار على الأسلحة والعقوبات الخاصة التي تستهدف القادة السودانية في حال ما واصلوا إعاقة نشر القبعات الزرق.

ظروف عيش “قاسية” في لبنان

من جانبه، أكد المقرر الأممي الخاص حول الحق في الغذاء، عالم الاجتماع السويسري جون زيغلر، أن التأثير البعيد المدى للنزاع في لبنان سيكون قاسيا على ظروف عيش السكان. وكان السيد زيغلر قد تحول إلى لبنان من 10 إلى 16 سبتمبر الجاري.

ومن الاستنتاجات التي أبرزها بيان المقرر الخاص أن “الاضرار الكبيرة المباشرة وغير المباشرة” الناجمة عن الغارات الاسرائيلية على الحقول الزراعية ومنشآت الصيد أثرت بشكل كبير على ظروف عيش وموارد مئات آلاف الاشخاص في لبنان.

وأضاف السيد زيغلر أنه جمّع معلومات عن “الأثر الخطير” للدمار الذي ألحقه النزاع بالبنى التحتية الخاصة بتوزيع الماء الصالح للشرب ومياه الري، مشددا على أن ذلك قد “زاد من تفاقم موارد الدخل لسكان الريف” جنوب لبنان.

كما عبر ايضا عن “قلقه” من هول الدمار والعدد الكبير للذخائر المنتشرة في الحقول والتي لم تنفجر بعد وتحول بالتالي دون عمل المزارعين. وسيصدر المقرر الخاص توصيات لمجلس حقوق الإنسان.

باكستان تنتقد تصريحات البابا

وقد تميز اليوم الأول من أعمال الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان أيضا بإثارة الجدل الذي تلى تصريحات البابا بندكتس السادس عشر يوم 12 سبتمبر خلال محاضرة ألقاها في جامعة جنوب ألمانيا، وهي تصريحات صورت الإسلام، حسب العديد من الدول الإسلامية والجماعات الدينية، كدين يحض على العنف والقتل.

وكان البابا بندكتس السادس عشر قد استشهد خلال تلك المحاضرة بكتاب للإمبراطور البيزنطي مانويل الثاني باليولوغوس (1350-1425) الذي قال في حوار مع رجل فارسي إن كل ما جلبه نبي المسلمين محمد كان شرا مثل “أمره بنشر الدين الذي يدعو إليه بحد السيف”.

وباسم منظمة المؤتمر الإسلامي، انتقدت باكستان يوم الإثنين في مجلس حقوق الإنسان تصريحات البابا، وطلبت من المجلس أن يخصص خلال هذا الأسبوع نقاشا حول التسامح الديني.

في المقابل، أكد ممثل منظمة المؤتمر الاسلامي أنه مطمئن لـ”الأسف” الذي عبر عنه البابا يوم الأحد 17 سبتمبر، ولابتعاده عن تلك التصريحات. لكنه حرص على التذكير بأن تصريحات البابا كانت مثيرة للأسف وأظهرت افتقارا لفهم الاسلام، قائلا “إن ربط الاسلام بالعنف هو بمثابة نفي للمبادئ الاساسية لعقيدة تمارس على مدى 15 قرنا ويعتنقها اليوم أكثر من مليار مؤمن”.

قضايا ومواضيع حساسة

سويسرا، صاحبة فكرة إنشاء مجلس حقوق الإنسان ليحل محل لجنة حقوق الإنسان السابقة، تتابع ببالغ الاهتمام أعمال هذه الدورة الثانية وسير آلية المراجعة الدورية الشاملة للالتزامات التي قطعتها على نفسها الدول الـ 191 الأعضاء في الأمم المتحدة فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان.

وقد أولى الوفد السويسري اهتماما خاصا بالكلمة التي ألقتها المفوضة السامية لحقوق الإنسان لويز أربور في افتتاح الدورة.

وعن تدخل السيدة أربور، كان السفير بليز غوديه، الممثل الدائم لسويسرا لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف ونائب رئيس مجلس حقوق الإنسان قد صرح لسويس انفو عشية افتتاح الدورة: “إن الأمر يتعلق بلحظة هامة قد تؤثر على مجريات الدورة والمواضيع التي ستتناولها. فضلا عن ذلك، يفترض أن تسمح الجلسة بتبادل أفضل بين لويز أربور والمشاركين الذين يمثلون الدول الأعضاء والدول المُراقبة أو المنظمات غير الحكومية”.

وتتطرق هذه الدورة إلى جملة من القضايا الحساسة من خلال بحث التقارير التي صاغها الخبراء المنتدبون من قبل المجلس أو لجنة حقوق الإنسان التي حل محلها يوم 15 مارس الماضي.

في هذا الإطار، سيقدم المقررون الخاصون الأربعة الذين تحولوا إلى لبنان – ومن بينهم السويسري فالتر كالين – الاستنتاجات التي توصلوا إليها خلال رحلتهم. كما سيبحث المجلس التقارير التي ستقدم حول بلدان مثل كوبا، وكمبوديا، وبرمانيا، والصومال، والكونغو والأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما سيهتم بمعالجة جملة من المواضيع مثل العنصرية، والمهاجرين، والاختفاءات القسرية، وحرية الدين والعقيدة، وحرية التعبير، والمواد السامة والخطيرة.

أولويات سويسرية

ويرى السفير السويسري بليز غوديه أن الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان “ستكون فرصة لبدء حوارات مع معدي التقارير الذين سيكونون أكثر تفاعلا، وأكثر إسهابا، وأكثر انفتاحا مقارنة مع لجنة حقوق الإنسان السابقة”.

وتولي سويسرا في هذه الدورة اهتماما خاصا بالقضايا التالية: التعذيب، والإعدامات خارج نطاق القضاء، وأطفال النزاعات المسلحة، والمدافعون عن حقوق الإنسان، والعدالة في الدول التي تعيش فترة انتقالية، واحترام حقوق الإنسان في إطار مكافحة الإرهاب، والحق في الغذاء.

وقال السفير غوديه “نود، قدر المستطاع، أن تـُختتم هذه النقاشات بإعلان للمجلس يكون بمثابة ثمرة اتفاق بين أعضائه. إن الفكرة تتمثل دائما في التمكن من العمل يدا في يد وليس فرقا ضد الأخرى”.

وتابع السفير السويسري قائلا: “إن الهدف هو جعل هذا المجلس أداة ملموسة لحماية حقوق الإنسان، وليس محكمة نوزع فيها النقاط السيئة. إن الأمر يتعلق إذن بقلب المنطق الذي ساد في اللجنة السابقة”.

لكن هذا الرهان لم يـُكسب بعد، إذ أن الاجتماعين الاستثنائين اللذين عقدهما المجلس في يوليو وأغسطس حول غزة ولبنان، بدعوة من الدول العربية، اختتما بتبني نصين وُصفا بالـ”مقلقين” من طرف مارك لاغون، نائب كاتب الدولة الأمريكي المكلف بالقضايا المرتبطة بالمنظمات الدولية.

غير أن السفير بليز غوديه يرفض إصدار حكم في الوقت الراهن، إذ قال لسويس انفو “إن المجلس مازال شابا. سويسرا ستقوم بجرد الحصيلة اعتبارا من 18 يونيو 2007″، وهو التاريخ الذي يـُفترض أن تُختتم فيه عملية إنشاء مجلس حقوق الإنسان.

لذلك تلتزم سويسرا بشكل خاص بـنجاح “المراجعة الدورية الشاملة”، إذ أوضح السفير غوديه أن هذه الآلية هي التي ستسمح بإعداد “نشرة صحية” للدول الأعضاء في الأمم المتحدة في مجال احترام حقوق الإنسان، مؤكدا أن “كافة الدول ستخضع لهذا الاختبار”، وأن “الفكرة التي نحبذها هي التعاون مع الدولة المعنية لتعزيز حماية حقوق الانسان لديها”. لهذا الغرض تحديدا، نظمت سويسرا في نهاية أغسطس الماضي اجتماع عمل في لوزان لتقريب مواقف الدول من هذه الالية الاساسية.

سويس انفو مع الوكالات

افتتحت المفوضة السامية لحقوق الإنسان السيدة لويز أربور يوم الإثنين 18 سبتمبر في جنيف الدورة الثانية لمجلس حقوق الإنسان التي ستتواصل ثلاثة أسابيع.

كان المجلس المكون من 47 بلدا، من بينها سويسرا، قد عقد دورته الأولى ما بين 19 و30 يونيو الماضي في جنيف، التئم بعدها في جلستين خاصتين، الأولى حول غزة يوم 5 يوليو والثانية حول لبنان يوم 11 أغسطس.

أنشئ المجلس يوم 15 مارس 2006 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ليحل محل لجنة حقوق الإنسان التي فقدت مصداقيتها بسبب تسيسها.

انتخب السفير بليز غوديه، الممثل الدائم لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، لفترة عام في منصب أحد النواب الأربعة لرئيس مجلس حقوق الإنسان ممثلا عن مجموعة الدول الغربية السبع الأعضاء في المجلس.

يتشكل مكتب مجلس حقوق الإنسان من الرئيس ونوابه الأربعة.

يوم 9 مايو 2006، انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك سويسرا – ضمن 47 بلدا – لانتداب مدته ثلاث سنوات في مجلس حقوق الإنسان الجديد.
يمكن تجديد الانتداب مرة واحدة فقط. بعد ذلك، ستترك سويسرا مقعدها لدولة أخرى من المجموعة الغربية قبل أن تتمكن من الترشح من جديد.
يفترض أن يلتئم المجلس ثلاث مرات في العام، أي ما يعادل 10 أسابيع على الأقل في جنيف، مقابل 6 أسابيع للجنة السابقة. كما يمكنه الإجتماع في حالات الطوارئ.
يتبع مجلس حقوق الإنسان الجديد مباشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
الدول العربية التي انتخبت يوم 9 مايو 2006 لعضوية المجلس هي: الجزائر والأردن والبحرين وتونس والمغرب والسعودية وجيبوتي.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية