تفنيد وهم تفوق الناخبين الأكبر سناً على جيل الشباب في عمليات الإقتراع
على عكس التصور الشائع، لا يقف جيل الناخبين الشباب في سويسرا بالضرورة على الجانب الخاسر في عمليات الإقتراع المنفذة في الكنفدرالية. وتوضح البحوث الصادرة في أعقاب النتائج الأخيرة غير المتوقعة التي أفرزتها صناديق الاقتراع في سويسرا وبريطانيا، أن الواقع إنما هو أكثر تعقيداً من ذلك.
لم تشكل نتائج التصويت على المبادرة المتعلقة بكبح جماح الهجرة الوافدة من الإتحاد الأوروبي في فبراير 2014 [وإعادة العمل بتحديد حصص للمهاجرين الأجانب من الاتحاد الأوروبى] مجرد صدمة للمؤسسة السياسية والإقتصادية في سويسرا، ولكنها أثارت إنفعالاً كبيراً أيضاً بين جيل الشباب، ولا سّيما في الأوساط العلمية.
ويخشى العديد من العلماء الشباب من إمكانية تضرر فرصهم الوظيفية بشكل جدّي نتيجة تعليق الاتحاد الأوروبي مفاوضاته مع سويسرا بشأن مشاركتها في برنامج الأبحاث المرموق ‘آفاق 2020’ التابع للاتحاد الأوروبي.
ولم يستغرق الأمر النقاد طويلاً ليحذروا من أن جيل الناخبين الأكبر سناً – والأكثر تحفظاً ظاهرياً – إنما كانوا يعيقون تعاوناً حيوياً مهماً بين دول مختلفة. وقد أسفر هذا الأمر عن إقتراح مجموعة من الأفكار الإصلاحية، بما في ذلك مقترح يدعو لإعطاء الأولوية للأصوات الشابة.
وكانت إدعاءات مماثلة حول إسكات أصوات الشباب من قبل غالبية من المواطنين الكبار في السن قد أثيرَت مرة أخرى في بريطانيا بعد الإستفتاء على خروج بريطانيا من الإتحاد الإوروبي ‘بريكزيت’ في شهر يونيو 2016.
وبالرغم من ذلك، وجدت دراسة أجراها مركز أبحاث الديمقراطية المباشرة في آراورابط خارجي أن لا وجود لمثل هذه الفجوة بين الأجيال. وبحسب أستاذ العلوم السياسية توماس ميليتشرابط خارجي: “لا توجد هناك دلائل تجريبية تشير إلى تعرض مجموعة الناخبين الشباب للهزيمة بشكل دائم على يد الجيل الأكبر سنا”.
واستند ميليتش، الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة زيورخ، في بحثه على مجموع 135 عملية إقتراع وطنية جرت في سويسرا على مدى الأعوام الخمسة عشر الماضية، ولم يقتصر على حالة واحدة معزولة فقط.
مع ذلك، يعترف ميليتش بوجود حالات قد يشعر بها جيل الشاب بتعرضهم للإجحاف. “من المُرجح أن تكون هذه اقتراعات ذات تأثيرات كبيرة، يشعر جيل الشباب بقلق خاص حيالها”، كما يقول.
وهو يخص بهذا الصدد بعض القضايا الإجتماعية، بما فيها إجازة الأمومة مدفوعة الأجر، والمساكنة بين المثليين، وقانون حيازة السلاح، والأغذية المعدلة وراثيا، علاوة على التكامل الأوروبي والأجانب.
أكثر تطرفاً
وخلص البحث الأحدث لـميليتش الذي نُشِرَ باللغة الألمانية على المنصة الإلكترونية ‘دي فاكتورابط خارجي’، إلى أن السلوك الإنتخابي لغالبية الناخبين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً مشابه لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 70 عاماً.
ويترك هذا 35 عملية إقتراع وطنية في سويسرا اختلفت فيها غالبية الفئات العمرية الشابة والكبيرة. وفي هذه الإقتراعات، كانت الغلبة للناخبين الكبار في 24 حالة، في حين كان الفوز حليف جيل الشباب في 11 عملية تصويت.
بحسب ميليتش، تعود نسبة النجاح الأقل عند الشباب إلى”أن مطالبهم وآراءهم غالباً ما تكون أكثر تطرفا”.
وفي نفس السياق، لا يتوفر هناك أي دليل يشير إلى توجه غالبية جيل الشباب للتصويت مع اليسار السياسي، أو ميل القضايا المدعومة من قبل أحزاب الوسط أو اليمين السياسي في العادة إلى إجتذاب الناخبين الذين تعدوا عامهم السبعين.
كما توجد هناك حالات – مثل المبادرة الشعبية الداعية إلى العمل بـإجازة أمومة مدفوعة الأجر – خسر فيها جيل الشباب في بادئ الأمر (خاصة في عام 1999)، ولكنهم كانوا في الصف الفائز في نهاية المطاف في اقتراع أُجري بعد خمسة أعوام. “ويظهر هذا أن المسألة يمكن أن تتعلَّق بالتوقيت”، على حد قول ميليتش.
ويعترف أستاذ العلوم السياسية أن كمية البيانات المتاحة للإقراعات الفردية قد لا تكون سليمة دائما، ما يترك هامشاً كبيراً للخطأ. وكانت البيانات التي استند عليها البحث قد اقتُبسَت من Vox analysesرابط خارجي (تحليلات فوكس) من قبل ثلاث جامعات سويسرية ومعهد GfS Bern الرائد للبحوث وسبر الآراء.
“لكن نظرة إلى الصورة العامة، تظهر صلابة النتائج”، كما يضيف.
مشاركة البريطانيين الشباب في ‘بريكزيت’
وكان من قبيل الصدفة، أن نشرمعهد الرأي Opinium instituteرابط خارجي الذي يتخذ من لندن مقرا له مؤخراً النتائج التي خلص إليها بشأن التصويت على ‘بريكزيت’ – الإستفتاء حول عضوية بريطانيا في الإتحاد الأوروبي.
وفي تحدٍ لاستطلاعات سابقة للرأي، تقول الدراسة أن الغالبية العظمى للناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عاماً قد شاركوا في استفتاء 23 يونيو بالفعل. وتركز هذه الدراسة على الفجوة المزعومة بين إقبال الناخبين على الإقتراع، ولكن ليس على كيفية التصويت بالضرورة.
ومن المُسَلَّم به عموماً أن الناخبين البريطانيين الشباب كانوا يدعمون عضوية الإتحاد الأوروبي بشكل واسع، ولكن مسألة إقبال الشباب على صناديق الإقتراع كانت عُرضة للجدل.
ويقول الباحثون إن ما يقرب من اثنين من كل ثلاثة أشخاص مسجلين في الفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و35 عاماً شاركوا في هذا الإستفتاء الإستشاري، الذي خرج بنتيجة موافقة 51,9% من الناخبين على اقتراح يدعو لمغادرة بريطانيا نادي الدول الأوروبية الـ 28.
ويشير المؤلفون في تقريرهم إلى إستخدام وسائل الإعلام البريطانية أرقاماً عفا عليها الزمن، بسبب الإفتقار إلى بيانات مستقاة من دراسة رسمية للإنتخابات أو استطلاعات الرأي على ما يبدو.
“كانت الفجوة بين الأجيال تتعلق في الواقع بالكيفية التي صوت بها الناس، وليس بما إذا كانوا قد صوتوا أم لا”، كما يستنتج ميخائيل بتلر وسارة هاريسون من كلية لندن للإقتصاد.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.