منظمة الأمن والتعاون… عين سويسرية تراقب الانتخابات الأمريكية التي يشوبها التوتّر
أرسلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ما يناهز 250 مراقبا دوليا ومراقبة إلى الولايات المتحدة، حيث يشتدّ المناخ الانتخابي توترا إثر مزاعم التزوير والتحايل. وتضم هذه البعثة الخبير السويسري، ابن تيتشينو، ساشا ألدريسي، والمستشار الفدرالي جان-لوك أدور. وتهدف إلى تعزيز الثقة أثناء العملية الانتخابية. كيف ذلك؟
يقول ساشا ألدريسي: “وصلت إلى الولايات المتحدة في الثالث من أكتوبر. وانتقلت إلى سالم (Salem)، عاصمة ولاية أوريغون، بعد واشنطن. وحاليًا، أنا في مدينة بورنز (Burns)”.
ويعلمنا الخبير أثناء ساعات الصباح الأولى في الولايات المتحدة عبر الهاتف، بمواصلة سفره من مدينة إلى أخرى، الذي بدأه منذ أكثر من أسبوعين برفقة مراقب نرويجي آخر. ويضيف: “نزور مكاتب الانتخابات في المقاطعات، ونلتقي المسؤولين والمسؤولات، ومنظمات المجتمع المدني، ونتحقق من كيفية سير التحضيرات استعدادًا لليوم الانتخابي في الخامس من نوفمبر”.
ينتمي ألدريسي إلى بعثة مراقبة الانتخابات التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبارابط خارجي (OSCE). وقد أُنشئت هذه المهمة عام 1990، استنادا إلى ميثاق باريس من أجل أوروبا جديدة.
وتهدف إلى مراقبة مدى الالتزام بالمعايير الديمقراطية الدولية، وضمان انتخابات حرة ونزيهة في الدول الـ57 الأعضاء في المنظمة. وبعد سقوط جدار برلين ونهاية الحرب الباردة، باشرت العديد من دول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى عمليات انتقال ديمقراطي. وقد قررت المنظمة دعم هذا التوجّه لتعزيز ثقة الناخبين والناخبات في المؤسسات السياسية.
” لست شرطيًا”
يُعتَبر ساشا ألدريسي مراقباً انتخابياً على المدى الطويل. إذ كُلّف بمهمة تمتد على حوالي شهر، يتابع خلالها مرحلة ما قبل الانتخابات، ويوم الاقتراع، وما بعده. ويكتسي هذا التكليف أهميّة بالغة، خاصة بعد الاتهامات بالتزوير والغش التي أثارها دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية عام 2020، ويُتوقّع أن يتكرّر هذا السيناريو هذا العام أيضًا.
أول تقرير مؤقت ينشره مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR/OSCE) في 23 أكتوبر 2024، إضافة إلى تلخيص أهداف المهمة وقواعد العملية الانتخابية:
ويبرز التقرير القضايا الرئيسية، بما فيها التغطية الإعلامية، والقلق إزاء ما تروج له الجهات الفاعلة محليا ودوليا، من حملات تضليل واسعة. فنصّ على ما يلي: “الحملة شديدة الاستقطاب، وتتميز بخطاب عدائي وتحريضي، كما تحرّض على الصراعات الشخصية”.
كما عرض الإطار القانوني لحل النزاعات الانتخابية، وسلّط الضوء على كثرة الدعاوى التي رفعتها الأطراف المترشّحة، والأحزاب السياسية، والمنظمات التابعة لها، المتعلّقة مثلا، بإجراءات تسجيل الناخبين والناخبات.
المصدر: وزارة الخارجية السويسرية
ويوضح ألدريسي قائلًا: “بصفتي خبيرًا تقنياً، أراقب مدى تنفيذ القوانين التشريعية المحلية، وأسجل ملاحظاتي حول ما أراه دون التدخل في العملية الانتخابية. فلست شرطيًا، بل أُعد تقريرًا يحتوي بعض التوصيات والملاحظاترابط خارجي، وينصّ على أي مخالفات محتملة”.
مهمة تجنّد 180 برلمانيًا وبرلمانية من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا
ينسّق مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR) التابع لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، عمل بعثات مراقبة الانتخابات. لكن لا يوجد في الانتخابات الأمريكية الحالية، مراقبون ومراقبات على المدى القصير، وعادةً ما يرسل هذا الفريق قبل الخامس من نوفمبر، لمراقبة التصويت والفرز فقط. ومع ذلك، سيتابع الانتخابات حوالي 180 عضوًا وعضوة من الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، منصة الحوار والتعاون التي تضم أكثر من 320 شخصا. وسيراقب النائب الفدرالي جان-لوك أدور عملية التصويترابط خارجي، عن الوفد السويسريرابط خارجي.
شاركت سويسرا لأول مرة في بعثة لمراقبة الانتخابات عام 1989، عندما أرسلت بعثة خبراء تابعة للأمم المتحدة إلى ناميبيا.
فقد تطلّعت عدة بلدان مع نهاية الحرب الباردة، إلى إنشاء مؤسسات ديمقراطية جديدة، وإضفاء الشرعية على حكوماتها عبر انتخابات حرة ونزيهة. ودعمت سويسرا هذه المبادرات من أجل تعزيز السلام والديمقراطية.
ويتجلى هذا الالتزام في العديد من البعثات السنويّة من قبل منظمة الأمن والتعاون في أوروبا. فتراقب الفرق الخبيرة الانتخابات والعمليات الديمقراطية، في دول مختلفة.
ويقول السياسي من حزب الشعب السويسري: “سأسافر إلى الولايات المتحدة في الأول من نوفمبر، وسأصدر في اليوم التالي بياناً موجزا في واشنطن”. وقد أبدى تفضيله لترامب في الانتخابات السابقة عام 2020. ويضيف قائلا: “ستقتصر مهمّتي على مراقبة عملية الفرز في نيفادا، إحدى الولايات المهمة جدا في تحديد مصير الانتخابات. وسيرافقني في ذلك فريق برلماني من 15 فردا، ويشاركني زميل من البوندستاغ (Bundestag)”.
لقد انضم البرلماني القادم من سيون، عاصمة كانتون فاليه السياسية والإدارية، إلى الوفد السويسري لدى الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، مع بداية الدورة التشريعية الحالية في ديسمبر 2023. وسينجز هذه المهمّة لأوّل مرّة بصفته مراقبا انتخابياً. فيقول: “سنركز طبعا، على يوم التصويت في الخامس من نوفمبر”.
ويتابع قائلاً: “سيكون يومًا حافلًا يبدأ في ساعات الفجر الأولى، وينتهي في وقت متأخر من الليل عند إغلاق مراكز الاقتراع”. وسيزور أدور، الذي تكوّن في المحاماة، أكبرَ عدد ممكن من مراكز الاقتراع للتحقق من كفاية عدد العاملين هناك مثلا، وإمكانية التصويت دون أي قيود. وسيرسل المستشار الفدرالي في نهاية المطاف، ملاحظاته إلى الفريق الأساسي للبعثة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الموجود في واشنطن.
منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يجهلها الكثير في الولايات المتحدة
يؤكد أدور قائلاً: “المخاطر كبيرة، ليس فقط في الولايات المتحدة، ولكن في العالم بأسره. ستؤثر نتائج الانتخابات كثيرا في السياسة الدولية خلال الأعوام المقبلة، كتأثيرها في موقف الولايات المتحدة من الحرب في أوكرانيا مثلا، والنزاع في الشرق الأوسط، ودورها في حلف الناتو”.
المزيد
سويسرا والولايات المتحدة: شقيقتان لكن في الماضي البعيد
ويسترجع المستشار الفدرالي من حزب الشعب السويسري الانتخابات السابقة، منذ أربع سنوات، عندما رفض دونالد ترامب نتائج الاقتراع واصفا إياها بالمزورة والفاسدة. فيقول: “يمكن أن تعزز رقابة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ثقة الناس ومصداقية التصويت. ولسنا سلطة دولية، ولا يحق لنا إقرار صحة الانتخابات من عدمها، خاصة وأن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا غير معروفة كثيرا في الولايات المتحدة. فلا يمكن أن يحكم على شرعيّة النتيجة غير الشعب الأمريكي”.
ولن تقتصر مراقبة التصويت على الفريق الدولي الخبير، بل يشترك معه فريق وطني من المجتمع المدني، والأحزاب، والمجال الأكاديمي.
ليست هذه أول مهمة انتخابية لألدريسي، الخبير الدولي، المنحدر من تيتشينو. فقد انضم منذ عام 2008 إلى المجموعة السويسرية للخبراء، وراقب انتخابات في مناطق مختلفة من العالم، لكن لم يسبق له مراقبة انتخابات أمريكية.
فيقول: “يتألّف فريقنا من 64 شخصا من 17 دولة، وفيه 6 أفراد من سويسرا، في فرق مؤلّفة من خبيرين، عُيِّنَا لمتابعة الانتخابات في ولايتين”.
ويضيف: “أتابع العملية الانتخابية في ولايتي أوريغون وواشنطن برفقة عضو آخر من البعثة”. وتخضع الانتخابات وعملية مراقبتها لقوانين محلية، فتمنع الرقابة الدولية في ولاية تينيسي و17 ولاية أخرى مثلا، بينما تسمح بها ولايات أخرى مثل كاليفورنيا، وميسوري، ونبراسكا.
وستنتهي مهمة وفد الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا في 6 نوفمبر 2024، وسينشر حينها تقرير أولي، ويُعقد مؤتمر صحفي مشترك مع مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان (ODIHR). وسيقدم قادة البعثتين أول تقييم للانتخابات، أي تاماش ميسيريكس (Tamás Meszerics)، الخبير المجري، ورئيس بعثة مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان، وبيا كاومة (Pia Kauma)، البرلمانية الفنلندية.
فيقول ألدريسي: “سيُنْشَر التقرير النهائي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا حول الانتخابات الأمريكية بعد بضعة أشهر”. وسيتضمّن النص تحليلًا شاملًا لجميع مراحل العملية الانتخابية، وتوصيات لتحسين الإجراءات”. وستنتهي مهمة التيتشينيّ كمراقب انتخابي في 10 نوفمبر، فور عودته من الولايات المتحدة حيث أمضى أكثر من شهر.
تحرير: دانيلي مارياني و بنيامين فون فيل
ترجمة: إيفون صعيبي
مراجعة: عبد الحفيظ العبدلي/أم
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
المزيد
التضليل الإعلامي في سويسرا والولايات المتحدة خطر يتهدد “الديمقراطيتيْن الشقيقتيْن”
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.