رحيل الملك فهد
أعلنت المملكة العربية السعودية رسميا وفاة الملك فهد بن عبد العزيز. وقطع التلفزيون السعودي الرسمي صباح الإثنين فاتح أغسطس بث جميع برامجه وبدأ في إذاعة آيات من القرآن الكريم.
وورد في بيان رسمي قرأه مذيع بالتلفزيون السعودي أن صلاة الجنازة على الملك الراحل ستقام في العاصمة الرياض.
أعلن وزير الإعلام السعودي إياد مدني صباح اليوم الإثنين 1 اغسطس وفاة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في مستشفى الملك خالد بالرياض عن عمر يناهز 84 عاما.
وقال السيد مدني إن صلاة الجنازة ستؤدى عليه بعد صلاة عصر غد من مسجد الأمير تركي بن عبد الله في الرياض.
وقرأ الوزير بيانا من الديوان الملكي أعلن فيه مبايعة الأمير عبد الله بن عبد العزيز، البالغ من العمر 82 عاما، ليكون ملكا جديدا للبلاد. وقال إن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز اختار وزير الدفاع، الأمير سلطان بن عبد العزيز، ليكون وليا للعهد.
وكانت محطات التلفزيون السعودي قد قطعت إرسالها منذ الصباح وبدأت ببث تلاوات من القرآن الكريم.
مبايعة الأمير عبد الله
وقد اعتلى الملك فهد العرش في عام 1982 خلفا لأخيه الملك خالد. وقد أدخل الملك الراحل فهد إلى المستشفى يوم 27 مايو الماضي بعد إصابته بإلتهاب رئوي وحمى. وظلت المصادر السعودية الرسمية منذ ذلك الوقت تتابع تطورات حالته الصحية.
وقد تدهورت صحة الملك، خاصة بعد أن أصيب بجلطة دماغية عام 1995. وفي العقد الأخير، انتقلت إدارة الشؤون اليومية في السعودية، وهي أكبر بلد منتج ومصدر للنفط في العالم، إلى ولي العهد الأمير عبد الله، الأخ غير الشقيق للعاهل السعودي.
وبعد تأكد وفاة الملك فهد، ارتفع سعر النفط بأكثر من 50 سنتيما، إذ تجاوز 61 دولار للبرميل صباح الإثنين، وهو أعلى سعر للبترول منذ قرابة ثلاثة أسابيع.
وكان العاهل السعودي الراحل قد قضى فترة راحة ونقاهة استغرقت قرابة ثلاثة أشهر في جنيف في صيف 2002 رفقة حاشية من أكثر من 350 شخصا. وخضع الملك الراحل آنذاك لعمليتين جراحيتين على عينيه. وساهمت زيارته تلك بشكل ملموس في إنعاش القطاع السياحي في مدينة جنيف.
محطات بازرة في حكم فاق العقدين
فور توليه العرش السعودي عام 1982، واجه الملك فهد أزمة انخفاض سعر النفط الخام بـ20%، الشيء الذي اضطره إلى اعتماد إصلاحات اقتصادية هامة، لعل أبرزها تقليص ملفت للمساعدات الإجتماعية. كما أولى اهتماما خاصا بتطوير القدرة العسكرية للمملكة إذ أنفق ما بين 1985 و1991 زهاء 50 مليار دولار، حسب تقديرات مجلة “جينز إنتلليجنس ويكلي” الدولية.
لكن رغم هذا الاستثمار، لم تستطع القوات المسلحة السعودية مواجهة التهديد العراقي لوحدها. وبعد اجتياح العراق بقيادة الرئيس صدام حسين للكويت في أغسطس من عام 1990، اتخذ الملك فهد قرارا تاريخيا عندما سمح لوحدات الجيش الأمريكي بالانتشار في تراب المملكة. كما وجه نداء للدول العربية والأجنبية الصديقة بإرسال قواتها للدفاع عن السعودية.
وإثر نهاية الحرب، تصاعد شعور الشعب السعودي بالاستياء بسبب الجمود السياسي والأزمة المالية المترتبة عن ضعف سعر البترول وارتفاع فاتورة تحرير الكويت. ولتفادي تعرض المملكة لأي زعزعة من قبل المعارضة الإٍسلامية التي كانت تنتقد تحديدا وجود القوات الأمريكية في بلد الحرمين الشريفين، قرر الملك فهد في عام 1992 إدخال أولى الإصلاحات السياسية في تاريخ المملكة، إذ أنشأ في عام 1993 مجلسا للشورى يضم ستين عضوا معينا (تم توسيعه ليشمل 90 شخصا في عام 1997، و120 في عام 2001 و150 هذا العام). كما أصدر قانونا أساسيا مستمدا من الشريعة يترك السلطة بين أيدي آل سعود.
لكن التحالف العسكري مع واشنطن، تسبب في إثارة غضب الأصوليين وخاصة الشبان السعوديين، الذين، على غرار أسامة بن لادن، دخلوا منتصرين من أفغانستان بعد محاربتهم للجيش الأحمر.
وفي نوفمبر 1995 ويونيو 1996، قتل 24 جنديا أمريكيا في اعتداءات بالرياض والخبر شرقي السعودية. ومنذ مايو 2003، أسفرت الهجمات ضد السعودية التي تبناها أنصار تنظيم القاعدة عن مقتل قرابة 100 شخص، من السعوديين ومن الأجانب المقيمين في المملكة. كما قتل حوالي 40 شرطيا وأكثر من 100 من النشطاء الإٍسلاميين منذ ذلك التاريخ.
وقد ساهمت عمليات ردع المتطرفين الإٍسلاميين من قبل السلطات السعودية في التخفيف من حدة التوتر بين الرياض وواشنطن الذي عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي كان 15 سعوديا من بين منفذيها من أصل المتورطين التسعة عشر.
ويشار إلى أن الملك فهد اعتمد لقب “خادم الحرمين الشريفين” عام 1986. وخلال فترة حكمه التي فاقت العقدين، عرف الحرمان المكي والنبوي عمليات بناء وتطوير ضخمة وغير مسبوقة لتوفير أفضل وسائل الراحة أكبر والأمن للحجاج والمعتمرين والزوار.
وجدير بالذكر أيضا أن الملك الراحل فتح باب التعليم العام للإناث وأدخل تعليم العلوم منذ عام 1953 عندما كان وزيرا للتعليم.
وقد أعلنت جامعة الدول العربية بعد ظهر الإُثنين في القاهرة عن تأجيل قمة شرم الشيخ الطارئة، التي كان من المقرر عقدها يوم الثالث من أغسطس، “لبضعة أيام” بعد وفاة العاهل السعودي الملك فهد.
سويس انفو مع الوكالات
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.