رد برناوي على “صراع الحضارات”!
اختارت العاصمة الفدرالية برن إحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر الإرهابية بطريقة مبتكرة. فقد أنشأت ببساطة "بيتا للأديان".
البيت الذي سيصبح مركزاً للحوار بين ست أديان عالمية هو “رد برن على مقولة الصراع بين الحضارات”.
يوم السبت يحي العالم (باشكال مختلفة) الذكرى الثالثة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية. ولأن ذلك اليوم، الذي طبع ببصماته الواقع السياسي الدولي، أدخل العالم في دوامة دموية احتدت فيها المشاعر وتشنجت، اختارت برن – العاصمة الفدرالية لسويسرا – الرد عليها بطريقتها الخاصة المبتكرة عبر الإعلان عن تأسيس “بيت للأديان”.
الفكرة ليست جديدة تماماً على المستوى الدولي، لكنها الأولى من نوعها في الكنفدرالية. هدفها الأساس تفنيد فكرة حتمية “الصراع بين الحضارات”، التي تنبأ بها العالم السياسي الأمريكي صامويل هانتينجتون في عام 1993، وذهب كثيرون إلى أنها تحولت إلى واقع بعد عام 2001.
فكرة، فتجمع، فواقع ملموس..
جذور الفكرة تعود إلى اقتراح تقدم به عام 1999 السيد أورليخ زيمرمان العضو في برلمان برن من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد، دعا فيه إلى إنشاء ما أسماه بـ”مركز سويسري للتسامح”. بيد أن قلة التمويل أدت إلى إهمال المشروع.
عادت الفكرة من جديد إلى الواجهة في 25 أبريل عام 2002، خلال اجتماع رمزي لـ”طاولة مستديرة للأديان”، ضمت ممثلين عن ست أديان عالمية (الإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية، الهندوسية، البهائية)،
شكل الاجتماع نواة لتشكيل جمعية أطلقت على نفسها اسم “بيت الأديان – حوار الثقافات”، حيث تلقفت فكرة التسامح التي دعا إليها السيد زيمرمان، وأدمجتها في مشروعها الداعي إلى إنشاء “بيت للأديان”.
وفي مرحلة موالية، اتخذ المقترح شكلاً ومضموناً فعليين بعد أن وافقت حكومة برن في شهر أغسطس 2004 على مقترح الجمعية، وإثر ذلك حدد المجلس البلدي للمدينة الموقع الذي سيُقام عليه المركز، واتفق الجانبان على إنشاء مؤسسة تتولى مهمة ترجمة المشروع على أرض الواقع.
رسالة ذات مضمون سياسي وثقافي!
يتضمن المشروع رسالة سياسية وثقافية واضحة، تتلخص في عبارة واحدة وردت في البيان الصحفي الذي أصدرته الجمعية بمناسبة صدور قرار الحكومة البرناوية: “بهذه الطريقة المشتركة، الجامعة بيننا، سنحيي حواراً بين الثقافات، وهو ردنا المحلي على فكرة الصراع بين الحضارات”.
“الحوار لا الصراع” هو الهدف. ولأن برن هي عاصمة سويسرا الفدرالية، كما تقول الجمعية في موقعها على شبكة الإنترنت، “حق عليها أن تقدر وتحترم مكانتها الثقافية والسياسية من خلال إنشاء مركز تلتقي فيه الحضارات”.
“بيت الأديان” وفقاً لهذا المنظور سيتولى عدة وظائف. فهو سيوفر مكاناً يستطيع فيه كل صاحب ديانة أن يمارس شعائر ديانته، ويتيح المجال للقاء والحوار بين أصحاب الديانات المختلفة.
والأهم أنه سيقوم بوظيفة تثقيفية – وذلك من خلال المحاضرات والندوات والمعارض وجولات المدارس، التي سينظمها للتعريف بالأديان المختلفة التي يتشكل منها اليوم النسيج الاجتماعي لمدينة برن.
باختصار، وكما تقول صحيفة دير بوند الناطقة باللغة الألمانية، لا يهدف المشروع فقط إلى استثمار قوى الحوار المشتركة في مواجهة قوى الضد المدمرة، بل هو تعبير عن ما تسميه الجمعية المؤسسة بـ”مهمة محلية سياسية في شأن سياسي داخلي عالمي”.
ولأن الأمر كذلك، اختارت الجمعية وممثلون عن الحكومة البرناوية يومَ 11 سبتمبر الجاري موعداً للإعلان عن انطلاق المشروع، وبهذه الطريقة يشاركون في إحياء ذكرى أحداث ذلك اليوم المدمرة.
إلهام مانع – سويس إنفو
“بـيـت الأديان”:
انبثقت الفكرة من جمعية “بيت الأديان- الحوار بين الثقافات”.
تأسست الجمعية في أبريل 2002.
تضم الجمعية ممثلين لستة أديان، الإسلام، المسيحية، اليهودية، البوذية، الهندوسية، البهائية.
وافق مجلس حكومة برن المحلية في شهر أغسطس على تأسيس المركز.
ستزيد كلفته كما أشارت صحيفة دير بند على 12 مليون فرنك سويسري.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.