زحفُ الصحراء…
رغم مرور ثمان سنوات على مُصادقة الأُمَم المُتحدة على مُعاهدة مُكافحة التصحُّر التي تُتلفُ سنويا 6 ملايين هكتار وتتسبب في خسائر بقيمة 42 مليار دولار لا سيما في المناطق المُتضررة، فان الصحراء لا تزال تزحف باستمرار.
يُعرّفُ المُختصُّون في علم المناخ والبيئة ظاهرة التصحر بـ”عملية تدهور بيئي تفقد فيه النُّظم البيئية المقدرة على البقاء والانتعاش من جديد وترميم ما تَلفَ حيث تتدهورُ خصوبةُ وإنتاج الأرض ويتلاشى المردودُ الاقتصادي.” وتنتشرُ هذه الظاهرة المُتسببة في تدهور الأراضي في المناطق الجافة وشبه الجافة وشبه الرطبة.
ويؤدي التصحر عامة إلى نزوح سكان المنطقة المُتضررة تحت تهديد القحط والجُوع وتراجع الدخل إن لم يكن انعدامه. ويُُقدر عدد ضحايا هذه الظاهرة المناخية بأكثر من 250 مليون شخصا في العالم.
وقد أدركت الأممُ المُتحدة حجمَ وخُطورة هذه الظاهرة التي تشمل الدول الفقيرة خُصوصا، حيثُ صادقت قبل ثمانية أعوام على “المُعاهدة الدولية لمكافحة التصحر” وجعلت تاريخ 17 يونيو يوما عالميا لمحاربة هذه الظاهرة والحد من انتشارها.
غياب الانجازات في مقاومة التصحر
كان الهدفُ الرئيسي من المُعاهدة تشجيع اتخاذ إجراءات ملموسة تستندُ أساسا إلى برامج محلية مدعُومة بشراكة دولية. وقد انضمت إلى هذه المُعاهدة في شهر مارس من هذا العام 179 دولة.
لكن كثرة المُُوقعين على الاتِّفاقية الدَّولية لا تعني بالضَّرورة تحقيق إنجازات كُبرى أو بُلوغ أدنى أهداف المعاهدة، خاصة وان عددا من الدول المتقدمة تشترط على البلدان المتضررة قبل تقديم المعونة لها، المُُباشرةَ ببرامج محلية تقوم الدول المتقدمة بدعمها لاحقا. وغالبا ما تفتقر الدول التي تُعاني من التصحر للإمكانيات الأساسية للقيام بالخطوة الأولى.
وقد انتهزَ الأمينُ العام للأُمم المُتحدة كوفي أنان مُناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمُكافحة التصحر والجفاف لتوجيه خطاب أوضح فيه الانعكاسات الخطيرة لظاهرة التصحر على المُستويات الاقتصادية والبيئية والسياسية-الاجتماعية.
كما أعرب السيد أنان عن أسفه لعدم تطبيق التوصيات الواردة في المعاهدة الدولية لمكافحة التصحر ودعا الدول المُتطورة إلى الالتزام بتعهداتها في هذا المجال. فبسبب الافتقار إلى الموارد المالية، مازال الجفاف يُخلفُ أضرارا جسيمَة في مُختلف القارات.
افريقيا أكثر المتضررين
في إفريقيا على سبيل المثال، تُقدرُ الأممُ المتحدة بـ60 مليون عددَ الأشخاص الذين سيهجرون منطقة الساحل في غضون العشرين سنة القادمة إن لم تتم حماية أراضيهم من التصحُّر. أما في شمال شرقي آسيا فقد اجتاحت العواصف الرملية والغبار عددا من القُرى التي اضطرت إلى إغلاق المدارس والمطارات. وفي أوروبا المُتوسطية، تحولت بعض الأراضي الخصبة والخضراء إلى مساحات قاحلة. أما في القارة الأمريكية، فباتت فترات الجفاف والعواصف الرملية تزرع الرعب والقلق في أوساط الفلاحين.
هذه الأمثلة البسيطة التي لا تجسد سوى جزء من الحجم الحقيقي للمشكلة، جعلت الأمين العام للأمم المتحدة يدعو الدول المتقدمة بإلحاح إلى تقديم مساعدات مالية عن طريق المُساهمة في الصندوق الدولي للبيئة والى تطبيق المعاهدة الدولية لمكافحة التصحر والتقيد بجوهرها.
ويذكر أن ظاهرة التصحر ستكون ضمن جدول أعمال قمة التنمية المُستديمة التي ستُعقد في جوهانسبورغ بجنوب إفريقيا في أغسطس المقبل. أماالاحتفال السنوي باليوم العالمي لمكافحة التصحر فيتم هذا العام في مدينة Osnabrück الألمانية التي وجهت الدعوة لاحتضان الحدث في متحف التاريخ الطبيعي والبيئة طيلة يوم الاثنين 17 يونيو. ومن بين منظمي الملتقى أمانة معاهدة الامم المتحدة حول مكافحة التصحر ومدينة اوسنابروك والتحالف الأوربي للتراب والأرض.
سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.