زنوج سويسرا يَتَّحدُون..
للمرة الأولى في تاريخ سويسرا، قرر الزنوج المقيمون في الكونفدرالية والحاصلون على الجواز الأحمر تشكيل جبهة موحدة للدفاع عن حقوقهم وحماية أنفسهم من ممارسات العنصرية التي يواجهونها. الرابطة المستقلة للتنظيمات الزنجية في سويسرا سترى النور رسميا في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني المقبل.
“كفانا تذمُّرا..علينا أن نتحرك ونتصرف بكل استقلالية.” هذه الصرخة أطلقتها إحدى المشاركات في اجتماع الجمعية العامة لـ”مجموعة التفكير والعمل لمناهضة العنصرية المعادية للزنوج” (CRAN) الذي انعقد يوم السبت الماضي في العاصمة الفدرالية بيرن.
فبعد تعرض غالبيتهم لممارسات العنصرية والتمييز في الكونفدرالية، أضحى الشكُّ يداخل الزنوج السويسريين حول فعالية المؤسسات التي من المفترض أن تدافع عنهم والتي يديرها ذووا البشرة البيضاء. هذا الاستنتاج بدا وضحا في نتائج تحقيق، الأول من نوعه، أُنجزَ خلال شهري مايو “أيار” ويونيو “حزيران” الماضييْن في أوساط الزنوج من اصل إفريقي في سويسرا.
فقدان الثقة وتنامي الريبة إزاء المؤسسات التي يرأسها البيض دفعت التنظيمات الزنجية وعلى رأسها “مجموعة التفكير والعمل لمناهضة العنصرية المعادية للزنوج” إلى التشديد على ضرورة تأسيس منظمة مستقلة تمثل كافة التجمعات الزنجية في سويسرا.
السيد كانيانا موتومبرو (Kanyana Mutombo) رئيس تحرير مجلة “رؤى إفريقية” (Regards africains) والعضو أيضا في (CRAN)، شرح خلال اجتماع بيرن أن المنظمة المستقلة التي ستنشأ رسميا على شكل رابطة في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني القادم ستقوم بدور المراقب لكل الممارسات العنصرية التي تستهدف السود. وستشرف الرابطة على دفع وتأطير وتنسيق النشاطات الميدانية لكافة المجموعات التابعة لها.
كيف نشأت الفكرة؟
ليست وليدة اليوم أو الأمس بطبيعة الحال. الفكرة لها قصة وإطار..بدأت بتأسيس “مجموعة التفكير والعمل لمناهضة العنصرية المعادية للزنوج” في أبريل نيسان عام 2000 وسط “المنتدى السويسري لمناهضة العنصرية”. المجموعة أنشئت في إطار الأعمال التحضيرية للمؤتمر الدولي لمناهضة العنصرية التابع للأمم المتحدة والذي ستستضيفه مدينة دوربان بجمهورية جنوب إفريقيا ما بين الـ28 من أغسطس آب الجاري والـ07 من سبتمبر أيلول المقبل.
وفي الـ23 من يونيو حزيران المنصرم، دعت مجموعة (CRAN) إلى عقد أولى اجتماعات الطوائف الزنجية في سويسرا في العاصمة الفدرالية، اجتماع شارك فيه 120 شخصا واختتم بتبني ” إعلان بيرن حول العنصرية المعادية للزنوج”.
هذا الإعلان لم يكتف فقط بمطالبة السلطات السويسرية بتحسين أداء أجهزتها التشريعية والقانونية والإدارية في إطار مناهضة العنصرية، لكنه طالب أيضا وسائل الإعلام السويسرية بنقل صورة افضل عن ” الواقع الإفريقي”.
ولم تفت نص ” إعلان بيرن” فرصة التذكير بضرورة بذل الكم الأكبر من المجهودات في إطار مناهضة العنصرية داخل المدارس لتوعية الأطفال السويسريين بصفة عامة حول الانعكاسات السلبية للاستعمار والمتاجرة بالعبيد.
انجاز المشروع يثير تخوفات..
على الرغم من التحمس الذي يبديه زنوج سويسرا لتأسيس منظمتهم المستقلة، يخشى البعض منهم من مخاطر التهميش والانعزال والانغلاق وسط مكان يشبه محجرا يختلط فيه السود فيما بينهم ويتجاهلون العالم الخارجي، وهي وضعية لا تمت للاندماج بصلة ولا تبشر بمستقبل افضل.
هذه التخوفات لها مبرراتها، فعدد الزنوج المقيمين في سويسرا يتراوح ما بين 30000 و50000، وتتمركز أغلبيتهم في كانتوني جنيف (Genève) وفو (Vaud). تكتل مثل هذا العدد في مناطق معينة وانضمامه إلى جبهة موحدة قد يثير قلق وتخوف المجتمع المحيط بهم.
وجدير بالذكر هنا أن تجمعات الـ(CRAN) أصبحت تضم أيضا المنحدرين من اصل برازيلي والزنوج الأمريكيين والملونين وحتى السريلانكيين من أنصار نمور التأميل الذين توافدوا بكثرة على سويسرا.
في هذا السياق، تقول زنجية من هايتي ومقيمة في سويسرا طالبة عدم الكشف عن هويتها:” صحيح أننا نحتاج أحيانا إلى التواجد بين السود فقط لتوثيق الرباط مع أصولنا، لكن يجب علينا قطعا تفادي أي نوع من التطرفية المفرطة، فذلك قد يزعج الآخرين بسهولة.”
على أي حال، معظم الزنوج السويسريين ماضون قدما من اجل تأسيس منظمتهم المستقلة ولا يبدو أن الانتقادات الموجهة لمشروعهم ستقف عائقا أمام تحقيق هدفهم. تبقى التساؤلات التي تتبادر إلى الذهن.. كيف سيتعامل السويسريون ذووا البشرة البيضاء مع الرابطة المستقبلية لمواطنيهم من السود؟ وهل ستساهم هذه الرابطة في القضاء على الممارسات العنصرية التي يعاني منها الزنوج، أم أن تأسيسها سيولد شعورا لدى البيض بضرورة عدم إزعاج السود لدرجة إحداث حاجز بين الطرفين؟
إصلاح بخات – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.