زيت زيتون فلسطيني في سويسرا..
دخلت حملة بيع زيت الزيتون الفلسطيني في سويسرا عامها الثاني، حيث تسعى إلى تحقيق المزيد من النجاح لدعم صغار المزارعين في المناطق الفلسطينية المحتلة.
وتكتسي شجرة الزيتون أهمية محورية في حياة الفلسطينيين، ليس لأن أغصانها رمز للسلام فحسب، بل لأنها أيضا تجسد البقاء واستمرار الحياة.
تجاوزت حصيلة مبيعات العام الماضي أهدافها، وكانت أكثر مما توقع القائمون على المشروع، حيث كان الإقبال على شراء زيت الزيتون الفلسطيني كبيرا، على الرغم من أن البيع لم يكن من خلال قنوات التوزيع الكبرى.
فقد اعتمدت المجموعة المنظمة للمشروع على توصيل الزيت إلى المستهلك من خلال عرضه أثناء الفعاليات المختلفة التي تعني بالشأن الفلسطيني. كما ساهمت الكنائس السويسرية في عملية البيع، حيث يقول السيد خيري أبوعمر، وهو أحد المشرفين على المشروع، إن الجمعيات الدينية المسيحية ساهمت في بيع 60% من كمية الزيت المستوردة إلى سويسرا من فلسطين.
وبينما يرى البعض أن سعر زيت الزيتون مرتفع مقارنة مع المتوفر في السوق، إلا أن المشترين لا ينظرون إلى القيمة المادية لزجاجة الزيت، بقدر ما يهتمون بقيمتها المعنوية، حتى أن السيد خيري أبو عمر أكد لسويس انفو أن العديد من المشترين يدفعون ثمنا أكثر من سعر البيع المحدد.
ومن الجمعيات الخاصة الداعمة للمشروع تقف منظمة “الخبز للجميع” و”اتحاد النساء الكاثوليكيات” ومجموعة الحوار الفلسطيني – اليهودي، وغيرها من المنظمات غير الحكومية تحت إشراف من الوكالة السويسرية للتعاون الدولي والتنمية، التي تنظر إلى المشروع على أنه أحد البرامج الهامة لدعم صغار المزارعين الفلسطينيين.
“بدأنا بزيت الزيتون ثم أضفنا الزعتر”
ليس خافيا أن صور معاناة الفلسطينيين اليومية التي تنقلها وسائل الإعلام السويسرية، تساهم في الإقبال على شراء زيت الزيتون الفلسطيني، كنوع من دعم صغار المزارعين للبقاء على قيد الحياة، وإنقاذا لثروة زراعية تهددها الآلة العسكرية الإسرائيلية على مدار العام، حيث يمثل الزيتون ربع الانتاج الفلاحي الفلسطيني.
الاقبال في سويسرا على زيت الزيتون الفلسطيني شجّع المشرفين على الاستيراد لعرض منتوجات فلسطينية أخرى مثل “الزعتر”، وهو خليط من التوابل والأعشاب منتشر في منطقة الشام. ويقول السيد خيري أبو عمر، إن الاقبال على الزعتر كان كبيرا، حتى أن الكمية المستوردة تكاد تنفذ.
ومما يشجع على نجاح التجربة أن حصيلة مبيعات العام الماضي تم توصيلها إلى أسر المزارعين في وقت قياسي سريع وبطريق رسمي، كما تمت المساهمة بجزء من المبيعات في مشاريع اجتماعية هادفة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
باعت حملة تسويق زيت الزيتون الفلسطيني في العام الماضي ثماينة عشر ألف زجاجة، واستعدت لهذا العام بثلاثين ألف قاربت على النفاذ، ويعمل القائمون على المشروع على توسيع رقعة التوزيع لتتخطى حدود سويسرا إلى المانيا والنمسا، وربما إلى الدول الاسكندنافية.
حصيلة مبيعات العام الماضي التي قاربت على المائة وخمسين ألف فرنك ليست مبلغا كبيرا، ولكنه في ظل الاوضاع الاقتصادية القاسية التي يعيشها الفلسطينون منذ اندلاع انتفاضة الأقصى قبل عامين، يمثل عونا حتى ولو كان قليلا، فهو أفضل من لا شيء.
رسالة تضامن واجبة
أما إقبال السويسريين على شراء زيت الزيتون الفلسطيني، فهو يجسد تفهمهم وإدراكهم لمعاناة المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال. فيقول المتطوع السويسري توماس نيدرمان، إنه استخف بالحملة عند انطلاقها في العام الماضي، ولكنه عندما بدأ يتابع تدهور الأوضاع في المناطق الفلسطينية، أحس بالحزن لما يتعرض له المزارعون البسطاء.
ولم يمض وقت طويل حتى قرر نيدرمان العمل مجانا في حملة بيع زيت الزيتون الفلسطيني كنوع من التضامن مع المزارعين، علاوة على أنه يجد التعاون بين السويسريين من أصل فلسطيني والمسيحيين واليهود، لإنجاح هذه الحملة خير دليل على إمكانية التعاون المشترك لهدف واحد نبيل، وتعبير عن رفض الممارسات الإسرائيلية تجاه المدنيين العزل المهددين في أرزاقهم وقوت يومهم.
لقد نجح الفلسطينيون في سويسرا من تقديم يد العون إلى صغار المزارعين الفلسطينيين بفضل جهود مخلصة تضافرت فأثمرت، وإذا كان مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. فمن شأن الجاليات العربية في أوروبا أن تحذو حذو هذه الخطوة، فالقشة قد تنقذ غريقا، وبيع زجاجة زيت قد تنقذ عائلة من الجوع، لتفتح لها بابا للأمل في مستقبل لعله يكون أكثر اخضرارا.
تامر أبوالعينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.