زيلينسكي يشكر الأوروبيين على الوقوف بجانب أوكرانيا

بعد أسبوع من مشادته مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في واشنطن، شكر فولوديمير زيلينسكي الأوروبيين الخميس في بروكسل على دعمهم كييف في وقت تقوّض الولايات المتحدة التحالف بين جانبي الأطلسي وتجمّد مساعداتها العسكرية لأوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني مع انطلاق قمة استثنائية جمعت زعماء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي “نحن ممتنون للغاية لأننا لسنا وحدنا. هذه ليست مجرد كلمات. نحن نشعر بذلك”.
وتتكثّف المناقشات والمبادرات في ظلّ انقلاب الوضع الجيوسياسي منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وفي موسكو، رفضت الخارجية الروسية بشدّة فكرة وقف إطلاق نار موقت في أوكرانيا التي أثارتها فرنسا خصوصا، مطالبة باتفاقات حازمة بهدف “تسوية نهائية”.
وأكد مسؤول بريطاني أن لندن تجري مباحثات مع حوالى 20 دولة “مهتمة” بالمساهمة في إحلال السلام بأوكرانيا. وأعلنت باريس من جهتها عن اجتماع الثلاثاء بين رؤساء هيئات أركان جيوش الدول الأوروبية المستعدّة لضمان وقف للأعمال القتالية على الأراضي الأوكرانية.
وفي تناقض واضح مع صورته موَبّخا إلى جانب الرئيس الأميركي في البيت الأبيض، ظهر زيلينسكي في بروكسل محاطا برئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا ورئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين اللذين أكّدا تصميمهما على دعم كييف.
وقالت فون دير لايين خلال افتتاح القمة “تواجه أوروبا خطرا واضحا وقائما، وبالتالي يتعين عليها أن تكون قادرة على الدفاع عن نفسها، كما علينا أن نمنح أوكرانيا الوسائل اللازمة لحماية نفسها والعمل من أجل سلام عادل ودائم”.
وحذّر المستشار الألماني أولاف شولتس من “سلام مفروض” على أوكرانيا، فيما يثير تقارب واشنطن مع موسكو مخاوف من فرض تسوية غير مؤاتية على كييف.
– إعادة تسليح –
وفي تحول لم يكن من الممكن تصوره لعقود، قررت ألمانيا استثمار مبالغ طائلة في قدراتها العسكرية، ودعت من أجل ذلك إلى إصلاح قواعد الميزانية الأوروبية المتشددة، ما فاجأ العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين بعدما كانت برلين تتمسك حتى الآن بنهج مالي صارم بشأن العجز.
وفي سياق التقلبات الجذرية التي طرأت على الوضع الجيوسياسي جراء مواقف ترامب، كشفت المفوضية الأوروبية عن خطة لـ”إعادة تسليح أوروبا” تقضي برصد حوالى 800 مليار يورو.
وفي هذا السبيل، يجري بحث السماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها العسكري بدون إدراجه ضمن العجز في ميزانياتها.
وقالت فون دير لايين إن هذه خطوة كبيرة إلى الأمام لكنها ضرورية في وقت غير عادي”.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب متلفز إلى الفرنسيين الأربعاء “أريد أن أصدق أن الولايات المتحدة ستبقى بجانبنا، لكن علينا أن نكون مستعدين إذا لم يكن الأمر كذلك”.
وتعهد التكتل تقديم حوالى 30 مليار يورو لأوكرانيا خلال العام 2025، ولا ترى دول عدة ضرورة لزيادة هذا المبلغ في الوقت الحاضر.
وفي هذا الإطار، تنوي النروج زيادة مساعدتها إلى أوكرانيا في 2025 بمعدّل 50 مليار كرونة نروجية (4,2 مليارات يورو) لترفعها إلى 85 مليار كرونة (7,2 مليارات يورو)، على ما أعلن الخميس رئيس الوزراء النروجي يوناس غار ستوره.
لكن ليس هناك إجماع أوروبي على سبل التحرك. وفي هذا السياق، حذر رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان المؤيد لترامب، من أي مقررات خطية بشأن أوكرانيا في نهاية القمة، في موقف يهدد بكشف الانقسامات بين الأوروبيين في العلن.
وقال دبلوماسي أوروبي ملخصا الوضع “الهدف بشأن أوكرانيا هو التوصل إلى اتفاق بين الأعضاء الـ27 جميعهم أو ما يقارب ذلك” مؤكدا “سنتقدم في مطلق الأحوال. المهم أن تحصل أوكرانيا على دعم”.
– “رهان خطير” –
أعلنت واشنطن الإثنين تجميد مساعدتها العسكرية لأوكرانيا وسط تقارب مع الكرملين منذ المكالمة الهاتفية التي أجراها ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 12 شباط/فبراير.
ووصفت كبيرة المسؤولين عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس هذا القرار بـ”الرهان الخطير”.
ويشمل القرار الأميركي الذي يقوّض قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها أيضا المعلومات الاستخباراتية التي تعدّ أساسية للجنود في جبهات القتال.
وبعدما قامت كييف بالكثير من مبادرات التهدئة حيال الولايات المتحدة إثر المشادة الكلامية بين زيلينسكي وترامب الأسبوع الماضي في المكتب البيضوي حين هدد الرئيس الأميركي بـ”التخلي” عن أوكرانيا، أعلنت الأربعاء العمل على مفاوضات جديدة مع الأميركيين.
وكان زيلينسكي عرض الثلاثاء هدنة مع روسيا في الجو والبحر لبدء مفاوضات حول “سلام دائم” بـ”قيادة” ترامب، كما أبدى استعداده لتوقيع اتفاق إطاري مع الولايات المتحدة حول استغلال الموارد المعدنية الأوكرانية، وهو ما يطالب به الرئيس الأميركي.
ويطالب زيلينسكي حلفاءه الغربيين بضمانات أمنية متينة في إطار مفاوضات محتملة، لضمان عدم تعرض بلاده لهجوم روسي جديد في المستقبل.
وأعربت تركيا التي لديها ثاني أكبر جيش من حيث عدد الجنود في حلف شمال الأطلسي عن استعدادها لإرسال قوات إلى أوكرانيا ضمن مهمات حفظ السلام إذا لزم الأمر، بحسب ما أفاد مصدر في وزارة الدفاع التركية الخميس.
غير أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال إن موسكو لا ترى “أي مجال للتسوية” حول مسألة نشر قوات أوروبية لحفظ السلام في أوكرانيا.
وأكد ماكرون أن موسكو “حولت النزاع الأوكراني إلى نزاع عالمي” مشددا على أن “الوقوف متفرجين سيكون من الجنون”.
واعتبر رئيس الحكومة البولندية دونالد توسك من جهته أن اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فتح النقاش بشأن توفير مظلة حماية لأوروبا بواسطة الترسانة النووية الفرنسية هو “واعد جدّا”.
بور/دص-الح-م ن/غ ر