زيوريخ تُـنـصـت إلى رأي الأجانب
أعلن مجلس مدينة زيورخ عن إنشاء مجلس للأجانب، للتشاور معه في شؤون الجاليات المختلفة المتواجدة في الكانتون.
الخطوة ليست بجديدة في سويسرا، إذ كان لمدينة فنترتور وكانتون آراو السبق في هذا المجال، إلا أن أهميتها تكمن في أنها تأتي هذه المرة من مدينة في حجم وأهمية زيوريخ.
أعلن إيلمار ليدرغربر رئيس مجلس مدينة زيورخ يوم الخميس 27 مايو قرار تشكيل مجلس للأجانب كمشروع تجريبي يتواصل حتى عام 2007.
وسيكون هذا المجلس استشاريا فقط، ولن يكون له الحق في اتخاذ القرارات، إلا أن مجلس المدينة والدوائر الرسمية في زيوريخ سوف تستعين به في الملفات التي تهم القطاع العريض من الأجانب المقيمين في زيوريخ، مثل التعليم والتربية ومشاكل البحث عن عمل، أو السكن، إلى جانب المسائل المرتبطة بالثقافة والرياضة وأوقات الفراغ.
وخلال المرحلة التجريبية لعمل المجلس، سيعقد أربع جلسات في العام، وسيكون له الحق في تشكيل لجان فرعية تجتمع أكثر من مرة في السنة لبحث موضوع أو مشكلة تتعلق بالجاليات الأجنبية المتواجدة في زيوريخ.
سيتراوح عدد أعضاء مجلس الأجانب الاستشاري ما بين 20 و 25 شخص من غير حاملي الجنسية السويسرية، شريطة إتقان اللغة الألمانية بشكل جيد، ويفضل من له تجربة في التعاطي مع مشاكل الأجانب في سويسرا، مثل عضوية الجمعيات المهتمة بمثل تلك الملفات، كما يجب أن يكون العضو حسن السمعة، وليست له مشاكل قانونية. وأخيرا ستراعي زيورخ تمثيل الأعراق والجنسيات المختلفة المتواجدة فيها بشكل يتناسب مع أحجامها.
خطوة جيدة لتلافي الرفض
وتسعى حكومة زيوريخ من خلال هذه الخطوة إلى التعرف على آراء الأجانب المقيمين فيها بخصوص المشاكل والقضايا التي تمسهم في المقام الأول، بعدما تزايدت الشكاوى من تهميشهم حتى في الأمور المتعلقة بهم.
وسيتمكن الأجانب الراغبين في تسجيل أنفسهم لعضوية هذا المجلس من الإدلاء ببياناتهم حتى التاسع من شهر يوليو المقبل لدى اللجنة الخاصة بالشؤون الثقافية في كانتون زيوريخ (على العنوان الموضح في الوصلة المرفقة بالموضوع)، على أن تقوم تلك الأخيرة بتقديم أول تشكيلة مقترحة للمجلس في منتصف شهر سبتمبر المقبل، ليتم الاختيار النهائي في شهر أكتوبر القادم، حيث ينتظر أن تلتئم أول جلساته في غضون شهر نوفمبر.
وقد خصصت حكومة زيوريخ مائة ألف فرنك لتمويل هذا المشروع في سنواته الثلاث الأولى، والتي تشمل ما سيحصل عليه الأعضاء من مكافآت نظير مشاركتهم في الجلسات.
ومع أن هذه الخطوة جاءت متأخرة في مدينة وكانتون بحجم زيوريخ محليا وعالميا، إلا أنها ذات أهمية كبيرة، خصوصا وأنها طُرحت بشكل ذكي بحيث لا تستفز قطاعا معتبرا من الرأي العام المحلي، الذي كان سيرفض بالتأكيد مشروع تأسيس برلمان للأجانب على غرار ما حدث في كانتون آراو المجاور.
من جهة أخرى، كان متوقعا أن يرفض الناخبون في زيوريخ أية محاولة لإسباغ صفة شرعية على رأي ممثلي الجاليات الأجنبية في القضايا التي تهمهم، على الرغم من أن أبناء زيوريخ يعتزون على الدوام بأن مدينتهم “منفتحة على العالم” وذات “طابع دولي”.
فرصة لتحسين الصورة؟
إلا أنه من المتوقع أن تسفر هذه الخطوة عن نتائج مختلفة، فمجرد تشكيل المجلس، وعلى الرغم من صفته الاستشارية، سيوفر صوتا مسموعا للأجانب المقيمين في زيوريخ، وهو ما يعني بأن جميع السلبيات التي يعانون منها ستطفو على السطح، ليس من خلال رسائل متفرقة في الصحف أو تقارير مقتضبة في وسائل الإعلام، وإنما على شكل بيانات وتقارير مفصلة من إعداد هذه الهيئة المتخصصة.
ويقول مراقبون إنه إذا لم تأخذ حكومة زيوريخ المحلية بالآراء والتوصيات الصادرة عن هذه الهيئة بعين الاعتبار، فإن ذلك سيعني اعترافا تلقائيا من جانبها بتلك السلبيات، وهو ما قد يؤدي تاليا إلى اهتزاز صورة المدينة وسمعتها داخل سويسرا.
فعلى سبيل المثال، تُتهم الشرطة المحلية بأنها تتعامل مع غير السويسريين بشكل غير لائق، قد يصل في بعض الأحيان إلى ما يمكن وصفه بعدم احترام حقوق الإنسان، أما الدوائر العمومية في المدينة فتوجه إليها أصابع اتهام متعددة تصل إلى حد “الإهمال المتعمد لنوعيات كثيرة من الأجانب”، الوافدين من مناطق أو دول معينة كالبلقان أو غرب إفريقيا، ناهيك عما يحدث لطالبي اللجوء.
المسؤولية .. مشتركة
ويبدو الآن مؤكدا أن نجاح تجربة مجلس الأجانب في مدينة فينترتور الصناعية الواقعة في نفس الكانتون (على بعد قرابة 25 كم من زيوريخ)، والتي يشكل الأجانب فيها نحو 20% من إجمالي سكانها، قد شجعت المسؤولين في عاصمة المال والأعمال في سويسرا على تقليدها.
فبعد عامين من عمل المجلس، اكتسب شهرة كبيرة، وكانت له مداخلات جيدة فيما يتعلق بقوانين منح الجنسية للأجانب، وقدم مقترحات بناءة تتعلق بكيفية إدماج الأطفال الأجانب في المدارس، حتى أن مجلس المدينة اعتبره جزءا هاما من سياسته الرامية إلى تعميق العلاقة بين السويسريين والأجانب المقيمين في فينترتور، مثلما ورد على لسان رئيس المجلس في تصريح أدلى به إلى صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة يوم 28 مايو الماضي
.ومثلما كان متوقعا، بادر حزب الشعب السويسري اليميني إلى الإعلان عن معارضته لتكوين هذا المجلس في زيوريخ، وقد نشرت نفس الصحيفة تعليقا له على المسألة اعتبر فيه تشكيل هذا المجلس “خطوة عديمة الفائدة”، لأنه (أي الحزب) على قناعة بأن “مشكلة الاندماج أمر يخص الأجانب وحدهم، ولا داعي للدولة أن تتحمل عناء هذا الأمر”.
وفي انتظار أن يبدأ مجلس الأجانب الاستشاري عمله في زيوريخ قبل موفى هذا العام، تتطلع الأنظار إليه أكثر من أية تجربة أخرى سواء في كانتون آراو أو مدينة فينترتور.
ومن المفترض أن يُحسن الطرفان (أي مجلس المدينة ومجلس الأجانب) استغلال المرحلة التجريبية التي تستمر ثلاثة أعوام، من أجل إقامة الدليل على أهميته وجدواه.
ومن المؤكد أن نجاح ممثلي الجاليات الأجنبية في زيوريخ في استخدام هذه الفرصة لصالحهم بشكل جيد، سُيحمل السلطات المحلية مسؤولية كبيرة من أجل تحسين أسلوبها في التعامل مع الأجانب وملفاتهم، إضافة إلى احتمالات انتقال التجربة (إن نجحت) إلى مدن كبيرة أخرى في الأنحاء الناطقة بالألمانية من سويسرا.
تامر أبو العينين – سويس انفو
يبلغ عدد سكان مدينة زيوريخ 364558 نسمة
تبلغ نسبة الأجانب فيها29.9%
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.