سباق ثنائي في المعسكر المحافظ لخلافة ميركل في ألمانيا
صار السباق رسميا لخلافة أنغيلا ميركل في ألمانيا الأحد في معسكرها المحافظ بين البافاري ماركوس سودر وزعيم الاتحاد الديموقراطي المسيحي أرمين لاشيت استعدادا للانتخابات التشريعية، ومن المنتظر أن يحسم الخيار سريعا.
وقال رئيس ولاية بافاريا ماركوس سودر إثر اجتماع مغلق الأحد لقادة التحالف البرلماني للحزبين، “خلصنا إلى أن كلا منا مؤهل ومستعد” ليكون مرشحا لمعسكر اليمين.
بذلك أنهى زعيم الاتحاد الاجتماعي المسيحي الغموض حول رغبته في الترشح للمستشارية في وقت تضعه استطلاعات الرأي في صدارة المحافظين.
كما أكد أرمين لاشيت الذي تولى في كانون الثاني/يناير زعامة الاتحاد الديموقراطي المسيحي، أنه يطمح الى المنصب في ضوء ما ستسفر عنه الانتخابات التشريعية في 26 أيلول/سبتمبر.
وقال لاشيت في مؤتمر صحافي مشترك مع غريمه “نظرا للوضع في البلاد مع ترك المستشارة لمنصبها، فإن هدفنا هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الوحدة بين الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي لأن المخاطر كبيرة”.
وأضاف “أوروبا تتابعنا، يحتاج العالم الى ألمانيا قوية”.
ووعد المحافظون بحسم المسألة “بين عيدَي الفصح والعنصرة” (24 أيار/مايو)، لكن من المتوقع أن يسرّع الجدول الزمني.
وتابع أرمين لاشيت في تناغم مع ماركوس سودر “نحتاج إلى قرار سريع، في أقرب وقت”.
وتتواصل اجتماعات المسؤولين المحافظين في الأيام القادمة لمحاولة حسم الخيار.
وقال زعيم كتلة المحافظين النافذة في مجلس النواب رالف برينكهاوس قبيل بدء اجتماع الأحد للصحافة “جميعنا لدينا مصلحة في اتخاذ قرار سريع”.
من جهته، أكد نائب رئيس الكتلة الكسندر دوبريندت أنه ينتظر أن تحسم الأحزاب المسألة “خلال أسبوعين”.
– ثقل استطلاعات الرأي –
الهدف من ذلك هو إخراج اليمين من الوضع الصعب الذي يمرّ به في أسرع وقت ممكن، إذ إن نهاية عهد ميركل، بعد 16 عاماً في السلطة، تتحوّل إلى محنة بالنسبة للحزب، إلى حدّ تعريض انتصاره في الانتخابات التشريعية الذي كان يبدو مضمونا قبل بضعة أشهر، للخطر.
بعد إدارتهما غير المنتظمة لأزمة الوباء العالمي وتكبدهما انتكاسة انتخابية في اقتراعين محليين مؤخراً، يواجه الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي، فضيحة اختلاس أموال مرتبطة بشراء كمامات طبية.
وبلغ الاضطراب ذروته كما تكشف استطلاعات الرأي الأخيرة: فتحالف الحزبين لا يحصد حالياً سوى بين 26% و28,5% من نوايا التصويت في الانتخابات التشريعية المقررة في 26 أيلول/سبتمبر، أي أقلّ بعشر نقاط من شعبيته في شباط/فبراير وفي انهيار حاد لهذه النسبة منذ العام الماضي عندما بلغت 40%.
وبات حزب الخضر ينافس المعسكر المحافظ بعد أن سجّل ارتفاعاً في شعبيته منذ الانتخابات الأوروبية عام 2019، وهو يحلم بانتزاع المستشارية من الاتحاد الديموقراطي المسيحي.
وتُظهر استطلاعات الرأي أن ماركوس سودر (54 عاما) يتقدّم على منافسه، إلا أن في ألمانيا لا يتمّ انتخاب المستشار من خلال الاقتراع العام المباشر بل من النواب. وأفادت قناة “آ ار دي” الرسمية أن 54% من الناخبين يعتبرون أنه مرشّح جيّد. أما بالنسبة للستّيني أرمين لاشيت، فهو لم يحصل سوى على 16% من نوايا التصويت.
لكن عموماً تعود مسألة طرح المرشح إلى الاتحاد الديموقراطي المسيحي، الحزب الأقوى في التحالف، إذ إن الاتحاد الاجتماعي المسيحي ليس سوى حزب اقليمي. ونجح هذا الأخير مرتين منذ الحرب في تمثيل المعسكر المحافظ كاملاً في الانتخابات، إلا أنه واجه انتكاستين.
– توازن –
من جهته، يواجه أرمين لاشيت الذي انتُخب منذ كانون الثاني/يناير فقط على رأس الاتحاد الديموقراطي المسيحي النكسة تلو الأخرى. فقد أثار موقفه الأخير من إغلاق صارم لكن مدّته قصيرة بهدف لجم الموجة الثالثة من وباء كوفيد-19، انتقادات وحتى سخرية.
وكان رئيس ولاية شمال رينانيا فيستفاليا حتى الآن الداعي إلى تخفيف الاجراءات إلى حدّ الدخول في نزاع مع ميركل.
بالنسبة للاشيت، الذي لطالما اعتُبر الوريث السياسي لأنغيلا ميركل، تكمن الصعوبة في تجسيد الاستمرارية والتجديد في آنٍ معاً.
وحاول في مقابلة مع صحيفة “بيلد” الألمانية الأحد أن يثبت قدرته على تحقيق هذا التوازن مذكراً بأنه كان “منذ سنوات متوافقاً مع المستشارة على مسائل أساسية في السياسة” خصوصاً تلك المتعلقة باستقبال المهاجرين التي تسببت بانقسام الرأي العام عام 2015.
إلا أنه أعرب عن تمنيه أن تكون المرحلة المقبلة “فترة جديدة” يسرّع خلالها التحوّل الرقمي والمراعي للبيئة ومكافحة البيروقراطية.
ومسألة تعيين مرشح ملحة جدا في نظر الاتحاد الديموقراطي المسيحي إذ إن الحزب الاشتراكي الديموقراطي سبق أن حسم المسألة منذ أشهر عدة، باختياره وزير المال الحالي أولاف شولتز. أما حزب الخضر فسيسمي مرشّحه في 19 نيسان/أبريل.