سباق على التشخيص المبكّـر لسرطان الجلد
على خلفية تصاعد الإصابات بسرطان الجلد حول العالم، تتسابق فرق علمية وتقنية عديدة من أجل ابتكار سبل جديدة للتشخيص المبكر والعاجل لسرطان الجلد.
ويتركز اهتمام الباحثين على تطوير شيء من التقنيات المعروفة لهذه الغاية، كالأجهزة العاملة بالأشعة فوق الصوتية أو بالليزر
على خلفية سطوع الشمس المتواصل عدة أسابيع وبطريقة لم يعرفها السويسريون والأوروبيون منذ 250 عاما ونيف، تضاعف النزوح الشعبي للمسابح والشواطئ وضفاف البحيرات فرارا من القيظ والحر، وطلبا للحمامات الشمسية التي تضفي على الجلد تلك الصبغة القمحية اللون التي كانت موضع “اعتزاز” الطبقات البروليتارية الكادحة، خاصة بعد إقرار العطل الصيفية في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
وفي خضم هذه النزوحات الشعبية للمسابح والشواطئ، تجددت التحذيرات الطبية من المضاعفات الخطيرة للأشعة الشمسية فوق البنفسجية على وظائف الخلايا الحية في جلد الإنسان، خاصة عند الشقر وبيض البشرة الذين لا يتحملون نفس المقادير من الإشعاعات فوق البنفسجية، التي يقدر السُّـمر على استيعابها.
ولا غرابة في أن نشير إلى مثل هذه التحذيرات بانتظام في مختلف البلدان الأوروبية والواقعة الجزء الشمالي من الكرة الأرضية المهددة على غرار سويسرا التي تشهد سنويا ما لا يقل عن 10آلاف إصابة بمختلف أنواع سرطان الجلد، من ضمنها الإصابات الخطيرة.
فالمعروف هو أن الأوساط الطبية والصحية تنصح دائما بزيارة الطبيب على الفور لدى ملاحظة أية بقع أو تغييرات أخرى في الجلد، لأن الاستطلاع المبكر لسرطان الجلد يضمن النتائج العلاجية الأنجع والأفضل في جميع الحالات، أي بغض النظر عمّا إذا كان التغيير في الجلد يرجع لتورّم عادي دون أية أبعاد خطيرة أو لسرطان خبيث.
ويقول الخبراء، إن المشكل القائم حاليا على صعيد تشخيص مثل هذه البقع أو التغييرات في الجلد، يتمثّـل في أن عملية التشخيص تتطلب أخذ عيّـنات من الجلد المريض وإرسالها للتحليل في المختبرات المتخصصة وانتظار النتائج، مما يستغرق وقتا طويلا.
استعجال التشخيص حاسم لعملية الشفاء
ولتشخيص مثل هذه الشوائب على الفور، وفي عين المكان على جلد المريض الزائر للطبيب، تجرى تجارب حاليا في سويسرا وألمانيا وغيرهما على تجهيزات تعمل مثلا بالترددات فوق الصوتية شبيهة بتلك التجهيزات المستخدمة في عيادات الولادة لمعاينة الحمل في الجنين.
فالتجهيزات المستخدمة لهذه الغاية في العيادات النسائية، تعمل بترددات صوتية تقع بحدود 5 ميغاهرتس وقادرة على النفاذ داخل جسم الحامل على أعماق بضعة سنتمترات لنقل معالم الجنين على الشاشة الصغيرة.
لكن أطباء الجلد يحتاجون إلى ترددات صوتية تقع بحدود 100 ميغاهرتس ولا تتغلغل في الجسم الإنساني على أعماق تزيد على بضعة ميليمترات قليلة، بطريقة تكفي لرسم معالم الخلايا المصابة في الطبقات العليا أو السُفلى من الجلد، ونقلها إلى الشاشة الصغيرة للمعاينة والتحليل بصفة فورية وعلى عين المكان.
فقد تم تجريب نماذج عديدة وناجحة من هذه التجهيزات لمعاينة طبقات الجلد بالترددات فوق الصوتية الشديدة، لكنها لم تسمح حتى الآن بالتمييز بين التورّمات البسيطة والتورّمات الخبيثة، أي بين الأمراض البسيطة والإصابة الخطيرة بسرطان الجلد.
وريثما يتوصل الباحثون إلى حل مُرض لهذا المشكل، يعكف فريق آخر من الخبراء في السويد على تطوير مجهر مِطياف لا يستطيع نقل معالم كل خلية حيّة في الجلد على حدة فحسب، بل يتمكّـن من نقل النبضات الداخلية للخلية على الشاشة الصغيرة.
لكن هذا المجهـر الذي يجري العمل على تطويره لتمكين الطبيب من التمييز بين الخلايا السليمة وتلك المريضة في الجلد، سيكون غالبا باهظ التكاليف، بالنسبة للعيادات الطبية الشخصية.
ومن بين المشاريع التجريبية الأخرى لتشخيص سرطان الجلد بطريقة فورية وعلى عين المكان، هنالك مشروع ألماني آخر يعتمد على الترددات تحت الحمراء وفوق القصيرة لأشعة الليزر لإنارة جوف الخلايا الحية في الجسم بطريقة تُـمكّـن طبيب الجلد من التمييز بين المريض والسليم من هذه الخلايا في طبقات الجلد بفضل الفوارق اللونية التي تُـحدثها الأشعة.
جورج انضوني – سويس إنفو
تجري أبحاث في سويسرا وفي البلدان الصناعية الرئيسية على تجهيزات جديدة تسير بالترددات فوق الصوتية أو بأشعة الليزر لمعاينة طبقات الجلد على عمق بضعة ميليمترات في محاولة لاستطلاع الخلايا المصابة بالسرطان في تلك الطبقات، دون الاضطرار لاستقطاع عينات من الجلد لفحصها في المختبرات التقليدية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.