سعر خيالي لدواء ضروري!
أنتجت مجموعة روش للأدوية والكيميائيات عقارا جديدا ضد مرض نقص المناعة المكتسب- الإيدز.
يستهدف دواء فوزيون المرضي ممن لم يستجيبوا للأدوية الموجودة حاليا، لكن سعره المرتفع يثير علامات استفهام كبيرة!
يبلغ سعر شراء الدواء سنويا نحو 28 ألف فرنك سويسري (أي نحو 19 ألف يورو)، وبحسبة بسيطة يعني هذا أن التكلفة اليومية لاستخدام عقار فوزيون الجديد سُتكبد المريض مبلغ 75 فرنك سويسري.
بررت مجموعة روش السعر الخيالي للدواء المنتظر (والذي يصل إلى ضعف سعر أي دواء مضاد للإيدز متواجد في السوق حاليا) بأنه يعكس التعقيد الكبير الذي يسم تصنيع هذا المنتوج، حيث يتضمن اكثر من مائة خطوة إنتاجية.
كما أقرت المجموعة في الوقت ذاته بإن تكاليف العلاج الباهظة ستعني عمليا أن المرضى في دول العالم النامي لن يتمكنوا من استخدامه أو الانتفاع به.
دواء ضروري، تكاليفه باهظة، وعوائده مجزية!
عقار فوزيون هو الأول ضمن سلسلة من العقاقير المعروفة بإسم “الكابح الاندماجي”، والتي تستهدف مرضى الإيدز الذين لم يستجيبوا لأصناف العلاج الموجودة حاليا.
وعلى خلاف الأدوية المتوافرة في الوقت الراهن والتي تعمل ضمن الخلية المريضة، فإن عقار فوزيون يمنع فيروس HIV من دخول خلايا المناعة البشرية السليمة.
ربما لذلك فإن تصنيعه يتسم بتعقيد مضاعف. إذ يوضح السيد هورست كرايمر المتحدث بإسم مجموعة روش في حديث مع سويس إنفو قائلا:”إنه من أكثر العقاقير تعقيدا الذي تم إنتاجه حتى الآن من قبل صناعات الأدوية. فهو يتضمن 106 خطوة إنتاجية، ولكي ننتج كيلوجراما واحدا منه نحتاج إلى 45 كيلوجراما من المواد الأولية”.
ويخلص السيد كرايمر إلى القول:”تعقيدات المواد الأولية وتكاليف إنتاجه الباهظة هي التي أدت إلى ارتفاع سعره في المقابل”.
تكلف إنتاج عقار فوزيون نحو 840 مليون فرنك سويسري، وهو مبلغ لا يشمل نفقات تسويقه. أنفقت مجموعة روش نصف ذلك المبلغ على الاختبارات الطبية، على حين استثمرت النصف الثاني في تمويل أدوات إنتاجه المتخصصة.
وفي الوقت الذي رفض فيه السيد كرايمر التعليق على هامش الربح الذي ستجنيه مجموعة روش من مبيعاتها للعقار الجديد، فإنه أعرب عن أمله في أن تتمكن شركته من جني ما بين نصف مليار أو مليار فرنك سويسري سنويا.
علاج للأغنياء فقط!
تسبب طرح عقار فوزيون في الأسواق وبهذا السعر الخيالي في فتح باب الجدل من جديد حول ما يعنيه إنتاج مثل هذه الأدوية والمستفيد منها.
ففي ردة فعله على إعلان مجموعة روش، صرح السيد كريستوف شلاتر المتحدث بإسم الاتحاد السويسري للإيدز في حديث مع سويس إنفو قائلا:”نحن لسنا مندهشين لأننا كنا نعرف مسبقا بأن سعره لن يكون رخيصا. لكن يتوجب علينا القول بإن هذا العقار سيمثل أمرا جيدا لمجموعة صغيرة من الأشخاص في البلدان الغنية”.
في المقابل، أظهر المحللون الماليون دهشة كبيرة تجاه سعر العلاج. ووصل الأمر بالسيد باتريك بورجرمايستر من بنك كانتون زيورخ إلى القول:”هذا السعر تجاوز توقعاتنا. فهو يظهر قناعة بأن الكمية المحدودة التي يمكن إنتاجها يجب بيعها بأعلى سعر ممكن في الدول الصناعية”.
من جهته، اقر السيد كرايمر بأنه لا يتصور إمكانية استخدام عقار فوزيون في إفريقيا ( التي تشهد أعلى معدل إصابة بوباء الإيدز في العالم) نظرا لتكاليف إنتاجه الباهظة.
لكنه يردف قائلا:”لدينا في البلدان المتقدمة نسبة كبيرة من الحالات التي أظهرت مقاومة للأدوية الموجودة في الأسواق، وعدد كبير من الأشخاص ممن تقل فرص إمكانية علاجهم لهذا السبب. ومن أجل هؤلاء كنا في حاجة ماسة إلى البحث عن عقار جديد مثل فوزيون”.
“من جانب أخر، نواجه تحدي مرض نقص المناعة المكتسب في الدول النامية، حيث هناك حاجة إلى النظر في مدى توفر الرعاية الصحية الأساسية والخطوات الأولى من العلاج المضاد للإيدز”. “وفي هذا المجال كنا نشطين منذ التسعينات في تعاوننا مع المنظمات الأممية، كمنظمة الصحة العالمية، من أجل تحسين فرص توفر الرعاية للناس من الفقراء”.
الجدير بالذكر أن مجموعة روش وغيرها من الشركات المنتجة للأدوية اضطرت في السنوات الأخيرة إلى الخضوع للضغوط التي مارستها المنظمات التنموية والبلدان النامية، وتهديدات الأخيرة بتجاهل حقوق الملكية الفكرية وإنتاج أدوية بديلة، وعمدت لذلك إلى تخفيض أسعار العقاقير العلاجية ضد مرض السيدا.
سويس إنفو
حددت روش سعر دواء فوزيون الجديد ب 76 فرنك سويسري لليوم الواحد.
يستهدف العقار الجديد المرضى ممن لم يستجيبوا للأدوية العلاجية المتواجدة حاليا.
بررت روش السعر المرتفع للدواء الجديد بتعقد عملية إنتاجه واستخلاصه.
من المتوقع أن تجني روش من عقارها الجديد نحو مليار فرنك سويسري سنويا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.