سنة أولى “كفاية”.. كسرت حاجز الصمت
أكد جورج إسحق، المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، أن الحركة مصرة على الاستمرار في المطالبة بإصلاح حقيقي وشامل في مصر.
وقال في حديث خاص لسويس إنفو إنها ستعمل على تحريك الجماهير للمشاركة في مظاهراتها، رغبة في الوصول بهذه المظاهرات إلى الأرقام المليونية.
أكد جورج إسحق، المنسق العام للحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، أن الحركة مصرة على الاستمرار في المطالبة بإصلاح حقيقي وشامل في مصر، والعمل على تحريك الجماهير للمشاركة في مظاهراتها، رغبة في الوصول بهذه المظاهرات إلى الأرقام المليونية، خاصة بعد الإنجازات التي حققتها الحركة في العام الأول من عمرها، وأهمها: كسر حاجز الخوف لدى المواطن المصري، واقتناص حق التظاهر السلمي دون إذن من السلطات حسب الدستور، فلم تعد هناك خطوط حمراء. مشيرا إلى أن الحركة وكافة القوى السياسية ستقف وقفة رجل واحد في الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر القادم رافعة شعار (معا من أجل التغيير).
وقال السيد جورج، الخبير التربوي، الذي يتولى أمانة المدارس الكاثوليكية بمصر، في حديث خاص لسويس إنفو، بمناسبة احتفال الحركة بمرور عام على تأسيسها: “نحن نحترم الأوروبيين عن الأمريكان، نعم نحترمهم ونقدرهم لأنهم أصحاب حضارة، ولهم مواقف مشرفة في مناصرة الحرية والديمقراطية، أما الأمريكان فهم أصحاب مصالح، لا يهمهم إلا مصالحهم، فأينما كانت مصالحهم تجدهم، فهم لا يهتمون بالحريات ولا بالديمقراطية”.
وكانت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية)، قد عقدت مساء الخميس الموافق 22 سبتمبر 2005، مؤتمرا شعبيا بمقر نقابـة المحاميـن المصرييـن، تحــت شـعــار : نحـو عقـد اجتماعـي جديـد: مـعــاً مــن أجـل مـجتمـع العــدل والحـريـة، وسط حشد كبير من قياداتها وأعضائها ومناصريها، حضره المستشار يحيى الرفاعي الرئيس السابق لنادي القضاة والشاعر الشعبي الشهير أحمد فؤاد نجم، كما شارك فيه أعضاء من أحزاب الوفد والكرامة والناصري والعمل المحظور وجماعة الإخوان المسلمين.
وبهذه المناسبة أجرت سويس إنفو في القاهرة حديثا مع السيد جورج إسحق، المنسق العام للحركة، تطرق إلى خطة الحركة للعمل خلال العام الثاني، ومواقفها من القوى السياسية المختلفة، ورؤيتها لبعض الأحداث ذات الأهمية في هذه المرحلة المحورية في حياة المجتمع المصري.
سويس إنفو: بداية اسمح لي أن أتساءل مع الناس.. من أنتم بالضبط ؟
جورج اسحق: نحن مواطنون مصريون، اتفقنا، مع اختلاف اتجاهاتنا السياسية والفكرية والمهنية، على وجود مخاطر وتحديات هائلة تحيط بأمتنا، متمثلة في الاحتلال الأمريكي للعراق، والعدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني، ومشاريع إعادة رسم خريطة وطننا العربي، آخرها مشروع الشرق الأوسط الكبير، مما يهدد قوميتنا ويستهدف هويتنا، ويستتبع حشد كل الجهود لمواجهة شاملة على كل المستويات.. السياسية والثقافية والحضارية. كما اتفقنا على أن الاستبداد الشامل، هو السبب الرئيسي في عدم قدرة مصر على مواجهة هذه المخاطر، مما يستلزم إصلاح شامل، سياسي ودستوري، يضعه أبنائها قبل أن يزايد البعض به عليهم تحت أي مسمى.
سويس إنفو: قلتم في تصريحات سابقة إن أهم ما حققناه حتى الآن هو “كسر ثقافة الخوف لدى المواطن المصري”… هل شملت الظاهرة أغلبية المصريين أم أن ثقافة الخوف لا زالت منتشرة ؟
جورج اسحق : الشعب مقهور وخائف منذ أكثر من 50 سنة، وهو يريد أن يطمئن إلى أن الحكومة لن تبطش به، ولذلك فهو لا يصدق ما يراه من مظاهرات، وما يسمعه من شعارات، وإن كان من الداخل سعيدا بها، ويتمنى ان ينضم لهؤلاء المتظاهرين وأن يرفع صوته ويصرخ بصوت مرتفع مرددا “كفاية”.
فقد اكتسبت الحركة حق توجيه النقد لرئيس الدولة وعائلته وحولته إلى حق مكتسب لكل المصريين، رغم أنه محظور بالدستور والقانون، مشيرا إلى أن الحركة اكتسبت أيضا حق التظاهر السلمي والإسهام في انتقال مصر مما وصفه بعقيدة اليأس إلى عقيدة الأمل.
سويس إنفو: ذكرتم في أكثر من مرة: إننا في كفاية قد استطعنا في أقل من عام “اقتناص حق التظاهر السلمي دون إذن من السلطات حسب الدستور” … ما هي الحقوق الدستورية الأخرى التي تنوون الحصول عليها في الشهور المقبلة ؟
جورج اسحق : نعم نحن في أقل من عام استطعنا أن نقتنص حق التظاهر السلمي، وهو حق قانوني كفله الدستور والقانون، فقد أصبحنا اليوم نمشي في وسط شوارع القاهرة، في تظاهرة حضارية، نعلن فيها رفضنا للنظام الحاكم، ولسياساته التي أضرت بمصر، غير أننا نحرص على ألا نعوق حركة المرور ولا نسمح لأحد أن يكسر أو يخرب، فنحن شعب متحضر.
ولن نقف عند هذا الحد بل سنناضل للحصول على باقي حقوقنا الدستورية، ولن تثنينا أو تخيفنا كل الوسائل التي واجهنا بها الحزب الحاكم، فقد كبر عودنا وتمرسنا على الممارسة السياسية، فقد أصبحت لنا شوكة، وسندافع عن حقوقنا، فما ضاع حق وراءه مطالب به.
سويس إنفو: ولكن على أي أساس تنطلق رؤيتكم الإصلاحية، وما هي ملامح مشروعكم لإنقاذ مصر؟
جورج اسحق: نحن نرى أنه لا إنقاذ لمصر إلا بتداول فعلي للسلطة، بكل مستوياتها وبإعلاء القانون واستقلال القضاء واحترام أحكامه، والالتزام بتكافؤ الفرص بين المواطنين وإنهاء احتكار الثروة الذي أشاع الفساد والظلم الاجتماعي، وأدى لتفشي البطالة والغلاء والعمل على استعادة دور مصر الذي فقدته منذ اتفاقية كامب ديفيد.
كما نعتقد أن الخروج من الأزمة الطاحنة يتطلب البدء فوراً في إنهاء احتكار الحزب الحاكم للسلطة، وإلغاء حالة الطوارئ وكافة القوانين الاستثنائية المُقيدة للحريات، وتعديل دستوري فوري يسمح بانتخاب رئيس الجمهورية ونائبه من الشعب مباشرة لمدة لا تزيد عن دورتين، ويحد من الصلاحيات المطلقة للرئيس، ويحقق الفصل بين السلطات، ويطلق حرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف وتكوين الجمعيات، ويرفع الوصاية على النقابات، وإجراء انتخابات برلمانية نزيهة وحقيقية تحت إشراف مجلس القضاء الأعلى ومجلس الدولة، بدءاً من إعداد كشوفها حتى إعلان نتائجها.
سويس إنفو: قلتم : “إن دورنا سيبدأ بعد الانتخابات ولن ينتهي”… فماذا وضعتم للفترة المقبلة من برامج وأولويات؟
جورج اسحق : نعم فالانتخابات الرئاسية لم تكن نهاية المطاف، بل كانت طلقة البداية، لإعلان الغضب العام، والحركة سوف تنطلق في المرحلة المقبلة من شعار “باطل” وعلى ثلاثة محاور هي: تفعيل حق التظاهر والانتقال به إلى فضاء عشرات ومئات الآلاف من المواطنين، إلى جانب التقاضي لكشف عدم شرعية النظام القائم وأوجه الفساد فيه، وأخيرا التنسيق بين كافة القوى والأطياف السياسية للوصول إلى قائمة موحدة لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة تحت شعار “قائمة الشعب” و”معا من أجل التغيير”.
سويس إنفو: لماذا لم تتحمسوا لفكرة (التحالف الوطني من أجل الإصلاح والتغيير)؟، البعض يتهمكم بأنكم تريدون أن تظلوا في الواجهة وألا تصبحوا مكونا من مكونات التحالف ؟ فما ردكم ؟
جورج اسحق : نحن نتحمس دائمة لفكرة التحالف، بدليل أننا الآن نسعى إليها، ونتحرك ليل نهار لتقريب وجهات النظر، ولكن الأمر التبس على الناس لأننا في الاستفتاء على تعديل المادة 76 كان لنا موقف واضح وهو المقاطعة حتى لا يتم الموافقة على التعديل لأنه شكلي، وواضعوه يستهدفون منه مصالحهم الشخصية وفي مقدمتها التكريس لفكرة التوريث ولكن بصورة جديدة، وقد كانت المعارضة توافقنا في مقاطعة الاستفتاء.
أما في الانتخابات الرئاسية فقد كان موقفنا رفض الانتخابات ومقاطعتها، لأنها ليست انتخابات وإنما (استفتاء مقنع)، وهنا اختلفنا مع بعض القوى الوطنية الأخرى، فمنهم من قاطع (التجمع + الناصري)، ومنهم من شارك (الوفد + الغد + الإخوان+ باقي الأحزاب الصغرى)، فنظر البعض لذلك واعتبروه رفضا للتحالف مع القوى ورغبة في الظهور، هذه هي الحقيقة.
سويس إنفو: اتخذتم قرارا بخوض الانتخابات البرلمانية القادمة… هل تفكرون في تأسيس حزب سياسي باسم حزب كفاية ليمارس دوره بشكل رسمي ؟ وهل تتوقعون أن تصرح لكم السلطات به؟
جورج اسحق : الكلام عن تقدمنا بطلب لتأسيس حزب سياسي سابق لأوانه، فنحن حركة ضمير ولسنا تنظيما أو حزبا سياسيا، ولكن هذا لا يعني أننا نرفض الفكرة بل إنها مطروحة على تفكيرنا لكن الوقت ليس مناسبا لها الآن. والحركة ليست حزبا ولا مشروع حزب ولا جبهة أحزاب، إنها إطار مدني جامع لأشواق التغيير في مصر، ينضم إليها الناس بمجرد التوقيع على بيان للتغيير الديمقراطي يبدأ برفض التمديد والتوريث، وهمها أن تمثل مبادرة وطنية للتغيير.
فالحركة ليست حزباً سياسياً، وليست مؤسسة وليس لها أسلوب أو آلية سهلة ومنضبطة في اتخاذ القرارات فضلا عن الاعتماد الكامل على الموارد الشخصية الشحيحة، وعليها أن تعمل على بناء التوافقات وسط ظروف بالغة الصعوبة. فكفاية حركة للحقوق السياسية والمدنية معاً، وهي حركة إحياء ونهوض تقول بانتهاء قوانين الطوارئ.
ما حدث في السابع من سبتمبر لم يكن انتخابات وإنما كان استفتاء مقنعا، ولذلك قاطعناها ودعونا الشعب لمقاطعتها، ويكفي أن نسبة الحضور لم تتعد الخُـمـس، وقد طعنا في صحة الانتخابات، انطلاقا من أنها بنيت على باطل، وما بني على باطل فهو باطل، وسينظر القضاء في القضية يوم 29 أكتوبر الجاري، ولو حكم ببطلانها فستكون الانتخابات القادمة باطلة قبل ان تبدأ..
سويس إنفو: ما هي حدود علاقتكم بالأحزاب والقوى السياسية المصرية، وبصفة خاصة جماعة الإخوان المسلمين؟ وهل هناك ثمة تنسيق بينكم ؟
جورج اسحق : خلال الأيام القليلة القادمة سنعلن عن جبهة وطنية لجميع فصائل المعارضة تقف صفا واحد ويدا واحدة ضد الحزب الوطني، وسيكون شعارنا في المرحلة القادمة (معا من أجل التغيير)، وهو ليس شعارا فقط وإنما برنامج كامل.
ونحن ننسق مع كل القوى الوطنية المعارضة، والاجتماع الأخير حضره ممثلون لمعظم القوى كأحزاب (الوفد – الناصري- الكرامة – الوسط – العمل)، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية. أما عن حزبي الغد والتجمع، فنحن نتفاوض مع حزب الغد وممثله الدكتور أيمن نور، وأما بخصوص حزب التجمع فقد كان عندهم اعتراض على مشاركة الإخوان وقد تم حل المشكلة.
سويس إنفو: يتعرض موقعكم على الإنترنت للحجب بين الحين والآخر .. فما تفسيركم لهذا الأمر ؟
جورج اسحق : نحن نعرف أن السلطات هي التي تقف وراء هذه الحركات، ولكننا عقدنا العزم وانطلقنا ولن نتراجع، وهذه كلها تصرفات صغيرة، لن نلتفت إليها، وهي حجة البليد، والحكومة مهما فعلت لن تستطيع ان تكمم أفواهنا وإن استطاعت فلن تتمكن من سد آذان العالم عن سماعنا، الطلقة الأولى خرجت ولن ترجع للوراء، فإما حرية وديمقراطية وإصلاح حقيقي أو ليفعلوا بنا ما يستطيعون.
سويس إنفو: كيف تنظرون إلى الفترة المقبلة من حكم الرئيس حسني مبارك؟، وهل تتوقعون أن يسعى خلالها لفتح الباب نحو مزيد من الحريات أم أننا سنشهد وصول جمال مبارك إلى باب السلطة ؟ .
جورج اسحق : لا يمكن للرئيس مبارك أن يغلق أذنيه عن سماع النداءات المطالبة بالإصلاح، فنحن لن نصمت بل سنرفع أصواتنا وسنتكلم وسنطالب مهما كان الثمن المطلوب، فإذا لم يفتح الباب سيتم تدميره، فالعالم كله يسمع ويتابع ونحن في زمن السماوات المفتوحة.
في الفترة القادمة سوف نتولى عدة قضايا مهمة، سوف نناضل في سبيل المطالبة بدستور جديد للبلاد، سوف نناضل من أجل وقف العمل بقانون الطوارئ، سوف نناضل من أجل تحديد مبدأ المواطنة على أساس الكفاءة، وسنناضل من أجل سيادة القانون.
سويس إنفو: هل تؤيدون رقابة دولية أم محلية على الانتخابات التشريعية المقررة في نوفمبر القادم ؟ ولماذا ؟
جورج اسحق : أنا مع الرقابة المزدوجة، دولية ومحلية، لابد من وجود الرقابة الدولية، وهذا ليس تقليلا من الرقابة الداخلية بل هو رفع للحرج عنها، وأبشركم أن الرقابة الدولية ستكون موجودة في الانتخابات التشريعية بكثافة، وقد كانت موجودة في الانتخابات الرئاسية ولكنها كانت قليلة.
نحن نحترم الأوروبيين عن الأمريكان، نعم نحترمهم ونقدرهم لأنهم أصحاب حضارة ولهم مواقف مشرفة عبر التاريخ، أما الأمريكان فهم أصحاب مصالح، لا يهمهم إلا مصالحهم، وأينما كانت مصالحهم يقفون، فهم لا يهتمون بالحريات ولا بالديمقراطية.
الحكومة بدأت الدعاية للانتخابات مبكرا، فأعطت لكل وزير تقرر ترشيحه في الانتخابات 500 وظيفة للتعين الفوري، كنوع من الدعاية الانتخابية، وهذا الكلام مخالف للقانون ولكل القوانين.
أجرى الحوار في القاهرة – همام سرحان
أعلنت الحركة المصرية من أجل التغيير (كفاية) استمرارها في المطالبة بإصلاح حقيقي، يشمل إنهاء حالة الطوارئ التي امتدت لربع قرن، وإطلاق الحريات، وإلغاء المحاكم والقوانين الاستثنائية، وإجراء انتخابات حرة نزيهة بوجود رقابة دولية، مع شرط استقلال القضاء.
يعتبر المراقبون أن ما أنجزته كفاية في عام واحد، قد تخطى ما أنجزته أحزاب وقوى سياسية عتيقة قاربت الثمانين عاما.
وقع على البيان الأول للحركة 300 مثقف مصري، من مختلف الفصائل والمشارب، من الشخصيات السياسية والعلمية والأدبية وأساتذة الجامعات والعمال والطلبة.
عقدت الحركة أول مؤتمر لها، حضره 500 ناشط، في 22 سبتمبر 2004، في نفس توقيت انعقاد المؤتمر العام السنوي للحزب الوطني الحاكم، ليعرف المواطن العادي أن هناك رؤية أخرى.
وفي هذا المؤتمر، أعلن رسميا عن ميلاد حركة “كفاية”، وتم اختيار 35 ناشطا من بين أعضاء الجمعية العمومية للحركة ليديروا شئونها.
تأسست حركة “كفاية” في العام الماضي، رافعة شعار (لا للتجديد) لمبارك لفترة رئاسة خامسة و(لا للتوريث) (للحكم لنجله جمال مبارك).
تقبل الحركة في عضويتها كافة ألوان الطيف السياسي، ولا تستبعد أي فصيل سياسي مهما كانت أفكاره ومشاربه، ولكن كل شخص يقبل بشخصه دون فكره وتياره.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.