سوء معاملة العمال المهاجرين، قد يدفع شركة ميغرو الى تجميد معاملاتها مع مزارعي اقليم المرية الاسباني
ضغوط المستهلكين في سويسرا، قد تدفع كبرى شركات توزيع المواد الاستهلاكية ميغرو الى وقف استيراد المنتجات الفلاحية من اقليم المرية، الذي شهد قبل سنة تقريبا، اعمال عنف عنصرية ضد العمال المهاجرين
بعد ايام قليلة من شهر فبراير، تحل الذكرى الاولى لاسوء اعمال عنف شهدتها اسبانيا ضد المهاجرين في منطقة ايخيدو التابع لاقليم المرية جنوب اسبانيا. هذه الاحداث، التي تعرض خلالها عشرات المهاجرين غير الشرعيين، العاملين في القطاع الزراعي، لاعتداءات وحشية اثر اتهام احدهم بالمسؤولية عن مقتل فتاة اسبانية، كشفت عن حقيقة مؤلمة لواقع اعداد كبيرة من المهاجرين المغاربة، الذين يعملون في ظروف لا انسانية في المنطقة.
الجدل الذي لم يهدأ منذ ذلك الحين في الاوساط الاعلامية والسياسية في اسبانيا، انتقل بشكل غير منتظر الى سويسرا من خلال اكثر من اربعة الاف رسالة بعث بها المستهلكون الى ادارة شركة ميغرو، لمطالبتها بالتدخل للمساهمة في تحسين ظروف العمال المهاجرين في اقليم المرية، نظرا لان هذه الشركة وهي من اكبر واعرق شركات المحلات التجارية للمواد الاستهلاكية في سويسرا تستورد كمية كبيرة من الانتاج الفلاحي الذي تبيعه محلاتها من هذه المنطقة الاسبانية.
مسؤولو الشركة لم يلقوا هذه الرسائل في سلة المهملات، بل بعثوا بوفد زار مناطق الانتاج في الخريف الماضي واتضح لهم ان العمال الزراعيين في ايخيدو و اقليم المرية بشكل عام، هم من اليد العاملة الافريقية الرخيصة ويعملون في ظروف صعبة للغاية ولا يمكن لهم باعتبارهم مهاجرين غير شرعيين، المطالبة بتحسين ظروف عملهم او الحصول على الحقوق الدنيا للعاملين في اسبانيا.
من جهة اخرى، اصطحب وفد شركة ميغرو معه فريقا من التلفزيون السويسري الناطق بالايطالية، اعد تحقيقا بالمناسبة بث قبل نهاية السنة لاقناع الراي العام ربما بجدية الشركة في البحث عن حل لهذه القضية. وبعد العودة من هذه الجولة الاستكشافية، وجهت ادارة الشركة رسالتين، الاولى لشركائها التجاريين في اقليم المرية والثانية للسفارة الاسبانية.
الرسالة الاولى، طالبت بشيء من الصرامة، التعاونيات التي تصدر المنتوجات الزراعية الى سويسرا، باحترام القوانين بحذافيرها وبالحرص على تطبيق هذه القوانين من جميع الشركاء وارباب العمل، الذين تتعامل معهم هذه التعاونيات، بل ذهبت الى حد دعوتها الى ابلاغ ادارة الميغرو خطيا بالاجراءات التي يعتزمون اتخاذها مستقبلا، لتحقيق هذا الهدف ولتجنب تدهور الاوضاع من جديد. ولعل التهديد الاخطر لمصالح هذه التعاونيات، تمثل في اعلان ادارة شركة ميغرو اعتزامها مراقبة الاوضاع بصفة مباشرة وغير مباشرة والتوقف عن التعامل مع الاطراف التي لا تحترم الشروط المطلوبة.
الرسالة الثانية، التي وجهت للسفارة الاسبانية في برن وللغرفة التجارية في المرية، اتخذت طابعا سياسيا، حيث تضمنت انشغال ادارة الشركة بهذه القضية واعلاما مسبقا باحتمال لجوئها الى اتخاذ ما وصفته بالاجراءات الضرورية تحت ضغط زبنائها في سويسرا.
الرسالتان اشارتا ايضا الى انه في حالة عدم تحسن وضع العمال المهاجرين في ايخيدو واقليم المرية حتى اواسط عام الفين وواحد، فان شركة ميغرو ستجد نفسها مرغمة على استيراد الخضروات من بلدان اخرى. ويبدو ان هذا التهديد قد لقي صدى واسعا في صفوف تعاونيات المنطقة وفي وسائل الاعلام الاسبانية، خصوصا وانه ياتي بعد وقت قليل من صدور تقرير عن المنتدى المدني الاوربي بعنوان: ايخيدو، مدينة بدون قانون، سلط الضوء على التجاوزات وعلى الاوضاع المأساوية التي يعيشها العمال المهاجرون، ومعظمهم من المغاربة في هذه المنطقة.
فهل ستنجح شركة ميغرو في اقناع اصحاب المزارع ومنتجي الخضروات والمواد الفلاحية في جنوب اسبانيا، بتغيير اسلوب تعاملهم مع العمال المهاجرين، ام ان الشركة تستعمل هذا الملف لتحسين صورتها لدى الراي العام السويسري بعد الانتقادات التي تعرضت لها مؤخرا من طرف نقابات العمال حول ظروف عمل موظفيها؟ قد يكون الجواب مزيجا من الاثنين، لكن الشركة ستجد بلا شك مناطق اخرى تستورد منها نفس المنتجات الفلاحية الا ان العمال المهاجرين لن يجدوا بسهولة بديلا عن ايخيدو، على الرغم من كل المعاناة.
كمال الضيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.