سويسرا: اختتام التحقيق حول تفجيرات الرياض
أقفل قاضي التحقيق الفدرالي بول بيرودان ملف الدعم المزعوم لتنظيم القاعدة في سويسرا، إذ تمت تبرئة 8 مُشتبهين يمنيين من تهم الإرهاب، بينما سيمثـُل اثنان آخران أمام المحكمة الجنائية الفدرالية.
وكان قد ألقي القبض على 10 يمنيين في سويسرا في يناير 2004، بعد 8 أشهر من تفجيرات الرياض التي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا من بينهم سويسريون.
كانت العدالةُ السويسرية تعتقد أنها عثرت على مجموعة إرهابيين، لكنّها ضبطت في الحقيقة شبكة هجرة سرية كانت تُزيـّّف بطاقات هـوية لمُواطنين يمنيين يتوافـدون على سويـسرا لطلب اللجوء بجنسية صومالية مُزورة. ويتواجد أبرز عناصر تلك الشبكة في مدينة رونون القريبة من لوزان.
ومن بين الرجال اليمنيين الـعشرة الذين ألقي القبض عليهم في سويسرا في يناير 2004 في إطار عملية “آل سعود”، والذين وضعوا لأشهر طويلة رهن الاحتجاز الوقائي قبل أن يبدأ الإفـراج عنهم بالتقتير، اتضح أن ثمانية منهم ليست لهم أية علاقة بتنظيم القاعدة. فهؤلاء انتهكوا “فقط” القانون الفدرالي حول إقامة الأجانب في الكنفدرالية السويسرية.
فـي المُقابل، ثبت أن المشتـبهَيْن المُتبـقـييْن كانا بالفعل على اتصال بعبد الله الريمي، العُضو المزعوم في تنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن. وسيمثلان أمام المحكمة الجنائية الفدرالية في بيلينزونا (كانتون تيشينو جنوبي سويسرا) بتهمة دعم منظمة إجرامية و/أو عرقلة الإجراءات الجنائية.
اتصالات هاتفية مع الريمي
وقد كان الرّجلان قد أجـريا اتـّصالات هاتفية مع عبد الله الريمي المتهم بالتورط في تفجيرات الرياض، والذي يـُعد من بين أعضاء القاعدة الثلاثة عشر الذين فروا ضمن مجموعة 22 سجينا في بداية شهر فبراير الماضي من سجن في العاصمة اليمنية صنعاء.
وتوصَّل تحقيق القاضي الفدرالي إلى أن الريمي حاول الحصول لدى المُشتبهيْن اليمنييْن على جواز سفر للخروج من دولة في شبه الجزيرة العربية واللجوء إلى أوروبا. في الأثناء، تم القبض عليه وتسليمه لليمن.
لكن رالف فيدلر فريدمان، محامي أحد المتهميْن، قال في تصريح لـصحيفة “لوتون” الصادرة في جنيف يوم 3 مارس الجاري: “إن موكلي لم يكن على استعداد لمساعدته، لكنه لم يرغب في التعبير عن رفضه بطريقة مباشرة”. وأعرب المحامي عن اعتقاده أن تهمة دعم منظمة إرهابية ليست سوى نتاج “خيال محض”.
ثاني المتهميـْن المقيم في جنيف، وهو إمام سابق في مسجد الدعوة بمدينة تعز اليمنية، يعترض أيضا على اتهامه بمساعدة الريمي. وشدّد المحامي أندري فوفيلسون في تصريحاته لصحيفة لوتون على أن موكله “كان يعرف ذلك السيد، لكن لم يكن يعرف طبيعة نشاطاته”.
وخلال التحقيق، أقر الإمام السابق أنه أرسل 200 دولار لعبد الله الميري لمساعدته لأنه كان مُلاحقا وكان يحتاج للمال. كما اعترف أيضا بأنه اتصل بالريمي (المُلقب بـعويس) من هاتف عمومي خشية من أن تكون السلطات تراقب خطه الهاتفي الخاص. وقد عثر المحققون في بيت الإمام السابق على ما وصفته الصحيفة بـ “نصوص متطرفة كثيرة ومقالات صحيفة مُقتطعة تتحدث عن التفجيرات”.
تصريحات مُقتضبة لقاضي التحقيق
ويـُذكـَر أن التحقيق الفدرالي في هذه القضية انطلق بعد أيام قليلة من تفجيرات الرياض في مايو 2003 التي أوقعت 35 قتيلا على الأقـل من بـينهم 9 أمريكيين ومواطن سويسري وزهاء 200 جريحا من بينهم 3 سويسريين.
وفي تلك الفترة، كانت الشرطة القضائية الفدرالية تعتقد أن عددا من قادة تنظيم القاعدة يقيمون صلات وثيقة مع عناصر في سويسرا. وأصدر مكتب المدعي العام الفدرالي على ذلك الأساس أوامر بتنفيذ عمليات مُلاحقة مكثفة أدت إلى إلقاء القبض على الرجال العشرة في كانتونات برن وفو وجنيف.
وبعد أن نشرت صحيفة “لا ليبرتي” الصادرة بفريبورغ يوم الخميس 2 مارس الجاري أن استنتاجات قاضي التحقيق الفدرالي بول بيرودان تنفي تقريبا شبهات مكتب المدعي العام الفدرالي، اكتفى قاضي التحقيق بيرودان في نفس اليوم في تصريح لوكالة الأنباء السويسرية بتأكيد إقفال تحقيقاته ونقـْلِ المُقاضاة إلى مكتب المدعي العام الفدرالي لتحرير قرارات الإتهام.
القضية .. بين “التضخيم” و”المنفعة”
من جهتها، شددت متحدثة باسم مكتب المدعي العام الفدرالي يوم الخميس 2 مارس على اعتزام هيئة الاتهام رفع القضية إلى المحكمة الجنائية الفدرالية.
وقد أكد عدد من المحامين لوكالة الأنباء السويسرية خلاصة قاضي التحقيق الفدرالي بيرودان. المحامي رالف فيدلر فريدمان، من زيورخ، أشار مثلا إلى أن موكله كان متهما بدعم منظمة إجرامية، وهو استنتاج يعترض عليه.
كما أعرب عن اعتقاده أن المُحققين الفدراليين “ضخموا” القضية ولم يـُقدِّموا “أية أدلة واضحة”. وأكد المحامي فريدمان الذي لا ينفي الاتصالات الهاتفية بين الريمي وموكله، أن هذا الأخير لم يقدم أي مساعدة للريمي فيما يخص تزويده بجواز السفر الذي طلبه من المُشتبهين اليمنيين اللذين سيمثلان أمام المحكمة الجنائية الفدرالية.
ولئن كان فريدمان يعتقد أن القضية أخذت أبعادا تفوق حجمها الحقيقي، فإن نائب المدعي العام الفدرالي كلود نيكاتي أعرب عن اعتقاده أن “التحقيق كان مُجديا”. وقال في تصريح لصحيفة “لوتون” (نسخة 3 مارس) “إن هذه القضية كانت بالون اختبار ممتاز، فلقد تمكنّا من إظهار المساعدات التي يقدمها البعض انطلاقا من سويسرا”.
سويس انفو مع الوكالات
منذ أحداث 11 سبتمبر 2001، قامت سويسرا بسلسلة من التحقيقات على تراب الكنفدرالية للكشف عن شبكات مُحتملة تدعم تنظيم القاعدة.
في مايو 2003، هزت ثلاثة انفجارات مجمعا سكنيا بالرياض كان يقطنه مواطنون غربية، وأوقعت ما لا يقل عن 35 ضحية، من بينهم 9 أمريكيين، ومواطن سويسري وقرابة 200 جريح من بينهم ثلاثة سويسريين.
في يناير 2004، أسفرت عملية “آل سعود” على إلقاء القبض على عشرة مواطنين يمنيين في سويسرا، اتهم جميعهم بالتورط في عمليات إرهابية.
بعد أشهر من التحقيق، اتضح اليوم أن ثمانية مُشتبهين منهم هم في الحقيقة طالبو لجوء مُزيّفون ويبيعون أوراق هوية مُزيفة.
أما المتهمان الآخران، فيسمثلون أمام المحكمة الجنائية الفدرالية في بيلينزونا بسبب اتصالاتهم بعبد الله الريمي، العضو المزعوم في القاعدة الذي كان ضمن السجناء الذين فروا الشهر الماضي من سجن العاصمة اليمينة صنعاء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.