سويسرا تدعم مُبادرة دولـية لاسترجاع الأموال المنهوبة
أطلق البنك الدولي والأمم المتحدة مبادرة جديدة لمساعدة الدول النامية على استعادة الأموال المنهوبة من قبل بعض القادة وكبار المسؤولين والمهربة إلى ساحات مالية آمنة.
سويسرا ترحب بالمبادرة وتعلن عن استعدادها لتقاسم الخبرة التي راكمتها خلال السنوات الأخيرة والتي سمحت بإعادة 1،6 مليار دولار إلى السلطات في دول أفريقية وآسيوية.
أطلق البنك الدولي بالاشتراك مع مكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والإجرام في 17 سبتمبر الجاري مبادرة تحت عنوان “إعادة الأموال المنهوبة” لمساعدة الدول النامية على استرجاع الأموال المهربة من قبل بعض القادة الذين يتعاطون الرشوة.
ويهدف البنك الدولي من خلال هذه المبادرة الى استثمار الأموال المسترجعة في مشاريع تنموية فعالة، ومحاربة وجود ساحات مالية تقبل بمثل هذه الأموال وتقدم لها الضمانات الضرورية.
وقال الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، بان كي مون، بمناسبة إطلاق هذه المبادرة في مقر الأمم المتحدة في نيويورك “إن هذه المبادرة ستعمل على تشجيع التعاون الضروري الذي يجب أن يقام بين الدول المتقدمة والدول النامية، وبين القطاع العمومي والقطاع الخاص، من أجل إعادة الأموال المهربة الى أصحابها الشرعيين”.
تضييق الخناق على المهربين
ويعتبر المدير التنفيذي لمكتب الأمم المتحدة لمحاربة المخدرات والإجرام أنطونيو ماريا كوستا هذه المبادرة “منعطفا في حملة محاربة الرشوة على النطاق العالمي”.
وقد صدرت بالمناسبة دراسة تحت عنوان “مبادرة استعادة الأموال المسروقة، التحديات والفرص وخطة العمل”، جاء فيها أن حجم الأموال العابرة للحدود والناتجة عن عمليات إجرامية أو عمليات رشوة، أو من عمليات التهرب الضريبي بلغ ما بين 1000 مليار و1600 مليار دولار في العام الواحد.
وتضيف الدراسة بأن “استعادة 100 مليون دولار فقط تسمح بتمويل برنامج تطعيم كامل بالنسبة لأربعة ملايين طفل، أو بتوفير المياه الصالحة للشرب لحوالي 250 الف بيت، أو بتقديم العلاج لحوالي 600 ألف مصاب بمرض الإيدز لمدة سنة كاملة”.
التزامات دولية وإجراءات وطنية
لمواجهة ظاهرة تهريب الأموال العمومية من الدول النامية، تحث المبادرة على تعزيز التعاون بين الدول النامية والدول المتقدمة. ويتطلب هذا التعاون من الدول النامية تحسين طريقة آدائها الديمقراطي، وإضفاء الشفافية على عملياتها المالية. كما يتطلب من الدول المتقدمة أن تكف عن تقديم ملاذ آمن للأموال الناتجة عن هذه العمليات.
وتتمثل الخطوة العملية الأولى في طريق هذا الالتزام الدولي لمحاربة تهريب الأموال العمومية في المصادقة على معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة. ولكن هذه المعاهدة لم تعرف لحد الآن المصادقة إلا من قبل نصف دول مجموعة الثماني أو مجموعة منظمة التجارة والتنمية الاقتصادية.
ومن أجل تفعيل عملية المحاربة، تقترح المبادرة جملة من الإجراءات التي ينبغي على الدول منفردة أو مجتمعة إتخاذها مثل:
– تعزيز المؤسسات والقدرات لدى الدول النامية لكي تقوي وسائل المتابعة القضائية لديها والوصول بها الى مستوى يتماشى مع معايير معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة.
– تعزيز مصداقية الأسواق المالية، بتعزيز إجراءات تبييض الأموال الناتجة عن نشاط إجرامي وبتكثيف التعاون بين المصالح الساهرة على محاربة الظاهرة.
– تسهيل إجراءات استعادة تلك الأموال المهربة بتقديم قروض للدول النامية الراغبة في الاستعادة لتسهيل شروعها في مسار المطالبة باستعادة الأموال.
– وأخيرا، مراقبة كيفية صرف تلك الأموال المستعادة بتسخيرها في عملية التنمية وبالأخص في البرامج الاجتماعية والتعليم والبنية التحتية.
ترحيب سويسري
سويسرا، التي تتوجه الأنظار إلى ساحتها المالية كلما تم الحديث عن تبييض الأموال أو عن تهريب أموال بعض القادة من دول العالم النامي، سارعت الى إصدار بيان عن طريق وزارة الخارجية ترحب فيه بالمبادرة الجديدة، وتعرض فيه استعدادها لتقاسم الخبرات التي اكتسبتها منذ سنوات في هذا المجال.
وجاء في بيان الخارجية السويسرية أن “تحسين طريقة إيقاف تلك الأموال المنهوبة واسترجاعها واستثمارها لا يمكن أن يعرف تقدما إلا بتكاثف الجهود الدولية”.
وشددت الوزارة على أنه “من مصلحة سويسرا ألا تصل تلك الأموال الواردة من أصول إجرامية الى ساحتها المالية”. وذكّرت في نفس الوقت بالإجراءات التي اتخذتها في هذا المجال إما للوقاية من وصول تلك الأموال أو لاقتفاء أثرها وتجميدها وإعادتها الى أصحابها الشرعيين.
وقد أعادت سويسرا خلال السنوات الأخيرة وفقا لهذه الإجراءات ما يقارب 1،6 مليار دولار، وهي الأموال المستعادة في إطار قضايا ماركوس وأباشا ومونتيسينوس وكازاخستان. لذلك فهي ترى أنها تحتل الصدارة في العالم في هذا الإطار من بين الساحات المالية العالمية.
كما يؤكد البيان أن أي جهد وطني لن يكفي لوحده لوقف تهريب الأموال من قبل قادة مرتشين، لذلك شرعت سويسرا في عام 2001 في ما يعرف بـ”مسار لوزان”، الذي حاولت من خلاله التشجيع على البحث عن حلول عملية عبر مشاورات بين الدول. وبناء على ذلك، أعربت وزارة الخارجية السويسرية عن اعتقادها أن المبادرة الجديدة مفيدة لتغذية النقاش الدولي الضروري لمثل هذه القضية.
سويس انفو – محمد شريف – جنيف
ما بين 1000 مليار و1600 مليار دولار هو حجم الأموال المهربة عبر الحدود سنويا في العالم.
25% من الناتج العام الإفريقي يذهب سنويا في تهريب الأموال للخارج.
وقعت لحد الآن على معاهدة الأمم المتحدة لمحاربة الرشوة لعام 2003، 147 دولة وصادقت عليها 126 فقط.
نصف دول مجموعة الثماني المتقدمة لم يصادق على هذه المعاهدة.
سويسرا أعادت بموجب الإجراءات التي اتخذتها خلال السنوات الأخيرة حوالي 1،6 مليار دولار في قضايا ماركوس في الفيليبين وآباشا في نيجيريا و مونتسيسينوس وكازاخستان.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.