سويسرا تدعو لإنشاء مجلس لحقوق الإنسان
بعد مداولات استمرت أكثر من نصف عام، تقدمت سويسرا بمقترح جديد إلى الأمم المتحدة يدعو إلى إنشاء مجلس لحقوق الإنسان.
المقترح السويسري يضم ثلاثة بدائل، أما الهدف منه فهو تلافي الصعوبات التي تواجهها حاليا مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
يهدف المقترح السويسري إلى حلول المجلس الجديد مكان مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. أما السبب في ذلك فيعود إلى العوائق التي تواجهها المفوضية، والتي أدت إلى شل قدرتها على القيام بعملها بصورة فعالة.
تعود جذور الفكرة إلى بدايات عام 2003، وبالتحديد إلى دراسة أعدها بتكليف من وزارة الخارجية السويسرية الدكتور فالتر كالين، الأستاذ المرموق في القانون الدولي. أما اليوم فقد تحولت إلى مقترح فعلي يدور في أروقة هيئة الأمم المتحدة بعد أن تقدمت سويسرا بمشروعها عبر ممثلها في نيويورك السفير الجديد بيتر ماورر.
ويأمل الدبلوماسي المخضرم، الذي قدم بعدُ مسودة توضح الموقف السويسري إلى مجموعة من الدول التي تؤيد فكرة إنشاء هيئة لحقوق الإنسان أن تؤدي تلك الخطوة إلى “تحريك مسار الحوار حول مفوضية حقوق الإنسان من جديد”، كما قال مؤخرا في حديث أجرته معه صحيفة التاجز انزايجر الناطقة باللغة الألمانية.
ومن المنتظر الآن أن يتم تضمين المبادرة السويسرية ضمن مشروع إصلاح الأمم المتحدة، الذي سيعرض في خريف عام 2005 على الجمعية العامة كي تصوت عليها.
مبادرة ذاتية من سويسرا
تعود البداية الفعلية للمقترح إلى شهر سبتمبر الماضي عندما التقت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – راي مع لجنة الإصلاح التي عينها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان.
وقد كشف اللقاء آنذاك عن أن انشغال مجلس الأمن بقضية توسيع عضويته أدى في الواقع إلى إهماله لمسألة دعم حقوق الإنسان.
لذلك عمدت سويسرا، وبمبادرة ذاتية، إلى إعداد مقترحها ثم التقدم به. وقد اشترك معها في الحوار بشأنه عدة دول، منها كندا والنرويج والدانمارك وبريطانيا وتشيكيا وبولندا.
مقترح بثلاث بدائل
يدعو المقترح السويسري إلى استبدال مفوضية حقوق الإنسان الحالية التي يوجد مقرها في جنيف بمجلس جديد يتمتع بثقل شبيه بالثقل السياسي لمجلس الأمن أو الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
ويتقدم المشروع السويسري بثلاثة بدائل يمكن من خلالها تأسيس المجلس الجديد. البديل الأول يدعو إلى إنشاء مجلس صغير لحقوق الإنسان، يتراوح عدد أعضاؤه بين 15 و 25 عضواً، ويمكن دعوة المجلس إلى الاجتماع في أي وقت، وهو ما يوفر له ميزة السرعة والفعالية في اتخاذ ردود الأفعال تجاه الانتهاكات التي قد تقدم عليها أية دولة.
أما الجانب السلبي في هذا الخيار فيتلخص في أنه لا يمكن تمثيل كل دول العالم في المجلس المقترح، لذلك فإن عضويته سوف تقتصر على خبراء في مجال حقوق الإنسان.
في المقابل، يدعو البديل الثاني إلى إنشاء مجلس يتكون من 50 إلى 60 عضواً يشبه إلى حد كبير المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ويتولى تمثيل الدول المعنية مندوبون عنها. أما الجانب السلبي في هذا البديل فيتمثل في قلة عدد الخبراء الممثلين فيه.
أخيراً يتخذ البديل الثالث من الجمعية العامة للأمم المتحدة أنموذجا لهً. إذ يدعو إلى تمثيل كافة دول العالم الـ 191 فيه، وإلى تكليفه بمهمة التوصل إلى معاهدة دولية ملزمة في مجال حقوق الإنسان. لكن نقيصة هذا الخيار تتمثل في أنه سيكون عرضة لنفس التعقيدات والتلاعبات السياسية التي أدت إلى شلل عمل المفوضية الحالية.
آمال … وشكوك!
سويسرا (التي لم تتخذ أي قرار بشأن البدائل الثلاثة) اكتفت بعرضها للتداول في نص مشروعها المقترح، لكنها تأمل – رغم ذلك – أن تتبنى لجنة الإصلاح الأممية المقترح بصورة أو بأخرى.
بيد أن المعضلة الحقيقية لا تتصل بقبول اللجنة بالمقترحات السويسرية من عدمه، بل بالسؤال التالي: “ما الذي يدفع إلى الاعتقاد بأن تشكيل مجلس جديد لحقوق الإنسان سيكون كفيلاً بحل المشكلات التي واجهتها المفوضية؟”.
فالمأزق الذي عانت وتعاني منه المفوضية كان ولا يزال سياسياً، ولأن الواقع السياسي للمجتمع الدولي لم يتغير بعد، فإن ابتكار مجالس جديدة قد لا يكون كافياً للتعامل مع جوهر المشكلة.
سويس إنفو وصحيفة التاجز أنزايجر
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.