سويسرا تدعو لفتح ممرات إنسانية في لبنان
دعت وزيرة الخارجية السويسرية الى الالتزام في الصراع اللبناني بوقف لإطلاق النار وفتح ممرات إنسانية واحترام القانون الإنساني الدولي.
سويسرا التي تشدد على ضرورة التوصل لحل بالتفاوض والإفراج عن الجنود المختطفين ضمن تبادل للأسرى، أكدت مجددا ان الرد الإسرائيلي غير متكافئ، وأعربت عن التضامن مع الشعب اللبناني.
أعادت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي ري التأكيد في الندوة الصحفية التي عقدتها في العاصمة الفدرالية برن صباح الخميس 20 يوليو موقف سويسرا مما يتعرض له لبنان موضحة بأن سويسرا “تطالب بوقف للعمليات العدائية، وتطبيق معاهدات جنيف، وفتح ممر إنساني، وتعرب عن تضامنها مع لبنان، وتحث على ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة التي نعيشها اليوم”.
وأوضحت الوزيرة بأن تحركات سويسرا في الوقت الحالي تسير في ثلاث إتجاهات: “العمل على المستوى الدبلوماسي مع المجموعة الدولية بالجدية المعهودة عنها من أجل إيجاد حل للأزمة، والعمل على إجلاء الرعايا السويسريين الراغبين في مغادرة لبنان، وتقديم المساعدة الإنسانية للشعب اللبناني في الظروف الإنسانية الصعبة المعروفة اليوم”.
إجلاء مئات السويسريين
أعلنت وزيرة الخارجية عن إجلاء 500 سويسري لحد اليوم من لبنان، وعن إجلاء 500 آخرين قريبا. ونوهت السيدة كالمي ري إلى صعوبة تحديد الأرقام بدقة نظرا لكون أعداد من السويسريين يوجدون في إجازة في لبنان.
وقد ذكر ماركوس بورلين، رئيس الدائرة السياسية السادسة المكلفة بالسويسريين بالخارج، بالجهود التي بذلتها سويسرا منذ الساعات الأولى من هذا الصراع. وقال “إن سويسرا كانت أول بلد يشرع في تنظيم ترحيل رعاياه عبر الحدود السورية”.
وقامت السلطات السويسرية بتأجير باخرة ستصل إلى ميناء بيروت يوم السبت لنقل السويسريين الـ500 المسجلين لدى سفارة الكنفدرالية من اجل مغادرة لبنان.
وترى وزيرة الخارجية ان الأوضاع العصيبة في الجنوب اللبناني تجعل من الصعب التعرف بدقة على عدد الراغبين في المغادرة. وعن آخر اتصال للوزارة مع الجنوب اللبناني، قالت السيدة كالمي ري إن متحدثيها وصفوا الأوضاع بـ”المأساوية في صور”.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو عن رغبة الجالية اللبنانية في الكنفدرالية في أن تُقدم سويسرا على تليين إجراءات الحصول على تأشيرة نوعا ما لأسباب إنسانية، صرحت الوزيرة “لم نتوصل بعد بطلب من هذا القبيل” مضيفة أن “عدد طالبي اللجوء من لبنان لم يعرف تعاظما حتى الآن”.
نداء استغاثة من السنيورة
عن الأوضاع الإنسانية، قالت الوزيرة السويسرية إنها “مأساوية وتتدهور يوما بعد يوم” موضحة أن البنية التحتية اللبنانية الضرورية لتموين السكان وإسعافهم تم تحطيمها، وأن التنقل في الطرقات غير آمن، وأن الجسور دُمرت.
ولدى حديثها عن آخر اتصال أجرته مع الوزير الأول اللبناني فؤاد السنيورة، قالت الوزيرة إنها سمعت “نداء استغاثة من حيث الوضع الإنساني”. وأوضحت ان الوزير الأول يرى “أن معاهدات جنيف انتُهكت وان ما يتم خطير للغاية، وأن هناك أكثر من 500 الف مرحل داخلي لبناني 40 الف منهم من مدينة بيروت وحدها”.
لذلك تطالب الحكومة السويسرية، حسب الوزيرة كالمي ري، بـ”وقف للعمليات القتالية على الفور وفتح ممرات إنسانية”. وفي هذا الإطار، شرعت سويسرا في بحث إمكانية فتح ممرين إنسانيين آمنين: واحد بين بيروت وقبرص لإجلاء من يرغب في المغادرة، والثاني عبر منطقة الجنوب اللبناني لتزويد المنطقة بالمساعدات الإنسانية. وأشارت الوزيرة إلى أن “الردود حول هذا الاقتراح لم تتبلور بعد رغم وجود مؤشرات بناءة”.
وذكرت السيدة كالمي ري بأن سويسرا “لم تتوقف عن تذكير الأطراف بضرورة احترام التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”، موضحة بأن “احترام القانون لا مساومة بشأنه”.
رد على انتقادات
وبعد أن ذكرت الوزيرة بضرورة احترام كل الأطراف للقانون الإنساني الدولي، قالت إنه “من غير المقبول قصف سيارات الإسعاف مثلما تم مؤخرا في لبنان”.
وترى الوزيرة ان التذكير باحترام مبادئ معاهدات جنيف “لا يتعارض مع موقف سويسرا كبلد محايد”.
وفي تبرير للمواقف المنتقدة والإدانات التي أصدرتها وزارة الخارجية السويسرية خلال الأيام الماضية في اتجاه إسرائيل والتي انتقدها البعض على أنها خروج عن الحياد، أوضح السفير بول زيغر، مدير قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية في نفس الندوة أن “الحياد لا يعني اللامبالاة”، مذكرا بأن “لسويسرا، كمؤتمنة على معاهدات جنيف، مسئولية وعليها التزامات لتوضيح الانتهاكات التي تمس القانون الدولي أو القانون الإنساني الدولي، وهو ما أوضحته الوزيرة في اتجاه حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة أخرى”.
وعن هذه الإدانة الموجهة اولا لحزب الله وبعده فقط لإسرائيل – مثلما أثار أحد الصحفيين السويسريين- ردت الوزيرة “إننا قمنا بذلك عمليا في اتجاه الطرفين، وفيما يتعلق بالرد الإسرائيلي غير المتكافئ كنا أول بلد يقول ذلك”.
وقد أثار صحفي موضوع عدم مراجعة العلاقات السويسرية مع إسرائيل رغم خطورة ما يحدث، في وقت كانت الحكومة الفدرالية قد سارعت في الصراع السابق قبل خمسة أعوام الى تجميد بعض من مبادلاتها مع الدولة العبرية. عن هذه الملاحظة، ردت الوزيرة بالقول: “إن السائد اليوم هو ان الصراع القائم ليس بين دولتين، ولو يصبح كذلك عندها يملي الحياد علينا وجوب تجميد بعض من نشاطاتنا”. وهو امر يتوقع أن تفصل فيه مناقشات مجلس الأمن الدولي للقضية اللبنانية يوم الجمعة 21 يوليو.
محاولات لتخفيف المعاناة الإنسانية
إسهاما من سويسرا في تخفيف المعاناة الإنسانية وفي انتظار اتضاح الأمور، قالت الوزيرة “لقد توصلنا بقائمة من الحكومة اللبنانية بمواد الإغاثة، وقد تقابل مبعوثو الحكومة السويسرية مع الوزير الأول اليوم في بيروت وسيقابلون رئيس هيئة الأركان اللبناني لمحاولة تنظيم عمليات الإغاثة”.
مفوض الحكومة الفدرالية للعمل الإنساني ورئيس الهيئة السويسرية للمساعدات الإنسانية توني فريش، شدد في تدخله على “ضرورة عدم إهمال ما يتم في غزة ولئن ركزنا على الحديث عما يتم في لبنان”.
ويُعرف القسم السويسري للمساعدة الإنسانية في حالات الكوارث بنجاعة تدخله في الحالات الطارئة، وهو ما يحاول القيام بها بالتنسيق مع السلطات الصحية اللبنانية، حسب فريش. ويقوم فريق بعملية التنسيق مع السلطات اللبنانية من جهة، ومع المنظمات الإنسانية الأخرى مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر من جهة أخرى.
انتهاك خطير للقانون الانساني الدولي
على الرغم من إعلانها عن استعداد سويسرا للعمل مع المجموعة الدولية للبحث عن حل دبلوماسي، اعترفت السيدة ميشلين كالمي ري بعجز مجلس الأمن الدولي عن اتخاذ أي قرار لحد الآن.
ولئن ذكرت بـ”بحق إسرائيل في الدفاع عن أرضها ومواطنيها”، اعتبرت ان رد الدولة العبرية كان غير متكافئ”. وترى الوزيرة أن “لا شيء يبرر الحصار المحكم الذي فرضته إسرائيل بحرا وجوا وبرا مما جعل شعبا بأكمله يتحول الى رهينة”.
واعتبرت وزيرة الخارجية السويسرية أن “القصف الجوي المتكرر للأهداف المدنية يعتبر انتهاكا خطيرا للقانون الإنساني الدولي”.
وفي رد على سؤال لسويس إنفو عن كيفية تسمية هذا الاستهداف المقصود والمتكرر للمنشأت المدنية من وجهة نظر القانون الإنساني الدولي، قالت السيدة ميشلين كالمي ري “لست في مستوى يسمح لي بتقييم ما يحدث، هل هو جريمة ضد الإنسانية ام جريمة حرب، لكن المؤكد هو أن الوزير الأول اللبناني تحدث عن “عمليات إبادة جماعية في العديد من المناطق. وأنا لست قادرة على تأكيد هذا بحكم البعد الجغرافي، لكن ما يمكن تأكيده هو أن الوضع الإنساني خطير للغاية، وهذا ما ندينه ونقوم بكل ما نستطيع القيام به لإدانة انتهاكات معاهدات جنيف من جهة، ولتقديم ما نستطيع القيام به على مستوى المساعدة الإنسانية”.
وعن انطباع الوزيرة السويسرية الشخصي، وفي رد عن سؤال لسويس إنفو عما إذا كان الصمت الدولي الحالي، الذي يفسر تشجيعا للطرف الإسرائيلي، وتهربا من المسؤولية بالنسبة للطرف العربي، قد يقود الى مزيد من التطرف لدى الطرفين، أوضحت السيدة ميشلين كالمي ري “إننا اليوم في أزمة الغريب فيها أن الكل يعرف الحل، والحل هو ما أشارت إليه مبادرة جنيف وما قامت عليه اتفاقيات طابا. ولكن المشكلة هي كيف يمكن الوصول الى تحقيق ذلك؟”. وتعتقد الوزيرة ان الخطوة الأولى “يجب أن تبدأ بتبادل الأسرى لبداية حوار وبناء ثقة”.
لكن الوزيرة اختتمت ردها بالقول “إننا مع الأسف بعيدون كل البعد عن ذلك بل إننا عدنا الى الوراء في هذا الصراع الى وضع كان سائدا قبل عشرات السنين: احتلال جنوب لبنان، واحتلال غزة … واليوم ما نلاحظه هو فشل هذه الإستراتيجية، وستقود إستراتيجية استخدام القوة الى طريق مسدود”.
سويس إنفو – محمد شريف – برن
تطالب سويسرا بوقف فوري للعمليات القتالية في صراع لبنان.
وتدعو الى فتح ممرات إنسانية.
ترى أن بداية الحل سيكون من خلال تبادل للأسرى.
أدانت انتهاك القانون الانساني الدولي من الطرفين باستهداف المدنيين.
أدانت استخدام اسرائيل بشكل غير متكافئ للقوة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.