سويسرا تروّج للتصويت الإلكتروني في واشنطن
نظمت سفارة سويسرا في واشنطن وحملة "فكّـر سويسريا" يوم 23 أبريل، سلسلة من التظاهرات للترويج للأسلوب السويسري للتصويت عبر الإنترنت.
هذه العملية التسويقية، الموجّـهة للخبراء ولأصحاب القرار في الولايات المتحدة، تأتي في وقت يتراجع فيه الإقبال على التصويت الإلكتروني في أمريكا، باعتباره قابلا للاختراق وغير موثوق بما فيه الكفاية.
يقول السفير السويسري أورس زيسفيلر، “هناك لدى الأمريكيين توجّـس من التصويت الإلكتروني، يفوق مما هو موجود تُـجاهه في سويسرا، ويعود سبب هذا إلى المشاكل التي برزت في الولايات المتحدة”.
هذا الاستنتاج الواقعي، لم يحُـل دون قيام وفد سويسري بقيادة مستشارة الكنفدرالية آن ماري هوبر – هوتس، بتِـعداد مميِّـزات التصويت الإلكتروني بداية الأسبوع الجاري في واشنطن.
وتشدِّد آن ماري هوبر – هوتس على أن “هذا اليوم كان فرصة لتقاسم تجربتنا مع محاورينا الأمريكان”، كما كانت مناسبة للقيام بعملية تسويق تجاري في الولايات المتحدة من طرف الكانتونات الثلاث، التي تعود إليها مِـلكية أنظمة التصويت عبر الإنترنت، الخاضعة للتجريب منذ بضعة أعوام في سويسرا.
إشادة بالأسلوب
في هذا السياق، صرّح روبير هينسلر، مستشار كانتون جنيف، أن “العديد من البلدان الأوروبية والآسيوية قد أجرت اتصالات مع كانتون جنيف، لاقتناء النظام”، مضيفا بأن “أحد أهداف زيارتنا إلى واشنطن، يتمثل في إجراء اتصالات مع شركاء محتملين”.
بطبيعة الحال، لا يتردّد المسؤولون السويسريون بالإشادة بفوائد وإيجابيات التصويت الإلكتروني، ويؤكّـد روبير هينسلر على أنه يمثل “طريق المستقبل”، منوّها إلى أن “الحصيلة إيجابية جدا بالنسبة لجنيف”.
من جهتها، تشير آن ماري هوبر – هوتس إلى “إيجابيات” هذه الطريقة، وتذهب إلى أن المشاركة في عمليات الاقتراع تُـصبح أكثر سهولة، نظرا لأن الناخبين لا يحتاجون إلى التنقل للإدلاء بأصواتهم، إضافة إلى اتِّـساع مجال الخيار أمام المواطنين، حيث يُـمكن لهم التصويت عبر الإنترنت، إضافة للتصويت في مكاتب الاقتراع أو عن طريق المراسلة.
بعض السلبيات
تُـضيف آن ماري هوبر – هوتس “يمكن أيضا أن يؤدي التصويت عبر الإنترنت إلى الترفيع في نسبة المشاركة أو على الحفاظ على المستوى الذي وصلت إليه، أي بمعدل 45%”.
وردّا على سؤال لسويس انفو حول السلبيات المحتملة للتصويت الإلكتروني، وخاصة عبر الإنترنت، تطرّقت مستشارة الكنفدرالية إلى عدد لا يُـستهان به منها، وأقرّت بأن “السؤال الكبير يتمثل في معرفة حجم تأثيرها على الديمقراطية المباشرة”.
كما أوضحت أن “البعض يرون أن التصويت الإلكتروني يُـوجِـد ديمقراطية افتراضية، يكون فيها المواطنون معزولين ويقومون باختياراتهم انطلاقا من بيوتهم”.
المزيد
الديمقراطية المباشرة
إشكالية الأمن
أما السؤال الكبير الثاني، فيتعلق – مثلما تعترف بذلك آن ماري هوبر – هوتس – بـ “الأمن”، إضافة إلى أن البعض يعتقدون أن التصويت الإلكتروني “يُـمكن أن يوسَِـع حجم الهوة الرقمية، لأن الجميع لا يصل إلى الإنترنت”.
من جانبه، يعترف روبير هينسلر بأن “تكلفة تطوير التكنولوجيا مرتفعة، وهو ما يُـمكن أن يشكِّـل عاملا سلبيا”.
لكن، على الرغم من هذه السلبيات الحقيقية والمحتملة، يرى المسؤولون السويسريون في التصويت عبر الإنترنت “أداة جديدة للديمقراطية”، على حد تعبير السفير أورس زيسفيلر.
ويشير الدبلوماسي السويسري إلى أن “هناك شيء من النفاق، عندما يُـراد للتصويت عبر الإنترنت أن يكون مثاليا، في حين أن التصويت بالبطاقة الورقية، سواء كان ذلك في مكتب الاقتراع أو عبر البريد، ليس مثاليا تماما”.
توجّـس في الولايات المتحدة
حملة الترويج السويسرية في واشنطن لبعض أمثلة التصويت الإلكتروني، التي يتم اختبارها في بعض الكانتونات، تأتي في وقت تشُـكّ فيه الولايات المتحدة في هذه الأداة، وتتركّـز المخاوف حول المسائل المتعلقة بأمن وشفافية هذه الطريقة.
ففي الوقت الذي صوت فيه البرلمان السويسري قبل شهر لفائدة تمديد الاختبارات المتعلقة بالتصويت عبر الإنترنت، قرر البرلمان المحلي لولاية ميريلاند الأمريكية التخلي عن التصويت الإلكتروني.
ومع أن هذا القرار لن يُـطبّـق إلا ابتداءً من عام 2010، وهو ما يعني أن الناخبين في هذه الولاية سيتمكّـنون من التصويت عبر الإنترنت في رئاسيات وتشريعيات 2008، إلا أن قرار ميريلاند يُـمثل منعرجا مهمّـا، نظرا لأن هذه الولاية كانت رائدة رِفقة جورجيا فيما يتعلق بالتصويت الإلكتروني.
وتقول السيدة ليندا لامون، مديرة المصلحة الانتخابية في ولاية ميريلاند، “إن ولاية فلوريدا قد تعود قريبا لاستعمال بطاقة الاقتراع الورقية”، مشيرة إلى أن معارضي الأسلوب الحالي للتصويت الإلكتروني “يتّـجهون لكسب الموقف”.
إجمالا، يؤكّـد الخبراء الأمريكيون أن الخلل الكبير، الذي شهدته العملية الانتخابية في ولاية فلوريدا في رئاسيات عام 2000 والمشاكل التي طبعت عمليات التصويت الإلكتروني في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2004، وخاصة في ولايات فلوريدا وأوهايو، قد خفّـفت من حماسة الأمريكيين لهذا الأسلوب ودفعت الجهات المعنية إلى مزيد من التأنّـي والتشدّد في وضع الضوابط والضمانات، التكنولوجية والقانونية، لعدم تِـكرار ما حدث.
أخيرا، يوجّـه ألان ديكيرت، من منظمة Open Voting Consortium غير الحكومية، النصيحة التالية لسويسرا: “إذا كان السويسريون يخطِّـطون للاستفادة من التكنولوجيا والتجربة الأمريكية، فيجب عليهم أن يكونوا صبورين وأن يحتفظوا بنسخة مكتوبة للأصوات، التي يتم الإدلاء بها من خلال ابتكار وسيلة طِـباعة غير مُـكلِـفة، واستعمال رمز مجاني ووضع جميع تفاصيل نظامهم على ذمة الجمهور”.
سويس انفو – ماري كريستين بونزوم – واشنطن
(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)
في عام 2000، قرر كانتون جنيف، الذي لا تتجاوز فيه نسبة الناخبين، الذين يتحولون إلى مكاتب الاقتراع للإدلاء بأصواتهم 5%، تطوير نظام التصويت عبر الإنترنت.
في الوقت الحاضر، يُـتاح لـ 90 ألف (من بين 230 ألف ناخب في الكانتون)، التصويت عبر الإنترنت. وتعتزم السلطات في نهاية المطاف، وضع التصويت الإلكتروني على ذمة جميع الناخبين المسجلين.
رغم أن التصويت عبر الإنترنت لا يوجد في سويسرا إلا منذ عام 2004، إلا أن عمليات احتساب الأصوات تتم بشكل إلكتروني منذ أكثر من 30 عاما في الكنفدرالية.
ضم الوفد السويسري، ممثلين عن كانتوني جنيف ونوشاتيل، اللذين اشتركا مع كانتاون زيورخ، في القيام بسلسلة من التجارب المتعلقة بالتصويت عبر الإنترنت ما بين عامي 2004 و2006 في إطار برنامج تجريبي، أطلق منذ ستة أعوام من طرف البرلمان الفدرالي، وتم التمديد فيه في شهر مارس الماضي.
أجرى الوفد السويسري لقاءات في واشنطن مع المشرفين على اللجنة البرلمانية المكلفة بالشؤون الانتخابية ومع مسؤولين عن اللجنة الفدرالية للمساعدة في الانتخابات، كما شارك الوفد في ندوة، حضرها 50 خبيرا وصاحب قرار أمريكي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.