سويسرا تستعد أيضا لعودة المفتشين إلى العراق
فيما يُـنتظر أن تتوجّـه طلائع المفتشين الأمميّين عن الأسلحة مجددا إلى العراق في منتصف شهر أكتوبر المقبل، تشهد سويسرا بعض الإستعدادات في هذا السياق.
وفيما لا يُتوقع أن يتحول خبراء سويسريون قريبا إلى بغداد، أعربت السلطات الفدرالية عن استعدادها لتقديم كل الخبرة والمساعدة المطلوبة.
في الفترة الممتدة من الأشهر الأولى من عام 1991 إلى عام 1998، شارك حوالي خمسة عشر خبيرا سويسريا في أعمال فرق التفتيش عن الأسلحة التابعة لليونسكوم في العراق. أما اليوم، فلا يوجد أي اسم سويسري على القائمة الموضوعة على ذمة لجنة أونموفيك (التي عوضت منذ عام 1999 لجنة يونسكوم) التي تضم مائتين وعشرين خبيرا دوليا في مجالات الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية.
هذا الوضع لا يعني أن سويسرا ترفض أو تتردد في تقديم الخبرة اللازمة لاستئناف عمل لجان التفتيش التابعة للأمم المتحدة عن أسلحة الدمار الشامل في العراق ولكنه ناجم عن مسار الأحداث في الأعوام الثلاثة الماضية.
فمنذ طرد الحكومة العراقية للمفتشين التابعين للجنة يونسكوم في شهر أكتوبر من عام 1998، لم يكن أحد يتوقع إمكانية موافقة سلطات بغداد على عودتهم بدون قيد أو شرط مثلما حدث مؤخرا، وهو ما دفع الحكومة السويسرية إلى تخفيف اهتمامها بالموضوع.
من جهة أخرى، عملت لجنة أونموفيك التي أنشأتها الأمم المتحدة (بعد اتهام السلطات العراقية للجنة يونسكوم بالتجسس لفائدة الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف أخرى) على وضع قواعد عمل جديدة صارمة وشفافة من أجل تبديد الشكوك العراقية وللفصل تماما بينها وبين اللجنة السابقة.
فقد انتدبت أونموفيك عددا كبيرا من المتعاونين الدائمين يزيد تعدادهم عن ستين شخصا، وقررت أن يتم التعامل مع “الخبراء-المفتشين” على أساس أن يكونوا على أهبة الإستعداد الدائمة للإستجابة لأي طلب مع متابعة دورة تدوم خمس أسابيع على الأقل. وهي شروط أدت – حسب مصادر في مختبر شبيتز التابع لمُـجـمّـع التسليح في وزارة الدفاع – إلى تعذّر المشاركة السويسرية.
جهود لم تنقطع..
ويؤكد برنار جونتي (Bernard Jeanty) الخبير في مجال نزع الأسلحة في وزارة الدفاع ، أن مشاركة سويسرا في أنشطة لجنة أونموفيك أمر محبّذ جدا خصوصا وأن أهدافها مطابقة تماما لمبادئ سياسة الكونفدرالية في ما يتعلق بتعزيز السلام في العالم.
لكن هذه المشاركة لا يمكن أن تتم بشكل متسرع لأنه المسألة تحتاج إلى تفكير معمّق وهو ما يعني (بشكل غير مباشر) إلى ضرورة تمكين مختبر سويسرا من الوسائل (المادية والبشرية) الضرورية لإنجاز مثل هذه المهمة خصوصا بعد أن أدت الإصلاحات التي أدخلت على نشاط وزارة الدفاع السويسرية إلى تراجع عدد العاملين في مختبر شبيتز من 117 شخصا إلى حوالي 80!
في المقابل، لم تتوقف سويسرا عن المساهمة بشكل أو بآخر في هذا المجال. فاستجابة لطلب من لجنة أونموفيك، احتضنت الكونفدرالية في بداية السنة دورة تدريبية نظمتها اللجنة الأممية لعدد من الخبراء – المفتشين على الرغم من عدم وجود أي عنصر سويسري فيها. ومن المنتظر أن يشارك أحد الخبراء العاملين في مختبر شبيتس في الدورة المقبلة التي ستنتظم في فيينا في شهر أكتوبر القادم.
على صعيد متصل، تستعد وزارة الدفاع لتوجيه قائمة مفصلة بالخدمات التي يمكن لسويسرا أن توفرها لمساعدة لجنة يونموفيك في عملها إلى وزارة الخارجية. وتشمل هذه القائمة وضع عشرة خبراء – مفتشين على أقصى تقدير على ذمة اللجنة وتمكينها من خدمات مختبرات شبيتز لتحليل محتمل لبعض النماذج الواردة من العراق وتقديم دعم لوجيستي وتمكينها من الإستعانة بعدد من المتخصصين في التقنيات التفاوضية.
عام على الأقل
على صعيد آخر، أدلى برونو بيللو (Bruno Pellaud) رئيس الرابطة السويسرية للطاقة النووية والمدير المساعد السابق للوكالة الدولية للطاقة النووية (مقرها فيينا) بحديث خاص إلى وكالة الأنباء السويسرية توقع فيها أن يحتاج المفتشون الدوليون إلى سنة كاملة من أجل إتمام مهمتهم على أحسن وجه على عين المكان.
وقال السيد بيللو إن الزيارات التي قام بها خبراء التفتيش عن الأسلحة التابعون للأمم المتحدة من عام 1991 إلى عام 1998 إلى عدد كبير من المواقع العراقية أكدت تفكيك منشآت نووية عراقية.
وآعتبر الخبير السويسري أن التقرير الذي قدمه رئيس الوزراء البريطاني يوم الثلاثاء الماضي عن قضية التسليح النووي في العراق “لم يأت بأي عنصر جديد” حول هذه الملف ورأى أنه استند إلى فرضيات تعود إلى آخر أنشطة خبراء اللجنة الدولية للطاقة النووية فوق الأراضي العراقية في عام 1998.
وهوّن السيد برونو بيللو من إشارة التقرير البريطاني إلى “إمكانية حصول النظام العراقي على السلاح النووي في ظرف عام أو عامين شريطة اقتناءه لموادّ انشطارية وفي ظرف خمسة أعوام في الحالة المعاكسة”، معتبرا أن هذه الآجال قصيرة جدا نظرا للصعوبات الجمة التي تحيط بكل العمليات المعقدة المرتبطة باقتناء هذه المواد الخاضعة لمراقبة صارمة جدا ثم لإجراءات تشبيعها في مصانع يعسُر إخفاؤها عن الأنظار.
سويس إنفو
مع احتمال عودة المفتشين الأمميين عن الأسلحة إلى العراق في الأسابيع القادمة، تشهد سويسرا بعض التحركات على هامش استعدادات لجنة إنموفيك التابعة للأمم المتحدة المكلفة بالتحقق من خلو العراق من الأسلحة النووية والجرثومية والكيماوية
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.