سويسرا تصُـون سرّها المصرفي
بعد 14 عاما من المفاوضات الشاقة، توصل الإتحاد الأوروبي إلى اتفاق رسمي على حزمة من الإجراءات الضريبية الهامة.
ومع أن سويسرا نجحت في الإحتفاظ بسريتها المصرفية، إلا أنه سيتوجب عليها إجراء خصومات مرتفعة من المصدر على فوائد ودائع الأوروبيين غير المُقيمين الموجودة لديها.
في أعقاب يوم شديد الإثارة، تمكن وزراء المالية في دول الإتحاد الأوروبي المجتمعين يوم الثلاثاء في اللوكسمبورغ، من إغلاق ملف الضريبة على المدخرات الصعب والشائك.
وقد سادت أجواء الإرتياح في سويسرا حيث تمكنت برن – بعد مفاوضات عسيرة ومضنية مع الإتحاد الأوروبي – من حماية مصالحها. وسوف تشارك سويسرا من الآن فصاعدا في المساعي الأوروبية لمكافحة التهرب الجبائي مع الحفاظ على سريتها المصرفية.
اقتطاع من المصدر
وطبقا للإتفاق الذي تم التوصل إليه يوم 6 مارس الماضي مع الإتحاد الأوروبي ستقوم برن بتنفيذ اقتطاع ضرائبي من الفوائد المترتبة على مدخرات مواطني دول الإتحاد غير المُـقـيمين في سويسرا المُودعة في المصارف والمؤسسات المالية السويسرية.
وسوف تبلغ قيمة الخصم في مرحلة أولى 15% لترتفع في مرحلة ثانية إلى 20% كي تصل إلى 35% بحلول عام 2011. وتتعهد سويسرا بتحويل 75% من إجمالي المبالغ التي تحصل عليها من خلال هذا الإقتطاع إلى البلدان الأصلية.
وتتمثل أهم نُقطة في هذه العملية في عدم تصريح السلطات السويسرية بهوية الأشخاص الذين سيخضعون لهذه الخصوم على مدخراتهم. وقد كان هذا هو الشرط الأساسي الذي وضعه السويسريون منذ انطلاق المفاوضات وسيُتيح آعتماده صون الكنفدرالية لسريتها المصرفية.
هذا ولا زال الإتفاق بين سويسرا والإتحاد الأوروبي في انتظار التوقيع عليه.
تبادل معلومات
في المقابل، سيُصبح تبادل المعلومات بين الدوائر الضريبية في بلدان الإتحاد الأوروبي القاعدة المعتدمة في التعامل مستقبلا.
فابتداء من غرة يناير 2005 سيتوجب على كل مواطني الإتحاد الذين لديهم ودائع مالية في بلد غير وطنهم الأصلي دفع ضريبة على عوائد مدخراتهم. وتأمل الدول الأوروبية بذلك استعادة المبالغ المالية الضخمة التي كان من المفترض أن تؤول إلى ميزانياتها الوطنية.
وتُجمع كل المصادر المعنية على أن المناقشات كانت عسيرة. ففي داخل الإتحاد كانت خزائن اللوكسومبورغ مستهدفة بشكل رئيسي، أما في بقية البلدان الأوروبية، فقد كانت البنوك السويسرية في “مرمى النار” مثلما يُقال.
وبعد سلسلة من التطورات المثيرة، توصلت البلدان الخمسة عشر إلى اتفاق رسمي يوم 21 يناير الماضي. ومع أن الهدف النهائي للإتفاق يظل تبادل المعلومات بين الإدارات المكلفة بجمع الضرائب في دول الإتحاد، إلا أن ثلاث دول أوروبية وهي اللوكسمبورغ وبلجيكا والنمسا نجحت في الحصول على حق ممارسة نظام الإقتطاع من المصدر أُسوة بسويسرا.
لذلك فلن تُشارك هذه الدول الثلاث في عملية تبادل المعلومات ما لم تلتزم بلدان أخرى من خارج الإتحاد – وسويسرا بوجه خاص – بنفس الشيء. أما الأراضي المرتبطة أو التابعة للإتحاد الأوروبي فسوف يتوجب عليها تطبيق إجراءات مماثلة.
آرتياح لآختراق حاسم
الرئاسة اليونانية – التي نجحت في وضع نهاية لملف استمر الجدل حولة سبع سنين كاملة- وأعضاء المفوضية الأوروبية كانوا مساء الثلاثاء في قمة السعادة. ووصف وزير المالية اليوناني ما حدث بـ “آختراق تشريعي حاسم”.
من جانبه، عبر المفوض ألأوروبي فريتز بولكشتاين – الذي تفاوض على الإتفاق مع سويسرا – عن سروره للقرار وآعتبر أن هذه النتيجة تُـقيم الدليل على أن”الإتحاد قادر على الوصول إلى حيث يُريد”.
البنوك السويسرية عبرت أيضا عن مشاعر الإرتياح. وشددت الرابطة السويسرية للمصرفيين على أن حيثيات القرار تسمح بالحفاظ على السرية المصرفية التي تشتهر بها الكنفدرالية.
ومن المتوقع أن يبدأ العمل بالقانون الأوروبي الجديد في مُفتتح شهر يناير 2005 وهو أجل اعتبره متحدث باسم الرابطة السويسرية للمصرفيين بأنه “ليس بعيدا جدا”. وأضاف توماس سوتر: “يجب على البنوك السويسرية والأوروبية أيضا إنجاز الكثير من العمل حتى يكون كل شيء جاهزا”.
وتشير مصادر الرابطة إلى أن التكلفة النهائية لاعتماد هذا القانون الأوروبي الجديد من طرف المصارف السويسرية سوف تناهز المائة مليون فرنك كما أن الجزء الأكبر من النفقات سيتعلق بالتحويرات التي يجب إدخالها على الأنظمة المعلوماتية الحالية.
سويس إنفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.