سويسرا تـعارض عقوبة الإعدام من حيث المبدأ
نفّذت ولاية تكساس الأمريكية يوم الأربعاء 21 أغسطس، حكم الإعدام الأربعمائة منذ أن أعيد العمل به في الولايات المتحدة.
وندّدت أوروبا بالحادث، في حين اكتفت سويسرا بالتذكير بموقفها المبدئي الرافض للإعدام.
تحظر قوانين الاتحاد الأوروبي الحكم بالإعدام، وكذلك الأمر في سويسرا. ومن المتوقع، أن يكون الموضوع على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الخريف، حيث ستتم المطالبة بتعليق العمل بحكم الإعدام في جميع الدول الأعضاء.
وأعلن يوم الأربعاء في سجن هانسفيل بالتكساس، على الساعة السادسة مساء وعشرين دقيقة بالتوقيت المحلي (الخميس، الواحدة فجرا وعشرون دقيقة بتوقيت سويسرا)، عن إعدام جونّي كونر، البالغ من العمر32 سنة بواسطة ثلاث حقنات تؤدي الأولى إلى تنويمه والثانية إلى شل حركته والثالثة إلى توقف دقات قلبه، وكانت ثمان دقائق كافية لإعلان وفاته.
وتعود وقائع الحادثة إلى يوم 17 مايو 1998، حين أطلق هذا الشاب الأسود النار على عاملة بمحطة بنزين فأرداها قتيلة. وخلال محاكمته، كانت أقل من ساعة كافية لإعلانه مذنبا، تلتها خمس دقائق للحكم عليه.
وبإعدام جوني كونر يوم 21 من الشهر الجاري، يبلغ عدد الذين نُـفّذ فيهم حكم الإعدام بولاية تكساس منذ أن أعادت المحكمة العليا العمل بهذه العقوبة سنة 1976، أربعة مائة شخص، وهو ما يعادل ثلث مجموع الإعدامات التي نفّذت في البلاد منذ ذلك التاريخ.
ولم يثر الحدث ردود أفعال تُـذكر في الولايات المتحدة، ولم تُـشر له أغلب وسائل الإعلام الوطنية، التي اعتادت الاكتفاء بالإشارة فقط إلى حالات إعدام أصحاب الجرائم الكبرى.
“تدخل فيما لا يعنيك، تسمع ما لا يرضيك”
أما في أوروبا، فقد انتهزت البلدان السبعة والعشرون، الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، المناسبة للتذكير بمعارضتها المطلقة لحكم الإعدام، وناشدت حاكم تكساس تعليق العمل به.
ولم يتأخر الجواب، حيث نُـشر بيان على موقع حكومة تكساس، جاء فيه: “نحن أهل تكساس، ارتأينا منذ زمن طويل أن عقوبة الموت عقابا عادلا ومناسبا لمرتكبي الجرائم البشعة (…) وهم يُـعربون عن احترامهم البالغ لأصدقائهم الأوروبيين، لكنّهم قادرون على تدبير شؤون ولايتهم بمفردهم”.
وفي سويسرا، اكتفت السيدة مانون شيك، الناطقة باسم منظمة العفو الدولية بالقول: “لا يمكننا التعليق على كل عملية إعدام تنفذها الولايات المتحدة، لأنها كثيرة ومتكررة”.
وربما يكون من المفيد التذكير بأن أمريكا لا تحتل المرتبة الأولى في هذا المجال، إذ تتقدمها الصين بأشواط، بعد أن قدّر أحد قضاتها عدد حالات الإعدام بثمان آلاف حالة في السنة.
وتقول مانون شيك: “ننتظر من سويسرا موقفا حازما خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر، حينما يُـطرح للنقاش مشروع يطالب بإيقاف العمل بحكم الإعدام”.
وتأمل منظمة العفو الدولية أن تستثمر برن علاقاتها الجيدة مع بعض البلدان، خاصة في إفريقيا وآسيا الوسطى، لإقناع الجمعية العامة بتبنّـي ذلك المقترح.
وتذكّر كارين كاري من قسم العلاقات الخارجية برسالة ميشلين كالمي – ري إلى المؤتمر العالمي الأوّل، المناهض لحكم الإعدام الذي انعقد في فبراير بباريس، جاء فيها: “إن الحق في الحياة هو أول الحقوق الأساسية الإنسانية (…) ويجب أن يتوقف العمل بحكم الإعدام، لأنه مناقض للقِـيم الإنسانية”.
لكن، ليس بإمكان الناطق الرسمي الكشف مُـسبقا عن المواقف التي ستتخذها سويسرا داخل مؤسسات الأمم المتحدة.
أبريـاء يــُقتـلون
يتساءل جاك سكريتون، صحفي من سويسرا الناطقة بالفرنسية، معارض بشدة لعقوبة الإعدام ومؤسس لجمعية “حياة في خطر”، وهو معروف بعدم انضباطه للأعراف الدبلوماسية ويقوم حاليا بإعداد تحقيق حول دابرا جان ميلك، سجينة أمريكية محكوم عليها بالإعدام في قضية من الثابت براءتها منها.
ويعتقد هذا الإعلامي أن قضية المحكوم عليهم وهم أبرياء، لا تلقى الاهتمام الكافي، خاصة في الولايات المتحدة، “حيث تعتقد الغالبية أنه من غير المعقول تصوُّر مجرد حصول ذلك”.
وجاك سكريتون، هو أيضا مؤلف كتاب ومخرج فيلم حول المحكوم عليهم في الولايات المتحدة، ويقول هذا الأخير غاضبا: “إنه من المُـدهش اكتشاف عدد الحالات التي عُـولجت بطريقة غير مِـهنية بالمرّة من طرف الشرطة ووزارة العدل، وهو ما أودى بأصحابها ظلما إلى الموت”، ثم يضيف: “لأن المهم بالنسبة إليهم، ليس القبض على الجاني، بل العثور على شخص يمكن أن يلبّـس التهمة، وذلك من أجل طمأنة الرأي العام وإظهار الحزم في مواجهة الجرائم”.
وبرّأت المحاكم الأمريكية قُـرابة 130 متّـهما حكِـم عليهم بالإعدام، وذلك في آخر اعتراض لهم. ويُـلفت جاك سكريتون النظر إلى أن “130 حالة من مجموع 1.100 مُـدان، يعني أن هناك بريء أو أكثر من ضمن 10 مُـدانين، إنه لأمر خطير جدا”.
وينتظر هذا الصحفي أيضا موقفا صارما من بلده ضد حكم الإعدام الذي وصفه بـ”ممارسة تنتمي لعصر آخر”.
مارك أندري ميزري – سويس إنفو
(ترجمه من الفرنسية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)
توجد اليوم 130 دولة تحظر قوانينها حكم الإعدام، في حين تستمر 67 دولة في العمل به. وبين هذه وتلك، تتراوح مواقف الدول.
أحصت منظمة العفو الدولية سنة 2006 ما قدره 1591 عملية إعدام في 25 دولة وصدور 3861 حكم بالموت في 55 بلدا. وتتركز نسبة 91% من هذه الإعدامات في ستة دول، هي الصين وإيران وباكستان والعراق والسودان والولايات المتحدة.
واعتمادا على وثائق رسمية، تقدر منظمة العفو الدولية أن عدد الأشخاص الذين أعدِموا في الصين خلال السنة الماضية، يبلغ 1010 شخصا، ولكن المعلومات التي جمعها أحد القضاة الصينيين، بالاستناد إلى معلومات من الجهاز القضائي والمسؤولين السياسيين المحليين مباشرة، تضاعف العدد إلى ثمان مرات، وتُـعد هذه الإحصاءات من أسرار الدولة.
أما في سويسرا، فقد قرر البرلمان، بعد نقاش محتدم، حظر حكم الإعدام بالنسبة لجرائم الحق العام سنة 1937، وقد أقرّ هذا التعديل للقانون الجنائي في استفتاء شعبي في يوليو 1938، وصوّت لصالحه 53.5%، ودخل الحظر حيِّـز النفاذ في 1 يناير 1942.
ونفّـذ آخر حكم إعدام مدني في 18 أكتوبر 1940 بسارنن في كانتون أوبفالد، بسبب جريمة قتل فيها ثلاث أشخاص، في حين ظل العمل بحكم الإعدام في القانون العسكري، وحكم على 30 جنديا سويسريا بالإعدام خلال الحرب العالمية الثانية، ونفّـذ مباشرة في 17 جنديا منهم، ولم يُـلغ البرلمان هذا الاستثناء العسكري إلا في 20 مارس 1992، ومنذ ذلك الحين، تنص الفقرة الأولى من المادة 10 من الدستور الفدرالي على أن: “كل إنسان له الحق في الحياة ويمنع الحكم بالإعدام”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.