سويسرا جادة في ملاحقة الإجرام الجنسي
بدأت سويسرا سابقة دولية في بلدن شرق آسيا. فلأول مرة في تاريخ تلك المنطقة سيتم إرسال ضابط شرطة سويسري للاستقرار والعمل في تايلاند.
مهمة الملحق البوليسي هي تعقب السويسريين ممن يقبلون على صناعة الجنس الآسيوية، لاسيما ما يتصل منها بالاستغلال الجنسي للأطفال.
لولا الأعداد المتزايدة من السويسريين التي تتوجه إلى بلدان شرق آسيا بهدف قضاء “عطلة جنسية”، ما استدعت الحاجة تعيين ملحق بوليسي في السفارة السويسرية في بانكوك. ولولا التعديلات التي أدخلها البرلمان السويسري على قوانين ملاحقةِ ومعاقبةِ مرتكبي جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال، ما تهيأأ المجال فعلاً لإرساله خارج سويسرا.
سيبدأ الملحق البوليسي عمله في السفارة مع مطلع فصل الربيع القادم. وإلى ذلك الحين، سيتلقى دورة تدريبية تُمكنه من اكتساب المهارات الضرورية للتعامل مع هذه الفئة من الجرائم ضمن بيئتها المحلية. لكن قرار تعيينه في الأساس يعكس رغبة جدية من قبل السلطات السويسرية في ملاحقة ومعاقبة من ينتهك براءه الأطفال من المواطنين… أينما كانوا.
العبرة ليست بالأعداد المسجلة..
كم عدد السويسريين المتورطين في السياحة الجنسية؟ يبدو المكتب الفدرالي للشرطة عاجزا عن تقديم إحصائيات دقيقة حول هذا السؤال. بل إن التقديرات التي وثقها تثير الاستغراب. ففي عام 2000 على سبيل المثال، ووفقا لتقريره “المشهد السويسري” للعام نفسه، تم تسجيل ثمان حالات فقط، قُبض فيها على سويسريين متهمين بتعاطي الجنس مع الأطفال في الخارج.
هذا لا يعني غياب الإقبال على السياحة الجنسية. على العكس من ذلك، يحذر المكتب من اتخاذ هذه التقديرات دليلا على صغر حجم المشكلة. فمواطنو الدول الغنية، كما يشير التقرير، يقبلون على تجارة الجنس في البلدان النامية لما توفره من إمكانيات محظورة. والسويسريون لا يشكلون استثناءا في هذا الشأن.
يضرب التقرير مثلاً بقضية زوجين سويسريين، قُبض عليهما في الهند عام 2001، بتهمة ممارسة الجنس مع أطفال، وتصويرهم في أوضاع مخلة. وأشارت التحقيقات إلى أنهما زارا الهند في الماضي أكثر من عشر مرات. وعند الأخذ بهذا الجانب في الاعتبار، يقول التقرير، “إن الإحصائيات المعلنة عن عدد السويسريين المتورطين في جرائم جنسية ضد الأطفال لا تمثل سوى القمة من جبلٍ ثلجي”.
تعديلات قانونية .. ضرورية!
ولأن المشكلة قائمة، كان لابد من مواجهتها في عقر دارها. لكن القوانين العقابية المتصلة بهذا الشأن كبلت في الماضي أيدي السلطات السويسرية، ومنعتها من اتخاذ إجراءات جدية.
بصورة أكثر تحديدا، شكلت المادة رقم 6 من القانون الجنائي عقبة كأداء أمام ملاحقة المواطنين الذين يرتكبون جرائم جنسية في الخارج، حيث اشترطت لمعاقبتهم أن ينص قانون الدولة الأجنبية على عقاب هذا النوع من الجرائم، وهو النص الغائب في قوانين الكثير من بلدان شرق آسيا، باستثناء تايلاند والهند.
ولأن هذا الشرط يبدو تعجيزيا وأتاح الفرصة بالفعل للكثيرين لاستغلال القصور فيه، فقد عمد البرلمان السويسري مؤخرا إلى إلغاءه لتحل المادة رقم 5 محله. وتنص هذه المادة على ملاحقة وتعقب كل مواطن يرتكب جريمة جنسية يعاقب عليها القانون السويسري أينما كان، وبغض النظر عن طبيعة القوانين المعمول بها في الدولة الأجنبية. بكلمات أخرى، أصبح للقانون السويسري ومواده العقابية الأسبقية على أي قانون أجنبي أخر في مكافحة السياحة الجنسية.
وبهذا التعديل، أطلق البرلمان يد الشرطة لتعقب رواد السياحة الجنسية المحظورة. وأحكمت السلطات السويسرية الخناق أكثر بأن أصدرت القرار بتعيين الملحق البوليسي في السفارة ببانكوك. فوجوده ضروري، كما يؤكد المكتب الفدرالي للشرطة، لجمع الأدلة واستجواب الشهود وتبادل المعلومات مع السلطات المحلية.
ولذلك، ليس من المستبعد، حسب قناعة السلطات الأمنية، أن ترتفع أعداد المقبوض عليهم من السويسريين ممن يقبلون على السياحة الجنسية بصورة ملحوظة مع مقدم الربيع القادم، وهو توقع لن يلق سوى الترحيب، عساه لو تحقق أن يذيب بعضا مما يختفي وراء قمة الجبل الثلجي.
إلهام مانع – سويس إنفو
قررت السلطات السويسرية تعيين ملحق بوليسي في سفارتها ببانكوك لمكافحة السياحة الجنسية، وبالتحديد المتعلق منها بالاستغلال الجنسي للأطفال.
من المنتظر أن يبدأ ضابط الشرطة عمله في بداية الربيع القادم.
سيقوم الضابط بتبادل المعلومات مع قوات الشرطة المحلية.
تسمح القوانين السويسرية الجديدة بمحاكمة من يستغلون الأطفال جنسيا من السويسريين بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة ( في سويسرا وخارجها).
لدى سويسرا خمس ملحقين بوليسيين أخرين يعملون في أوروبا والولايات المتحدة، لكنها المرة الأولى التي يتم فيها تعيين مثل هذا النوع من الموظفين في بلد آسيوي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.