سويسرا هيأت الأجواء لاعتماد شارة ثالثة
افتتحت وزيرة الخارجية السويسرية صباح الإثنين في جنيف المؤتمر الدبلوماسي لحركة الهلال والصليب الأحمر الذي قد يسفر عن اعتماد شارة ثالثة بما يضع حدا لجدل بخصوص انضمام جمعية الإسعاف الإسرائيلية.
هذه الخطوة التي تعثرت عدة مرات هيأت لها سويسرا الظروف هذه المرة عبر إبرام اتفاق بين جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية وجمعية نجمة داود الإسرائيلية.
تشهد جنيف يومي 5 و6 ديسمبر انعقاد المؤتمر الدبلوماسي لحركة الهلال والصليب الأحمر بمشاركة ممثلي البلدان الـ 192 الموقعين على معاهدات جنيف وبحضور ممثلي 185 جمعية وطنية للهلال والصليب الأحمر.
هذا الاجتماع (الذي كان من المفترض عقده يومي 25 و 26 أكتوبر من عام 2000، وتأجل بسبب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية)، يهدف بالدرجة الأولى الى حل مشكلة اعتماد شارة ثالثة تضاف الى شارتي الهلال او الصليب الأحمر وتسمح للجمعيات غير الراغبة في استعمال الشارتين السابقين باستخدام شارة الماسة الحمراء أي ذلك المربع الأحمر على خلفية بيضاء والمنتصب على ركن من أركانه والذي يمكن أن يوضع بداخله أي شعار لحركات إسعاف وطنية غير معترف بها حاليا.
وإذا كان موضوع اعتماد شارة ثالثة او حل مشكلة الاعتراف بجمعيات إسعاف وطنية لا ترغب في استخدام شارتي الهلال او الصليب الأحمر قد ظل مطروحا لأكثر من خمسين عاما، فإن معنى ذلك أن الظروف لم تكن مهيأة في كل مرة يطرح فيها الموضوع للنقاش من أجل التوصل الى إجماع بهذا الخصوص.
هذه المرة، حاولت الدبلوماسية السويسرية تجنب هذه العقبات وحلحلتها قبل الدعوة الرسمية لانعقاد المؤتمر الدبلوماسي.
هل الظروف مهيأة هذه المرة؟
بدت الدول العربية والإسلامية على أنها هي التي تعارض اعتماد شارة ثالثة من خلال معارضتها لعقد مؤتمر دبلوماسي في الوقت الحالي مستندة في ذلك إلى توصية صادرة عن اجتماع وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في صنعاء.
ولكن الأمين العام للمنظمة العربية لجمعيات الهلال والصليب الأحمر عبد الله محمد الهزاع صرح لسويس إنفو بعد لقائه بمسئولي حركة الهلال والصليب الأحمر في جنيف في شهر مايو الماضي، بأن “هناك إجماع دولي، ومن ضمنه إجماع عربي على اعتماد شارة ثالثة”. وهذا الإجماع نابع من قرارات المؤتمر الدبلوماسي للحركة الذي انعقد في جنيف في العام 2003.
لكن السيد الهزاع أوضح في تلك المناسبة بأن الرسالة الموجهة للجهات السويسرية الساهرة على تنظيم المؤتمر الدبلوماسي أوضحت بأن “الدول العربية لها بعض المطالب، وأنها تربط عقد المؤتمر الدبلوماسي بملائمة الظروف الإنسانية في الشرق الأوسط وبالتحديد في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.
في هذا السياق، بدا قرار الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في نظر الكثيرين على أنه “بداية تحسن للأوضاع في الأراضي المحتلة” وتم الترويج له على أنه “انفراج مهم” لفتح صفحة جديدة في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية.
وقد كثفت الدبلوماسية السويسرية تحركاتها لإقناع الدول العربية المؤثرة بالعدول عن المعارضة لعقد المؤتمر كما نجحت في إقناع الأطراف المعنية مباشرة (أي حركة الهلال الأحمر الفلسطيني وحركة نجمة داود الإسرائيلية) بإبرام إعلان مبادئ تم توقيعه يوم 28 نوفمبر الماضي (أي قبل أسبوع من انعقاد المؤتمر الدبلوماسي) في جنيف يحدد بوضوح الالتزامات الإنسانية والحيز الجغرافي لعمل كل من الجمعيتين الفلسطينية والإسرائيلية.
وقد يعتبر الاتفاق المبرم بين الجمعيتين الفلسطينية والإسرائيلية وبتزكية من السلطات السياسية في كل من إسرائيل والأراضي الفلسطينية، بمثابة رد على المطالب الداعية الى “تحسين الظروف الإنسانية في الشرق الأوسط والأراضي الفلسطينية المحتلة على وجه الخصوص”. كما أنه قد يزيل أية ذرائع أمام معارضة جماعية عربية تحتمي ورائها بعض الدول العربية دون التجرؤ على التعبير عن مواقفها علانية.
وفيما ينتظر المراقبون مواقف بعض الدول (مثل سوريا) خلال هذا المؤتمر الدبلوماسي لمعرفة ما إذا كان اعتماد شارة الثالثة سيتم بالإجماع أم باللجوء الى التصويت، تحبذ سويسرا “اعتماد البروتوكول الثالث بالإجماع”، مثلما جاء على لسان وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري.
ضغوط أمريكية
في المقابل، يبدو أن العامل الذي كان الأكثر حسما في تهيئة الظروف للتسريع باعتماد الشارة الثالثة، تمثل في الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية من أجل عقد هذا المؤتمر الدبلوماسي قبل نهاية عام 2005.
فقد قررت جمعية الصليب الأحمر الأمريكية في عام 1999، وفي حركة تضامنية مع حركة نجمة داود الإسرائيلية، وقف تسديد اشتراكها في الحركة الدولية ما لم يتم حسم مشكلة الشارة او حسم قضية انضمام نجمة داود إلى الحركة الدولية للهلال والصليب الأحمر.
ومع تعقد إيجاد حل لموضوع الشارة وتداخل الكثير من الأحداث بما في ذلك اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى ثم الثانية، وجدت حركة الصليب الأحمر الأمريكية نفسها أمام احتمال إقصائها من الحركة الدولية إذا ما توقفت عن دفع مستحقاتها لأكثر من خمسة أعوام.
وتفاديا للوصول الى هذا المأزق، مارست الولايات المتحدة الكثير من الضغوط بهدف تسوية المشكل قبل نهاية العام الجاري.
إن غياب جمعية الصليب الأحمر الأمريكية يُفقد ميزانية حركة الهلال والصليب الأحمر حوالي سبعة ملايين دولار سنويا كان المبرر الذي ساهم في إقناع العديد من الدول بضرورة التوصل الى حل مقبول لمسألة الشارة الثالثة إلى جانب ما سجل من “انفراج نسبي” للأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
الماسة الحمراء
إذا ما اعتمد المؤتمر الدبلوماسي في اجتماعي 5 و6 ديسمبر، الشارة الثالثة سيصبح بإمكان الجمعيات غير المعترفة بشارتي الصليب والهلال الأحمر استخدام شارة الماسة الحمراء التي توضع بداخلها أية شارة وطنية مثل نجمة داود بالنسبة لإسرائيل التي لا يعترف بشعارها، او كشعار بديل عن الصليب او الهلال الأحمر بالنسبة لدول مثل إثيوبيا التي لا ترغب في استعمال لا الصليب ولا الهلال.
وقد تم اختيار شعار الماسة من بين اكثر من 40 شعارا لكونه لا يوحي بأية مدلولات دينية كما أنه يحمل باللغات الرسمية للحركة نفس الحرف الأول للصليب الأحمر او الهلال الأحمر.
وإذا ما لم يتم التوصل الى إجماع بخصوص اعتماد الشارة فإن اللجوء الى التصويت يتطلب موافقة ثلثي الدول الأعضاء. وبعد مرور ستة أشهر على مصادقة دولتين، يتم اعتماد الشارة الجديدة رسميا.
محمد شريف – سويس إنفو – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.