“سويسرا هي نحن وكـُل من يعيش فيها”
تحت هذا الشعار، ينظم تحالف "بدوننا لا تسير الأمور" مظاهرة يَتوقّع أن تكون حاشدة يوم السبت 18 يونيو في العاصمة الفدرالية برن بمناسبة تخليد اليوم الوطني للاجئ.
ويطالب التحالف الذي يضم عشرات الجمعيات والمنظمات والأحزاب المدافعة عن حقوق الأجانب واللاجئين إلى “وقف معاداة الأجانب” و”وقف سياسة بلوخر” وزير العدل والشرطة.
افتتحت المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين يوم الجمعة 17 يونيو في العاصمة برن فعاليات إحياء اليوم الوطني للاجئ (18 يونيو) بندوة تحت عنوان “اللجوء: حق إنساني!” بمشاركة مجموعة من الكتاب والصحفيين. وتتواصل فعاليات المنظمة إلى يوم 20 يونيو الذي يصادف تخليد اليوم العالمي للاجئ.
ويذكر أن المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين هي التي بادرت قبل 25 عاما بتحديد ثالث سبت من شهر يونيو يوما وطنيا للاجئ بهدف التذكير بأوضاع اللاجئين في سويسرا.
وقد جاءت ندوة يوم الجمعة عشية المظاهرة التي يُنظمها بعد ظهر السبت في برن تحالفُ “بدوننا لا تسير الأمور” بمشاركة زهاء 100 من الجمعيات والمنظمات والأحزاب المدافِعة عن حقوق الأجانب واللاجئين والمناهِضة للتمييز بكافة أشكاله.
ويبدو جليا من خلال الشعارات التي يرفعها المشاركون في المظاهرة -التي يتوقع التحالف أن تكون حاشدة- أن سياسة اللجوء للكنفدرالية باتت مبعث قلق وحتى خجل بالنسبة للسويسريين المعارضين لسياسة وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر (من حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد).
الأرقام تتحدث عن نفسها
فمنذ التحاقه بالحكومة الفدرالية في الفاتح من يناير 2004، طبق السيد بلوخر كثيرا من التعهدات التي قطعها على نفسه قبل انتخابه، مثل حرمان طالبي اللجوء الذين تقرر السلطات عدم النظر في طلباتهم من المساعدات الإجتماعية.
وبموجب هذا القرار الذي اتخذ في إطار تخفيف نفقات الكنفدرالية والذي أصبح ساري المفعول منذ 1 أبريل 2004، أصبحت مهمة تقديم المساعدات المُلحة -أي الأسِرة والأغذية- لهذه الفئة من اللاجئين من مسؤولية الكانتونات في انتظار مغادرة المرفوضين للتراب السويسري. وهو قرار مازال يثير انتقاد وامتعاض العديد من المنظمات المعنية بحقوق اللاجئين داخل الكنفدرالية وخارجها.
ومن إجراءات السيد بلوخر أيضا الذي يبرر دائما مواقفه بالتصدي للانتهاكات وتخفيض النفقات في مجال اللجوء، الإسراع في معالجة طلبات اللجوء، وتنفيذ قرارات سلطات اللجوء بأسرع وقت ممكن، وعدم التساهل مع اللاجئين القادمين من بلدان تعتبرها سويسرا “آمنة”…
خلاصة القول، نجحت سياسة اللجوء السويسرية اليمينيةِ البصمات في نشر انطباعٍ تجاوز حدود الكنفدرالية وفزعٍ أقنع لاجئين كثيرين بعدم الاقتراب من ترابها: سويسرا لم تعد تلك الأرض المضيافة والدولة التي طالما اشتهرت بتقاليدها الإنسانية تجاه اللاجئين.
وتتَرجمُ أرقامُ المكتب الفدرالي لشهر مايو الماضي هذا الانطباع على أرض الواقع إذ يظهر بوضوح أن سياسة التشديد والتضييق اليمينية أتت ثمارها. فعدد طلبات اللجوء تراجعت بنسبة 24,8% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي. كما انخفض العدد الإجمالي لطالبي اللجوء واللاجئين بنسبة 14,4% ليتراجع إلى 74461 في نهاية شهر مايو 2005 مقارنة مع 86979 في نفس الفترة من عام 2004.
من أجل “جبهة مُشتركة وموحدة”
ولم تقف السياسة اليمينية عند حد فرض المزيد من الإجراءات التشددية على اللاجئين، بل تجاوزتها إلى إثارة مشاعر الخوف من اللاجئ في صفوف المواطنين، وذلك عبر شن حملات دعائية شعواء تُظهر اللاجئ والأجنبي على حد سواء كخطر على الأمن وعلى مواطن العمل في سويسرا.
وقد أثارت العديد من تلك الحملات التي سبقت استفتاءات شعبية تتعلق بحقوق الأجانب أو اللاجئين صدمة الكثير من المقيمين في سويسرا، سواء من أبناءها أو من ضيوفها. ومن تم جاءت بادرة تحالف “من دوننا لا تسير الأمور” لتنظيم مظاهرة يوم السبت 18 يونيو في محاولة للتصدي لموجة العداء للأجانب ولسياسة وزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر.
وكتب التحالف بالخطوط العريضة على المنشور الذي يدعو كافة المواطنين والمقيمين في سويسرا إلى الانضمام للمظاهرة: “كفى لمعاداة الأجانب” و”كفى لسياسة بلوخر”. وتحت عنوان “نحن سويسرا وكل من يعيش فيها”، يقول التحالف: “بغض النظر عن أصولنا وجوازات سفرنا ووضع إقامتنا القانوني، نحن -كل من يقيم في سويسرا نساء ورجالا- نمثل سويسرا، سويسرا التي تجد هويتها في السعي إلى الديمقراطية، وفي تجسيم مُثُل حقوق الإنسان، وفي تعدد ثقافاتها”.
وفي انتقاد شديد لسياسة بلوخر، قال التنسيق الوطني للبدون (أي الأشخاص الذين لا يتوفرون على أوراق إقامة شرعية): “إن إجراءات التضييق، مثلما ينص عليها القانون الجديد سواء المتعلق بالأجانب أو باللجوء، تتبع منطقا خطيرا ومؤذيا (…) ولم تعد الإجراءات المُقيـّدة تمس طالبي اللجوء، والبشر من أصول أخرى، بل أيضا من يمكن أن نسميهم مواطنين سويسريين من الطبقات المتوسطة والدنيا في بلدنا. هذه هي إذن السياسة التي يريدها بلوخر، والتي سنحتج ضدها يوم 18 يونيو. سنحاربه بوقفتنا التضامنية (…) حان الوقت لتشكيل جبهة مشتركة وموحدة”.
شباب سئم من “الفاشية الجديدة”
أما “الشباب الاشتراكي السويسري”، فقد عبر عن عدم تحمله بعد “للسياسة المعادية للأجانب” قائلا: “إن أقصى اليمين يريد إقناع شريحة من الشباب بأن “الأجنبي” متهم بكل السيئات ويجب محاربته. فهو يريد من خلال حملات تنشر الكراهية التقليل من شأن ظاهرة العداء للأجانب لتقنيع أفضل للتفكك الاجتماعي الذي هو بصدد تنظيمه”.
وبعد التنويه إلى أن العنصرية اخترقت أبواب المدارس، أضاف الشباب الاشتراكي “سئمنا من حملات الفاشية الجديدة التي يفرضها علينا حزب الشعب السويسري. لمعارضة عنصرية الدولة هاته، نطالب بمنح إمكانيات إضافية للمدارس لتسهيل الاندماج، وتطوير الدروس في اللغات والثقافات الأخرى. كما نطالب بظروف حياة كريمة للمهاجرين الذين فروا من بلدانهم والذين لديهم الحق في اللجوء”.
من جانبها، أشارت منظمة “أتاك” السويسرية لمناهضة العولمة إلى أن أوضاع الهجرة واللجوء واندماج الأجانب في الكنفدرالية لم تكف عن التدهور منذ بضعة سنوات. وأوضحت في هذا الشأن أنه منذ انضمام السيد بلوخر إلى الحكومة “بدأ طالبو اللجوء يجدون أنفسهم محرومين من الحقوق الأساسية” بينما “يعاني المهاجرون عموما يوما بعد يوم من سياسة معادية للأجانب”.
وفي سياق متصل، أوضح “منتدى التفكير والعمل لمكافحة العنصرية المعادية للسود” أن سويسرا سجلت في السنوات الأخيرة تصاعد الممارسات العنصرية والعنيفة من قبل الشرطة ضد السود الذين وصفتهم بـ”الحلقة الضعيفة في سويسرا”.
“درجة الصفر في سياسة اللجوء!”
وبمناسبة إحياء ذكرى اليوم الوطني للاجئ، كتبت السيدة بويل سامبوك نائبة اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية، نصا شاركت به في الندوة التي عقدتها المنظمة السويسرية لمساعدة اللاجئين يوم الجمعة في برن. وتميز نص السيدة سامبوك -الذي نُشر في بعض وسائل الإعلام قبل بضعة أيام- بلهجة انتقاد لاذع وصريح يجسد القلق المتزايد في صفوف المعارضين لسياسة اللجوء الحالية.
وتستهل السيدة سامبوك انتقاداتها كالتالي: “سجل يوم 17 مارس (2005) درجة الصفر في تاريخ سياسة اللجوء في بلادنا. ففي ذلك اليوم، دخلت سويسرا في حالة من التراجع على مستوى حقوق الإنسان. ففي غياب أي تهديد على البلاد، وفي وقت انخفضت فيه طلبات اللجوء إلى أدنى مستوى، صادق مجلس الشيوخ على تشديد غير مسبوق لقانون اللجوء”.
وتنوه نائبة رئيس اللجنة الفدرالية لمناهضة العنصرية إلى أن التضييق الذي يحد من الحريات الأساسية لطالبي اللجوء واللاجئين في سويسرا قد يطال ميادين أخرى إذا ما لم يتم التصدي له.
ولدى استرجاع ذكرى سويسرا، “بلد واجب الضيافة وحماية المضطهدين بعد الحرب العالمية الثانية”، الذي تحول إلى بلد ينتشر فيه الخوف من اللاجئ والأجنبي من جراء “الملصقات الإعلانية الكاذبة والمعادية للأجانب”، كتبت السيدة سامبوك: “في مجال اللجوء، يبدو أن خطابات التحريض على الكراهية الإثنية والدينية، وخاصة تجريم الأشخاص السود، حصلت على الوقت الكافي لنشر سُمِّها، حتى على مستوى إدارة الكانتونات والإدارة الفدرالية. ويبلغ ذلك (التحريض) ذروته في كل حملة (تسبق الاستفتاءات الشعبية)”.
ولم تتردد كاتبة النص في الإعراب عن قناعتها بأن ما وصفته بـ”الأحكام المسبقة العنصرية والاستيهامات المرتبطة باختلاط الأجناس والصفاء الثقافي كانت ولا تزال، بشكل شعوري أو غير شعوري، أسباب هامة لتشديد سياسة اللجوء الرسمية”.
إصلاح بخات – سويس انفو
أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يوم 17 يونيو 2005:
أن الإحصائيات الشاملة للاجئين قد تراجعت بنسبة 4% في عام 2004 لتصل إلى 9,2 مليون لاجئ، أي أدنى عدد منذ زهاء ربع قرن.
في المقابل، أظهرت الإحصائيات السنوية للمفوضية -التي نُشرت بمناسبة تخليد اليوم العالمي للاجئ (20 يونيو)- أن عدد الأشخاص النازحين والذين لا يتوفرون على أية جنسية في تزايد مستمر.
في سويسرا، يحتفل منذ 25 عاما باليوم الوطني للاجئ كل ثالث سبت من شهر يونيو.
حسب معطيات المكتب الفدرالي للهجرة: تراجعت طلبات اللجوء في شهر مايو بنسبة 24,8% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي.
كما تراجع العدد الإجمالي لطالبي اللجوء واللاجئين بنسبة 14,4% لينخفض إلى 74461 في نهاية شهر مايو 2005 مقارنة مع 86979 في نفس الفترة من عام 2004.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.