سويسرا وحقوق الإنسان من منظور منظمة العفو الدولية
كان الاجتماع السنوي للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية الذي انعقد مؤخرا في برن فرصة لتقييم أوضاع حقوق الإنسان في سويسرا، وجلب الانتباه إلى قضايا تشغل بال المنظمة مثل الألعاب الأولمبية في الصين.
هذا اللقاء الذي خلد الذكرى الـ 60 لإصدار الميثاق الدولي لحقوق الإنسان كان فرصة أيضا بالنسبة لوزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري، التي حضرت الاجتماع، للإعلان عن الشروع أخيرا في خطوات عملية من أجل إقامة مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في الكنفدرالية.
عقد الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية اجتماعه السنوي يومي الجمعة 18 والسبت 19 أبريل في العاصمة الفدرالية برن بحضور الأمينة العامة للمنظمة إيرين خان ووزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري، وبمشاركة حوالي 400 عضو، وذلك في إطار الاحتفال بمرور 60 عاما على إصدار الميثاق الدولي لحقوق الإنسان.
هذا الاجتماع كان فرصة لتقييم حصيلة حقوق الإنسان في سويسرا، كما كان فرصة لتوضيح موقف المنظمة من بعض الملفات مثل الزيارة الأخيرة للوزيرة كالمي – ري لإيران، وما ينتظر من بلد مثل سويسرا ومن اللجنة الأولمبية التي مقرها في سويسرا لدعم حقوق الإنسان في الصين على ضوء الألعاب الأولمبية القادمة.
وقد سمحت مشاركة جون زيغلر، المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة حول الحق في الغذاء، بتوضيح أبعاد أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي أدت إلى ثورات الجوع في عشرات الدول حتى اليوم.
كما كان الاجتماع فرصة لإعلان الوزيرة السويسرية عن خطوة لطالما انتظرتها منظمات المجتمع المدني السويسرية، وهي الشروع في خطوات عملية من أجل تأسيس مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان.
“فرصة ضائعة”
زيارة وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي- ري لإيران في مارس الماضي وحضورها لتوقيع اتفاق غازي بين شركة EGL السويسرية والسلطات الإيرانية، كان موضوع انتقاد مهذب من قبل الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية إيرين خان، التي صرحت في حديث صحفي يوم الجمعة 18 أبريل الجاري بأنها ولئن لم تكن لتعارض الاتفاق الغازي بين سويسرا وإيران، فإنها “تأسف لكون سويسرا لم تستغل هذه الفرصة لممارسة مزيد من الضغط على إيران في مجال حقوق الإنسان”.
نفس التساؤل طرحه أعضاء الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية أثناء لقائهم بالوزيرة يوم السبت، وهو ما ردت عليه ميشلين كالمي – ري بقولها “إذا كانت سويسرا ترغب في تحقيق نتائج (في مجال حقوق الإنسان) فعليها أن تواصل السير في هذا الطريق، حتى ولو تطلب ذلك مواصلة الحوار مع أناس لا يشاطروننا نفس الأفكار”.
وكانت زيارة الوزيرة السويسرية وتوقيع الاتفاق الغازي مع إيران قد تعرضا لحملة انتقاد من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل والدوائر المقربة منهما، وحتى من مجموعة معارضين في جنيف.
انتقادات رغم الالتزام الكبير لسويسرا
اجتماع الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية في العاصمة الفدرالية برن كان فرصة لتقييم وضعية حقوق الإنسان في سويسرا، وهو ما كان محط قرارات اتخذها الأعضاء في تصويت يوم السبت، وفي مقدمتها القرار الذي يطالب اللجنة الدولية الأولمبية (التي يوجد مقرها في لوزان بسويسرا) بإدانة ما يُرتكب من انتهاكات في التبت من قبل السلطات الصينية إذ أوضحت المنظمة أن “الصمت غير المقبول للجنة الأولمبية الدولية قد يهدد السير الحسن للألعاب الأولمبية”. وترى المنظمة الإنسانية أن هذه الألعاب “تشكل مسرحا للترويج لحقوق الإنسان” وهو الشعار الذي اختارته لحملتها بمناسبة الألعاب الأولمبية في بايجينغ.
كما اتخذت المنظمة قرارا بخصوص المبادرة التي يقوم بها حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) والهادفة لإخضاع قرار منح الجنسية السويسرية لتصويت شعبي عبر صناديق الاقتراع، إذ ترى منظمة العفو الدولية أن “قرارا من هذا النوع يمس بقيمنا ومبادئ دستورنا وهو انتهاك للقانون الدولي”.
ومن الانتقادات الموجهة لسويسرا في مجال حقوق الإنسان، رغم حرص الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية إيرين خان على “عدم توجيه أصابع الاتهام لبلد نشيط على في مجال حقوق الإنسان على المستوى الأممي والأوروبي”، في إشارة إلى جهود سويسرا في إقامة مجلس حقوق الإنسان وآلية الاستعراض الدوري الشامل، تعبيرها عن القلق بخصوص ثلاثة مواضيع: أوضاع المهاجرين، واللاجئين، ومعاملة الشرطة.
كما تعتقد السيدة خان أن سويسرا يمكن أن تحسن سجلها في مجال تطبيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للسكان بقولها “إنها مازالت انتقائية في هذا المجال”.
مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في سويسرا قريبا
لكن الإعلان الهام الذي تمخض عن اجتماع الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية في العاصمة الفدرالية تمثل في إعلان وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – ري عن الشروع في الخطوات الأولى من أجل تحقيق حلم منظمات المجتمع المدني السويسرية منذ سنوات، ألا وهو تشكيل مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في سويسرا، إذ قالت الوزيرة “إن فريق عمل يتكون من ممثلي الدويلات، والحكومة الفدرالية، وممثلين برلمانيين وبمشاركة الأمين العام للفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية دانيال بولومي بصدد إعداد تقرير حول إقامة مؤسسة سويسرية لحقوق الإنسان”، وهو التقرير الذي سيرفع للحكومة الفدرالية قريبا.
ويرى بعض المراقبين أن الإعلان عن هذه الخطوة يأتي استباقا لتقديم سويسرا لتقريرها أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة لمجس حقوق الإنسان المبرمج في النصف الأول من شهر مايو القادم. وكان موضوع افتقار سويسرا لمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان من بين الانتقادات التي وجهتها منظمات المجتمع المدني السويسرية في تقريرها الموازي لتقرير الحكومة الذي سيعرض على آلية الاستعراض الدوري الشامل.
سويس إنفو – محمد شريف – برن
إن كان المقرر الخاص المكلف بالحق في الغذاء جون زيغلر قد انتزع عدة تصفيقات من جمهور مناصر له في رؤاه بخصوص أسباب وتداعيات أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في العديد من مناطق العالم، خصوصا عند مهاجمته لـ”جشع الشركات المتعددة الجنسيات” ولـ”مسؤولية الداعين لانتاج الوقود البيولوجي من المواد الغذائية مثل الذرة والصويا”، فإن تدخل خبيرتين من المنطقة العربية سمح بإدراك بعد مشكلتين إحداهما أصبحت مزمنة، أي فلسطين، والثانية في الطريق أي دارفور.
إذ وجه الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية دعوة للخبيرة جان ليندريو آلاوو من مركز الأمل في دارفور التي حدثت الجمهور عن أوضاع ومعاناة سكان دارفور، والنساء بالخصوص، بالتعرض “للتعذيب والقتل والاعتقال والاغتصاب والسبي والنزوح المتكرر”.
وشددت على أن حضورها في برن هو “للحديث عن الجانب الإنساني لأزمة دارفور ولتوضيح كل هذه الأمور لجمهور لربما أن المتخصصين منه على وعي بما يجري في دارفور ولكن ليس العامة”.
كما ترى أن زيارتها لسويسرا وحديثها مع عدد من المسؤولين بوزارة الخارجية وبالمؤسسات المعنية بتقديم المساعدة الإنسانية وبوسائل الإعلام السويسرية هو لـ”ممارسة مزيد من الضغط على السلطات السودانية لوضع حد لهذا الصراع”.
وبخصوص وضع المرأة في دارفور، نوهت جان آلاوو إلى أن “السلطات السويسرية خصصت ميزانية وأرسلت موظفة إلى بعثتها في السودان لكي تتولى الإشراف على برنامج لتنمية المرأة”.
الخبيرة الثانية هي فادية ديبس من القدس والخبيرة في موضوع المياه والتي قدمت للحديث عن “دور المياه في الخطة الإستراتيجية الصهيونية لرسم حدود دولتهم… ومحاولة تضمين كافة منابع المياه ضمن هذه الدولة، وهو ما يعكسه احتلالهم لهضبة الجولان حيث توجد منابع نهر الأردن والضفة الغربية التي يوجد تحت أراضيها الحوض الجوفي الكبير الذي تستغل منه إسرائيل 40% من استهلالكها المائي”.
وسنعود لموضوع المياه في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في مقال خاص مستقبلا.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.