سويسريون أثـْروا نمط الحياة الأمريكية
يستضيف متحف المهاجرين في جزيرة إيليس الأمريكية منذ نهاية يوليو الماضي معرضا خاصا حول السويسريين الذين توجهوا إلى الولايات المتحدة منذ منتصف القرن 18.
ويتعرف زواره على انجازات الأجيال الأولى من المهاجرين السويسريين، كما يكشف عن وجود بصمات سويسرية على أجزاء هامة من طريقة الحياة الأمريكية.
هاجر مئات الآلاف من السويسريين منذ منتصف القرن الثامن عشر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، نسبة كبيرة منهم غادرت لأسباب اقتصادية. وإذا كان أغلبهم وجد هناك حياة صعبة، فإن البعض تمكن من النجاح في الوطن الجديد، سواء من الجيل الأول أو الثاني وأحفادهم؛ لتظهر أسماء وشخصيات ذات جذور سويسرية في الاقتصاد والثقافة والحياة السياسية، كان لها أثر واضح في الولايات المتحدة.
ويقول أمين المعرض ماركوس هودل، من جمعية “متحف المهاجرين السويسريين”، بأن الاسم الذي وقع عليه الاختيار ليكون عنوانا للفعالية: “عـددٌ صغـير – تـأثـيرٌ كـبـير” كان اقتراحا أمريكيا، تم قبوله لعدم وجود بديل آخر، وإن كان يعتقد بأنه لا يتناسب بالضرورة مع النمط السويسري.
فكرة هذه الفعالية السويسرية نشأت أثناء زيارة لماركوس هودل إلى متحف المهاجرين، الذي يضم مقتنيات أوائل المهاجرين إلى الأراضي الأمريكية من كل الأجناس. ويرى بأن الفعالية السويسرية تتوجه أولا إلى المواطن الأمريكي العادي، لتوصيل صور جديدة عن سويسرا، “وإذا وصلت هذه الرسالة إلى جزء من الزوار فقد حققنا هدفنا بالفعل”، حسب قوله.
ويقدم المعرض 25 شخصية من السويسريين الذين هاجروا إلى الولايات المتحدة، وكيف كان لهم تأثير على الحياة في المجتمع الجديد امتد حتى اليوم، فالمعرض لا يركز على أغلبية من رحلوا من الكنفدرالية بشكل عام، وإن كان يضم مقتطفات من حوارات وأحاديث حول معاناتهم في رحلتهم إلى الوطن الجديد، والصعوبات التي واجهوها.
ويبدو أن هودل قد حقق هدفه المنشود؛ فقد قال أحد الزوار عندما وقعت عيناه على دعاية المعرض السويسري في مدخل المتحف: “إننا لا نسمع كثيرا عن سويسرا في هذا المتحف”.
فهذا الزائر الذي اهتم بزيارة المعرض ينتمي إلى أصول بريطانية، ولم يكن يعلم بأن ستيف بالمر (من شركة مايكروسوفت للبرمجيات) ينحدر من أصول سويسرية، وأن أوتمار آمان الذي يقف خلف جسر جورج واشنطن هو أيضا سويسري.
بين السياسة والإقتصاد والثقافة
وتدعو غرفة في وسط المعرض الزائر للبقاء فيها بعض الوقت، فهي تضم تأثير المهاجرين السويسريين على عالم الموسيقى الأمريكية، إذ تقدم هذه الغرفة حياة أدولف ريكنبيكر (واسمه الأصلي في سويسرا ريكينباخر)، كأول من شارك في ابتكار القيثارة الكهربائية، الذي أحدث ثورة في عالم الموسيقى.
ويشاهد زائر هذه الغرفة كيف أسس السويسري المهاجر مع جورج بوشامب أول شركة لإنتاج هذه الألة الموسيقية الكهربائية الجديدة، التي حملت اسم السويسري “ريكنبيكر” كعلامة تجارية ذائعة الصيت، حتى أنها كانت المفضلة لأعضاء فريق البيتلز البريطاني الشهير.
كما يتعرف الزائر على فالتو لينيغر المولود في برن عام 1949، إذ كان أول عازف بلوز غير زنجي يعزف مع فرق موسيقية من الزنوج في ميسيسيبي، قبل أن يصبح محاضرا متخصصا في هذا النوع من الموسيقى.
لكن أكثر الأصداء كانت حول النافذة التي تتحدث عن لويس شيفروليه، مصمم السيارات السويسري الأصل، الذي تحول إسمه إلى ماركة سيارات شهيرة، يطلق عليها العامة في الولايات المتحدة “شيفي”.
بينما لم يهتم الكثير من الزوار بالجزء الخاص بوزير المالية ألبرت غالاتان (وزير المالية في عهد الرئيس توماس جيفيرسون)، الذي طاف مع نابليون بونارت الولايات المتحدة لإتمام صفقة شراء لويزيانا آنذاك.
في حين أن القاعة التي تتحدث عن التأثير في الثقافة الأمريكية كانت تحظى بحضور جيد، فهل يا ترى لأن محورها يدور حول أحد المعاصرين، أي المخرج مارك فورستر؟ أو لأن الزائر يصادف صورة الممثلة روني زيلفيغر؟
ثم يتراجع الاهتمام مجددا في القاعة التي تتحدث عن أسرة غوغنهايم، التي تعمل في مجال جمع التحف الفنية، إذ تكشف تعليقات الزوار بأن الكثيرين لا يعرفون شيئا عن تلك الأسرة، التي تعود قصتها إلى منتصف القرن التاسع عشر، حيث لم تتمكن اليهوديتان سالومو غوغنهايم وراشيل فايل ماير من الزواج في سويسرا بعد أن أصبحتا أرملتين، فرحلتا إلى الولايات المتحدة.
سويس انفو – ريتا إمخ – نيويورك
(ترجمه من الألمانية وعالجه: تامر أبوالعينين)
“عدد صغير – تأثير كبير” هو معرض سويسري خاص حول 25 من أشهر الشخصيات السويسرية التي هاجرت إلى الولايات المتحدة منذ منتصف القرن الثامن عشر. وهو جزء من متحف المهاجرين الواقع في جزيرة إيليس المتاخمة لنيويورك.
ويوجد هذا المعرض السويسري في الطابق الثالث المتحف، ويضم مقتنيات الأفواج الأولى التي وطأت أرض المهجر الجديد آنذاك، وكان المقر الرئيس لهم.
المعرض يقدم قصص أهم الشخصيات السويسرية والآثار التي تركتها في مجالات مختلفة من الحياة الأمريكية، مثل الثقافة والموسيقى والسياسة والاقتصاد أو العلوم.
يوجد في الولايات المتحدة قرابة 1,2 مليون أمريكي من أًصول سويسرية.
كانت جزيرة إيليس الأمريكية منذ عام 1892 وحتى النصف الأول من القرن العشرين منفذ المهاجرين الجدد إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
تقول سجلات الجزيرة بأنه تم تسجيل 12 مليونا أغلبهم من الأوروبيين الباحثين عن حياة افضل في الأرض الجديدة.
من بينهم 100000 من سويسرا هاجر معظمهم بسبب الحالة الإقتصادية السيئة في سويسرا آنذاك.
تحولت جزيرة إيليس منذ عام 1990 إلى متحف لتاريخ المهاجرين إلى الولايات المتحدة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.