سويسريون في خدمة الأمم المتحدة
بالرغم من أن سويسرا ليست عضوة في منظمة الأمم المتحدة إلا أن عدة شخصيات سويسرية تشغل مناصب هامة في المنظمة الدولية نذكر منها المدعية العامة للمحكمة الدولية حول جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة السيدة كارلا ديل بونتي ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة للرياضة والسلام، الرئيس السابق للكونفدرالية السيد أدولف أوجي.
يحتد النقاش داخل سويسرا بين مناصري انضمام سويسرا إلى منظمة الأمم المتحدة ومعارضي الانضمام وذلك تحضيرا لموعد الثالث من شهر مارس – آذار القادم الذي سيتوجه فيه الناخبون السويسريون إلى صناديق الاقتراع للمرة الثانية لإبداء رأيهم حول هذا الموضوع.
وفي الوقت الذي لا يدخر فيه أي طرف جهوده من أجل استمالة الناخبين إلى مواقفه، هناك حقيقة لابد من التذكير بها وهي أن سويسرا عضو كامل العضوية منذ عدة أعوام في العديد من المنظمات المختصة التابعة للأمم المتحدة مثل المنظمة العالمية للصحة والملكية الفكرية والاتصالات السلكية واللاسلكية والهجرة والعمل وغيرها.
وعلى الرغم من أن سويسرا لا تتمتع بعضوية كاملة تؤهلها للمشاركة في المحافل السياسية التابعة للمنتظم الأممي مثل الجمعية العامة، فإن ذلك لم يقف حاجزا دون تقلد شخصيات سويسرية عديدة مناصب عليا في هرم المسؤوليات الأممية.
سويسرية على رأس محكمة دولية
يعد منصب المدعية العامة للمحكمة الدولية حول جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة والذي تشغله النائبة الفدرالية السابقة السيدة كارلا ديل بونتي ، أعلى منصب تفوز به شخصية سويسرية في المنظومة الأممية.
فقد اختار الأمين العام الحالي السيد كوفي عنان شخصيا المدعية العامة من دويلة تيشينو لشغل هذا المنصب في عام 1999. وهو الاختيار الذي لقي ترحيبا بالاجماع في مجلس الأمن الدولي في الحادي عشر من شهر آب – أغسطس من نفس العام. ويبدو أن اختيار السيدة كارلا ديل بونتي لهذا المنصب كان بمثابة اعتراف بالمجهودات التي بذلتها منذ سنوات في مجال محاربة الإجرام المنظم على المستويين الاقليمي والدولي
أما رئيس الكونفدرالية السابق السيد أدولف أوجي، الذي ربطته علاقات وثيقة مع الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة أثناء فترة رئاسته للاتحاد السويسري، فقد قبل تولي منصب فخري كمستشار للأمين العام. إذ يشغل السيد أدولف أوجي منذ الثامن والعشرين من شهر شباط – فبراير من العام الماضي منصب مستشار خاص للسيد كوفي عنان للرياضة في خدمة السلم والتنمية. وقد تم هذه الأيام الإعلان عن تمديد مهمته لعام قادم.
وحتى ولو زعم البعض أن هذا المنصب قد تم تفصيله خصيصا حسب مقاس السيد أوجي، فإن هذا الرياضي السابق يأخذ المهمة مأخذ الجد وينوي تكثيف جهود المنظمات الأممية المختلفة مع الأوساط الرياضية للترويج للسلم والتنمية. ونشير إلى أن هذا المنصب تطوعي لا يكلف الأمم المتحدة أكثر من دولار رمزي، وأن الحكومة السويسرية هي التي تتحمل النفقات الإدارية المترتبة عن نشاط السيد أوجي من سكرتارية ورحلات وغيرها.
مساهمات سويسرية مكثفة في الميدان الإنساني
الميدان الأممي الذي لجأ بكثرة إلى الشخصيات السويسرية هو قطاع حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. فقد ترأست شخصيات سويسرية المفوضية السامية لشئون اللاجئين ثلاث مرات ، بحيث تولى السيد اوغوست ليندت منصب المفوض السامي للاجئين ما بين عامي 1956 و 1960 . وقد خلفه في هذا المنصب السويسري فيليكس شنيدر ما بين عامي 1960 و 1965. وكان آخر سويسري تولى هذا المنصب هو السيد جون بيار هوكي ما بين عامي 1986 و 1989.
وقد ساهم العديد من السويسريين كمبعوثين خاصين للأمم المتحدة او كمقررين خاصين في مجالات محددة نذكر منهم السيد ايدوارد برونر في الصراع الجورجي والسيد يوهانس مانس في الصحراء الغربية والسيد فالتر كيلين في التحقيق في وضع الكويت أثناء الاحتلال العراقي وتولى وزير الخارجية الأسبق روني فيلبر منصب المقرر الخاص للجنة حقوق الإنسان في اسرائيل والأراضي العربية المحتلة .
وتستعين الأمم المتحدة من حين لآخر بمؤهلات الخبراء السويسريين في شتى الميادين نذكر بالخصوص الخبرة في ميدان الأسلحة الكيماوية والنووية والبيولوجية بحيث يتم من حين لآخر الاستعانة بخبرات مخبر شبيتس التابع لوزارة الدفاع السويسرية والموجود بالقرب من مدينة برن.
ويرى المناصرون لانضمام سويسرا إلى منظمة الأمم المتحدة أن عدم عضوية سويسرا الكاملة في المنظمة تسبب في بعض الأحيان في إخفاق شخصيات سويسرية في الحصول على بعض المناصب الرفيعة، نذكر منها فشل وزير الخارجية السابق فلافيو كوتي في الحصول على منصب مبعوث خاص في منطقة البلقان في عام 1999.
في المقابل يرى معارضو الانضمام أن حياد سويسرا وعدم عضويتها في المحافل السياسية الأممية هو الذي يجعل منها أفضل جهة مؤهلة لتولي مناصب الوساطة أثناء الأزمات الإقليمية أو الدولية الكبرى.
محمد شريف – جنيف
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.