“سويس بيس” تبحث عن السلام
تعتبر مؤسسة السلام السويسري "سويس بيس" من أكثر الجمعيات التي تنادي بالبحث بطريقة عملية عن سبل القضاء على الصراعات والوصول إلى التعايش السلمي بين المجتمعات.
ويتركز عملها في تحليل النزاعات المعقدة بشكل أكاديمي للبحث عن أسبابها، ودراسة كيفية فتح باب الحوار على الصعيدين الداخلي والدولي في محاولة للوصول إلى الحل.
تحولت المؤسسة خلال العقد الأخير بفضل العاملين فيها إلى مركز حيوي للمعلومات حول أسباب النزاعات، واحتمالات نشوبها في المناطق المليئة بالتوترات. كما تنظم ندوات ومؤتمرات للبحث في القضايا المتعلقة بالسلام في العالم.
كان من قبيل المصادفة أن تكون ندوة مؤسسة “سويس بيس” عن السلام في الشرق الأوسط مساء الخميس 26/09/2002 لتواكب الذكرى السنوية الثانية للانتفاضة، وأكد رئيس المؤسسة لورانت غوتشل أنها صدفة محضة، لأن الإعداد لهذه الندوة استغرق وقتا طويلا بين التنسيق مع وزارة الخارجية السويسرية والضيوف المشاركين من مختلف التيارات بين سويسرية وفلسطينية وإسرائيلية – يهودية.
ويرى البروفيسور غوتشل الذي يعمل في الوقت نفسه أستاذا للعلوم السياسية في المعهد الأوروبي ببازل، أن اهتمام الأوروبيين البالغ بالصراع العربي الإسرائيلي يرجع إلى عوامل عدة من أهمها معاناة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية والبعد الجغرافي للصراع الذي يقع على الضفة الأخرى من المتوسط.
وجهات نظر مختلفة … وهدف واحد
وقد حاولت مؤسسة “سويس بيس” من خلال ضيوفها استعراض وجهات النظر المختلفة حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فالبروفيسور إدوارد بدين الأستاذ في جامعة بازل (من أصل فلسطيني) ذكر أمام الحاضرين المآسي التي يعاني منها الفلسطينيون منذ نصف قرن مشيرا إلى ضياع الحقوق وغياب الحلول.
أما السيدة فيرني موللر رئيسة الجمعية السويسرية الإسرائيلية فحثت على ضرورة القيام بدور الوسيط في هذا الصراع حتى ولو كان بشكل مبسط، فالهدف – حسب رأيها – هو محاولة محو الصور السلبية المتراكمة بين كلا الطرفين والتقريب بينهما بشكل عملي.
إلا أن هذا المقترح لم يرق للسيدة أورسولا كوللر منسقة برامج التنمية في جمعية السلام المسيحية السويسرية، والتي كانت عائدة لتوها من زيارة للضفة الغربية، فشرحت للحضور معاناة الفلسطينيين اليومية في ظل الحصار وصعوبة الحصول على أبسط مقومات الحياة، من تعليم أو طعام أو دراسة أو رعاية صحية.
لذلك ترى السيدة كوللر أن عدم التكافؤ بين الأطراف لا يساعد على أي نوع من التقارب، فهناك طرف يعاني من ضياع ابسط حقوقه، ومن المفترض أن يجالس الطرف الذي يرى فيه سببا لمعاناته اليومية.
لابد من احترام القانون الدولي
وساند هذا الرأي مندوب من الفرع السويسري لمنظمة العفو الدولية الذي أكد للحاضرين وجود خروقات واضحة للقانون الدولي تقوم بها إسرائيل تجاه المدنيين واعتبرها انتهاكات لاتفاقية جنيف الرابعة حول معاملة المدنيين تحت ظروف الاحتلال.
في المقابل أشار اغلب المتحدثين إلى أن العمليات الفدائية التي يقوم بها الفلسطينيون لا تخدم قضيتهم ولها انعكاسات سلبية على قضيتهم بل ذهب البعض إلى أنها تضعف موقفهم على الساحة الدولية.
وإتفق الجميع في هذا النقاش الحساس على ضرورة احترام القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة وإنهاء الاحتلال في أسرع وقت ممكن، وهو ما يساعد على خلق نوع من الاستقرار في المنطقة، وبالتالي يفسح المجال أمام المفاوضات. والجميع كانوا تقريبا على قاعة تامة بأن حل هذه الصراع المعقد لن يكون إلا سياسيا، لأن لغة الحرب لن تثمر عن أية نتيجة ايجابية.
السلام … ذلك القريب البعيد
كان السلام الشامل -ولا يزال- حلم البشرية منذ قرون بعيدة، فالسلام كهدف مرتبط بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية العالية، وبقي حلما جميلا يتمنى الكثيرون أن يتحول يوما ما إلى واقع، ولا شك في أن الحوار هو أحد وسائل التقريب بين وجهات النظر المختلفة، شريطة توفر النية الصادقة في الوصول إلى الهدف لصالح جميع الأطراف.
الوصول إلى هذه القيم السامية جعل من السلام حديث الناس في بقاع المعمورة، وعلى الرغم من ذلك يرى البعض أن تحقيقه بشكل عملي ضربا من الخيال، إلا أن الأماني قد تكون إحدى الخطوات الأولى نحو الواقع … حتى وان طال زمن الانتظار.
تامر أبو العينين – سويس انفو
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.