أحمد فودة: “النظام المخلوع يعيش الآن مرحلة ما قبل السقوط العظيم”
اعتبر الخبير والمحلل السياسي المصري أحمد فودة؛ أن "الإنجازات التي تحققت" حتى الآن في مصر؛ منذ اندلاع الثورة في 25 يناير 2011؛ على كثرتها وأهميتها، "غير كافية ولا ترقى لطموح الشعب المصري" لكونها جاءت بعد ثورة، "والثورة تسعى إلى إحداث تغييرٍ شاملٍ"..
وأشار إلى أن “أحدًا لم يكن يتصور أن يتحول الإحتجاج إلى ثورة شاملة وكاملة؛ تعيد مصر إلى المصريين”، معتبرا أن النظام المخلوع “يعيش الآن مرحلة الدفاع عن النفس؛ وهي المرحلة التي تسبق السقوط العظيم”.
وقال فودة؛ مدير مركز النخبة للدراسات بالقاهرة؛ في حديث خاص لـ”swissinfo.ch“: إن أهم القرارات التي ينتظرها الشعب المصري ليشعر بنجاح ثورته يمكن حصرها في “تسريع محاكمات رموز الفساد من الوزراء والمسؤولين؛ ممن أفسدوا الحياة السياسية، ونهبوا ثروات الشعب، واختتموا جرائمهم بقتل المتظاهرين”؛ إضافة إلى “اتخاذ موقف حاسم بشأن محاكمة الرئيس السابق وأسرته؛ بتحويلهم لمحاكمات عاجلة وعادلة في نفس الوقت”.
وطالب فودة “المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف، وجميع القوى السياسية المخلصة للوطن بالسير في طرق متوازية؛ فيما يتعلق بالقضاء على ميراث النظام القديم، مع بناء النظام الجديد”؛ فضلا عن “تطبيق القانون على جميع المصريين؛ أفرادًا ومؤسسات، والقضاء على المحسوبية والمحاباة التي نخرت في عظام النظام السابق حتى أسقطته أرضًا”… مزيد من التفاصيل في نص الحوار التالي:
swissinfo.ch : منذ اندلاع الثورة في 25 يناير تحقق الكثير من الإنجازات.. فما أبرزها برأيك؟
أحمد فودة: ثورة 25 يناير في حد ذاتها إنجاز كبير؛ بل هي الإنجاز الأكبر الذي انتظرناه طويلا؛ خاصة بعد أن وصلت الأمور في مصر إلى مستوى لم تصل إليه من قبل؛ ورغم أن الجميع كان يتوقع وقوع احتجاج من نوع ما إلا أن أحدًا لم يكن يتصور أن يتحول هذا الاحتجاج إلى ثورة شاملة وكاملة؛ تعيد ليس فقط مصر إلى المصريين؛ وإنما تعيد قيم وأخلاق الشعب المصري التي ضاعت بوصلتها خلال العقود الأخيرة؛ بسبب سياسة الفساد والإفساد؛ التي اتبعها النظام السابق للقضاء على أية بادرة للوقوف أمامه.
وفي إطار هذه الثورة العظيمة؛ تحققت إنجازت عدة؛ على كافة المستويات؛ سنشير خلال هذه السطور إلى بعضٍ منها: فعلى المستوى السياسي تم اسقاط رأس النظام؛ وجملة القيم والمبادئ التي كانت يحكم من خلالها؛ والتي تعتمد بالأساس على الفساد والافساد؛ مما أدى لخلخلة باقي جسد النظام؛ الذي يعيش الآن مرحلة الدفاع عن النفس؛ وهي المرحلة التي تسبق السقوط العظيم؛ الذي لن يتحقق الا بعد البدء الجدي في تشكيل البنية الأساسية للنظام الجديد؛ وهي البنية القانونية، والمؤسسية؛ من قبيل الدستور والقوانين المكملة، مع مراجعة القوانين القديمة لتناسب روح الدستور الجديد، فضلا عن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وماذا عن المستويين الاقتصادي والاجتماعي؟
أحمد فودة: على المستوى الاقتصادي؛ تحقق إنجازٌ هائلٌ؛ تمثل في إيقاف مسلسل الإنهيار الذي أصاب الاقتصاد المصري، مع بدء عملية ملاحقة الفساد؛ الذي سيطر على هياكل الاقتصاد؛ وحوله إلى اقتصاد فساد؛ وعلى المستوى الاجتماعي؛ يمكن أن نشير إلى حالة الصحوة؛ التي تسيطر على المجتمع الذي يريد أن ينفض عن كاهله تراب العهد البائد من أجل بدء عهد جديد؛ يقوم على أسس اجتماعية سليمة؛ تضمن تحقيق العدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص؛ لكافة أبناء المجتمع؛ وهو ما يمكن تلخيصه بأن مصر تبدو وكأنها كائن ضخم بدأ لتوه الخروج من نفق دخله مع النظام السابق قبل 60 عامًا، وتنفض عن جسدها التراب الذي تراكم عبر السنين من أجل بدء مسيرته الجديدة.
قد يرى البعض أن هذه الإنجازات “كافية” فربعها كان حلمًا صعب المنال قبل الثورة؟
أحمد فودة: ربما كانت كافية لو أنها تمت في ظل النظام السابق؛ أي لو كان هذا النظام هو من قام بإجرائها؛ لكنها من المؤكد ليست كافية لأنها جاءت في ظل ثورة، والثورة دائما تسعى إلى إحداث تغييرٍ شاملٍ؛ وما حدث في مصر حتى الآن – رغم أهميته – لا يمثل سوى البداية نحو تحقيق الهدف الأكير؛ ألا وهو بناء مصر الديموقراطية العصرية القوية القادرة على تحمل أعباء التاريخ والجغرافيا، والإنطلاق نحو المستقبل الذي يليق باسمها ومكانتها وتاريخها.
فحتى الآن لم نقم ببناء النظام الديموقراطي الجديد؛ الذي يحقق هذا الهدف، كما لم نصل بعد إلى التغييرات المطلوبة في الثقافة السلوكية؛ التي راكمها النظام السابق لدى الشعب المصري عبر تلك السنين الطويلة.
ما هي برأيك أهم المآخذ على المجلس الأعلى للقوات المسلحة في إدارة شؤون البلاد؟
أحمد فودة: عند الحديث عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة أمور؛ أولها: أن المجلس العسكري وظيفته أمنية بالأساس؛ وهو ما يجعل ممارساته يغلب عليها الجانب الأمني؛ وثانيها: أن المجلس العسكري وصل إلى السلطة في ظروف صعبة؛ وهو غيرُ مؤهلٍ بشكلٍ كاملٍ لتحمل مصاعب تلك السلطة فوقع في أخطاء الممارسة؛ وثالثها: أن المجلس العسكري هو جزء من النظام القديم؛ فأشخاصه تم تعيينهم بواسطة الرئيس المخلوع، فضلا عن أن هذا النظام القديم كان يمنحهم مزايا كبيرة جدًا، ربما لن يحصلوا على مثلها في حال قيام نظام جديد لا يستطيعون التأثير فيه.
وفي إطار هذه الملاحظات يمكن تحليل موقف المجلس العسكري؛ الذي يمكن القول بشكل عام أنه جيد؛ لكن عليه ملاحظات كثيرة، أبرزها: عدم وجود رغبة حقيقية لمواجهة المشاكل الكبيرة التي ترتبت على الثورة؛ خاصة ما يتعلق منها بملفي الأمن والاقتصاد؛ كذلك هناك رغبة واضحة من المجلس بعدم تحمل مسؤلياته فيما يخص القضاء بشكلٍ كاملٍ على مؤسسة الفساد الكبرى التي أوجدها النظام السابق؛ ويتضح ذلك من خلال عدم سعيه لإصدار قوانين تحارب هذه المؤسسة؛ خاصة وأن القوانين الموجودة لا تستطيع ذلك، لأن النظام السابق لم يترك ثغرات قانونية يمكن محاسبته من خلالها!
وماذا تأخذ – أيضًا – على حكومة الدكتور عصام شرف، وهو الرجل الذي بايعه شبابُ الثورة في ميدان التحرير؟
أحمد فودة: حكومة عصام شرف هي مجرد ذراع تنفيذي للمجلس العسكري؛ وهو لا يملك من أمره شيئا، ولذا يجب النظر إليها في إطار سياسات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وليس أدل على ذلك من رفض المجلس لكثير من قرارتها؛ وأهمها إقالة الدكتور يحي الجمل (نائب رئيس الوزراء) المثير للجدل، وكذلك بعض الوزراء المنتمين للنظام السابق؛ ومن ثم فإن كل قرارات الحكومة تأتي وفقًا لما يطلبه المجلس العسكري.
أما الدكتور عصام شرف (رئيس مجلس الوزراء) فرغم أنه عاهد الثوار في ميدان التحرير على الحفاظ على الثورة، والسعي لتحقيق أهدافها، والإستقالة في حال عدم تمكنه من ذلك؛ إلا أنه لم يف بالعهود؛ ربما لأن المرحلة ومتطلباتها أكبر من المجلس العسكري، بل وأكبر من الحكومة التي قامت من أجل تحقيق أهداف الثورة؛ خاصة وأنها مدعومة من الشعب الذي قام بالثورة.
وحسب رأيك، ما هي القرارات التي ينتظرها الشعب من المجلس العسكري وحكومة شرف ليشعر بنجاح ثورته؟
أحمد فودة: أهم القرارات المرجوة هي: تسريع محاكمات كل رموز الفساد من الوزراء والمسؤولين؛ طيلة الثلاثين عامًا التي حكم خلالها مبارك؛ ممن أفسدوا الحياة السياسية، ونهبوا ثروات الشعب، واختتموا جرائمهم بقتل المتظاهرين، ولا نقصد بذلك تحويلها إلى محاكمات عسكرية كما يطالب البعض؛ ولكن من خلال إنشاء دوائر مدنية خاصة بها، من أجل عدم إعطاء القضاء الفرصة للتأجيل المتكرر؛ والذي يظهر وكأنه محاولة لتباطؤ المحاكمات، كذلك مطلوب اتخاذ موقف حاسم بشأن محاكمة الرئيس السابق وأسرته من خلال تحويلهم إلى محاكمة عاجلة وعادلة.
فضلا عن ذلك هناك ملفي الأمن والإقتصاد؛ المطلوب اتخاذ قرارات مهمة فيهما؛ ففي الأمن مطلوب اتخاذ قرارات حاسمة؛ بتعيين مدني في منصب وزير الداخلية من أجل تطهير الوزارة من الضباط القتلة والمجرمين، فضلا عن القضاء على ملفي البلطجة والفتنة الطائفية، وفي الإقتصاد مطلوب اتخاذ قرارات عاجلة تتعلق بإنعاش الاقتصاد من خلال تنشيط قطاعات الاقتصاد المختلفة، والأهم من هذا مطلوب سياسة حاسمة فيما يتعلق بتطبيق القانون على الجميع؛ أفرادًا ومؤسسات، والقضاء تمامًا على سياسة المحاباة التي ميزت النظام السابق؛ خاصة في الملفات ذات الحساسية.
وما هي مقترحاتك لإنجاز كل هذه الأمور المنتظرة على أحسن ما يرام؟
أحمد فودة: يجب علي الجلس العسكري والحكومة، فضلا عن القوى السياسية المختلفة العمل لتحقيق الآتي: السير في طرق متوازية فيما يتعلق بالقضاء على ميراث النظام القديم مع بناء النظام الجديد، فيما يتعلق بميراث النظام القديم يجب العمل على وضع القوانين التي تساعد على ذلك – كما قلنا – فيما يتعلق بملفات الأمن والاقتصاد، والقضاء على مؤسسة الفساد الكبرى، وفيما يتعلق بالبناء الجديد يجب على الجميع العمل على نبذ الخلافات الشخصية التي سيطرت على القوى السياسية في الفترة الماضية.
ويجب عليهم العمل على بناء ثقة مبتادلة بينهم تساعدهم على العمل بشكل جماعي لتنفيذ خارطة الطريق للمرحلة الانتقالية المتعلقة بإجراء الإنتخابات التشريعية، والرئاسية، ووضع الدستور الجديد، ويجب أن يفهم الجميع – وأقصد هنا جميع القوى السياسية – أن مصر الجديدة لن تسمح بأن يكون فيها منتصر ومهزوم؛ طالما أن الجميع يعملون من أجل الوطن؛ سيكون المهزوم فقط من يعمل لمصلحة نفسه أو قوة أخرى؛ وعليه فإن جميع القوى الوطنية ستكون رابحة في مصر الجديدة؛ شريطة العمل الجاد من قبل كافة القوى بما يؤدي إلى سرعة تنفيذ هذا البناء.. أي مصر الجديدة.
أعلن حزب “المصريين الأحرار” العلماني الذي يتزعمه الملياردير المصري نجيب ساويرس يوم الاربعاء 6 يوليو 2011 عن تأسيسه رسميا بعد حصوله على موافقة لجنة شؤون الاحزاب.
وقال هاني سري الدين عضو المكتب السياسي في الحزب خلال احتفال باعلان تاسيس حزبه في أحد فناق القاهرة: “نعلن اليوم رسميا تاسيس حزب المصريين الأحرار كحزب سياسي رسمي له شخصيته الإعتبارية ويسعى لبناء مصر حديثة ترتقي للمكانة التي تليق بها”.
وأوضح محمد حامد وهو عضو في المكتب السياسي للحزب أيضا ان حزبه “العلماني يرى مصر جديرة بنظام حكم مدني يعتمد على المواطنة، فنحن نؤمن بمدنية الدولة ما يعني احترام جميع الأديان والمقدسات الدينية. ومع هذه القناعة فان الدولة المدنية عندنا تؤمن بحتمية الفصل بين شؤون إدارة البلاد وشؤون الدين”.
واضاف حامد الذي قدر عدد أعضاء الحزب بـ65 الفا “بالتالي لا نقبل أن يتكلم احد باسم الدين فيعرض أفكاره وبرامجه على أنها مقدسة وان من يختلف معها يختلف مع الدين ويعلن نفسه وصيّا على الناس فيفرض عليهم فهمه للدين”.
واضاف “نُصرّ على خوض الإنتخابات على 50% من المقاعد على الاقل”.
ويعتبر هذا الحزب على النقيض تماما مع حزب “الحرية والعدالة” الذي شكلته جماعة الاخوان المسلمين ووافقت على تاسيسه لجنة شؤون الاحزاب في شهر يونيو الماضي. وهى المرة الاولى التي يصبح فيها للاخوان حزب سياسي معترف به منذ اسس حسن البنا الجماعة في عام 1928.
وكان ساويرس المسيحي الذي يبدي طموحات سياسية منذ سقوط الرئيس السابق حسني مبارك، أثار مؤخرا موجة من الإحتجاجات على الانترنت بسبب نشره صورة لـ”ميكي ماوس” بلحية وجلابية وعمامة وصورة لحبيبته “ميني” بالنقاب.
وتقدم على إثر نشر هذه الصور عدد كبير من المحامين بدعوى ضد ساويرس بتهمة “إهانة الإسلام” فيما ظهرت دعوات على موقعي فيسبوك وتويتر تدعو إلى مقاطعة شركة الهاتف المحمول “موبينيل” التي يملكها ساويرس.
وكانت صورة شخصيتي والت ديزني الشهيرتين في ملابس إسلامية قد بدأت منذ اسابيع تنتشر بقوة على الانترنت مع عبارة “هذا هو مستقبل مصر”، لتعكس المخاوف التي تساور الكثيرين من الظهور المتنامي للجماعات الاسلامية منذ الثورة الشعبية التي اطاحت بمبارك في 11 فبراير الماضي.
ويحظى ساويرس الذي تقدر ثروته بنحو 2,5 مليار دولار، بشهرة واسعة في مصر ويُعتبر من أبرز رجال الأعمال فيها.
(المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب بتاريخ 6 يوليو 2011)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.