أنفلونوا الخنازير: انتقاد لتضخيم الإنذار وتساؤلات بخصوص موسم الحج!
أنهت الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية اجتماعها السنوي في جنيف وسط تشكيك من قبل بعض الدول في جدية تضخيمها للتحذيرات من مخاطر حدوث جائـحة أنفلونزا الخنازير.
لكن المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية تصر على ضرورة الاستمرار في الاستعدادات لا سيما وأن عدد الإصابات تجاوز 11 الفا في 42 بلدا لدرجة إثارة تساؤلات حول موسم حج هذا العام.
إذا كانت مختلف الأنظار، وبالأخص أنظار وسائل الإعلام الغربية المهيمنة، قد أولت اهتماما كبيرا بكل ما تم تداوله رسميا أو في كواليس الاجتماع السنوي لمنظمة الصحة العالمية الذي احتضنته جنيف ما بين 18 و22 مايو، عن احتمال تحول انفلونزا الخنازير، أو ما يعرف بالإنفلونزا H1N1، إلى جائحة أو وباء، فإن هذا الاجتماع لم يغفل جوانب أخرى من اهتمامات العالم الصحية ـ مثلما يشرح الدكتور علاء الدين علوان من منظمة الصحة العالمية – “مثل التركيز على توقي العمى وضعف البصر، وتجديد النظم الصحية للرعاية الصحية الأولية، وإقرار المحددات الاجتماعية للصحة، ورصد ما تم في مجال تحقيق أهداف الألفية في قطاع الصحة، إضافة إلى مناقشة موضوع تأثيرات التغيرات المناخية على الصحة”.
الإصرار على خطر تحول إنفلونزا الخنازير إلى وباء
لكن الاهتمام الأكبر في هذه الدورة بقى متمحورا بدون شك حول رصد تطورات انتشار ما يعرف رسميا بالإنفلونزا A H1N1، إذ رغم الجدل الذي أثارته بعض الدول داخل الاجتماع العام لمنظمة الصحة العالمية حول عدم جدية التهويل الذي اعتمدته منظمة الصحة العالمية في التحذير من مخاطر تحول المرض الى جائحة، قالت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، الدكتورة مارغاريت شان في ختام الدورة إنه “على الدول الاستمرار في الاستعداد لمواجهة حالات خطيرة من الانفلونزا H1N1، ولمعرفة حالات وفيات جديدة (…) خصوصا في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية حيث يبدأ موسم الشتاء، وحيث يمكن للفيروس أن يلتحم بشكل غير متوقع مع فيروس الانفلونزا الموسمية”.
ويرى الدكتور علاء الدين علوان أن “مسالة زيادة التأهب شيء مطلوب، خصوصا أن تجارب الدول خلال الخمس سنوات الماضية في مواجهة انفلونزا الطيور قد أكسبت هذه الدول خبرة واستعدادا لمواجهة الانتشار”.
وعن الجدل القائم بخصوص التضخيم الذي أدى إلى الترفيع من درجة ا لإنذار من المرحلة الخامسة إلى المرحلة السادسة خشية تحول الفيروس إلى جائحة، يقول الدكتور علوان: “الاستعداد يجب أن يستمر أيا كانت الظروف، أما التحول من المرحلة الخامسة للمرحلة السادسة فمرهون بمدى انتقال الفيروس بين البشر في عدة مجتمعات وعدة مناطق جغرافية”. ويضيف “هناك دول ترى أنه يجب مراعاة شدة الانتشار وعدد الوفيات وليس فقط الانتشار الجغرافي”.
وكان نائب المدير العامة لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور فوكودا، قد أوضح بعد ظهر الجمعة 22 مايو أمام الصحافة بأن “المنظمة قد تأخذ ذلك بعين الاعتبار”، مما دفع بعض الصحفيين إلى التساؤل إن لم يكن ذلك تشكيكا في جدية معايير منظمة الصحة العالمية؟
لكن الدكتور فوكودا شدد على “أن ذلك تكييف لمعايير المنظمة مع المعطيات المتوفرة”، مضيفا أن مخابر شركات الأدوية قادرة على تصنيع لقاح مضاد للانفلونزا الجديدة بحلول نهاية شهر يونيو أو بداية شهر يوليو”.
وعلى الرغم من لقاء مدراء 30 من كبريات شركات ومخابر الأدوية في بداية الأسبوع في جنيف بالمديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، فإن الدكتور فوكودا أوضح يوم الجمعة أمام الصحفيين بأن “منظمة الصحة العالمية لم تطلب بعد من المخابر الشروع في تصنيع اللقاح”، وهناك اعتقاد بأن المخابر الدولية قادرة على تصنيع حوالي 5 مليار جرعة تلقيح في غضون عام واحد.
هل كافة البلدان متوفرة على وسائل الرصد؟
في الوقت الذي تشدد فيه منظمة الصحة العالمية على ضرورة التضامن بين الدول المتقدمة والدول النامية والفقيرة لمواجهة انتشار المرض، والتركيز بالخصوص على توفير مخزون من الأدوية لصالح الدول الفقيرة والنامية لمواجهة تحول المرض الى وباء، يتبادر للذهن إن كانت كافة الدول متوفرة على وسائل الرصد والاختبار التي طورتها مخابر الدول المتقدمة في الأسابيع الأولى من ظهور وباء أنفلونزا الخنازير؟ وهل ما يتردد اليوم من أرقام عن عدد الإصابات هو العدد الحقيقي لو سلمنا بوجود دول لا تملك وسائل الرصد والاختبار؟
هذه التساؤلات طرحناها على الدكتور علاء الدين علوان الذي قال “إن هدف منظمة الصحة العالمية هو مساعدة هذه الدول التي تفتقر لهذه التقنيات”. وإذا كان يرى “أن الإجراء الأولي الذي قامت به منظمة الصحة العالمية هو توزيع الاحتياطي من الأدوية الذي كان لديها على الدول ذات الدخل الضعيف وهي حوالي 71 بلدا”، فإنه “لا يستبعد وجود إصابات في بلدان لا تملك وسائل الرصد الضرورية وليست لديها القدرة على التشخيص الدقيق للفيروس”. لذلك يعتبر أن “الاستمرار في التأهب لمواجهة الانتشار هو أيضا لسد هذا النقص”.
وباء إنفلونزا الخنازير وتهديده لموسم الحج؟
من المواضيع التي أثيرت خلال هذه الدورة لمنظمة الصحة العالمية موضوع الاحتياطيات التي يجب اتخاذها لتفادي تفاقم أخطار انتشار مرض أنفلونزا الخنازير أثناء موسم الحج، لا سيما أن توافد حوالي مليوني حاج يتم من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك بعض المناطق التي سجلت بها إصابات مؤكدة بأنفلونزا الخنازير، وخطر عودة هؤلاء الحجاج الى كل بلدان العالم بعد موسم الحج، مما قد يسهم في تسريع الانتشار لو وجدت حالات إصابة اثناء زحمة تأدية المناسك.
عن هذا الموضوع يقول الدكتور علاء الدين علوان: ” لقد عقد وفد المملكة العربية السعودية أكثر من اجتماع مع خبراء منظمة الصحة العالمية لمناقشة هذا الموضوع خلال هذا الأسبوع. وسيتواصل التعاون بجدية ما بين منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة في المملكة العربية السعودية”.
وعما إذا كانت هناك توجيها أو تحذيرات بخصوص موسم هذا العام، يقول هذا المسؤول في منظمة الصحة العالمية: “لا توجد أية توجيهات أو تحذيرات بخصوص موسم حج هذا العام، لكن النقاش هو بخصوص الإجراءات التي يجب اتخاذها وكيفية تقوية أجهزة الرصد وكيفية التأهب لمواجهة أية حالة”.
محمد شريف – جنيف، swissinfo.ch
تطرقت سويس انفو في مقال سابق للجدل الذي أثارته بعض الدول أثناء مناقشة الأوضاع الصحية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان المحتلة. ويعود هذا الجدل مرده لكون لجنة منظمة الصحة العالمية التي قامت بتحقيق في تاثيرات الحرب الأخيرة التي خاضتها إسرائيل ضد قطاع غزة على القطاع الصحي للسكان، أعدت تقريرا من 48 صفحة. لكن سكرتارية المنظمة لم تقدم للنقاش سوى ملخصا من 4 صفحات.
وقد ذهبت الدول إلى حد تضمين فقرة في مشروع القرار الذي أقرته بغالبية 92 صوتا بما في ذلك أصوات الدول الأوربية، تطالب بنشر التقرير كاملا.
عن هذا الجدل، يقول الدكتور علاء الدين علوان من منظمة الصحة العالمية “لقد جرت العادة أن يتم تقديم ملخص فقط للجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية، وقد سبق أن تم ذلك بالتركيز فقط على التوصيات الصادرة في التقرير”.
ويرى الدكتور علوان أن الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية “اتخذت قرارا مهما بالنسبة للوضع الصحي في الأراضي الفلسطينية عموما وفي قطاع غزة بالخصوص، سواء من حيث سياسة الحصار أو تاثيرات الجدار ـو تأثيرات الحرب الأخيرة”.
أما عن نشر التقرير الخاص بغزة كاملا فيقول الكتور علوان “إن ذلك سيتم قريبا وبناءا على طلب الدول الأعضاء”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.