أوباما يمنح الأولوية لإحلال السلام على تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط
سؤال حاول خبراء أمريكيون مهتمّـون بدعم الديمقراطية وحقوق الإنسان الإجابة عليه، من خلال تحليل معمق لمخصّـصات دعم الديمقراطية في أول طلب يتقدّم به الرئيس أوباما إلى الكونغرس بشأن ميزانية المساعدات الخارجية الأمريكية للسنة المالية الجديدة.
فقد أصدرت مؤسّـسة “مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط”، التي تتّـخذ من واشنطن مقرا لها، دراسة للميزانية الفدرالية لعام 2010 لرصد أولويات الرئيس أوباما فيما يتعلّـق بالشرق الأوسط، من خلال ما طلب تخصيصه في برنامج المساعدات الخارجية وكيفية توزيع تلك المخصّـصات، وأعد الدراسة ستيفن ماكنيرني، مدير شؤون دعم الديمقراطية في المؤسسة.
وأعلن ماكنيرني في ندوة عقدت في مبنى الكونغرس الأمريكي أن الدراسة التي قام بها أظهرت أن الرئيس اوباما يأخذ موضوع دعم الديمقراطية والحُـكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان في الشرق الأوسط ودور الولايات المتحدة في هذا الدعم، مأخذ الجِـد، وهو ما يتّـضح من الزيادات الملحوظة في المخصّـصات المطلوبة لبرنامج المساعدات الخارجية الأمريكية وبرامج مساندة التحوّل الديمقراطي في العالم العربي، غير أن الدراسة أظهرت في نفس الوقت، تحوّلا في كيفية دعم إدارة الرئيس أوباما للديمقراطية في الشرق الأوسط.
فبعد أن كانت إدارة الرئيس بوش تركِّـز على توجيه الدّعم المادّي لمؤسسات المجتمع المدني في بلدان الشرق الأوسط، المعنية بالانفتاح السياسي والإصلاح الديمقراطي وحماية حقوق الإنسان، بدا من خلال الميزانية الجديدة أن هناك انخفاضا ملحوظا في مخصّـصات مساعدة مؤسسات المجتمع المدني في الدول العربية، وخاصة في مصر والأردن، حيث وصلت نسبة التخفيض إلى 40%.
سألت swissinfo.ch السيد ستيفن ماكنيرني عمّـا تعنيه هذه المؤشرات فقال: “ما يثير القلق في أولويات أوباما، كما تبدو في طلب تخصيص ميزانية المساعدات الخارجية، هو التحوّل من تقديم المساعدات إلى منظمات المجتمع المدني مباشرة إلى تمويل برامج دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحُـكم الرشيد من خلال أنظمة الحُـكم العربية، مع تخفيض بنسبة تقارب 30% لمخصّـصات منظمات المجتمع المدني في الدول العربية”.
وأعرب السيد ماكنيرني عن اعتقاده بأنه، وإن كانت إدارة أوباما ترغَـب في مُـواصلة دعم التحوّل الديمقراطي في العالم العربي على المدى الطويل، فإنها ترغب وبشكل أكبر في دفع عملية السلام وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، كهدف استراتيجي هام بالنسبة للمصالح القومية الأمريكية، ولذلك، فإن التّـركيز منصَـبّ على الصراع العربي – الإسرائيلي وكيفية تنفيذ الانسحاب الأمريكي من العراق.
وردّا على سؤال لـ swissinfo.ch عما إذا كانت مؤشِّـرات تحليل ميزانية المساعدات الخارجية تتماشى مع وعود الرئيس أوباما بدعم التحوّل الديمقراطي في خطابه الموجه للعالم الإسلامي من القاهرة، قال السيد ماكنيرني: “لقد عكس طلب الميزانية الذي تقدّم به الرئيس أوباما زيادة كبيرة في مخصّـصات دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن معظم تلك الزيادات موجّـهة إلى العراق وأفغانستان وباكستان، ولكن الأمر يحتاج إلى خُـطوات ملموسة، على رأسها ممارسة الضغوط الدبلوماسية على الأنظمة العربية، خاصة الصديقة منها والحليفة للولايات المتحدة، لتحقيق الإصلاح السياسي المطلوب والخروج ببلادهم من حالة الرّكود ومساعدة البرامج الأمريكية لدعم التحوّل الديمقراطي والحُـكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان في العالم العربي”.
الاعتماد على الحكومات المستبِـدّة
وتحدّثت في الندوة الدكتورة مارينا اوتاوي، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام العالمي، فأعربت عن قلقها من أنه، “فيما كان الرئيس بوش يروِّج من خلال شِـعاره الخاص بأجندة الحرية بضرورة التخلّـي عن سياسة تفضيل دعم الاستقرار في الشرق الأوسط على دعم الديمقراطية، فإنه يبدو أن الرئيس أوباما في إطار سعيِـه من البداية لتحقيق السلام في المنطقة عن طريق حلّ الدولتين كأولوية أولى لسياسته في الشرق الأوسط، مستعدّ للتضحية بأجندة دعم الديمقراطية، ما دام سيحصل على تعاوُن وثيق من الأنظمة العربية في دفع عملية السلام”.
وردّا على سؤال لـ swissinfo.ch عمّـا تعنيه حقيقة تخفيض المخصّـصات الأمريكية لمساعدة مؤسسات المجتمع المدني في كل من مصر والأردن، قالت الدكتورة أوتاوي: “إن معظم التّـخفيضات في مخصّـصات دعم الديمقراطية بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني، استهدفت مصر والأردن بالتّـحديد، وهما دولتان حليفتان للولايات المتحدة وتُـسهمان بقدر كبير في تذليل عقبات المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مما يعني رغبة الرئيس أوباما في أن يكون دعم الديمقراطية في مصر والأردن من خلال العمل مع الحكومتين، المصرية والأردنية، لحثِّـهما على تسريع خُـطوات التحوّل نحو الديمقراطية ومكافحة الفساد واحترام حقوق الإنسان، بدلا من دعم منظمات المجتمع المدني المستقلّـة عن الحكومة والتي تناصب أنظمة الحُـكم العداء بسبب ممارساتها القمعية وحالة الانغلاق السياسي والرّكود في دفع مسيرة التحوّل نحو الديمقراطية”.
وترى الدكتورة مارينا أوتاوي أن الاعتماد على الحكومتيْـن، المصرية والأردنية، في دعم التحوّل الديمقراطي عِـوضا عن مؤسسات المجتمع المدني، يمثِّـل تنازُلا من إدارة أوباما للنِّـظامين، مقابل تأمين مساعدتهما في عملية السلام، ويشكل عدم رغبة إدارة أوباما في ممارسة الضغط على الأنظمة العربية لتحقيق التحوّل نحو الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
وخلّـصت الدكتورة أوتاوي إلى القول “لو كان الرئيس أوباما راغِـبا حقا في دعم الديمقراطية في الدول الحليفة للولايات المتحدة، مثل مصر، لكان قد أدرج مسألة التحوّل الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان على أجندة الحِـوار الإستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة، خاصة مسألة التعديلات الدستورية التي ترسّـخ سيطرة الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، بل وتحجب إمكانية منافسة مرشّـحي الأحزاب الأخرى على رئاسة الجمهورية في الانتخابات القادمة، التي يُعدّ نجل الرئيس جمال مبارك الفائز الحتمي بها”.
دعم الديمقراطية في مناطق الحروب الأمريكية
ولاحظت الدِّراسة، التي أعدتها مؤسسة مشروع دعم الديمقراطية في الشرق الأوسط، أن الميزانية الأمريكية الأولى للرئيس أوباما زادت ميزانية دعم مؤسسات المجتمع المدني في أفغانستان وباكستان عشرة أضعاف عما كانت عليه في عهد الرئيس بوش، وزادتها بنسبة 6% فقط في العراق، مما يعكِـس أن أفغانستان وباكستان اللّـتين تركز عليهما إدارة أوباما في الحرب على الإرهاب، أصبحتا تحتلاّن الأولوية على أجندة الرئيس أوباما فيما يتعلق بتحسين مؤسسات الحُـكم ودعم احترام حقوق الإنسان ومساندة الديمقراطية.
غير أن السيد توماس ميليا، نائب مدير مؤسسة فريدم هاوس freedom house الأمريكية المعنية بالدفاع عن الحرية في أنحاء العالم، رصد في ذلك التركيز محاولة من إدارة الرئيس أوباما لاستثمار مخصّـصات دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان في بناء هياكل الحُـكم ومؤسسات المجتمع المدني في الدول الثلاث لفترة ما بعد انتهاء الحروب الثلاث فيها، ولكنه قال: “إن ذلك التركيز سيدفع الكثيرين للخلْـط ما بين المجهود الحربي الأمريكي والمسعى الأمريكي لدعم التحوّل الديمقراطي والحكم الرشيد”.
وتوجّـهت swissinfo.ch للسيد ميليا بسؤال عمّـا يجب أن يفعله الرئيس أوباما للجمْـع بين تحقيق المصالح القومية الأمريكية وبين تنفيذ وعوده في خطاب القاهرة بمساندة الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان فقال: “يجب أن يُـحاول الرئيس أوباما الجمْـع بين العمل مع بعض أنظمة الحُـكم العربية الحليفة، لتحقيق أهدافه في دفع مسيرة السلام وتحقيق حلّ الدولتين وضمان التعاوُن الأمني والتنسيق في مكافحة الإرهاب، وبين مواصلة الحِـوار مع مؤسسات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة والجماعات المستقلّـة في العالم العربي، ليُظهر أن المصالح الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم، لا تقتصر على التعامل بين الحكومة الأمريكية وبين أنظمة الحكم العربية، وإنما تهتمّ أيضا بطموحات الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية والحُـكم الرشيد ومكافحة الفساد والتقيّـد باحترام حقوق المواطن العربي”.
محمد ماضي- swissinfo.ch- واشنطن
على متن طائرة الرئيس الأمريكي (رويترز) – قال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت جيبز يوم الاربعاء 5 أغسطس 2009 إنه أخطأ التعبير عندما وصف محمود احمدي نجاد بالرئيس الايراني المنتخب. وأضاف أن واشنطن ستترك للشعب الايراني أن يقرر ما إذا كانت الإنتخابات الإيرانية نزيهة.
وأضاف جيبز للصحفيين على متن طائرة الرئيس الامريكي “لأصحح شيئا مما قلته أمس (الثلاثاء 4 أغسطس). أشرت الى أن السيد احمدي نجاد هو الرئيس الإيراني المنتخب. أقول إنه ليس من حقي أن أصدر حكما”.
وأضاف “لقد تم تنصيبه. هذه حقيقة. أما ما إذا كانت أي انتخابات نزيهة.. ومن الواضح أن الشعب الإيراني لا تزال لديه شكوك بهذا الشأن.. فسنترك له القرار في ذلك”.
وأدى محمود احمدي نجاد اليمين الدستورية كرئيس لايران يوم الاربعاء 5 أغسطس في احتفال قاطعه زعماء إصلاحيون وبرلمانيون وصاحبها احتجاجات في الشوارع على فوزه بالرئاسة.
وأدى نجاد (53 عاما) اليمين بعد قرابة ثمانية اسابيع من الإنتخابات التي ساد الخلاف على نتائجها وفجرت أسوأ اضطرابات في ايران منذ الثورة الإسلامية عام 1979 وأحدثت انقساما في صفوف النخبة السياسية والدينية.
وقرر أوباما وزعماء فرنسا وبريطانيا وايطاليا والمانيا أن لا يهنئوا احمدي نجاد بانتخابه لفترة رئاسة ثانية. وكان جيبز وصف احمدي نجاد في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء بانه “الرئيس المنتخب” لإيران.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 5 أغسطس 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.