أولي ماورر.. وزير فدرالي تحت الإختبار
قيّمت معظم الصحف الصادرة صباح الخميس إيجابيا عودة حزب الشعب السويسري إلى الحكومة الفدرالية من خلال وزير يمثل فعلا أكبر حزب في البلاد. في المقابل، يشدد العديد من المعلقين على أن أولي ماورر سيخضع لمراقبة لصيقة.
صحيفة “لونوفيليست” (تصدر بالفرنسية في نوشاتيل) نوهت إلى أن “حزب الشعب يستعيد وزيرا يمكن له أن يرى فيه ذاته مثلما هو الحال بالنسبة لناخبيه الذين استبعدوا لفترة طويلة جدا من المناورات السياسية “البرناوية”، فيما اعتبرت صحيفة “كوتيديان جوراسيان” (تصدر بالفرنسية في دوليمون) أن النظام السياسي السويسري “يستعيد بعودة مُزارع (نسبة إلى حزب المزارعين وهي التسمية الأصلية لحزب الشعب) أرثودكسي شيئا من التوازن”.
“لاتريبون دو جنيف” (تصدر بالفرنسية في جنيف) اعترفت أنه “ليس بإمكانها أن تبتهج بانتخاب أولي ماورر”، لكنها اعتبرت أن دخوله إلى الحكومة يشكل – يا للمفارقة – “خبرا جيدا” نظرا لأن “أول حزب في سويسرا أصبح مُمثلا من جديد في الحكومة الفدرالية بدون أي لبس”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “الأنفس قد هدأت” وإلى أن “الإستقرار المؤسساتي قد استُعيد”.
مخاوف
صحيفة “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) استخلصت من جانبها أن حزب الشعب “انتهى به الأمر إلى إدماج ممثله الأكثر قدرة على ضمان نهج الأغلبية فيه”، لكن أولي ماورر “يعرف أنه سيكون مُراقبا (من طرف بقية الأحزاب) بشكل لصيق”. في المقابل، استعملت صحيفة “لوماتان” (تصدر بالفرنسية في لوزان) لهجة تخلو من المجاملات لتؤكد أن النواب “نجحوا في إخافته (أي حزب الشعب)، هذه مجرد بداية.. يجب الإستمرار” (في هذا النهج).
في مقابل ذلك، اعتبرت “لوماتان” أن “إعادة إدماج حزب يمثل 30% من الأصوات في الحكومة، خطوة تنم عن حكمة”، لكنها دعت إلى “الذهاب أبعد من ذلك… والتصدي للقضايا المُثارة من طرف حزب الشعب عبر اقتراح بدائل متينة والتوقف عن المزايدة المنهجية في صفوف اليمين. فالتوافق (في العمل الحكومي) ليس هدفا في حد ذاته بل مجرد وسيلة”.
فرصة
صحيفة “لاليبرتبه” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) اعتبرت أنه “من اللحظة التي تم فيها القبول بعودة أول حزب في البلاد إلى الحضن الحكومي، لم يكن من باب الإنسجام اشتراط شخصية بديلة من نفس التيار القومي – المحافظ مكسوة بطلاء من الإعتدال المساعد على تسويغها (في إشارة لمحاولة اليسار وجزء من الوسط تمرير مرشح آخر من نفس الحزب هو هانس يورغ فالتر الأكثر اعتدالا وقبولا في الساحة السياسية)، لكن الصحيفة تنتظر الآن أن ينزع أولي ماورر عنه رداء “مُنمّق الكلام المخادع” ويستبدله بلباس رجل دولة.
صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في جنيف) نحت نفس الإتجاه واعتبرت أن أولي ماورر الذي فاز بفارق صوت واحد “يدخل الحكومة الفدرالية في أعقاب رمية نرد من الباب الصغير وهو يعي تماما أنه سيكون مُراقبا جدا”، لكن هذا الوضع يُوفّـر له الفرصة الآن من أجل “إقامة الدليل على أن حزب الشعب السويسري في نسخته “البلوخرية” (نسبة لكريستوف بلوخر، الزعيم الكاريزمي للحزب) يستحق المشاركة في إدارة مسؤولة للبلاد بشكل يومي”.
ثنائي جهنمي
بعض الصحف اختارت نهجا آخر وعبرت عن بعض الإنتقادات لما حدث. “جورنال دو جورا” (تصدر بالفرنسية في دوليمون) اعتبرت في مقال عنونته “الوفاق.. فخ للأغبياء” أنه بما أن “كريستوف بلوخر وأولي ماورر يعني موسى الحاج والحاج موسى.. فقد كان من المفترض ترك حزب الشعب السويسري في المكان الذي كان فيه، في معارضة لم تكن على مقاسه”.
صحيفتا ليمبرسيال ولاكسبريس (تصدران بالفرنسية في نوشاتيل) حذرتا من “خطر العثور مجددا (ولكن بالمقلوب هذه المرة) على الثنائي الجهنمي (أي بلوخر وماورر) الذي عرفته سويسرا ما بين عامي 2003 و2007” واعتبرتا أن “الأدوار ستصبح من الآن فصاعدا معكوسة ما يعني أن حزب الشعب السويسري الذي يعشق التواجد في الحكم والمعارضة في آن واحد سيتمكن من استعادة انتصاراته الإنتخابية”.
نفس الإستخلاصات
الصحافة السويسرية الناطقة بالألمانية اعتبرت بدورها أن أولي ماورر سيخضع لمراقبة دقيقة بل سيكون “وزيرا مع تأجيل التنفيذ” حيث أشارت صحيفة برنر تسايتونغ (تصدر في برن) إلى أنه إذا ما لم يتصرف بشكل مقنع فإن البرلمان لن يتردد في “إرساله إلى الصحراء مثلما فعل مع كريستوف بلوخر”، في 12 ديسمبر من عام 2007.
صحيفة “بازلر تسايتونغ” (تصدر في بازل) عبرت عن الأمل في أن يأخذ ماورر على محمل الجد تصريحاته المؤيدة للعمل الجماعي في الحكومة وأن يقطع العلاقة مع كريستوف بلوخر. أما صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، (تصدر في زيورخ)، فاعتبرت أن “هذا الإنتخاب يمثل خطوة باتجاه عودة إلى االوضع المعتاد السويسري”، لكنها ذهبت إلى أنه يجب على أولي ماورر أن يحض حزبه على تحمل مسؤولياته الحكومية بدلا من الإستمرار في شن الهجمات على الآخرين وممارسة الحملة الإنتخابية المستمرة.
في هذا السياق، تبدو صحيفة “در بوند” (تصدر في برن) متأكدة بأن حزب الشعب لن يتحول إلى حزب “طيب” لكنها تأمل في حدوث شيء من الإنفراج، في حين اختارت صحيفة “سودأوستشفايتز” (تصدر في خور) التوجه إلى المستقبل متكهنة بأن هانس يورغ فالتر سيكون الوزير المقبل الممثل لحزب الشعب في الحكومة الفدرالية.
سويس انفو
يوم 12 ديسمبر 2007، انتخب البرلمان الفدرالي بشكل غير متوقع إيفلين فيدمر – شلومبف لعضوية الحكومة الفدرالية عوضا عن كريستوف بلوخر زعيم حزب الشعب السويسري (يمين متشدد).
إثر ذلك أعلن حزب الشعب أنه لم يعد مُمثلا في الحكومة من طرف عضويه إيفلين فيدمر شلومبف وسامويل شميد المتهمين بخيانة مصالح الحزب إثر قبولهما انتخاب البرلمان لهما لعضوية الحكومة في أعقاب الإطاحة ببلوخر. وتبعا لذلك، انتقلت أكبر قوة سياسية في سويسرا إلى المعارضة.
في أبريل 2008، طلبت القيادة الوطنية لحزب الشعب من فرع غراوبوندن طرد إيفلين فيدمر – شلومبف من صفوفه لكن أغلبية المندوبين رفضت ذلك.
يوم 1 يونيو 2008، أضفت القيادة الوطنية لحزب الشعب الصبغة الرسمية على رفت فرعه في كانتون غراوبوندن. وتبعا لذلك، قرر الجناح المعتدل في الفرع تأسيس الحزب البورجوازي الديمقراطي الذي انضمت إليه السيدة فيدمر – شلومبف وزيرة العدل والشرطة في الحكومة الفدرالية.
يوم 2 يونيو 2008، أعلن الجناح المعتدل في فرع حزب الشعب في برن بدوره عن تأييده لإنشاء حزب جديد كما التحق وزير الدفاع سامويل شميد بفرع الحزب البورجوازي الديمقراطي في برن.
يوم 1 نوفمبر 2008، أسست الفروع الجديدة في كانتونات برن وغراوبوندن وغلاروس رسميا الحزب البورجوازي الديمقراطي على المستوى الوطني.
يوم 12 نوفمبر، أعلن سامويل شميد، الذي تضعضع موقفه السياسي نتيجة للهجمات السياسية المستمرة التي تعرض لها من طرف زملائه السابقين في حزب الشعب السويسري، عن مغادرته للحكومة في موفى السنة.
يوم 10 ديسمبر، انتخب البرلمان الفدرالي أولي ماورر خلفا لسامويل شميد وبذلك يصبح مرشح حزب الشعب السويسري في عام 2009 الوزير رقم 111 في الحكومة الفدرالية السويسرية المتركبة من 7 أعضاء.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.