أولي ماور: من جندي مُخلص لـحزبه إلى وزير للدفاع
انتخـَب البرلمان الفدرالي يوم الأربعاء 10 ديسمبر في برن أولي ماورر، مُدير فرع حزب الشعب السويسري (يمين متشدد) في زيورخ، عضوا جديدا في الحكومة السويسرية ليحل محل سامويل شميد، وزير الدفاع المُستقيل. وأبدا ماورر استعدادا للتعاون مع زملائه الوزراء باسم مبدأ التوافق.
على الرغم من تأكيده في الآونة الآخيرة، وفي مناسبات عديدة، عدم اهتمامه بشـَغل منصب وزاري، أصبح أولي ماورر اليوم عضوا في الحكومة الفدرالية. ويُفسـَّر هذا التغيير في المقام الأول بولائه المُطلق لمجموعته السياسية.
وكان قد صرح في نهاية شهر نوفمبر الماضي في حديث مع صحيفة “تاغس أنتسايغر” (التي تصدر بالألمانية في زيورخ): “ما يهـُم هو القرار الصادر عن الحزب: فإذا كان حزب الشعب يعتزم العودة إلى الحكومة، فأنا على استعداد لتحمّل القيام بهذا الدور”.
ويُذكر أن عام 2008 تميز بتغيير هام في المشوار السياسي لماورر، إين زيورخ. ففي شهر مارس، تخلى بالفعل عن رئاسة القيادة الوطنية لحزب الشعب من أجل تكريس جهوده لنشاطاته كمُستشار في مجال الاتصالات ونائب في البرلمان الفدرالي.
وبعد مضي بضعة أشهر، وبدافع وفائه لحزبه دائما، وافق ماورر على تولي قيادة فرع حزب الشعب في زيورخ، اقتناعا منه بأن هذا الفرع يسلك المنهج الصحيح وأن القيادة الوطنية ينبغي أن تحذو حذوه.
شخصية لا تكل ولا تمل
ووفقا لمن يعرفونه عن كثب، فإن أولي ماورر – الحاصل على تكوين في التجارة والمحاسبة – شخص مُجتهد جدا ومُتفان تماما في خدمة حزبه. ويعود الفضل له، عندما كان رئيسا للقيادة الوطنية للحزب، في إحراز هذه المجموعة السياسية لتقدم هام، بحيث قفزت قاعدتها الانتخابية من 14,9% في عام 1996 إلى 29% في عام 2007. وخلال تلك الأعوام، كرس أولي ماورر كامل جهده لتطوير حزب الشعب، وسافر كثيرا في كافة أرجاء البلاد.
وقد استطاع الوزير الجديد تعزيز تواجد حزبه في جميع أنحاء سويسرا، حتى في المناطق الروماندية (المتحدثة بالفرنسية). كما نجح في جعل الحزب يلتف حول الجناح المحافظ جدا في كانتون زيورخ، والذي تحول كريستوف بلوخر إلى أكبر رموزه. وتحت رئاسة أولي ماورر، تم إنشاء 12 حزبا كانتونيا جديدا و600 فرع محلي لحزب الشعب السويسري.
وخلال هذه الفترة، ركز أولي ماورر على تكوين الموظفين داخل الحزب، وذلك بتنظيم دروس يـشرح فيها الحاجة إلى اجتذاب الناخبين بواسطة عدد مُحدّد من الأفكار الرئيسية التي يتم التعبير عنها بلغة بسيطة ومُباشرة.
المزيد
نظام التوافق
ظلّ كريستوف بلوخر
أولي ماورر، الذي غالبا ما يُنُعت بمجرد مُنـَفذ لأوامر كريستوف بلوخر (وزير العدل والشرطة السابق والذي كان مُرشحا أيضا لشغل مقعد شميد المُستقيل)، يُلـقب كثيرا أيضا بـ “أولي، الخادم”، أو كسياسي مُستنسـَخ لزميله، ابن زيورخ أيضا.
وفي مقابلة أجريت معه مؤخرا، شرح أولي ماورر توزيع المهام مع الزعيم التاريخي اللحزب، مؤكدا بأن كريستوف بلوخر هو الشخصية الاستراتيجية البارعة والقادرة على تحديد أهم المواضيع السياسية، بينما يتمثل دوره هو في الحصول على الموافقة السياسية الضرورية على القضايا المطروحة للنقاش، وفي انتقاء أسلوب تقديمها إلى الرأي العام.
وفي هذا الصدد، نوه أولي ماورر إلى أنه هو الذي اختار الملصقات المثيرة للجدل للحملة الانتخاببة لهام 2007، والتي كانت تُصور أغنام بيضاء تطرد خروفا أسودا. وقال إنه فضّل صورة الخرفان على صورة رجل مُلون يحمل سكينا مُلطخا بالدم.
مُـستعد للتعاون
وحسب كريستوف داربولي، رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي (وسط يمين)، “هنالك نسختان (شخصيتان) لأولي ماورر. فمن جهة، نجد شخصا عمـَليا وذكيا وودودا يمكن التحدث اليه بهدوء. ومن جهة أخرى، هنالك أولي ماورر ذو الطابع القاسي والقـَطْعي الذي ينشغل فقط بمصالح حزبه. ولا تتوافق سوى واحدة فقط من هاتين الشخصيتين مع المهام المنوطـة بوزير فدرالي”.
وبالفعل، أبدى أولي ماورر في كثير من الأحيان قسوة شديدة، خاصة في إطار المواجهات مع زملائه في الحزب الذين اعتقد بأنهم لم يُنجزوا مهامهم بشكل سليم. وكان قد وصف الوزيرين سامويل شميد (الدفاع) وإيفلين فيدمر-شلومبف (العدل والشرطة)، عندما كانا لا يزالان عضوين في حزب الشعب، بـ “زائدة دودية يتوجب استئصالها”.
وعلى إثر عدم إعادة انتخاب البرلمان لكريستوف بلوخر في الحكومة الفدرالية في ديسمبر 2007، قرر حزب الشعب عدم الاعتراف بهذين الوزيرين كفردين من أسرة الحزب. وبعد رفض الوزيرة شلومبف مغادرة الحكومة والحزب، أقصت اللجنة المركزية فرع الحزب في كانتونها غراوبوندن من الحزب الوطني. وفي عام 2008، أنشأت المجموعةُ المُنشقة “الحزب البورجوازي الديمقراطي” الذي انضم له الوزيران “المنبوذان”.
ولكن، حتى قبل انتخابه، أعرب الوزير الجديد عن استعداده للتعاون من أجل خير ومصلحة البلاد، ولئن كان هذا التعاون يعني تبني مواقف تتعارض مع المواقف الرسمية لحزبه. وصرح في هذا السياق: “مبدأ العمل بشكل جماعي في الحكومة لا يطرح مشكلة بالنسبة لي، فهو جزء من النظام السياسي. وأنا على استعداد للتعاون بصورة بناءه مع إيفلين فيدمر-شلومبف، وللدفاع عن مهمات الجيش في الخارج وعن (اتفاق) حرية تنقل الأشخاص (مع الاتحاد الأوروبي)”.
يُفضل وجبة “الكسكسي”!
وينحدر أولي ماورر، الذي يُعـَرِّف نفسه برجل وطني، من أسرة مزارعين، وهو مُتزوج وأبٌ لستة أطفال يـُحب تمضية وقت فراغه القليل برفقتهم. ويقضي ماورر فترات عطله حصريا في سويسرا، ومن قصصه المفضلة “هايدي” (الطفلة اليتيمة التي ذهبت للعيش في بيت جدها في جبال الألب السويسرية، وهي من أشهر قصص الأطفال). أما النشيد الوطني، فهو أيضا من مُختاراته الموسيقية.
ويرفض الوزير الجديد بشكل قاطع نعت “العنصري” الذي اقترن بصورته بسبب شراسة الحملات الانتخابية لحزبه. وقال بهذا الشأن: “لا يوجد في حزبنا مكان للمُتطرفين. ثم إن زوجتي وُلدت وترعرعت في غانا، ولدينا الكثير من الأصدقاء المُلونين. وفي بيتنا، نأكل الكسكي أكثر من “الراكليت” (وجبة البطاطس بالجبن المذوب السويسرية التقليدية)”.
ويقول أولي ماورر في الختام: “في السياسة، لا يمكن بتاتا لشخص لا يَستخدم عبارات قوية جلب الانتباه. فإذا ما تحدثْتُ عن ارتفاع الجريمة، يتثاءب الصحافيون، ولكن إذا ما تحدثت عن ارتفاع الجريمة في صفوف الأجانب، فهم، فجأة، يستمعون إلي”.
المزيد
الحكومة الفدرالية، الوزير الفدرالي، رئيس الكنفدرالية
سويس انفو – أندريا كليمـينتي
من مواليد 1 ديسمبر 1950 بويتسيكون (Wetzikon) بكانتون زيورخ. مُتزوج وأب لستة أطفال، ويحمل رُتبة رائد في الجيش السويسري.
بعد تكوين كموظف في مجال التجارة، حصل على شهادة مُحاسبة وأصبح مسؤولا عن التعاونية الزراعية “هينفيل-بوما” (Hinwil-Bauma). وفي عام 1994، عُين مديرا لجمعية المزارعين في زيورخ.
بدأ مشواره السياسي عام 1978 في المجلس البلدي لهينفيل (بكانتون زيورخ÷. وبعد مضي خمسة أعوام، انتخب نائبا في البرلمان الكانتوني الذي ترأسه في 1990-1991. وفي عام 1991، أصبح نائبا في مجلس النواب (الغرفة السفلى في البرلمان الفدرالي). وفي عام 1996، تولى رئاسة حزب الشعب.
شهدت مسيرته السياسية جملة من الانتكاسات أيضا. ففي عام 1991، لم ينجح في الدخول إلى حكومة كانتون زيورخ، بحيث هزمه وزير النقل الحالي، الاشتراكي موريتس لوينبيرغر. وفي عام 2007، هزمته نائبة حزب الخضر فيرينا دينير خلال انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان الفدرالي).
في عام 2008، غادر أولي ماورر منصب رئاسة القيادة الوطنية لحزب الشعب ليتولى، بصفة مفاجأة نوعا ما، رئاسة فرع الحزب في كانتون زيورخ.
يوجد هذا الحزب على يمين المشهد السياسي السويسري. وقد أنشئ في عام 1971 على إثر اندماج حزبين يدافعان عن مصالح المزارعين والحرفيين. وشهد قفزة سريعة منذ بداية عقد التسعينات.
وبدعوته إلى انتهاج سياسة اقتصادية متحررة وإلى تعاون محدود مع الاتحاد الأوروبي، وإلى التشدد أزاء الأجانب واللاجئين، أصبح حزب الشعب السويسري أول حزب في البلاد.
وفي عام 2003، حصل الحزب على مقعد ثان في الحكومة الفدرالية بعد انتخاب كريستوف بلوخر وزيرا للعدل والشرطة، والذي حلت محله في عام 2007، وبدون موافقة الحزب، إيفلين فيدمر شلومبف التي أقصيت من الحزب وانضمت للحزب البورجوازي الديمقراطي (الذي انبثق عن حزب الشعب).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.