أين العطب في الحوار الإيراني – الأمريكي؟
لم يعُـد ثمّـة شكّ في أن الحوار الأمريكي مع إيران أو بالأحرى اليد الأمريكية الممدودة هذه الأيام إلى طهران، يُـثيران كبير القلق لدى الدّول العربية "المعتدِلة" الحليفة لواشنطن، التي تشعر أنه في حال نجاح هذا الحوار، سيتم على حسابها وسيعزز النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.
يحدث هذا على رغم حقيقتين اثنتين: الأولى، أن العلاقات التفاعلية بين العرب والإيرانيين لم تغِـب لحظة منذ 2500 سنة، حين اجتاح سايروس كل الشرق الأوسط، ثم منذ أن أسقطت حفنة من المقاتلين العرب الإمبراطورية الفارسية وأسلمت إيران برمّـتها في الفترة بين عامي 637-651 ميلادي.
والثانية، أن إيران ليست، كما يروّج البعض في الولايات المتحدة والكثيرون في إسرائيل، “تشكّل بطموحاتها ومخطّـطاتها الإقليمية، التهديد الأكبر لمصالح الولايات المتحدة وحلفائِـها العرب في المثلث الإستراتيجي الخليج – قزوين – آسيا الوسطى” أو هذا على الأقل ما خرجت به دراسة نشرتها مؤخراً (يونيو 2008) “مؤسسة الولايات المتحدة للسلام”، جاء فيها:
· على الرغم من تصنيف واشنطن لطهران على أنها “الخطر الأكبر” على المصالح الأمريكية، إلا أن قوة هذه الأخيرة مقيـّدة بالوجود العسكري الأمريكي المفتوح في المنطقة وبالضعف الداخلي الإيراني وبالانقسامات التاريخية والمذهبية، بين الإيرانيين والعرب.
· إيران سعيدة بالتأكيد بملء فراغات القوّة الناجمة عن التعثر الأمريكي في العراق، لكنها لا تريد ولا هي قادرة على إحياء الإمبراطورية الفارسية القديمة ولا هي على وشك أن تصبح إتحاداً سوفييتياً آخر.
· أهداف إيران كلها تبدو دفاعية: تحقيق عُـمق إستراتيجي وحماية نظامها ضدّ التدخلات الأجنبية، وأيضاً أن تكون لها كلمة رئيسية في القرارات الإقليمية.
ما بعد الثمانينيات
هل تعني كل هذه المُـعطيات التاريخية حول حتمية الروابط الحضارية والجغرافية والإستراتيجية بين العرب وإيران، إضافة إلى الحقيقة بأن مواقع إيران في الشرق الأوسط دفاعية لا هجومية، أن النفوذ الإيراني الرّاهن في المنطقة العربية لا يشكِّـل خطراً على العرب أو على الأقل على الأنظمة العربية “المعتدلة”؟ أليس هناك قيد العمل الآن، تجديد للصِّـراع التاريخي بين السنّة والشيعة وبين العرب والفرس؟
لو أن هذه الأسئلة طُـرحت في أوائل الثمانينيات، لجاء الجواب سريعاً: المجابهة قائمة حتماً بين إيران الإسلامية الشيعية الثورية، التي تريد تصدير الثورة إلى كل العالميْـن، العربي والإسلامي، وبين الأنظمة العربية على أنواعها أو حتى بين السُـنّة والشيعة، لكن الصورة ليست على هذا النحو الآن.
صحيح أن إيران لا تزال تتمسّـك بإيديولوجيتها الإسلامية الثورية وبتطلُّـعها إلى قيادة العالم الإسلامي نحو تشكيل كُـتلة عالمية ثالثة مستقلّـة، لكن، خلال السنوات الثلاثين الأخيرة، مرّت مياه كثيرة تحت أقدام هذه الإيديولوجية صبّـت كلها في صالح الدولة لا الثورة في إيران: من النتائج الكارثية للحرب مع العراق إلى الحصار الغربي القاتل المفروض على إيران وما يرافقه من صعوبات اقتصادية ومعيشية جمّـة، مروراً بالفشل الذريع لتصدير الثورة أو في إقامة نُـظم إسلامية على صورة النظام الإيراني، بما في ذلك حتى في لبنان، حيث شكّل حزب الله الانجاز الوحيد للسياسة الخارجية الإيرانية الثورية.
إيران الثورية في الثمانينيات، التي مارست عبر حلفائها خطف الرّهائن والطائرات ورعاية العمليات الإرهابية على أشكالها وزعزعة استقرار البلدان، التي تتضمن أقليات شيعة، حلّت مكانها منذ مطلع التسعينيات إيران الدولة البراغماتية، التي تدعو إلى التعايش السِّـلمي مع جيرانها في الخليج وتُـدين العمليات الإرهابية للقاعدة وتسهّل على الأمريكيين غَـزوهم لأفغانستان، ثم العراق، وقبلها تبرم الصفقات معهم في إيران – غيت.
هذا الوضع لم يتغيّر حتى مع وصول رئيس أيديولوجي أصولي كأحمدي نجاد، يقول إنه على تواصل مع الولي الفقيه الذي سيظهر من غيبته الكبرى، ليُـحقق الانتصار النهائي للمستضعفين الشيعة على الأرض. فشعار تصدير الثورة استمرّ، لكنه بقي مجرّد شعار. والأقليات الشيعية في الدول العربية، كالسعودية والكويت، باتت أكثر اندماجاً في مجتمعاتها جزئياً بحفز من طهران، وكذا الأمر بالنسبة إلى الدول، حيث الشيعة هم الأغلبية، كالعراق والبحرين أو الأقلية الأكبر، كما في لبنان.
فالنفوذ الإيراني هناك موجودٌ بقوة، ولكن ليس في إطار “وحدة الأمة الإسلامية” بقيادة إيران والولي الفقيه فيها بل في إطار الدول – الأمم التي يعيش فيها هؤلاء.
جديد إيران
البعض قد يعتبر ذلك تكتيكاً مؤقتاً، هدفه التذليل التدريجي للعقبات التي تعترض قيام “الدولة الإسلامية الأممية”، التي تدعو إليها عقيدة الولي الفقيه والتي لا ولاية فقيه من دُونها. قد يكون هذا صحيحاً، لكن الصحيح أيضاً، أن الثوريين الإيرانيين تعلّـموا من تجاربهم المُـرّة خلال العقود الثلاثة الماضية، أن انتصار طبعتهم الخاصة من أمميتهم الشيعية الإسلامية في عالم إسلامي 90% منه سُـنّة، قد يحتاج إلى انتظار قد يُـوازي انتظار الإمام المهدي المستمر منذ 1300 عام.
الجديد الذي أقدَم عليه الإيرانيون في مطلع القرن الحادي والعشرين، هو الانتقال من هدف تصدير الثورة وتغيير الأنظمة، إلى دعم وتسليح وتمويل كل القوى الثورية العربية المقاومة لإسرائيل، أي بكلمات أخرى: الانتقال من التركيز على الدول إلى الشعوب، وهذا يعني تبني القضية الفلسطينية بالكامل وسحب هذه الورقة بالكامل من أيْـدي الأنظمة العربية ووضعها في الحضن الإيراني.
هذه الإستراتيجية حقّـقت نجاحات باهِـرة لسببين متلازمين:
الأول، فشل الدول العربية “المعتدلة” في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، التي تشكّـل في الواقع جُـرحاً وجدانياً غائراً في هوية كل مواطن عربي، والتي كانت إلى فترة طويلة المبرّر المهِـم، إن لم يكن الأهم، لتبرير شرعية الأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية العربية.
والثاني، نجاح الحركات العربية المسلّحة التي تدعمها إيران، كحزب الله وحماس والجهاد، في الصمود إلى فترة طويلة نِـسبياً في وجه القوة العسكرية الإسرائيلية الأقوى في الشرق الأوسط، في حين كانت الجيوش العربية منذ عام 1948 تنهار في الحروب مع الدولة العبرية، خلال أيام أو حتى ساعات.
وهكذا، اكتسى شعار “المقاومة” الذي رفعته هذه الحركات، مضموناً مادياً ملموساً ومكّن إيران في الوقت نفسه من تحقيق نفوذ شعبي وإعلامي حقيقي في كل العالم العربي.
وبالطبع، هذا الانتقال من هدف تغيير الأنظمة العربية إلى تبنّي قضية فلسطين، أثار قلق الأنظمة العربية أكثر بما لا يُـقاس من شعار “الهلال الشيعي” المُـمتد من إيران إلى العراق والسعودية والكويت وسوريا ولبنان، الذي رفعه الملك الأردني عبد الله الثاني ثم تراجَـع عنه. فعلى المِـحك، هنا شرعية هذه الأنظمة وقدرتها على البقاء، فيما الجريح الفلسطيني يُـواصل النزيف ولا يجد أمامه سوى الطبيب الإيراني لمداواته.
وربما تكون الأزمة المصرية – الإيرانية الرّاهنة، والتي اندلعت بعد الكشف عن خلية حزب الله في مصر، مؤشِّـراً على مدى الإحراج الكبير الذي تشعر به الأنظمة “المعتدلة”.
فالقاهرة شنّـت حملات عنيفة على حزب الله وإيران، لكن كل هذه الحملات تركّـزت على خرق سيادة مصر على أراضيها ولم تُوجّه اتهامات إليهما بمحاولة قلب نظام الحكم فيها، هذا في حين كان حزب الله يعترف بهذه النشاطات على أرض مصر ويفخر بأنه يقوم بها لمساعدة الفلسطينيين المحاصَـرين في غزة.
وقبل ذلك، كان زعيم حزب الله حسن نصر الله يقفز خلال حرب غزة الأخيرة فوق أكتاف النُّـخبة الحاكمة المصرية ليُـخاطب الجيش والشعب المصريين باسم “شرعية المقاومة”، مطالباً إياهما بالتحرك لنجدة الشعب الفلسطيني في غزة.
كل هذه التطورات دقّـت أجراس الإنذار بقوّة في العواصم العربية، خاصة في مصر والأردن اللّـتان وقّـعتا معاهدة سلام مع إسرائيل، بعد أن بدا أن هذه التطوّرات تقسم المنطقة إلى معسكريْـن: معسكر أول تقوده إيران، يرفع شعار المقاومة المسلحة وغير المسلحة ويجبر إسرائيل على احترامه والتّـعاطي معه بجدِّية، ومعسكر ثانٍ تتزعمه مصر والسعودية، ويعاني الأمرّيْـن أمام الشعوب العربية لعجزِه عن ترجمة مشاريعه للسّلام ولحلٍّ عادلٍ للقضية الفلسطينية في إطار تسوية الدّولتين إلى واقع ملموس.
بيد أن هذا الانقسام لا يبدو نهائياً أو تناحرياً لسبب جوهري: إيران بقِـيت لفترة طويلة، وعلى رغم رفضها الاعتراف بدولة إسرائيل، ترفع شعار قَـبول ما يقبّـله الفلسطينيون، بما في ذلك خيار الدّولتين، وهي لم تنتقل إلى الدعوة لـ “تحرير كل فلسطين وإزالة إسرائيل من الوجود”، إلا بعد أن رفضت إدارة بوش العرّض الرسمي الذي قدّمته لها طهران في عام 2003 غداة غزو أمريكا للعراق، والذي تضمّـن، ليس فقط تعاوناً كاملاً معها في البرنامج النووي الكامل، بل أيضاً القبول بوجود دولة إسرائيل في إطار دعم مبادرة السلام التي طرحتها القمّـة العربية في بيروت عام 2002، وهذا يعني أن الاتِّـهامات العربية لإيران بأنها ترفع شِـعار تحرير كل فلسطين لمجرّد استخدامها كورقة ضغط على أمريكا والغرب، فيه قدر كبير من الصحّـة.
ومع ذلك، وفي غياب أي أفُـق راهن لنجاح جهود السّلام العربية، يبقى شعار المقاومة الإسلامية الذي ترفعه إيران جذّاباً ويوفِّـر لها نفوذا متزايداً في الشارع العربي، كما يُـساهم في المزيد من تآكل شرعية الأنظمة العربية المعتدلة.
.. وقلق إسرائيلي
بيد أن قلق الأنظمة العربية لا يتوقف هنا، إذ هي إضافة إلى ذلك، تشعر بقلق أكبر من أن يؤدّي الحوار الأمريكي – الإيراني إلى اعتراف أمريكي بشرعية الدور الإقليمي الإيراني في المشرق العربي (وإن معدلاً عبر معاودة إيران دعم خيار الدولتين)، مقابل تعاون الطرفين (مجددا ) في العراق وأفغانستان وباكستان والحرب على الإرهاب وغيرها من القضايا.
هذا الموقف العربي يتقاطع مع الموقف الإسرائيلي، الذي ينظر بعيْـن حمراء هو الآخر إلى الحوار الأمريكي – الإيراني، والذي كان فاقعاً في وضوحه في منحيين: مسارعة الرئيس الإسرائيلي بيريز إلى إرسال رسالة إلى الشعب الإيراني يحضّه فيها على قلب النظام بعد ساعات من رسالة أوباما إلى إيران، قادة وشعباً، وتزعم نتانياهو لحكومة يمينية – عمالية، أولويتها القصوى تفجير الصِّـراع مع إيران، سواء مباشرة أو عبر الحروب بالواسطة.
صحيح أن تل أبيب لن تعمد إلى تعطيل الحوار الإيراني – الأمريكي فوراً، لكن الصحيح أيضاً أنها ستضغط بشدّة لتحديد أمَـد هذا الحوار، بحيث لا يتعدّى الشهور القليلة، وهي هنا بتقرير لجنة الطاقة الذرية الدولية الذي صدر الشهر الماضي، والذي أكّـد أن إيران “عبَـرت العتَـبة التكنولوجية النووية” وباتت تمتلك ألف طُـن من اليورانيوم الكافي لصنع قنبلة نووية.
هذا التقرير كان بمثابة هِبَة مفاجِئَة من السماء سقطت مباشرة على أرض إسرائيل. فهو يستخدم الآن من جانب اللّـوبي اليهودي في الولايات المتحدة للضغط على إدارة أوباما، ليس لتغيير وجهة نظرها في الحوار مع إيران (فهذا بات أمراً صعباً)، بل لتغيير وجهة سير هذا الحوار في مجالين إثنين:
الأول، وضع شروط مُـسبقة على المفاوضات، في مقدّمتها ضرورة وقف إيران لعملية تخصيب اليوارنيوم وتمكين المراقبين الدوليين التابعين لوكالة الطاقة، من التحقق والتحرّي من التنفيذ بدقة.
والثاني، وضع سقف زمني محدّد لهذا الحوار، لا يتعدى الأشهر، لمنع طهران من مواصلة لُـعبتها المفضلة في كسب الوقت.
بيد أن هذا لن يكون كل ما في الجُـعبة الإسرائيلية، علاوة على ذلك، هناك على ما يبدو “خطط عملاتية” لمواكبة الحوار الإيراني – الأمريكي، وهذا ما أكّـده مؤخراً وزير الدفاع الإسرائيلي باراك، الذي ألمح في محاضرة مؤخراً أمام كِـبار قادة الجيش الإسرائيلي، إلى أنه على إسرائيل مواكبة الحوار الأمريكي – الإيراني بالتّـركيز على جبهة حزب ال،له وربما أيضاً سوريا، كما أكده وزير البحرية الإسرائيلية الجنرال ماروم، الذي نادراً ما يُـدلي بتصريحات، حين قال: “إن مِـحور الشرّ الذي يتكوّن من إيران وسوريا وحزب الله وحماس، سيتطلب من إسرائيل شنّ حملة ضدّه، تُستخدم فيها أفضل جهودنا وإمكاناتنا”.
أي حل؟
ماذا تعني كل هذه التطورات؟ أمر واحد: العقبات أمام الحوار الإيراني – الأمريكي ستكون ضخمة، وهي لن تكون مُـمكنة التذليل، إلا إذا ما انتهجت إدارة أوباما مقاربة مختلفة لهذا الحوار، ومعه بقية قضايا المنطقة يقوم على تأسيس نظام إقليمي أمني جديد يأخذ بعين الاعتبار مصالح ومخاوف ومطالب كل القوى الإقليمية المعنِـية في الشرق الأوسط.
في السابق، كان مثل هذا النظام مستحيلاً بسبب محاولة القوى الدولية والإقليمية الرئيسية، التفرد بزعامة هذا النظام طيلة القرن المنصرم، بدءاً من البريطانيين والفرنسيين في أوائل القرن العشرين (مع اتفاقات سايكس- بيكو) إلى المصريين (مع مشاريع جمال عبد الناصر القومية العربية)، ثم السعوديين في منتصفه، ثم الإسرائيليين في أواخره، وأخيراً الأمريكيين أنفسهم في أوائل القرن الحادي والعشرين.
كل هذه المشاريع تحطّـمت الواحدة تلو الأخرى وفشلت في تحقيق الأحادية القطبية في المنطقة، وهذا ما أسفر الآن عن ولادة تعدّدية قطبية في الشرق الأوسط، لابد أن يعترف بها كل من يريد أن يحوّل هذه المنطقة الإستراتيجية من ساحة حرب إلى واحة سلام.
أجل. إيران شكّـلت ولا تزال وَجَـع رأس حقيقي لأمريكا وأثارت وتُـثير قلقاً حقيقياً لدى بعض الدول العربية، لكن كذا الأمر مع القضية الفلسطينية، و”القضية الإسرائيلية”، حيث أن الدولة العِـبرية لم تستطع بعد 61 عاماً من تأسيسها، الاندماج في الشرق الأوسط كدولة عادية، وقضايا الاستبداد والديمقراطية والتخلف الاقتصادي والاجتماعي الكاسِـح المترافق مع الانفجار الهائل في الديموغرافيا والانفجار الآخر في الإيديولوجيات الأصولية المتطرفة و”القروسطية”.
المجابهات والحروب المستمرة منذ قرن، عجزت عن حلّ كل هذه المعضلات. فهل يُعطي الحوار والحلول الوسط والتجارة في إطار نظام إقليمي أمني تعددي مطمئِـن للجميع ومُـراعٍ لمصالح الجميع فرصة لإثبات وجوده وقُـدرته على إجتراح الحلول؟
سعد محيو – بيروت – swissinfo.ch
واشنطن (رويترز) – يحاول الرئيس الامريكي باراك أوباما هذا الاسبوع، اصلاح علاقات الولايات المتحدة مع العالم الاسلامي في خطاب يلقيه من الشرق الاوسط، يقول مساعدون انه سيحاول فيه مدّ يده للمسلمين، لكنه في الوقت نفسه سيتطرق فيه الى قضايا صعبة، مثل عملية السلام والتطرف الذي يلجأ الى العنف. وسيستغل أوباما، الذي يسافر الى المنطقة يوم الثلاثاء 2 يونيو، الخطاب الذي يلقيه يوم الخميس 4 يونيو في محاولة اصلاح بعض الضرر الذي لحق بصورة أمريكا بسبب حرب العراق ومعاملة واشنطن للمحتجزين العسكريين وعدم تحقيق تقدم في محادثات السلام في الشرق الاوسط.
وسئل أوباما يوم الاثنين 1 يونيو، عما اذا كان الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة في أفغانستان، سيضعف جهوده للتعامل مع العالم الاسلامي، فقال الرئيس الامريكي إن الولايات المتحدة ليست لديها أطماع في أرض أفغانستان، لكنها فقط تريد ان تمنع القاعدة من شن هجوم آخر على غِـرار هجوم 11 سبتمبر عام 2001. وقال أوباما للاذاعة الوطنية الامريكية “ما نريده هو ببساطة ان لا يبقى في أفغانستان أناس يخططون لضرب الولايات المتحدة، هذا هدف متواضع للغاية يجب ان تتفهمه دول اسلامية أخرى”.
ونجاح المبادرات الدبلوماسية للرئيس الامريكي في المنطقة، مثل دفع عملية السلام الفلسطينية الاسرائيلية قُـدما ووقف البرنامج النووي الايراني قد يعتمد على قدرة أوباما على تحسين العلاقات الامريكية الاسلامية. وكان والد أوباما مسلما كما عاش الرئيس الامريكي في صباه في اندونيسيا، وهي دولة اسلامية.
والمحطة الاولى في زيارة أوباما للشرق الاوسط وأوروبا، التي تستغرق أربعة أيام، هي المملكة العربية السعودية، حيث يجري محادثات مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز حول قضايا، منها عملية السلام في الشرق الاوسط والبرنامج النووي الايراني وأسعار النفط.
وتختلف واشنطن والرياض حول اسعار النفط. وخصص أوباما أموالا طائلة في خطة انقاذ الاقتصاد الامريكي من الكساد وعبّـر عن قلقه من ارتفاع اسعار النفط الذي يمكن ان يضر بأي محاولات لانعاش الاقتصاد.
ويقول ديفيد اوتاواي، الباحث في شؤون الشرق الاوسط بمركز ويلسون غير الحزبي ان السعودية تدعو الى استقرار الاسعار عند ما يتراوح بين 75 و80 دولارا للبرميل، بدلا من السعر الحالي وهو 68 دولارا. وأضاف “فيما يتعلق باسعار النفط، اعتقد ان هناك خلافا ملموسا وحادا بين الموقفين”.
ويود السعوديون ان تمارس واشنطن ضغوطا اكبر على ايران بشأن برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في ان القصد منه هو تصنيع اسلحة نووية، لكن طهران تقول انه سِـلمي لتوليد الطاقة، كما يشعر السعوديون بخيبة أمل من عدم تحقيق تقدم للتوصل الى تسوية لانهاء الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
وقال اوتاواي “فيما يتعلق بقضية محادثات السلام… السعوديون مثلهم مثل غالبية العرب، ملوا المحادثات ويريدون ان يروا شيئا ملموسا يحدث”.
ويسافر أوباما الى القاهرة يوم الخميس 4 يونيو، ليفي بالوعد الذي قطعه على نفسه خلال حملته الانتخابية، ويوجه خطابا الى العالم الاسلامي من عاصمة اسلامية كبرى في وقت مبكر من رئاسته. وتولى أوباما الرئاسة الامريكية في يناير 2009.
وقال روبرت غيبز، المتحدث باسم البيت الابيض “الخطاب سيبرز التزامه الشخصي بالتعامل على اساس من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. سيناقش كيف يمكن للولايات المتحدة والمجتمعات الاسلامية في شتى انحاء العالم ان تتخطى بعض الخلافات التي فرقت فيما بينهم”. وصرح مساعدون بأنه، بينما سيناقش أوباما سبل تحسين العلاقات الامريكية الاسلامية، سيبحث أيضا قضايا صعبة مثل عنف المتطرفين والصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
وقال مارك ليبرت، نائب مستشار الامن القومي الامريكي “إنه لا يتردد في التطرق الى قضايا صعبة في خطابه. لديك رئيس لا يهاب التعامل مع قضايا صعبة جدا”.
ويرى ارون ديفيد ميلر، محلل السياسة العامة بمركز ويلسون، ان المنطقة ستتابع عن كثب خطاب أوباما لمعرفة ما اذا كان سيصل الى نتائج جديدة في الصراع العربي الاسرائيلي وما اذا كان سيقول شيئا عن النظم الاستبدادية وحقوق الانسان والحكم الرشيد في العالم الاسلامي. وأضاف “اذا لم يفعل ايا من هذه الاشياء، فسيكون الخطاب عاديا ولن يكون خطابا غير عادي وهو ما… ينتظره منه العالم العربي والاسلامي.. شيء جديد شيء مختلف شيء حقيقي”.
وبعد زيارته للعاصمة المصرية القاهرة، سيسافر الرئيس الامريكي الى أوروبا في زيارة مفعمة بالرمزية فيما يتعلق بالحرب العالمية الثانية، حيث يزور مركز اعتقال نازي في المانيا كما يزور شاطيء نورماندي في فرنسا في الذكرى الخامسة والستين ليوم الانزال حين نزلت قوات الحلفاء على الشواطيء الفرنسية.
ومن المقرر ان يلتقي أوباما مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل ومع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في اطار جهوده لتحسين العلاقات بين ضفتي المحيط الاطلسي.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 2 يونيو 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.