مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إنفلونزا الخنازير: رفع درجة الإنذار وغموض يُحيط بمصدر المرض

Keystone

رفعت منظمة الصحة العالمية مستوى الإنذار بخصوص مواجهة مرض انفلونزا الخنازير من ثلاثة لأربعة في سلم يشتمل على ست درجات، مع مواصلة الجهود للتعرف على مصدر المرض ومن أجل إعداد تلقيح ممكن. في المقابل، ترى المنظمة الدولية التي يُوجد مقرها في جنيف أن إجراءات الحد من تنقل الأفراد ليست فعالة وأن الأفضل أن يعرض الشخص الذي يشعر بالمرض نفسه على طبيبه الخاص.

في الأثناء، تواصل منظمة الصحة العالمية جهودها في تعاون مع الدول المعنية بظهور حالات الإصابة بمرض انفلونزا الخنازير لتحديد مصدر المرض الذي أدى (إلى حين إعداد هذا التقرير) إلى مقتل أكثر من 140 شخصا في المكسيك وتم تأكيد حالات الإصابة به بدون وفيات لحد الآن في كل من الولايات المتحدة وكندا وإسبانيا وزيلندا الجديدة وبريطانيا وإسرائيل.

وفي ندوة صحفية عقدت صباح الثلاثاء 28 أبريل في جنيف، صرح الناطق باسم منظمة الصحة العالمية غريغوري هارلتلي “إننا نعلم أن كل الحالات هي حالات إصابة انتقلت من الإنسان للإنسان، وليست لدينا أية معلومات عن حالات انتقال من الخنزير للإنسان”. ومن هذا المنطلق ترى المنظمة أن مواصلة استهلاك لحم الخنزير المطبوخ (لمن يستهلكه) ليس فيها أية أخطار.

وأضاف الناطق باسم منظمة الصحة العالمية “إننا نواصل البحث لمعرفة المصدر الأولي الذي ظهر فيه هذا المرض”، ولا يُوجد لدى المنظمة حاليا أي تفسير عن أسباب اشتداد حالات الوفيات بفيروس إنفلونزا الخنازير المطور في المكسيك (7 من بين 26) بينما تعافى 40 مُصاب في الولايات المتحدة الأمريكية.

واستبعد الناطق باسم منظمة الصحة العالمية إمكانية افتقار المكسيك للوسائل الضرورية لمواجهة أزمات الانفلونزا العادية، بحيث أشار إلى أن “المكسيك يملك احتياطيا من دواء تاميفلو” المضاد لأنواع الانفلونزا، والذي أظهر نجاعة أيضا في علاج المرضى المصابين بالنوع الجديد من إنفلونزا الخنازير. لكن الناطق باسم المنظمة يرجح أن “الأشخاص الذين المصابين في المكسيك قد تباطؤوا في اكتشاف انهم مصابون بالنوع الجديد من مرض انفلونزا الخنازير”.

وجدير بالذكر ان الفيروس المتسبب في هذا النوع الجديد من مرض إنفلونزا الخنازير يجمع في تركيبته خصائص فيروس انفلونزا الخنازير التقليدية وانفلونزا الطيور وانفلونزا الإنسان.

رفع درجة الإنذار.. ولا توصيات بمنع التنقل

وأمام تأكيد العديد من الدول في أمريكا الشمالية والوسطى واستراليا ونيوزيلندا وأوروبا، بل حتى في إسرائيل وجود حالات إصابة بفيروس إنفلونزا الخنازير في أغلب الحالات عبر أشخاص كانوا في زيارة للمكسيك، عمدت منظمة الصحة العالمية ليلة الإثنين 27 – الثلاثاء 28 أبريل إلى رفع درجة الإنذار من 3 الى 4 في سلم يشتمل على ست درجات.

ومعنى درجة الإنذار الرابعة، حسب الناطق باسم منظمة الصحة العالمية أن “المرض دخل في مرحلة الانتقال من إنسان لإنسان، وأنه قد يؤدي إلى (انتشار) وباء داخل مجموعة سكنية”. أما درجة الانذار 5 فتعني أن المرض بدأ ينتقل كوباء بين السكان في دولتين على الاقل تنتميان لنفس المنطقة. أما درجة الإنذار 6 فتعني ان المرض تحول الى وباء ينتقل بين البشر في جميع أنحاء المعمورة.

ولكن ما يبدو متناقضا هو أن حالات الإصابة هذه التي ثبت أنها ناجمة عن تنقل أشخاص عائدين من المكسيك في معظم الأحيان لم تسفر عن توصية من قبل منظمة الصحة العالمية بالحد من تنقل الأفراد على غرار ما حدث أثناء ظهور مرض ضيق التنفس الحاد في بلدان آسيوية المعروف بـ “سارس”. وهنا يجيب غريغوري هارتلي، الناطق باسم منظمة الصحة العالمية أن “التفتيش أو إغلاق الحدود من أجل التحقق من مسائل صحية غير مُجد كما أظهرت التجارب أثناء مرض سارس”، مبررا ذلك بأن المريض قد لا تبدو عليه أعراض أثناء التفتيش في الحدود، كما أن عمليات التفتيش وإغلاق الحدود قد تؤثر على النشاطات الاقتصادية.

ونفس الشيء طالبت به اندرولا فاسيلو، المسؤولة الأوروبية عن شؤون الصحة رغم أن الاتحاد الأوروبي ينصح مواطنيه بالتفكير جليا قبل السفر إلى المناطق التي توجد بها إصابات، لكن التوصية التي يصرّ عليها الناطق باسم منظمة الصحة العالمية بالنسبة لمن يعود من سفر أو يشعر بأعراض الإصابة بمرض الأنفلونزا هي أن “يعرض نفسه على الطبيب”.

انطلاق الأبحاث لإعداد تلقيح مضاد

من جهة أخرى، أوضحت منظمة الصحة العالمية أن أربعة مخابر شرعت بالفعل في القيام بأبحاث لتطوير تلقيح مضاد للنوع الجديد من مرض أنفلونزا الخنازير. وأفاد غريغوري هارتلي بأن “أبحاث تطوير تطعيم مضاد تجري حاليا في كل من كندا والولايات المتحدة وبريطانيا”.

وكانت شركات أدوية سويسرية مثل نوفارتيس قد أعلنت أنها توصلت بالتركيبة الجينية للفيروس الجديد وتأمل في حصولها على نماذج له في مخابرها. كما أكدت نوفارتيس يوم الإثنين 27 أبريل أنها على اتصال بمنظمة الصحة العالمية بخصوص تطوير تطعيم مضاد وأنها تنتظر الحصول منها على الضوء الأخضر.

ويبدو أن إدارة مراقبة الأوبئة في الولايات المتحدة استطاعت أن تتوصل إلى التركيبة الجينية للفيروس الجديد H1N1 مما يفتح الطريق أمام تطوير تطعيم مضاد، ولكن منظمة الصحة العالمية تقدر فترة تحضير تطعيم قابل للتسويق بحوالي ستة أشهر.

وفي الوقت الذي تتنافس فيه المخابر من أجل تطوير لقاح مضاد لفيروس إنفلونزا الخنازير، يتواصل الجدل اللغوي حول تسمية هذا المرض. إذ أوضحت المنظمة العالمية للصحة الحيوانية بأنها تعترض على تسمية المرض بانفلونزا الخنازير نظرا لعدم إتضاح انتقاله من الخنزير للإنسان، وتقترح إطلاق الإسم الجغرافي عليها أي “انفلونزا المكسيك” نظرا لإنطلاقها من المكسيك.

كما تدخلت المفوضية الأوروبية بدورها لانتقاد التسمية بانفلونزا الخنازير مخافة أن يؤدي ذلك الى مقاطعة استهلاك لحم الخنزير والتسبب في كارثة اقتصادية إضافية. وعلى الرغم من اقتراح المفوضية تسمية “الانفلونزا الجديدة”، تصر منظمة الصحة العالمية على التمسك بتسمية “إنفلونزا الخنازير”، كما أوضح غريغوري هارتلي، الناطق باسم منظمة الصحة العالمية.

سويس إنفو- محمد شريف- جنيف

بطلب من وزارة الشؤون الداخلية، قررت الحكومة الفدرالية تعزيز الإجراءات الأولية المتخذة على مستوى القطر السويسري لمواجهة احتمال انتشار مرض انفلونزا الخنازير. ومن الإجراءات المقترحة في هذا المجال الدعوة إلى “تأسيس هيئة أركان خاصة لمواجهة احتمال تطور المرض الى وباء”.

وفي محاولة لطمأنة مستهلكي لحوم الخنزير في سويسرا، سارع اتحاد الجزارين السويسريين للتوضيح بأن اللحوم المستهلكة في سويسرا ليست مستوردة من المكسيك. وتعتبر لحوم الخنازير من أكثر اللحوم استهلاكا في سويسرا بحيث تقدر حصة الفرد (ممن يستهلكونها) بحوالي 25،2 كيلوغراما في السنة.

وفي سياق آخر اثار انفجار حاوية صغيرة تُستخدم في نقل عينات من فيروس أحد أصناف إنفلونزا الخنازير مخاوف بعد أن جد ليل الإثنين 27 أبريل على متن قطار يربط بين برن ولوزان وسط سويسرا. ولكن السلطات أوضحت أن “العينات التي كانت منقوله لا تشكل أي خطر على السكان”. وكانت هذه الشحنة موجهة للمركز الوطني حول أبحاث الأنفلونزا في جنيف عندما انفجرت تحت ضغط غاز الكربون المنبعث من ذوبان الثلج المستخدم في التبريد. وردا على تساؤلات بخصوص تواجد عينة من هذا القبيل على متن قطار لنقل المسافرين أوضحت السلطات أن “العينة المنقولة لا تشكل خطرا على الإنسان وبالتالي فإن نقلها على متن قطار مسافرين لا يشكل خطرا شريطة ان تكون معلبة بشكل معين”.

من جهة أخرى، أوضحت سلطات مطار جنيف أنها مستعدة لمواجهة احتمال تحول المرض الى جائحة أو وباء، وقد شرعت بالفعل في توعية الموظفين واختبار تجهيزات الطوارئ المتوفرة بالمطار.

وفي سياق متصل، أفادت كبريات شركات التوزيع في سويسرا (ميغرو وكوب) أن هناك إقبالا كبيرا من قبل الجمهور على شراء الأقنعة الصحية كإجراء احترازي مع تزايد الحديث عن هذا المرض في وسائل الإعلام.

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية