إيران وأمريكا: هل تنتقلان من حرب الأسعار إلى “الحرب الساخنة”؟
هل باتت الحرب على الأبواب بين إيران والولايات المتحدة؟ السؤال مطروح بشدة في عواصم المنطقة والعالم لكنه في حاجة إلى قليل من التدقيق.
فـ “الحرب” في الواقع لم تتوقف بين الطرفين طيلة ثلاثين عاماً: حرب العراق – إيران عام 1980، التي تمّـت بتحريض أمريكي علني ومباشر للرئيس العراقي صدّام حسين، والتي رافقتها حروب الرهائن والاغتيالات في لبنان والعالم والحرب الاقتصادية – الدبلوماسية ضد طهران في التسعينيات، وصولاً في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين (إبان عهد بوش)، إلى فرض حصار عسكري أمريكي مُـطلق على إيران من الأراضي العراقية والأفغانية ومياه الخليج، ثم التهديد المتواصل باحتمال غزْو إيران بعد غزْو العراق.
الحرب إذن، لم تتوقف في الواقع، وهي شهدت (ولاتزال) حروباً عدّة بالواسطة في العراق (الدّعم الإيراني للمقاومة العراقية على أنواعها السُـنِّية والشيعية منذ 2003) ولبنان (الغزو الإسرائيلي عام 2006) وغزْو غزّة (2008 – 2009)، والآن، الحرب بالواسطة المفتوحة في سوريا والعراق ولبنان.
لكن، وعلى رغم هذه المجابهة المتواصِـلة، ثمة مؤشِّـرات هذه الأيام على أن التطوّرات تقترب من مرحلةٍ قد تكون أخطَـر بكثير من كل ما حدث خلال العقود الثلاثة الماضية. السياق نفسه (الحرب)، لايزال هو هو، لكن المضمون قد يكون مختلفاً للغاية الآن. لماذا؟
وداعاً للخطوط الحمر
ثمة أسباب عدة. في طليعة هذه الأسباب، أن الولايات المتحدة والغرب، بدأتا تتجاوزان العديد من الخطوط الحُـمر التي رُسِـمت على الرمال الإيرانية منذ عام 1979 والتي تمثّـلت بتجنُّـب أمريْـن إثنين: الصِّـدام المباشر مع بلاد الخُـميني وتحاشي العمل المباشر على إسقاط النظام الإيراني.
ركائز الأمر الأول، بدأت تتداعى بسُـرعة بفعِـْـل تقاطُـع المصالح الخطير والكامل بين الحكومة الإسرائيلية الرّاهنة وبين الكونغرس الأمريكي وقوى ضغط نافذة أخرى في الولايات المتحدة، حول “ضرورة” وضع الخيار العسكري ضدّ إيران موضع التنفيذ.
التجسيد الواضح لهذا التقاطع، تجلّى في تحوُّل مسألة ضرب إيران عسكرياً إلى بنْـد رئيسي في معركة انتخابات الرئاسة الأمريكية، حيث بات المرشّـحون الجمهوريون يتباروْن حول مَـن سيكون قصب السَّـبق في شنّ الحرب على إيران. كما تجلّـى في الخطوات التصعيدية المتسارِعة التي يتَّـخذها الكونغرس الأمريكي، لجعل الخيار العسكري طعاماً إلزامياً في وجَـبات البيت الأبيض.
وفي الوقت نفسه، كان الثنائي نتنياهو- باراك يُـطوِّران ببُطء ما قد يثبت لاحقاً أنها إستراتيجية مُحكمة التخطيط لجرِّ أمريكا إلى حرب مع إيران في عام 2012، أي خلال السنة الانتخابية الأمريكية.
الحسابات تستنِـد إلى التالي: تل أبيب ستكون الرابحة في أي ضربة عسكرية قد تُوجِّـهها إلى إيران. فهي ستُجْـبر طهران (التي ستشك بقوة أن واشنطن تقِـف وراء هذه الضربة) على تصعيد ردودها العسكرية، لتشمل بعض الأصول العسكرية والمدنية للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، الأمر الذي سيُجبِـر الولايات المتحدة على الانخِـراط في الحرب. وإذا لم يحدث، ذلك ولم تدخل أمريكا الحرب، فهذا سيضمن بشكل كلِّـي تقريباً أن أوباما سيبدو ضعيفاً في مجال الأمن والسياسة الخارجية، وسيخسِـر رئاسته أمام صقْـرٍ جمهوري، يكون مستعداً لاستكمال الحرب على إيران.
المؤشرات على هذه الحسبة الإستراتيجية، كانت تتراكم خلال الأيام القليلة الماضية. فوزير الدفاع وقائد هيئة الأركان ووزيرة الخارجية الأمريكية، كلهم تدافعوا للطلب من تل أبيب عدم القيام بالغارة على إيران، لا بل ذُكِـر أن الرئيس أوباما نفسه اتَّـصل بنتانياهو ليطلب منه عدم القيام بهذه “المغامرة الخطرة”.
وعلى رغم ذلك، وفي 10 يناير الجاري، أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الولايات المتحدة ضاعفت في الآونة الأخيرة جهودها لوضع خُـطط طارئة “في حال شنّت إسرائيل غارات على المنشآت الإيرانية”، وأضافت أن مسؤولي الدفاع الأمريكيين يشعرون بقلق متزايد من أن تل أبيب على وشك أن توجِّه بالفعل مثل هذه الضربة.
وفي 16 يناير، كانت صحيفة “واشنطن بوست” تؤكِّـد هي الأخرى أن “نتانياهو يشعُـر بإغراء كبير هذه الأيام لقصْـف إيران خلال الأشهر القليلة المقبلة، على رغم رسائل أوباما ووزير دفاعه بانيتا له، وهو رفض الالتزام للبيت الأبيض بأنه لن يقدم على هذه الخطوة”.
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن هناك دوافع إسرائيلية وإيرانية وأمريكية عدّة تشجِّـع نتانياهو على ركوب ظهر نمْـر المغامرة هذا، إذ هو واثق بأن البرنامج النووي الإيراني يقترب من تجاوُز عتَـبة إمكانية عكسه، الأمر الذي سيفقد إسرائيل ميزة إستراتيجية فائقة، تتمثل باحتكار السلاح النووي في الشرق الأوسط، ويحوّلها إلى “دولة عادية” فيه، وهو متأكد من أن الضربة في السَّـنة الانتخابية الرئاسية الأمريكية ستُجبر أوباما على التدخّـل، إذا ما أراد عدم إغضاب اللُّـوبي اليهودي القوي والكونغرس، وفقدان الأصوات اليهودية الحاسمة في فلوريدا. كما أنها (الضربة) ستحظى حتماً بدعم قوي من المرشح الجمهوري ميت رومني أو أي شخص آخر يفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
وما يخشاه الثنائي نتانياهو – باراك، هو أنه في حال لم تقُـم إسرائيل بالغارة وفاز أوباما بالانتخابات، فهذا سيوفّـر له الفرصة للإعراب عن رفضه العمل العسكري الإسرائيلي المنفرِد. ولأن هذا الثنائي يعتقِـد أن أوباما يحظى بالفرصة الأكبر للفوز، فإنهما يشعران بأن الضربة العسكرية “إما أن تتم الآن أو أنه سيكون على إسرائيل التعايُـش مع إيران النووية، وبالتالي، ترك “قنابلها النووية في القبْـو”، كي تصدأ”.
لكن، إذا ما كانت الصورة الإسرائيلية على هذا النحو، لماذا أعلن نتانياهو قبل أيام أنه “للمرة الأولى” راضٍ عن العقوبات الغربية على طهران؟
لسبب واضح: إنه يُـراهن على الأرجُـح على أن إيران، التي “بدأت تترنّـح تحت وطأة العقوبات” (على حدِّ تعبيره)، قد تجد نفسها مُجبَـرة هي نفسها على التصعيد العسكري كإجراء وقائي للدِّفاع عن النفس، الأمر الذي يفتح أبواب الحرب الأمريكية – الإسرائيلية ضدها على مصراعيها.
إسقاط النظام
هل رِهان رئيس الوزراء الإسرائيلي في محلِّـه؟ هنا نقترب من الخطّ الأحمر الثاني، الذي أشرنا إليه في البداية والذي تخطَّـاه الغرب مؤخراً: العمل على إسقاط النظام.
هذا التطور تجلّى، ليس فقط في فرض العقوبات الأمريكية (والآن الأوروبية) الكاسحة على تصدير النفط الإيراني، بل أولاً وأساساً، في بدء العمل على شلّ المصرف المركزي الإيراني، لا بل حتى تدميره.
لقد تجنّبت الولايات المتحدة طيلة 30 عاماً، حتى وهي في ذِروة التصعيد والمجابهات والحروب بالواسطة على إيران، استخدام سلاح العقوبات ضدّ المصرف المركزي الإيراني (وهو السلاح الذي تُـطلق عليه في واشنطن اسم “خيار الدّمار النووي الشامل”)، لأنه يؤدّي بالفعل إلى هذا الدّمار الشامل للاقتصاد الإيراني، وبالتالي، إلى سقوط النظام، تماماً كما سقط النظام السوفييتي لأسباب مشابهة.
فالمصرف المركزي الإيراني مسؤول عن 90% من معاملات البيع والشراء الإيرانية مع العالم. وحين يكون هذا المصرف عاجزاً عن القيام بذلك، فهذا سيتسبّـب بانهيار اقتصادي وسياسي محتم.
هذه نقطة. وثمة نقطة ثانية تتعلّـق بالنفط الذي يشكّل الجزء الأكبر من الانتاج المحلّي الإجمالي. فالقرار الأوروبي المنتظَـر بوقف استيراد النفط الإيراني، وربما أيضاً بفرض عقوبات على المصرف المركزي الإيراني، سيؤدّي إلى انخفاض الدخل الإيراني بما يتراوح بين 20 و25% خلال ستة أشهر.
أما آمال طهران حول استبدال المشترين الأوروبيين بمستهلكين آسيويين، فقد تبدَّدت تقريباً بعد أن حاولت الصين (المستورد الأول للنفط الإيراني) انتهاز فرصة الضغوط على إيران للحصول على أسعار منخفضة (وهو ما رفضته الأخيرة)، فسارعت حينها بكين إلى توقيع الاتفاقات النفطية مع السعودية، وبعد أن قررت اليابان وكوريا الجنوبية الالتزام بالعقوبات الأمريكية، وهذا الأمر شمل حتى الهند التي بدأت هي الأخرى في البحث عن مصادر بديلة عن النفط الإيراني.
إلى كل ذلك، يجب أن نُـضيف الانخفاض الكارثي للعُـملة الإيرانية، حيث انخفض الريال خلال شهر واحد من 11 ألف ريال للدولار إلى 18 ألف ريال، وحيث بدأ التضخم والبطالة المرتفعان أصلاً يتفاقمان بشكل شاهق.
كل هذه التطورات باتت تحشر النظام الإيراني في زاوية ضيِّـقة بالغة الصعوبة، وبدأت تفرض عليه خيارات مُـؤلمة، قد تصبح خطيرة إذا ما ارتكب خطأً واحداً يستدرج فيه الضربات العسكرية الأمريكية، كإغلاق مضيَـق هرمز مثلاً، أو مهاجمة سفينة أمريكية في مياه الخليج.
حتى الآن، نظام المُـلالي قرّر “مواجهة التهديد بالتهديد”، كما أعلن مسعود جزايري، نائب قائد هيئة الأركان الإيراني، أي مواجهة خطر العقوبات بتهديد إمدادات النفط الغربية عبر مضيق هرمز، وهذا تكتيك قد يخدم ثلاثة أغراض دُفعة واحدة: الأول، رفع أسعار النفط، ما قد يعوّض عن خسائر انخِـفاض مبيعات النفط الإيراني. والثاني، حفز روسيا والصين ودول أخرى في حركة عدم الانحياز التي تخشى كلها اندلاع الحرب، على تحدّي العقوبات الأمريكية. والثالث، مفاقمة أزمة الاقتصادات الأمريكية والأوروبية، كردٍّ على مفاقمة أزمة الاقتصاد الإيراني.
بيْـد أن لعبة “مواجهة التهديد بالتهديد” عبر حرب الأسعار هذه في مياه الخليج، أشبه بإلقاء عيدان ثقاب مشتعِـلة قرب حقل يعجّ بالوقود القابل للاشتعال السريع، إذ ان حرب الأسعار قد تنقلِـب إلى حرب ساخنة في أي لحظة، إذا ما تم ارتكاب خطإٍ ما، مهما كان صغيرا، مثلاً عبر قيام وحدات بحرية من الحرس الثوري بعمليات “على حسابها” ضد أهداف أمريكية.
هذه الحقيقة تدفع المراقبين إلى الاعتقاد بأن إيران ستكون حذِرة للغاية في لُـعبة التصعيد في الخليج، وستبذل بالتالي، جهوداً مكثَّـفة لممارسة تكتيك الضغوط المتبادلة مع الغرب، بعيداً عن حافة الهاوية. وربما يكون من الأسلَـم بالنسبة إليها، تخفيف الضغوط عنها عبْـر إشعال الجبهات مع إسرائيل في لبنان، وربما سوريا.
مأزق أوباما
أين إدارة أوباما من كل هذا الصَّـخب التصعيدي؟ إنها لا تزال ملتزمة بسياسة الضغط والعمل الدبلوماسي، وتريد بأي شكل تجنُّـب الانجِـرار إلى حرب عسكرية مفتوحة مع إيران لثلاثة أسباب:
الأول، أن أوباما خاضَ معركة الرئاسة تحت شعار إخراج أمريكا من حروب بوش في العراق وأفغانستان، وهو لذلك لا يريد خوْض معركة ولايته الثانية وهو يشنّ حرباً دموية جديدة غيْـر مضمونة النتائج في الشرق الأوسط.
الثاني، أن الإدارة لا تشعر في الواقع بقلق شديد من احتمال امتلاك إيران للقنبلة النووية، لا من جهة حدوث سِـباق تسلّح نووي في المنطقة (لأنها قادرة على منع حلفائها الأتراك والسعوديين والمصريين من القيام بذلك)، ولا من ناحية مستقبل النظام الإيراني، حيث سيظل في مقدورها العمل على إسقاط النظام الإيراني بشتى الوسائل عبْـر استراتيجية الرّدع والاحتواء.
والثالث، أن إدارة أوباما لا تريد في هذه المرحلة تعريض اقتصادها إلى ارتفاع شاهق في أسعار النفط، ما قد يؤدّي إلى إرتكاس جهود معافاة الاقتصاد الأمريكي.
بيْـد أن إدارة أوباما ليست اللاّعب الوحيد في الولايات المتحدة، كما أشرنا. فهناك إلى جانب اللوبي اليهودي الأمريكي وإسرائيل والكونغرس، لوبيات ومَـصالح ضخمة أخرى ترى في حرب جديدة في الشرق الأوسط فُـرصة لحصد مئات مليارات الدولارات، وأيضاً للإمساك بخِـناق الصين والهند وأوروبا عبْـر إحكام السيطرة على كل صنابير النفط في الشرق الأوسط.
قال هنري كيسينجر في مقابلة نسبتها إليه صحيفة “دايلي كويب”: “إن الولايات المتحدة تواصل إضعاف روسيا والصين، والمسمار الأخير في النَّـعش سيكون إيران، التي هي بالطبع الهدف الرئيسي لإسرائيل”. بالطبع، كيسنجر ليس الفارس الوحيد الذي يمتطِـي صهْـوة التصعيد في الشرق الأوسط. وعلى سبيل المثال، نشر موقع “فورين أفيرز”، النافذ للغاية في السياسات الأمريكية، محوراً قبل أيام حول “مسألة الحرب مع إيران”، تضمنت دعوات صريحة إلى فتح الجبهات العسكرية الآن.
على سبيل المثال، كتب ماثيو كروينغ، وهو مستشار خاص سابق لوزير الدفاع الأمريكي وخبير متخصص في الأمن النووي: “الوقت حان لمهاجمة إيران، لأن هذه الضربة هي الخيار الأقل سوءاً في التعاطي مع هذه الدولة”. وأضاف: “على رغم أن إدارة أوباما لم تهدِّد علناً بالردّ على إيران بالقوة العسكرية، إلا أن خطر ذهاب الطرفيْـن إلى الحرب، يتصاعد في الواقع، وربما يحدُث ذلك في وقت قريب”.
الرد على كروينغ، الذي دعا إلى توجيه ضربة أمريكية محدودة للمنشآت النووية الإيرانية، جاء من كلٍّ من جيمي فلاي، المدير التنفيذي لـ “مبادرة السياسة الخارجية” وغاري شميت، مدير الدراسات الإستراتيجية المتقدِّمة في مؤسسة أمريكان إنتربرايز. بيْـد أن هذا الردّ لم يأت في مجال رفض العمل العسكري، بل في رفض أن لا يكون هذا الردّ شاملاً، بحيث يؤدّي إلى إسقاط النظام الإيراني.
كتب فلاي وشميت: “إذا ما كانت الولايات المتحدة تفكِّـر جدياً بعمل عسكري ضدّ إيران، فمن الأفضل لها أن تخطِّـط لعملية لا تضرب البرنامج النووي الإيراني وحسب، بل تزعزع أيضاً أسُـس النظام برمَّـته، الأمر الذي سيحل الأزمة النووي الإيرانية مرّة وإلى الأبد. أمريكا هنا لن تحتاج حتى إلى غزْو برّي لإطاحة النظام، بل إلى توسيع إطار الأهداف ليشمل مراكز القيادة والسيطرة لدى الحرس الجمهوري ووزارة الاستخبارات والمنشآت المرتبطة بكبار المسؤولين”.
الطرف الوحيد الذي عارض ضرب إيران في هذا المحور، كان كولن كاهل، بروفسور دراسات الأمن في جامعة جورجتاون والنائب السابق لمساعد وزير الدفاع للشرق الأوسط.
كاهل هذا لا يشك لحظة بأنه إذا ما انخرطت إيران والولايات المتحدة في الحرب، فإن هذه الأخيرة ستخرج منها حتماً مظفرة بسبب تفوقها الكاسح في البحر والجو وانتشار قواتها الواسع في منطقة الخليج (نحو 200 ألف جندي بين كابُـل والدوحة، ومئات الطائرات وعشرات السُّـفن الحربية المتطورة). لكن ما يخشاه ليس الحرب في حدّ ذاتها، بل احتمال خروجها عن نطاق السيطرة واحتمال تحوُّلها إلى حرب إقليمية تشمل، إلى إيران وأمريكا، السعودية ودولة الإمارات وسوريا ولبنان والعراق وإسرائيل.
أين سيحدث الإنفجار؟
إلى أين؟ صورة إقليمية ودولية معقّدة؟ حتما. وما يزيد تعقيدها تعقيداً، الأوضاع المتفجِّرة في منطقة الهلال الخصيب، حيث سوريا والعراق يترنَّـحان على شفير حرب أهلية تتغذّى من “حروب الآخرين” على أرضهما، وحيث لبنان في “غرفة الانتظار” لمعرفة ما إذا كان هو سيكون ساحة المجابهة الساخنة الرئيسية بين أمريكا وإسرائيل وبين إيران وحلفائها، وحيث الأردن بات عُـرضة إلى سباق من نوع آخر بين حُـكم إسلامي يطيح بالملك ويؤسِّس للوطن الفلسطيني البديل، وبين انخراط أردني كامل إلى جانب واشنطن وتل أبيب في المعركة مع طهران، خاصة في سوريا ولبنان.
والخلاصة؟ إنها واضحة: الإنفجار في الشرق الأوسط، لكل الاعتبارات التي أوردناها، يكاد يكون حتمياً، خاصة إذا لم تبدأ قريباً مفاوضات ما تحت الطاولة أو فوقها. لكن السؤال الكبير هو: أين سيحدث هذا الانفجار: في منطقة الخليج، التي باتت تشهَـد كل عشر سنوات حرباً كبرى أو في منطقة الهلال الخصيب، حيث الحروب بالواسطة والحروب الأهلية المتواصلة أو.. في كليهما في آن؟
القدس (رويترز) – قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك يوم الاربعاء 18 يناير 2012، إن أي قرار بشأن هجوم إسرائيلي على إيران “بعيد تماما”.
وكان باراك يتحدث لراديو الجيش قبل زيارة يقوم بها لاسرائيل هذا الاسبوع الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة.
وأثارت هذه الزيارة تكهنات بأن واشنطن ستحث إسرائيل على تأجيل أي تحرك ضد البرنامج النووي الايراني.
ولدى سؤاله عما اذا كانت الولايات المتحدة تطلب من إسرائيل اخطارها قبل شن اي هجوم على إيران أجاب باراك “لم نتخذ اي قرار للقيام بهذا… هذا الامر برمته بعيد تماما”.
كما أشار باراك إلى أن إسرائيل – التي يعتقد أنها الوحيدة التي تملك أسلحة نووية بالمنطقة – تنسق مع واشنطن خططها بشأن التعامل مع المشروع النووي الايراني الذي تعتبره إسرائيل مصدر تهديد لوجودها. وقال باراك “لا أظن أن طبيعة علاقاتنا بالولايات المتحدة تسمح بالا تكون لديها اي فكرة عما نتحدث عنه”.
وحين سئِـل عما اذا كان تعبير “بعيد تماما” يعني أسابيع أم شهور، أجاب باراك “لن أقدم أي تقديرات. من المؤكد أنه ليس عاجلا”. واستطرد قائلا إن انتخاب زعيم حزب المعارضة الرئيسي بإسرائيل وهو حزب كديما في مارس “ستتم قبلها”.
وتقول إيران، إن برنامجها النووي لأغراض سِـلمية بحتة. وقال باراك إنه اذا قررت الجمهورية الإسلامية تخصيب اليورانيوم لدرجة النقاء اللازمة لتصنيع أسلحة، فانه سيكون عليها أولا وقف التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال باراك “من شأن هذا التحرك أن يوفر دليلا دامغا على أن الوقت نفد فعلا وسيؤدي هذا اما لمفاقمة العقوبات او اتخاذ اجراء آخر ضدها”.
وتابع قائلا “هم لا يريدون هذا (مزيد من العقوبات او اجراءات أخرى). لهذا لا يقدِمون على هذا، ليس لانهم تخلَّـوا عن خطتهم او لانهم توقفوا عن تحصين عملياتهم”، في اشارة الى تشغيل إيران محطة للتخصيب في جبل حصين.
وحين طلب منه تقييم المدة التي تحتاجها ايران لتصنيع رأس حربية نووية، اذا اتخذت قرارا بهذا، قال باراك “ليست مسألة سنوات. هناك من يقولون عاما او عاما ونصف العام. لا يوجد فرق كبير”. وأضاف “لا أريد أن أتحدث عن هذا (حيازة سلاح نووي) وكأنه سيحدث غدا”.
ويراقب مفتِّـشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية جميع المواقع النووية التي أعلنت عنها ايران لكن الغرب يخشى من أن تقيم ايران مواقع أخرى سِـرا.
وتخشى القوى الغربية أيضا من أن تخصب إيران اليورانيوم تدريجيا الى مستويات أعلى تحت إشراف الوكالة الدولية لتقليص المدة اللازمة لمعالجته ليصل الى الدرجة المستخدمة في صناعة الأسلحة بحيث حين تقرر هذا تستطيع استخدام هذا المخزون وتحويله الى الدرجة الملائمة للأسلحة.
ومن المقرر أن يصل ديمبسي الى تل ابيب هذا الاسبوع لإجراء محادثات من المؤكد أن يكون الملف الايراني أحد موضوعاتها الرئيسية. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها ديمبسي منذ تولى منصب رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة في سبتمبر 2011.
وخلال مقابلة أجرتها رويترز معه في 30 نوفمبر 2011، قال ديمبسي، انه لا يعلم ما اذا كانت اسرائيل ستخطر الولايات المتحدة مسبقا اذا قررت القيام بعمل عسكري منفرد ضد ايران. واعترف ايضا باختلافات في الرؤية بين الولايات المتحدة واسرائيل بشأن السبيل الامثل للتعامل مع ايران وبرنامجها النووي.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 يناير 2012).
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.