“استغناء مصر عن المساعدات العسكرية الأمريكية صعب.. لكنه ليس مستحيلاً”
أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء أركان حرب متقاعد دكتور عادل سليمان، أن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر معروفة ومعلنة، وقيمتها 1.3 مليار دولار أمريكي، وأنها تمثل ثلاثة أرباع إجمالي المساعدات الأمريكية لمصر، مشيرًا إلى أنه لا يجب النظر إليها من ناحية قيمتها المالية، لأنها تمثل دعمًا للمنظومة العسكرية للقوات المسلحة المصرية، بالسلاح بمختلف أنواعه، وبكل ما يرتبط به من صيانة وتجهيزات فنية ومساعدات تدريب وقطع غيار.
في الأثناء، أوضح الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء أركان حرب متقاعد دكتور عادل سليمان، أن المعونة العسكرية الأمريكية لمصر معروفة ومعلنة، وقيمتها 1.3 مليار دولار أمريكي، وأنها تمثل ثلاثة أرباع إجمالي المساعدات الأمريكية لمصر، مشيرًا إلى أنه لا يجب النظر إليها من ناحية قيمتها المالية، لأنها تمثل دعمًا للمنظومة العسكرية للقوات المسلحة المصرية، بالسلاح بمختلف أنواعه، وبكل ما يرتبط به من صيانة وتجهيزات فنية ومساعدات تدريب وقطع غيار.
وفي حوار خاص مع swissinfo.ch، قال سليمان، رئيس منتدى الحوار الإستراتيجى لدراسات الدفاع والعلاقات المدنية – العسكرية في القاهرة: “إن مسألة الإستغناء عن المساعدات العسكرية الأمريكية ليست سهلة، لكنها في الوقت نفسه ممكنة وليس مستحيلة، غير أنها تحتاج إلى خطة علمية مدروسة، ووقت طويل، وموازنة مالية كبيرة، وقدرة على الحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية، خاصة في الفترة الإنتقالية التي تمر بها مصر، حتى لا يحدث خلل في المنظومة العسكرية للجيش المصري”.
وأشار الخبير الاستراتيجي إلى أن “أمريكا لم ولن تصرح بأن ما حدث في مصر انقلاب عسكري، رغم قناعتها بذلك، لأن هناك مشاكل قانونية لديها تمنعها من ذلك، فلو أعلنت أن ما حدث في مصر انقلابٌ عسكري، فإنه طبقًا للقانون الأمريكي يجب على الإدارة الأمريكية أن تتخذ مواقف حادة تجاه مصر، من جميع النواحي، مع وقف جميع المعونات والمساعدات وقطع العلاقات على الفور، وهي لا تريد ذلك الآن”. مزيد من التفاصيل في نص الحوار.
swissinfo.ch: بداية، ما هي نسبة المعونة العسكرية الأمريكية، إلى إجمالي برنامج المساعدات والمعونات التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر؟
د.عادل سليمان: قيمة المعونة العسكرية الأمريكية لمصر معروفة ومعلنة، وهي 1.3 مليار دولار أمريكي، والمعونة الإقتصادية حوالي 250 مليون دولار، وهناك مجموعة معونات مجتمعية تدخل تحت مسمى “التنمية المستدامة”، وهي التي تدعم بها القطاع الخاص والمشروعات الخاصة، والجمعيات الأهلية، والمؤسسات الحقوقية، وهي في مجموعها حوالي 500 مليون دولار. يعني يُمكن القول أن المعونة العسكرية تمثل ثلاثة أرباع إجمالي المعونات الأمريكية لمصر.
في رده على سؤال حول قصة “المعونات العسكرية” الأمريكية لمصر، أجاب اللواء المتقاعد عادل سليمان أن “الولايات المتحدة تعتمد برنامجًا على غرار (U.S. aid program)، اسمه “برنامج المعونات الأمريكية العسكرية” (U.S. military aid program)، تقدم من خلال مساعدات عسكرية لمجموعة من الدول الصديقة أو الحليفة لها، هذه الدول معروفة ومحددة، والكونجرس مصدق عليها، وهذا برنامج كامل، ومصر دخلت في هذا البرنامج منذ عام 1981، بداية عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
لكن من أجرى الإتفاق هو الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، وهو موضوع منفصل تمامًا عن قراره الصادر في 1971، بطرد الخبراء الروس، عقب وفاة الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وكان هذا الاتفاق مرتبطا بمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979)، واتخاذ خطوات جادة من الطرفين نحو تطبيقها لمدة 3 سنوات، أشارت إلى استقرار منطقة الشرق الأوسط، وكان السادات يريد تجديد الجيش، وتأسيس علاقات مع دولة قوية بديلة للاتحاد السوفييتي التي كانت علاقة مصر به قد ساءت.
هنا لم يكن أمام مصر سوى الولايات المتحدة، فضلاً عن أن مصر وقتها كانت تمر بظروف اقتصادية سيئة، تجعل من الصعب الإنفاق على الجيش وتطويره، وكان هناك دول كبرى مستعدة لإعطاء مصر أسلحة لكنها كانت تشترط الدفع مقدمًا، كل هذه الأسباب أدت مجتمعة إلى قبول السادات لإبرام معاهدة تعاون عسكري مع الولايات المتحدة، وهنا عرضت واشنطن على القاهرة أن تدخل في إطار برنامج الـ (U.S. military aid program)”.
swissinfo.ch: عندما نطلق مصطلح “المعونات العسكرية”، تنصرف إلى أذهان غير المتخصصين على أنها مجموعة من “الأسلحة القتالية والدفاعية” وحسب، بوصفك خبيرًا عسكريًا ما هو المقصود بهذا المصطلح إجمالاً؟
د.عادل سليمان: عندما نقول المساعدات العسكرية الأمريكية فإننا نعني المساعدت التي تقدمها أمريكا لمساعدة المنظومة العسكرية للقوات المسلحة المصرية كلها (Military system)، بالسلاح بمختلف أنواعه، وبكل ما يرتبط بهذا السلاح، من صيانة وتجهيزات فنية ومساعدات تدريب وقطع غيار، فهي منظومة متكاملة، وهي مركزة بالنسبة لمصر في قطاعات رئيسية، شديدة الأهمية، وهي: القوات البرية، والقوات الجوية، وهما يمثلان القوات الضاربة (المدرعات، والمشاة الميكانيكي، والمدفعيات)، والقوات الجوية.
swissinfo.ch: في تقديركم، ما هي أهمية المساعدات العسكرية الأمريكية بالنسبة لمصر.. فالبعض يُهوّن من أهميتها، والبعض الآخر يُهوّل منها.. فما هي حقيقة الأمر؟
د.عادل سليمان: غير المتخصصين ينظرون لهذه المساعدات العسكرية من وجهة النظر المالية، على أنها كلها 1.3 مليار دولار، يمكن لدولة ما من دول الخليج أن تعوّضك عنها بشيك واحد!، فهم يرون أن الموضوع مجرد فلوس، وأنني متى امتلكت هذا المال – من أي جهة – يُمكنني الذهاب إلى أي سوبر ماركت لشراء هذه الأسلحة!!. فبدلا من أن أشتري الدبابات الـ”A1 N1″ من “جنرال دينامكس” مثلاً، فيمكنني أن أشريها من “K Market”.
هؤلاء يُقللون من قيمة المساعدات العسكرية من وجهة نظرهم غير الواعية والمُدركة لأبعاد الموضوع من الناحية العسكرية، فهي من وجهة النظر المالية غير مُهمّة، ويمكن تعويضها من جهات أخرى، وهذا يقلل من قيمتها، غير أن المسالة لا تقاس بهذا المعيار، لأن التسليح هو القوة الرئيسية لأي جيش.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن استبدالها؟ نعم.. ولكن هذا سيترتّب عليه أمور منها أن لديّ قاعدة عريضة من الكوادر والفنيين المدربين والمقاتلين، وهؤلاء مرت عليهم 30 سنة وهم يتدربون على هذه المعدات على وجه التحديد، فالدبابة الروسية أو الصينية أو الأوكرانية أو اليوغسلافية ليست مثل الدبابة الأمريكية، فكل منها لها خصائصها.
swissinfo.ch: فيم تختلف هذه الأصناف من الدبابات عن بعضها البعض؟
د.عادل سليمان: تختلف في الكثير من الأمور مثل المواصفات الفنية، والتكتيكية، والتسليح، وعيار الذخيرة، وعيار المدفع، وطريقة القيادة، وطريقة الصيانة، وقطع الغيار، وورش الخدمات الفنية، …إلخ، وللأسف البعض يأخذ الأمور ببساطة، فيتصور أنه عندما يرمي بالدبابة الأمريكية ويأتي بدلاً منها بالدبابة الروسية سيأخذ نفس الطاقم الذي كان يعمل عليها ليعمل على الدبابة الجديدة الروسية الصنع.. وعندما تتعطل، هل تتصور أن تصلح ما أصابها من عطب في الورشة الفنية التي كانت تصلح الدبابة الأمريكية الصنع؟ أنت تحتاج إلى أن تُغيّر المنظومة بالكامل!
فالموضوع ممكن وليس مستحيلاً، ولكنه يحتاج إلى وقت طويل، كما يحتاج إلى موازنة مالية كبيرة، فضلا عن الحفاظ على التوازن في العلاقات الدولية، خاصة في الفترات الإنتقالية، مثل التي تمر بها مصر، لأنك اليوم معرض لأي تهديد، وحتى لا يحدث خلل في المنظومة العسكرية للجيش، وكما يقول الأمريكان “لا تدخل عليّ وأنا أرتدي ملابسي”!
swissinfo.ch: وما هي برأيكم التأثيرات السلبية على مصر للقرار الأمريكي بتعليق المعونات العسكرية؟
د.عادل سليمان: مصر قامت من قبل بتغيير وجهتها العسكرية، وتعاونها في المجال العسكري، فهناك تجربة في عام 1955، كان سلاح الجيش كله انجليزي، وبعد ثلاث سنوات من ثورة 23 يوليو 1952، أحضرت السلاح الروسي من تشيكوسلوفاكيا، أيام عبد الناصر، وتجربة أخرى عام 1981 بالتحول عن السلاح الروسي إلى السلاح الأمريكي في بداية عهد مبارك، والتي كان قد خطط لها السادات، ونحن الآن بصدد تجربة ثالثة لو أردات مصر.
swissinfo.ch: وما إمكانية استعاضة مصر عن أمريكا بدولة أخرى في مجال التعاون العسكري؟
لواء أ.ح.م د.عادل سليمان: هذا الكلام لا يُطلق هكذا، فاليوم غير أمس، وهذه الأمور كانت تصلح أيام الصراع بين القطبين (الأمريكي والروسي)، لكن هذا العصر انتهى، فالكبار في مجموعة الثمانية (الدول الصناعية الثمانية الكبرى في العالم) ينسقون سويًا. أما عن شراء سلاح من روسيا أو الصين أو غيرها فلن يمنعك أحد، لأن سوق السلاح اليوم لم يعد مرتبطًا بتحالفات أيديولوجية.
swissinfo.ch: ما تعليقكم على ما نشرته بعض الصحف من أن مصر استوردت 50 مدرعة من أوكرانيا وعلى البعض الذي يرى أنه يمكن لمصر أن تتعامل مع بعض الدول الخليجية التي تستورد السلاح الأمريكي للحصول على قطع غيار من الباطن؟
د.عادل سليمان: بخصوص استيراد مصر 50 مدرعة من أوكرانيا أو من غيرها فليست هناك مشكلة لدى أمريكا المشكلة ستكون لدى مصر، أما موضوع شراء قطع الغيار للسلاح الأمريكي من الباطن فهذا ممنوع ومستحيل، ولا تجرؤ أي دولة كانت، الإمارات أو السعودية أو غيرها على لعب هذا الدور، لأن أمريكا ساعتها ستقطع عنها المياة والنور والهواء، فكل السلاح الموجود في الإمارات والسعودية يُدار من طرف الخبراء الأمريكان، والذين يتحدثون في هذا الأمر هم من غير المتخصصين، ومن ثم فإنهم غير فاهمين ولا مدركين لقواعد اللعبة.
swissinfo.ch: كيف يمكن الحفاظ على الجيش المصري، وعلى تسليحه وتطويره، في ظل هذا الموقف الأمريكي، وتعليق المعونات العسكرية، والتهديد غير المباشر بقطع المساعدات الأمريكية؟
د.عادل سليمان: العلاقات بين الدول متغيرة وليس فيها ثبات وديمومة، والحل على المدى القصير في الحفاظ على التوازن في العلاقات مع الدول، وخاصة الولايات المتحدة، ومحاولة تنويع مصادر التسليح بالتدريج، ووفقًا لخطة علمية مدروسة، وعلى المدى البعيد لا بد من تطوير المنظومة العسكرية، والتطوير التكنولوجي والعلمي والصناعي، ومحاولة زيادة نسبة الإعتماد على النفس، أو المشاركة مع دول أخرى، حتى يمكن أن نضمن استمرارية التطوير والإنتاج المصري، لكن في كل الأحوال ليس هناك أحد يستطيع الاعتماد على نفسه بنسبة 100%.
في منتصف شهر أغسطس 2013، ألغت واشنطن مناورات عسكرية مشتركة مع مصر، وأرجأت تسليم الجيش المصري أربع مقاتلات من طراز أف 16، كما ألغت مناورات عسكرية ثنائية كانت مقررة.
في 10 أكتوبر 2013، قالت الولايات المتحدة إنها ستحجب تسليم دبابات ابرامز ام1 ايه1 وأطقم دبابات تنتجها شركة جنرال ديناميكس وطائرات اف 16 انتاج شركة لوكهيد مارتن وطائرات هليكوبتر اباتشي وصواريخ هاربون انتاج شركة بوينغ، ومساعدة نقدية قيمتها 260 مليون دولار إلى الحكومة المصرية المدعومة من الجيش انتظارا للتقدم بشأن الديمقراطية وحقوق الانسان.
علَّق مجلس الشيوخ الأمريكي تنفيذ طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتقديم مساعدات قدرها 60 مليون دولار أمريكي إلى برنامج يستهدف تحفيز الاستثمار الخاص بالاقتصاد المصري المتعثر. وقالت وكالة أسوشياتيد برس الأمريكية إن إدارة أوباما “علقت معظم المساعدات العسكرية لمصر بسبب الحملة القمعية والدموية التي يشنها الجيش والشرطة على الخصوم السياسيين منذ الإإنقلاب العسكري، في يوليو الماضي، امتثالا لقانون مكافحة الانقلاب الذي يحظر تقديم مساعدات لأنظمة انقلابية”.
في بيان لها صدر في 10 أكتوبر 2013، اعتبرت وزارة الخارجية المصرية أن قرار تجميد قسم من المساعدة الأمريكية العسكرية لمصر “قرار سيء بمضمونه وتوقيته وهو يطرح تساؤلات جدية حول رغبة الولايات المتحدة في تقديم دعم استراتيجي لمصر في إطار برامجها الأمنية”.
أرسلت شركة “افتا كراز” الأوكرانية المتخصصة فى إنتاج المدرعات الثقيلة، 50 مدرعة إلى وزارة الدفاع المصرية، من نوع “AC- 12-63221″، بموجب عقد مُبرم بين شركة “كريمنشوك” ووزارة الدفاع المصرية، وسبق لنفس الشركة أن أرسلت خلال الأعوام السابقة أكثر من 3500 سيارة.
swissinfo.ch: هل تعتقد أن هناك علاقة بين الموقف الأمريكي مما حدث بمصر في الثالث من يوليو 2013، والقرار الأمريكي بتعليق المساعدات العسكرية، وقرار الكونجرس منذ أيام بمنع إرسال 60 مليون دولار من برنامج المساعدات لمصر؟
د.عادل سليمان: بالتأكيد هناك علاقة قوية، لأن العلاقة بين الولايات المتحدة ومصر كانت وثيقة حتى 3 يوليو، وأمريكا لم ولن تصرح بأن ما حدث في مصر انقلاب عسكري رغم قناعتها بذلك، لأن هناك مشاكل قانونية لديها تمنعها من ذلك، فلو أعلنت أن ما حدث في مصر انقلاب عسكري (Military coup)، فإنه طبقًا للقانون الأمريكي سيترتب عليه أن تلتزم الإدارة الأمريكية باتخاذ مواقف حادة تجاه مصر، من جميع النواحي، مع وقف جميع المعونات والمساعدات والعلاقات على الفور، وأمريكا لا تريد فعل هذا الآن.
swissinfo.ch: لماذا لا تريد أمريكا فعل هذا الآن؟
د.عادل سليمان: لأنها في هذه المرحلة الانتقالية من تاريخ مصر تحتاج إلى إحداث نوع من التوازن في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل لا تنفصل عن المصالح الأمريكية والتوازن في المنطقة، بل هي جزء منها، وجزء رئيسي، لكن لابد أن نضع في اعتبارنا أن هناك متغيرات. وللحقيقة فإن هناك مشكلة في فكرنا، لدينا جميعًا في المنطقة العربية، وهي أن إدراكنا للمتغيرات ضعيف، فنحن حتى الآن نردد وراء غير المدركين للتغيرات قولهم: “وما المشكلة.. علينا أن نترك أمريكا ونتجه للإتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية”، ونحن ناسون تمامًا أنه لا يوجد شيء الآن اسمه الإتحاد السوفييتي ولا الكتلة الشرقية!. وأن معظمهم الآن أعضاء في حلف “الناتو”، والإتحاد الأوروبي.
swissinfo.ch: يُردّد البعض أن المصالح الأمريكية تقتضي توثيق العلاقات مع مصر، فما هي مصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط ومع مصر تحديدًا؟
د.عادل سليمان: أمريكا حريصة على أن تتم عملية التحول في مصر والشرق الأوسط بطريقة هادئة، حتى لا يُحدث هذا التحول مشكلات بالنسبة لها ولمصالحها، وإن كانت تريد التحول وحريصة عليه، هذه هي النقطة كيف تديره؟.
swissinfo.ch: وهل يعني هذا أن الولايات المتحدة كانت رافضة أن يبقى الإسلاميون في مصر في السلطة؟
د.عادل سليمان: من قال هذا؟، الصحيح والدقيق أن نقول: إنها لم تكن تريدهم أن يبقوا في السلطة أقوياء، يحملون مشروعهم (Islamic Project)، أو ما يسمى بمشروع الخلافة الإسلامية، لكنها لم تكن رافضة لوصولهم إلى السلطة ومن ثم بقاءهم فيها، لأنها تعرف أنهم القوة الأولى المنظمة في الشارع، والأمريكان يفهمون هذا جيدًا، ولعل هذا ما يجعل البعض ينظر إلى الموقف الأمريكي اليوم على أنه مائع، على المستوى الإعلامي، ولكنه على المستوى الإستراتيجي ليس كذلك، لأنهم يريدون أن تكون كل الأطراف الموجودة ضعيفة، هم لا يريدون لطرف أن ينتصر على طرف، حتى تبقى مصر منضوية تحت مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي لا توجد به قوة إقليمية عربية. وأيضًا لأن الدكتور محمد مرسي كان يتحدث عن مشروع إسلامي كبير، وعن توثيق علاقات مصر مع الدول الإسلامية، لكي يُحيي فكرة التعاون الإسلامي، ليس بالضرورة في الإطار الحرفي لمفهوم الخلافة، لكنه مشروع إسلامي، يجمع فيه العالم والأمة الإسلامية لتتعاون مع بعضها البعض، لتستعيد قوتها ومن ثم مكانتها، وهذا بالنسبة لأمريكا والغرب خطر عليهم، وهذا هو ما كانت أمريكا تتخوف منه وترفضه.
swissinfo.ch: هل هذا ما يفسر لماذا لم يبدأ مرسي عهده بزيارة للبيت الأبيض مثل أقرانه السابقين السادات ومبارك، وتفضيله البدء بزيارة السعودية ودول إسلامية كإيران وتركيا وباكستان؟
د.عادل سليمان: مرسي كات يتحدث عن العالم الإسلامي، بكل توجهاته، ومن أجل هذا استهل حياته في السلطة بزيارة المملكة العربية السعودية، وإيران وتركيا وباكستان، وعندما فكر في التوجه للغرب زار ألمانيا وروسيا، ثم الصين ولم يذهب لأمريكا، وهذا في تقديري من أهم أخطاء مرسي، أنه استعجل تنفيذ مشروعه الإسلامي، وكشف أوراقه مبكرًا، وعدم تقدير قوتي بالضبط، ومعرفة إمكانياتي، ومتى أعبر عن رغبتي، وماذا أريد؟، فالدول الواعية لا تكشف عما تريده ببساطة، إلا إذا كانت دولة كبرى مثل أمريكا وغيرها لأنها تمتلك القوة الكافية ولا يهمها ردود الفعل.
swissinfo.ch: بعض القوى الليبرالية واليسارية اليوم في مصر تنادي وتتبنى فكرة التصعيد في اتجاه المقاطعة مع الولايات المتحدة، والإستغناء عن المعونات والمساعدات الأمريكية. برأيك، هل يصب هذا في مصلحة مصر الآن؟
لواء أ.ح.م د.عادل سليمان: إطلاقًا، هذا ليس في مصلحة مصر، ومصر لم تعلن هذا التوجه بشكل رسمي، وكل ما يتردد في هذا الموضوع كلام غير مسؤول، وشو إعلامي، أما الموقف الرسمي وتصريحات القوات المسلحة فهو غير ذلك تمامًا، ولمعلوماتك فإنه في نفس يوم صدور قرار الكونغرس بتعليق المعونات العسكرية كان وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل يتحدث هاتفيًا مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري لمدة ساعة، فالموقف الرسمي مستوعب للأمر جيدًا، والأمريكان لا يهتمون بـ “الشو” الإعلامي الذي تمارسه الصحف المصرية.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.