مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استقالات من الحكومة وتصاعد الدعوات إلى اجتثاث الحزب الحاكم في تونس

الناشط الحقوقي سمير ديلو يواجه جنودا خلال مظاهرة تطالب بحل التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم نظمت وسط العاصمة التونسية يوم 18 يناير 2011 Keystone

في أعقاب يوم مثير تسارعت فيه الأحداث على الساحة التونسية، أعلن شطب إسم الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وستة من أنصاره من عضوية التجمع الدستوري الديمقراطي، وانسحب أربعة وزراء من الحكومة المؤقتة، وطالبت عمادة المحامين بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، لا يكون فيها مكان لأعضاء الحزب الحاكم سابقا.

وكانت العديد من المدن التونسية، بما في ذلك تونس العاصمة، هذا اليوم مسرحا لتنظيم احتجاجات وتظاهرات شارك فيها الآلاف من المواطنين، الذين تعالت أصواتهم داعية إلى إجتثاث التجمّع الدستوري الحاكم، وغلق مقاره وحلّه. وفيما تستمر التطوّرات متلاحقة، أجرت swissinfo.ch هذا الحوار مع الإعلامي والمحلل التونسي صلاح الدين الجورشي.

swissinfo.ch: حتى البارحة، كان التفاؤل بنجاح حكومة الوحدة الوطنية هو سيد الموقف. ما الذي حصل بين الأمس واليوم؟

 

صلاح الدين الجورشي: بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة المؤقتة، عقد الإتحاد العام التونسي للشغل هيئة إدارية استثنائية طغى على نقاشاتها رأي سرعان ما اكتسب الأغلبية الواسعة، بل وأصبح هو السائد. يتلخص هذا الموقف في القول بأنه لا يمكن للإتحاد أن يشارك في أي عمل سواء كان على مستوى الحكومة أو في أي مؤسسات أخرى يكون فيها التجمّع الدستوري الديمقراطي، الذي كان يحكم في المرحلة الماضية. وفي النهاية قررت الهيئة الإدارية أولا سحب الإتحاد لممثليه من الحكومة المؤقتة، وثانيا، سحب ممثليه سواء من مجلس النواب أو المجلس الاستشاري او بالمجلس الإقتصادي الإجتماعي. وهي المؤسسات التمثيلية الثلاث هي التي يرتكز عليها النظام السياسي في تونس.

بالإضافة إلى ما سبق، هل يبدو لك أن الأطراف المعارضة التي لم تشملها المشاورات قد نجحت في إرباك الوضع والحيلولة دون انطلاق أعمال الحكومة؟

صلاح الدين الجورشي: لقد قررت الأحزاب والتيارات السياسية التي لم تشملها المشاورات من أجل تشكيل الحكومة، القيام بتحركات ميدانية عن طريق تنظيم تظاهرات واحتجاجات بالمدن التونسية بما في ذلك العاصمة، ومارست ضغوطا شديدة على الأحزاب السياسية التي قبلت بالمشاركة، وهو ما زاد في تعميق الضغط على الحكومة. هذا الأمر ثابت، وقد وجدت الحكومة نفسها أمام ضغوط لا قبل لها بها، ولم تعد على الأقل بعض الأطراف داخلها قادرة على تحمّلها. وهناك تيار واسع رافض لمبدأ الدخول في حكومة يكون من بين أعضائها التجمّع الدستوري الديمقراطي.

من شرم الشيخ، أكّد كمال مرجان، وزير الخارجية التونسي، على ان هذه الحكومة هي مجرد حكومة انتقالية لماذا برأيك الشارع متوجّس منها إلى هذا الحد؟

صلاح الدين الجورشي: الحقيقة أن عدد المواطنين في تونس الذين لم يعودوا قادرين على تحمّل التجمّع (الحزب الحاكم) كرمز سياسي وكآلية للحكم يزداد يوما بعد يوم. وهؤلاء يخافون من عودة التجمّع. وما زاد في إرباك العملية أن الكلمة التي توجّه بها وزير الداخلية للرأي العام بالأمس أثارت تحفظات وغضب الكثيرين، وذكّرتهم بالمرحلة الماضية، وهذا ما جعل الشعار الطاغي على الاحتجاجات والمظاهرات التي خرجت اليوم الثلاثاء 18 يناير 2011 المطالبة بحل التجمّع الدستوري، وإلغاء وجوده واجتثاثه.

بالإضافة إلى الأحزاب المعارضة، وإتحاد الشغل، ما هو موقف المنظمات الأخرى المشكلة للمجتمع المدني؟

صلاح الدين الجورشي: هذه المنظمات هي الأخرى توجد حاليا في حالة ارتباك، لانها عبرت في البداية عن تأييدها لمبدأ تشكيل الحكومة خاصة أن هذه الأخيرة قد ضمت عددا لا بأس به من الشخصيات المستقلة ذات التوجهات الديمقراطية. والآن، وبعد ان قرر الإتحاد الإنسحاب، بدأت هذه المنظمات تبحث عن صيغة لتأييد مطالب الأحزاب السياسية الديمقراطية، واتحاد الشغل، من دون ان تتراجع (إلى حد الآن على الأقل) عن دعم الحكومة الانتقالية لأهميتها كآلية للحفاظ على طبيعة العمل المؤسساتي.

ما هي احتمالات تطوّر هذا الوضع في الساعات القادمة في ظل توسّع الإحتجاجات المطالبة بحل التجمّع الدستوري الديمقراطي؟

صلاح الدين الجورشي: هذا راجع من جهة على نوعية القرار الذي سيتخذه الوزير الأوّل، وإلى ما يقرره من جهة أخرى التجمعيّون. ولإنقاذ هذه الحكومة لا يستبعد أن يعلن أعضاء من التجمّع الدستوري الديمقراطي انسحابهم من الحزب الحاكم سابقا، والقبول بالمشاركة في الحكومة تحت إسم آخر.

في حالة إستمرار هذه الإحتجاجات وتوسعها، هل يمكن أن يتدخّل الجيش لحسم الموقف، واستلام السلطة؟

صلاح الدين الجورشي: من المؤكد ان الجيش أعطى مهلة، رغم انها لم تحدد زمنيا، كفرصة للسياسيين للبحث عن صيغة توفيقية للخروج من عنق الزجاجة. ولكن إذا طالت هذه الفترة، واستحكمت الخلافات، وتعددت المخاطر الأمنية، وربما الضغوط الخارجية، فإن الجيش قد يضطر لاستلام السلطة في نهاية المطاف.

أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) الذي قام بدور هام في التظاهرات التي اسقطت نظام بن علي الثلاثاء 18 يناير عدم اعترافه بحكومة الوحدة الوطنية التي أعلنت الإثنين في تونس.

وقال العيفة نصر المتحدث باسم المركزية لوكالة فرانس برس ان قيادة الإتحاد قررت في اجتماع استثنائي الثلاثاء “عدم الإعتراف بالحكومة الجديدة”.

وأضاف أن الإتحاد دعا ممثليه الثلاثة في الحكومة إلى الإنسحاب منها وأنه في حالة رفضهم فانهم لا يمثلون إلا أنفسهم.

وترتفع أصوات كثيرة خصوصا بين اليسار والاسلاميين، رفضا لوجود أعضاء من حكومة بن علي السابقة في الحكومة الجديدة.

والأعضاء النقابيون في الحكومة التي أعلنت الاثنين هم عبد الجليل البدوي (وزير معتمد لدى الوزير الاول) وحسين الديماسي (وزير التكوين والتشغيل) وأنور بن قدور (وزير دولة للنقل والتجهيز).

وأضاف المصدر ذاته أن ممثلي المركزية النقابية في البرلمان (مجلس النواب ومجلس المستشارين) وفي المجلس الإقتصادي والإجتماعي “استقالوا” من مناصبهم.

ومن المقرر أن يعقد الإتحاد العام التونسي للشغل الذي يرأسه عبد السلام جراد مؤتمر صحافيا في وقت لاحق من يوم الثلاثاء 18 يناير في العاصمة.

والإتحاد العام التونسي للشغل هو المركزية النقابية الوحيدة في تونس وقام بدور هام في تنظيم حركة الاحتجاج ضد نظام بن علي الذي فـرّ الجمعة 14 يناير إلى السعودية.

وخلال 23 عاما من حكم بن علي كانت قيادة الاتحاد إجمالا قريبة من السلطات غير أن المركزية النقابية تشقها تيارات سياسية مختلفة من المعارضة الراديكالية للنظام السابق.

وكان رئيس الوزراء التونسي محمد الغنوشي في تصريح لاذاعة اوروبا الأولى Europe1 الفرنسية يوم الثلاثاء 18 جانفي أن وزراء نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذين تم الإحتفاظ بهم في حكومة الوحدة الوطنية “أيديهم نظيفة” وتصرفوا على الدوام “حفاظا على المصلحة الوطنية”.

وقال رئيس الحكومة محمد الغنوشي “إنهم احتفظوا بحقائبهم لأننا بحاجة اليهم في هذه المرحلة” من بناء الديموقراطية حيث يتم الإعداد لانتخابات في غضون ستة اشهر، مشددا على “الرهان الامني الكبير” في هذه المرحلة الانتقالية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 18 يناير 2011)

أجرى الحوار عبر الهاتف عبد الحفيظ العبدلي

الأكثر قراءة
السويسريون في الخارج

الأكثر مناقشة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية