اعتقالات الإخوان وإغلاق القنوات.. انتهاك لحقوق الإنسان
تباينت آراء خبراء قانونيون ونشطاء حقوقيون مصريون، حول حملة الاعتقالات التي شنّتها السلطة الجديدة في مصر، والتي أطاحت بالرئيس الشرعي المُنتخَب الدكتور محمد مرسي، لعدد من قيادات حزب "الحرية والعدالة" ورموز جماعة الإخوان المسلمين، وكذا إغلاق عدد من القنوات الإسلامية، وفي مقدمتها قناة "مصر 25".
ففيما اعتبرها ناشط حقوقي ورئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان، حملة “اعتقالات مبرّرة وإغلاقات ضرورية”، رآها مقرّر لجنة الحريات بنقابة المحامين ونائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان “جرائم اختطاف خارج القانون” و”محاولة لتكميم الأفواه” و”خطوة على طريق الحُكم الديكتاتوري”.
وكانت قوات تابعة لوزارة الداخلية والقوات المسلحة قد قامت مساء أمس الأربعاء 3 يوليو بمداهمة استوديوهات أربعة قنوات فضائية دينية على الأقل، وقطع إشارات البثّ عنها، بمجرد الانتهاء من خطاب إقالة الرئيس السابق محمد مرسي واعتقال نحو 34 من مالكيها والعاملين بها، وهي قنوات “الحافظ ومصر 25 والناس والرّحمة”، وجميعها قنوات مؤيِّدة للرئيس السابق محمد مرسي وتنقل الآراء المؤيِّدة له، بزعم أنه قرار استثنائي ووأدا للفِتنة بين أبناء الشعب المصري!
كما قامت قوات الأمن أيضا بمداهمة مكتب قناة الجزيرة مباشر – مصر أثناء البث المباشر، واعتقلت العاملين به وصادرت الكاميرات والمُعدّات الموجودة بالمكتب ومنعت بث القناة، قبل أن يعاد بثّها مرة أخري، وذلك بالتّوازي مع حملة اعتقالات طالت كلاً من: د. محمد سعد الكتاتني – رئيس حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب السابق، ود. محمد رشاد البيومي – نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين ومحمد مهدي عاكف – المرشد العام السابق للجماعة…إلخ. فيما داهمت منزل د. محمود غزلان، المتحدّث الرسمي باسم الإخوان، ود. عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة.
اعتقال وإغلاق مبرر قانونا!!
في البداية، يقول الناشط الحقوقي ممدوح نخلة، رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان بالقاهرة، “أؤكد أنني أرفض الاعتِقال العشوائي غير المُبرّر، لكن هناك فرْق بين تكميم الأفواه والاعتداء على الحريات العامة، وبين الحضّ على الكراهية والعنف والتحريض على الفوضى والقتل”، مشيرا إلى أن “الأصل في القانون، أن حرية الرأي والتعبير مكفولة لجميع الأفراد، وهي مُطلَـقة ولا يقيِّدها إلا أمران، هما: الحضّ على العنف والتحريض على الكراهية والقتل”.
ويضيف نخلة، عضو المنظمتين المصرية والعربية لحقوق الإنسان في تصريح خاص لـ swissinfo.ch: “وبناءا عليه، فلا يجوز اعتقال أي إنسان أو إغلاق أي وسيلة إعلامية للتعبير عن الرأي، إلا إذا كانت تُحرّض على العنف وتحض على الفوضى والكراهية”، معتبرا أنه في هذه الحالة، يكون الحبْس مبرر والاعتقال مبرر وغلق القنوات الإعلامية مبرر، من الناحيتين القانونية والواقعية”.
وتطبيقا على هذه القاعدة – والكلام لنخلة – فإن حملة الاعتقالات التي تقوم بها السلطة الحاكمة في مصر الآن لعدد من قيادات ورموز جماعة الإخوان المسلمين (د. محمد سعد الكتاتني – رئيس حزب الحرية والعدالة ورئيس مجلس الشعب السابق/ د. محمد رشاد البيومي – نائب المرشد العام لجماعة الإخوان/ محمد مهدي عاكف – المرشد العام السابق للإخوان/….) هي حملة مبرّرة، لأن هؤلاء وغيرهم من قيادات الجماعة، كانوا يُـحرِّضون على العُنف والفوضى، على حد قوله.
ويُتابع رئيس مركز الكلمة لحقوق الإنسان بالقاهرة، قائلاً: “هذا عن الاعتقالات، أما عن إغلاق قناة جماعة الإخوان المسلمين (مصر 25) وعدد من القنوات الإسلامية الأخرى، مثل قناة الحافظ والناس والرحمة و… إلخ، فهو أيضا إغلاق مبرر وقانوني، لأنها دأبت على الدّعوة إلى الكراهية والعنف والفوضى، فضلاً عن التطاوُل وازدراء الدِّين المسيحي، كما أنها تُحرِّض على القتل”.
ويوضح نخلة أن “هذه القنوات الدِّينية لم تكن تقدم مواد دينية أو تشرح للمشاهدين أصول الدين وتُعرِّفهم على مبادئه، وإنما تفرّغت للسياسة وأقحمت نفسها في غيْر ما تأسست من أجْله، وعليه، فإنني أرى أن إغلاق هذه القنوات له ما يُبرِّره من الناحية القانونية والواقعية، وهو ليس تكميما للأفواه أو اعتداءً على حرية الإعلام، كما يدّعي البعض”.
جريمة اختطاف خارج القانون!
وبرؤية مغايرة، أوضح محمد الدماطي – نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وكيل نقابة المحامين، أن “اعتقال قيادات حزب الحرية والعدالة ورموز جماعة الإخوان المسلمين، دون وجود حالة طوارئ مُعلنة، يجعله اعتقالاً باطلاً، بل إنه يمكن توصيفه من الناحية القانونية، على أنه جريمة اختطاف”، مؤكدا أن “ما حدث من اعتقالات، هو بداية للحُكم الديكتاتوري، الذي استهلّ حكمه باعتقال خصومه السياسيين، دون سند من القانون أو الدستور”.
واستنكر الدماطي، مقرر لجنة الحريات بالنقابة العامة للمحامين في تصريح خاص لـ swissinfo.ch، غلْق قناة “مصر 25″، وعدد من القنوات الإسلامية المؤيِّدة للرئيس الشرعي للبلاد الدكتور محمد مرسي، متسائِلاً: لماذا لم نر قناةً واحدةً من القنوات التي كانت تحدث لغطًا كبيرا في الحياة السياسية، تُدِين هذا الفعل المشين وغير القانوني؟!
وأوضح أن العدالة تقتضي أيضا إغلاق القنوات الفضائية الأخرى، التي تحرِّض على الانقلاب ضد الرئيس الشرعي المنتخَب الدكتور محمد مرسي، لمدة عام كامل حتى تم، معتبرا أن كتم الأنفاس وقمع الحريات بهذه الطريقة، لم يحدث حتى في عصر المخلوع حسني مبارك، مشيرا إلى أن ما حدث في 3 يوليو، هو من فعل الثورة المضادّة لإجهاض ثورة 25 يناير المجيدة، مع عدم التقليل من غضب أو عدد المتظاهرين الذين خرجوا في 30 يونيو.
وتساءل الدماطي: “كيف تمّ حلّ مشاكل وأزمات السولار والبنزين و… إلخ، والتي كانت أحد أهم أسباب خروج الناس في 30 يونيو، في 24 ساعة فقط؟!! إنها الثورة المضادة”، موضحا أن الدكتور محمد مرسي، الرئيس الشرعي المنتخب، تم اغتياله سياسيا وأنه لن تكون هناك قضية للمستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، بعدما عاد النائب العام المُقال المستشار عبد المجيد محمود لمنصبه!
وكشف نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، عن أن “هذه الاعتقالات غيْر مبررة وغيْر مستندة إلى أي أساس قانوني أو دستوري، حيث أنه لا يوجد إعلان لحالة الطوارئ، والذي تتِم بموجبه الاعتقالات، بل هي اعتقالات خارج القانون، وهي بمثابة عمليات اختطاف للخصوم السياسيين ووضعهم في أماكن مجهولة، بعيدا عن عين القانون، معتبرا أن “هذه الأفعال (الاعتقالات وإغلاق القنوات)، تزيد من الاحتقان لدى الطرف الذي تمّ الاعتداء على حريته، التي كفلها له القانون”.
انتهاك للقانون وتضييق على الإعلام
ومن جهتها، أدانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، قيام قوات تابِعة لوزارة الداخلية والقوات المسلحة بإغلاق أربعة قنوات فضائية مؤيِّدة للرئيس السابق محمد مرسي ومنع إصدار جريدة الحرية والعدالة، الناطقة باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بزعم أنها تُحرِّض على الفتنة والتفرقة بين جموع الشعب المصري وكإجراء استثنائي.
وقالت الشبكة العربية في بيان وصل لمراسل swissinfo.ch بالقاهرة، إن “إغلاق هذه القنوات، هو انتهاك واضح للقانون وتضييق على حرية الإعلام وتصريح مدير الأمن العام بأن التحفّظ على العاملين والملاّك، جاء بهدف فحصهم جِنائيا، هو إجراء مخالِف، لأن اعتقال أي مواطن يتِم عند مخالفته القانون، وليس افتِراض الجرم به”.
وأكدت أنه، على الرغم من رفضنا للمادة الإعلامية التي تبثّها هذه القنوات، التي كانت تحمل في طياتها خطابا للكراهية وتحرِّض المؤيدين للرئيس السابق محمد مرسي على العنف، الأمر الذي كان ينذر بنشر العُنف، إلا أن قرار وقْف البث ومصادرة الصحف، لا يجب أن تصدره أية جهة إدارية، لاسيما وزارة الداخلية، فضلا عن أن العِقاب يجب أن ينصبّ على الشخص المُحرِّض، وليس على الوسيلة الإعلامية كلها”.
وطالبت الشبكة العربية، السلطات المصرية الحالية بأن يطبِّقوا ما ورد في خارطة الطريق التي أعلنتها القيادة العسكرية مع العديد من الرموز السياسية والدّينية مساء الأربعاء، من وضع ميثاق إعلامي وبدء المصالحة الوطنية، وهو ما يعني أن يعاقَب المواطن على جريمة ارتكبها، وليس بناء على خلفيته السياسية، وأن يعاقَب الإعلامي نفسه على تجاوز القانون، وليس الجريدة أو القناة بشكل كامل.
البشري يرفض.. وباسم يسخر!!
ومن ناحيته، اعتبر الفقيه القانوني المستشار طارق البشري، النائب الأول الأسبق لرئيس مجلس الدولة، أن عملية الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي وتعطيل العمل بالدستور، «انقلاب عسكري صريح على دستور ديمقراطي أفرزته إرادة شعبية حقيقية». وانتقد البشري، في تصريحات صحفية، أن تتم “الإطاحة برئيس انتُخِب على أساس انتخابات حرّة ونزيهة، وكان انتخابه من ثِمار ثورة 25 يناير، التي كان مطلبها الأساسي إقامة نظام ديمقراطي في مصر وبشكل حقيقي وليس صوري”، مؤكدا أن هذه الثمار “نكثت بها إجراءات الانقلاب العسكري الذي جرى في اليومين الماضيين”.
وقال: “الحقيقة، أن القوات المسلّحة التي ساهمت مساهمة بنّاءة وتاريخية في تحقيق أهداف ثورة 25 يناير وإدارتها المرحلة الانتقالية حتى تسليم السلطة إلى رئيس مدني مُنتخَب، هي اليوم بقيادتها الجديدة تنتكِس على هذه الثورة وتُقيم نظاما استبداديا من جديد”.
في الوقت نفسه، سخر الإعلامي باسم يوسف، من قطع الشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات” البث عن جميع القنوات الإسلامية فور انتهاء كلمة الفريق أول عبد الفتاح السيسي مساء الأربعاء، قائلا “قنوات: مصر 25 والحافظ والناس اختفوا. شقاء عمري!”. وأضاف يوسف، في حسابه على “تويتر”: “بمناسبة حرية التعبير، مرسي لو كان عدي كان حيقَـفِّل القنوات الخاصة. الموضوع موضوع مين أكل الأول. كل طرف يعتبر الآخر مصدر فتنة”.
وتهكّم قائلاً: “حبايبي الإسلاميين اللّي على التايم لاين، أنتم من كنتم تهتِفون للرئيس طهر طهر في الإعلام وكنتم حتكونوا أول الفرحين. أهو إطّـهر ياخويا”، وأضاف: “إذا كانت رسالة البرنامج الوحيدة هي كشف التجارة بالدّين وكشف قنوات الفتنة، فَدَه يكفينا ثاني، يتحرق البرنامج، المهم البلد”.
تولى المستشار عدلي محمود منصور رئاسة المحكمة الدستورية خلفا لـلمستشار ماهر البحيري.
ويُعد منصور، ثاني رئيس لجمهورية مصر العربية بشكل مؤقّت بعد الدكتور صوفي أبو طالب – رئيس مجلس الشعب الأسبق، الذي شغل منصب رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة عقِب اغتيال الرئيس محمد أنور السادات، لمدة ثمانية أيام، وذلك من 6 إلى 14 أكتوبر 1981، وحتى تمّ انتخاب الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك.
ولِد منصور في 23 ديسمبر عام 1945 وتزوّج وأنجب ثلاثة أبناء، هم أحمد وياسمين وبسنت.
حصل على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة بتقدير عام “جيد”، وتمّ تعيينه مندوباً مساعداً بمجلس الدولة في عام 1970. وتدرّج فيه إلى أن وصل إلى درجة نائب لرئيس المجلس.
وأثناء عمله بالمجلس، التحق للعمل عضواً بإدارات الفتوى والتشريع لرئاسة الجمهورية والمحافظات ووزارات التربية والتعليم والخارجية والعدل. وفي عام 1992، عُـيِّن نائباً لرئيس المحكمة الدستورية العليا.
تم ندبه للعمل بعدّة وزارات كمستشار قانوني، منها الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وتمّت إعارته للمملكة العربية السعودية، مستشاراً قانونياً لوزارة التجارة خلال الفترة ما بين 14 ديسمبر 1983 إلى 19 أبريل 1995.
وكانت الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا قد وافقت في 19 مايو الماضي على تعيين المستشار عدلي منصور، النائب الأول لرئيس المحكمة رئيسا لها، خلفا للمستشار ماهر البحيري، الرئيس الذي انتهت فترة رئاسته في 30 يونيو الماضي، لبلوغه السِنّ القانونية.. وذلك بعد أن تمّ تعديل على قانون المحكمة بالمرسوم بقانون رقم 48 لعام 2011 نصّ على أن يُعيَّن رئيس المحكمة بقرار من رئيس الجمهورية، من بين أقدم ثلاثة نواب لرئيس المحكمة، بعد موافقة الجمعية العامة.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.