اعتماد تقرير سويسرا مع تسجيل بعض التحفظات
تعهّدت سويسرا بتحسين سجلّها في مجال حقوق الإنسان، وقبلت 100 مقترح تقدمت بها العديد من البلدان الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ولئن رأى ناشطون أن الوثيقة التي قدمتها سويسرا تتصف بالشمول، فإنهم يقولون إنها تفتقر إلى "الشجاعة السياسية".
واعتمدت البلدان الأعضاء في المجلس البالغ عددهم 47 بلدا يوم الخميس 14 مارس 2012 التقرير النهائي للإستعراض الدوري الشامل الثاني الخاص بسويسرا، وهذا الاستعراض الدوري يحدث كل أربع سنوات.
وقد وافقت سويسرا على تنفيذ 99 من أصل 140 توصية تقدمت بها 69 بلدا في أكتوبر الماضي. وقد سبقت عملية اعتماد التقرير استشارة واسعة شملت السلطات الفدرالية والكانتونات، ومؤسسات المجتمع المدني للتعرّف على أي من تلك التوصيات قد تمّ تنفيذها بالفعل، والتوصيات الأخرى التي يمكن تنفيذها خلال السنوات الأربع القادمة.
ويقول ألكسندر فازل، سفيرا سويسرا بمقرّ الأمم المتحدة بجنيف أن “الحكومة السويسرية تعتقد ان المستوى العام لحماية حقوق الإنسان في سويسرا جيّد. ولكن لا يوجد بلد حتى تلك التي تعرف بتقاليدها الراسخة في مجال حقوق الإنسان، تحظى بالرضاء الكامل. ثم يضيف: “احترام حقوق الإنسان هي مهمّة دائمة. ويجب على كل مواطن وكل حكومة العمل على هذا الأساس باستمرار”.
ومن بين مجموعة المقترحات التي لقيت القبول، موافقة سويسرا على التصديق على اتفاقيات الأمم المتحدة بشأن الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، والاتفاقيات المتعلقة بحالات الاختفاء القسري. كما وعدت أيضا بالعمل من أجل الحدّ من حجم الفوارق في الأجور بين الرجال والنساء. فضلا عن تعزيز جهود مكافحة الإتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي والعنف المنزلي.
كذلك قبلت سويسرا التوصية الداعية إلى تحويل مركز الخبرة السويسري لحقوق الإنسان الذي أنشأ حديثا إلى وكالة وطنية تحظى بإستقلالية تامة عملا بوثيقة “مبادئ باريس” التي تنظّم طبيعة ووظيفة الهيئات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان. ومركز الخبرة السويسري المشار إليه أعلاه هو حاليا مشروع تجريبي يمتد لخمس سنوات.
بدأت أوّل عملية للإستعراض الدوري الشامل التي تخصّ كل بلد من البلدان المائة والثلاثة والتسعين الأعضاء في الأمم المتحدة مرة واحدة خلال كل أربع سنوات في أبريل 2008.
انطلقت الدورة الثانية من الإستعراض الدوري الشامل في 21 مايو 2012. وتمّ استعراض سجل سويسرا في 29 أكتوبر من نفس السنة.
قبل كلّ استعراض، يتقدّم البلد المعني بتقرير وطني يعدّد فيه الخطوات التي اتخذها لتنفيذ التوصيات التي قبلها من الإستعراض الاوّل، ثمّ يكمّل ذلك التقرير بتقرير آخر ينجزه مقرري الأمم المتحدة، بالإضافة إلى موجز للمعلومات تتقدّم به المنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان.
يتمّ تسهيل الإستعراض من خلال اختيار مجموعة من ثلاثة بلدان تقوم بدور المقررين. وقد أشرفت على مراقبة العرض السويسري كل من نيجيريا وبلجيكا وكوستاريكا.
خلال الدورة، يجرى حوار تفاعلي بين البلد الخاضع للإستعراض وأعضاء المجلس، ثم يتمّ لاحقا إقرار تقرير العمل بالنسبة لكلّ بلد.
“الافتقار إلى الدعم المحلّي”
لكن سويسرا أيضا رفضت 41 توصية أخرى، بما في ذلك المصادقة على اتفاقية الامم المتحدة بشأن حقوق العمال المهاجرين، والقوانين الوطنية الضامنة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لهذه الفئة.
كذلك رفضت اعتماد قانون عام يكافح التمييز أو يحظر المنظمات التي تؤيّد آراءً عنصرية. كما رفضت مناشدة العديد من البلدان لها بإلغاء الحظر على بناء المآذن في سويسرا، وهو الإجراء الذي أقرّه الناخبون السويسريون في استفتاء عام نهاية 2009.
وتبرّر الحكومة هذا الرفض بغياب دعم محلّي كاف لهذه المقترحات لكي تكون مقبولة. ويعلّق لوزيوس مادير، نائب مدير المكتب الفدرالي للعدل بالقول: “حظر التمييز منصوص عليه في الدستور السويسري. والرأي السائد لدينا هو ان النهج القطاعي يضمن حماية أكبر من التمييز مقارنة بالقانون العام الذي يدعو له البعض”.
لكنه، أضاف أيضا أن الحكومة منفتحة على أي اقتراحات جديدة. وقد طلب من مركز الخبرة السويسري لحقوق الأنسان انجاز دراسة حول الإجراءات المعتمدة حاليا لمكافحة التمييز. ويذكر أن البرلمان كذلك طلب من الحكومة اعداد تقرير حول هذه الموضوع.
“نقص في الشجاعة السياسية”
أعرب ائتلاف متكوّن من 47 منظمة غير حكومية شاركت في الاستعراض الدوري الشامل الثاني عن ارتياحها بشكل عام عن العملية من أساسها ورحّبت بمعاملة الحكومة لها كشريك وأن الكانتونات كانت طرفا في اتخاذ القرارات.
لكنها أيضا أعربت عن أسفها لكون واحدة من أصل كل ثلاث توصيات لم يؤخذ بها، وفي أغلب الحالات كان السبب هو غياب الإرادة السياسية. وتجلّى هذا على وجه الخصوص في رفض إنشاء هيئة مستقلة لتلقي الشكاوى ضد عنف الشرطة، او إدراج التعذيب ضمن الجرائم الجنائية، أو الاعتماد المنهجي للفصل بين القصّر الجانحين والبالغين المحتجزين في مراكز الاحتجاز.
وأوضح ألان بوفار، الخبير بمنظمة العفو الدولية في حديث إلى swissinfo.ch أن “رفض أكثر من 12 توصية على علاقة بالتمييز يمثّل مشكلة”. ثم أضاف يقول: “إنه يرسل إشارة خاطئة إلى المجتمع الدولي وإلى كثير من الناس في سويسرا الذين لا يزالون يتعرّضون إلى التمييز”.
وأشار هذا الائتلاف غير الحكومي في بيان أصدره للغرض أن الحكومة السويسرية “قد رفضت تقريبا جميع التوصيات التي تتطلّب إدخال تعديلات تشريعية. وهذا يدلّ على أنه لا توجد شجاعة سياسية كافية لدى الحكومة”.
وامام سويسرا أربع سنوات لتنفيذ التوصيات التسع والتسعين. وسيكون عليها الدفاع من جديد عن سجلها في مجال حقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان الذي يوجد مقره بجنيف في عام 2016″.
(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.