اقتراع وطني: سويسرا تصوت من أجل تعزيز المسؤولية البيئية
![اقتراع وطني](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2024/12/CH_VOTING_teaser.jpg?ver=9268300b)
تتاح للشعب السويسري حتى منتصف نهار التاسع من فبراير، فرصة الإدلاء بصوته بالموافقة أو الرفض على مبادرة المسؤولية البيئية التي أطلقها جناح حزب الخضر الشبابي. وتهدف المبادرة إلى إرساء ممارسات اقتصادية تلتزم بحدود ما بإمكان الطبيعة توفيره. وتتوقع معاهد استطلاع الرأي فشل المبادرة في صناديق الاقتراع. وسيُعلن عن النتائج في اليوم نفسه.
ويقرر الشعب السويسريّ يوم الأحد المقبل، التصويت ب”نعم” أو “لا” على مبادرة شعبية تدعو إلى ممارسة اقتصادية لا تنتهك حدود كوكب الأرض البيئية. وقد وصلت هذه المبادرة إلى صناديق الاقتراع بعد أن جمع جناح حزب الخضر اليساري الشبابي، أكثر من 100 ألف توقيع لطلب التصويت.
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2015/01/aad69f5cd7b247c82cfceaf95267235c-popular-initiative-jpg-data.jpg?ver=a17ad35e)
المزيد
ما هي “المبادرة الشعبية” أو “مبادرة المواطنين”؟
ويصوت الشعب السويسريّ على قضايا وطنيّة عادةً أربع مرات سنويًا. لكن لا تحظى هذه المبادرة بدعم كبير. إذ تبلغ معارضتها، حسب آخر استطلاع للرأي أنجز لصالح هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، حوالي 61%، بينما يؤيدها 37% فقط. ولم يحسم 2% الأمر بالتصويت بنعم أو لا، وفق أول استطلاع للرأي أجرته مؤسسة البحوث الاجتماعيّة في برن (gfs.bern) في منتصف يناير حول هذه القضيّة.
ويأتي التصويت في وقت أصبحت فيه انعكاسات تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي مثيرة للقلق على الساحة الدولية؛ وما حرائق الغابات المدمرة في كاليفورنيا، سوى أحدث مثال على ذلك. وصُنّفت السنوات العشر الماضية على التوالي، الأكثر دفئًا على الإطلاق في العالم. وتشير المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إلى انعكاس هذا الاتجاه على سويسرا أيضا، وإطلاق تحذيرات في الأمم المتحدة.
![حقل أخضر](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2022/04/af03ac54a029a10e9d99133f001c4448-058_1119384-data.png?ver=9d19f625)
المزيد
“نحن ندمر كوكبنا لإطعام أنفسنا”
دعوة إلى خفض الاستهلاك
وتقترح المبادرة إضافة مادة قانونية إلى دستور البلاد، تلزم الاقتصاد الوطني بالعمل ضمن حدود قدرة الطبيعة التجديدية؛ أو ما يطلق عليه المجتمع العلمي “الحدود الكوكبية (العتبات الأساسية الضرورية لضمان استقرار نظام الأرض البيئي). ورغم أن المبادرة لا تنص صراحة على تدابير ملموسة، فإنها تريد منع استهلاك الموارد والتلوث من تجاوز قدرة النظم البيئية على التحمل.
ويتطلب احترام الحدود الكوكبية في سويسرا، تقليل الأثر البيئي الناجم عن الاستهلاك بشكل كبير. وأثبتت دراسة أجرتها منظمة السلام الأخضر في سويسرا (Greenpeace Switzerland)، أن العديد من المؤشرات فيها “حرجة للغاية”. وتتضاعف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون مثلا، متجاوزة الحدود الكوكبية، 19 مرة. كما يتجاوزها فقدان التنوع البيولوجي واستخدام المياه، بعامل 3،8 و2،7 على التوالي، ويُعَدّان من المجالات الأخرى المثيرة للقلق.
وتوصي الحكومة الفدرالية والبرلمان، إلى جانب حزب الشعب السويسري والحزب الليبرالي الراديكالي وحزب الوسط، برفض المبادرة، بحجة أنها ستضعف الاقتصاد السويسري. وفي المقابل، أعلن حزب الخضر والحزب الاشتراكي، فضلاً عن ائتلاف من المنظمات غير الحكومية السويسرية، و83 عالماً سويسرياً، دعم المشروع. ويعتبر الفريق المؤيد للمبادرة أنها ضرورية لضمان وفاء سويسرا بالتزاماتها البيئية، وتحقيق النمو الاقتصادي دون المساس بصحة السكان أو التوازن البيئي للكوكب.
المزيد
ويتطلّب تحقيق الهدف الذي تسعى إليه هذه المبادرة، إذا نجحت في حشد أغلبية الأصوات في صناديق الاقتراع، من الحكومة الفدرالية والكانتونات عشر سنوات. ولا تقدم لجنة المبادرة تدابير محددة في شكل قواعد للتنفيذ، أو حظرا أو حوافز. بل يقع تحديد التدابير الملموسة على عاتق البرلمان. ومع ذلك، تؤكّد المادة الجديدة المقترحة في الدستور، أن على السلطات العامة أن تتجنب الإجراءات التي قد تؤدي إلى الظلم الاجتماعي في سويسرا، أو في الخارج.
![البصمة البيئية](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2025/01/houses_effc27.jpg?ver=824b59e0)
المزيد
هل يجب إرغام الاقتصاد السويسري على احترام حدود الطبيعة؟
ومع ذلك، يقدّم الشقّ المؤيّد للمبادرة بعض الاقتراحات، منها مثلا، العمل على تحويل نظام التغذية نحو الأنظمة الغذائية القائمة على النباتات، وتنفيذ تدابير للحد من هدر الغذاء، والتخلي في مجال الطاقة عن الوقود الأحفوري لصالح مصادر الطاقة المتجددة، وتشجيع تطوير المدن “الذكية” المستفيدة إلى أبعد حد من التكنولوجيا والبيانات لضمان الاستخدام الفعال للطاقة وأساليب الحياة المستدامة.
أقلية تقرر
ولا يحق لجميع المقيمين والمقيمات في سويسرا المشاركة في اقتراع 9 فبراير المقبل. ويقتصر الأمر في الاقتراعات الفدرالية، على مواطني سويسرا ومواطناتها ممن زاد عمره عن 18 عامًا، ولا يخضع للوصاية. ويستطيع الناخبون والناخبات التصويت إما عن طريق البريد، أو بالحضور الشخصي في مراكز الاقتراع المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. ويتعين على المقيمين في الخارج والمقيمات التسجيل في القوائم الانتخابية. ويصل العدد الإجمالي لمن يحق له التصويت نحو 5،5 مليون شخص، ما يناهز ثلثي سكان البلاد البالغ عددهم نحو 9 ملايين نسمة.
ولا يحق للأشخاص المقيمين في سويسرا الذين لا يحملون الجنسية السويسرية التصويت، رغم أنهم يشكلون حوالي ربع السكان.
![ملصقات ضد التجنيس الميسر في البهو الرئيسي لمحطة القطار في زيورخ](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2021/10/9080847103dbc36fdb671ef068c96ca7-296061085_highres-data.jpg?ver=713f66cb)
المزيد
“المُقيمون الأجانب أكثرُ عددًا من أنْ يتمَّ تجاهلُهم”
وعادة ما يبادر نحو نصف الكتلة الانتخابية بالمشاركة في التصويت. وتراوح متوسّط المشاركة الانتخابيّة السنويّة على مدى السنوات العشر الماضية، بين 41% و57%، وفقًا للمكتب الفدرالي للإحصاء. وعمليا، وبناءً على هذه الأرقام، يعني أن الفوز باستفتاء أو مبادرة شعبية يتطلّب الفوز بتأييد حوالي 1،5 مقترع أو مقترعة، وكذلك دعم الأغلبية من الكانتونات، مما يمنح الكانتونات الأصغر وزنًا وتأثيرا أكبر.
وبما أن مبادرة المسؤولية البيئية تطالب بتغيير الدستور، فلا بد أن توافق عليها أغلبية الكانتونات أيضا.
![](https://www.swissinfo.ch/content/wp-content/uploads/sites/13/2011/08/7b2e5b37068a4c7e9463e91e64163ab1-directdemocracyen-30989078-data.jpg?ver=9f7547e0)
المزيد
كيف يعمل النظام السياسي السويسري؟
كانتونان يقرران الحد الأدنى للأجور
كما سيشارك الشعب السويسريّ يوم الأحد في اقتراعات محلية على مستوى كانتونات الإقامة، تتركّز بعضها على مسألة الحد الأدنى للأجور. ففي سولوتورن، تطالب مبادرة بما يبلغ منه 23 فرنكًا سويسريًا (25،35 دولارًا) لكل ساعة عمل، بينما تنص مبادرة أخرى في كانتون بازل-الريف على تحديده عند 22 فرنكًا سويسريًا (24،25 دولارًا). ولن يكون هذان الكانتونان أول من يقرّ حدًا أدنى للأجور، إذ سبقتهما إلى ذلك كانتونات جورا، وتيتشينو، ونوشاتيل، وبازل-المدينة.
وتدعو مبادرة مطروحة للتصويت في لوتسيرن، بخفض سن التصويت على المستويين الكانتوني والبلدي، من 18 عامًا إلى 16 عامًا. وقد رفضت العديد من الكانتونات الأخرى بالفعل مقترحات مماثلة. ويمثّل كانتون غلاروس الاستثناء الوحيد في ذلك، إذ أدخل الحد الأدنى لسن التصويت عند 16 عامًا في عام 2007.
تحرير: سامويل جابيرغ
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
مراجعة: مي المهدي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
![متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة](https://www.swissinfo.ch/ara/wp-content/themes/swissinfo-theme/assets/jti-certification.png)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.