“الأمل في الشباب الأوروبي المُتضامن للتعريف بواقع الشعب الفلسطيني”
قبل نصف شهر من الهجوم الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، شهدت جامعة جنيف، بمبادرة من الفرع السويسري لجمعية "جيل فلسطين" الأوروبية، تنظيم تظاهرة ثقافية لجمعيتي "دارنا" و"أنصار الإنسان" الفلسطينيتين لتعريف الشباب السويسري بمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي. واختُتمت التظاهرة التي تواصلت من 9 إلى 11 ديسمبر 2008 بحفل شعبي في قلب المدينة.
وتضم جمعية “جيل فلسطين” شبابا من بلجيكا وفرنسا وسويسرا، إلى جانب شباب فلسطيني وإسرائيلي مناصر للسلام.
واشتمل معرض الصور الذي يحمل عنوان “365 يوما في نابلس” على مشاهد تعكس الواقع اليومي للسكان المدنيين في نابلس بالضفة الغربية طوال أيام السنة. وكان المعرض قد انتقل بين عدة مدن فرنسية وأوروبية قبل أن يحـُل بجنيف للتعريف بالواقع المعيش للشعب الفلسطيني.
وفي هذا السياق، أوضح أمجد الرفاعي، مدير مركز مبادرات الشباب “دارنا” بمحافظة نابلس التي أعدت هذه الجولة إلى جانب جمعية “أنصار الإنسان” الفلسطينية، أن “هدف الجولة هو التعريف، عن طريق الصور المعبرة، بالقضية الفلسطينية وبما يحدث للفلسطينيين، واستقطاب أكبر عدد ممكن من الأوروبيين للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والقدوم في جولات تضامنية في نابلس وفي فلسطين بشكل عام”.
وجاءت المحطة التي توقف فيها المعرض في مدينة جنيف على مدى أربعة أيام في إطار جولة أوروبية شملت قبل سويسرا كلا من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا.
“المقاومة عبر الثقافة واللاّعـُنف”
الحدثُ الذي جلب عددا من الشباب السويسري أو الجامعي، سواء بالنسبة للمعرض أو الندوة التي احتضنتها إحدى قاعات الجامعة يوم 9 ديسمبر 2008، كان عبارة عن عرض لصور من الواقع اليومي لسكان نابلس تحت الاحتلال، وهي الصور الفوتوغرافية أو صور الفيديو التي عرضها الشبان الفلسطينيون من أعضاء الجمعيتين، والذين قاموا بدور صحفي في شوارع نابلس لتوثيق واقع التفتيش والدوريات، وحظر التجول المتكرر، ومنع حتى عمال المستشفيات من القيام بدورهم.
وقال وجدي عيش، مدير جمعية “أنصار الإنسان” ونائب رئيس مركز “دارنا”: “لقد أضفنا للمعرض لوحات فنية من إنتاج شبان فلسطينيين وشابات فلسطينيات تبنتهم الجمعيتان ولا تتاح لهم فُرص عرض أعمالهم خارج المنطقة”.
وعما إذا كان الشبان الفلسطينيون الثلاثة يلمسون وعيا من الجمهور الأوروبي عموما، والسويسري بالخصوص، بواقع القضية الفلسطينية، يقول ثائر ثابت، المنسق الإعلامي لمركز “دارنا”: “أعتقد أن الشعب الأوروبي قريب جدا من الشعب الفلسطيني. والدليل على ذلك أن مركز دارنا شهد في الفترة الأخيرة زيارات تضامنية كثيرة، خاصة من الفرنسيين والبلجيكيين والسويسريين”. وهي تحركات تُظهر في رأيه “رغبة مُلحة من قبل هذا الجمهور الأوروبي في التعرف على ما يحدث في فلسطين من أحداث، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو ثقافية أو اجتماعية”.
ولئن كانت أغلب الصور تُبرز الواقع تحت الاحتلال، إلا أن ثائر ثابت ينوه إلى أن “هناك صورا تشير إلى الأمل والحياة، من خلال الأطفال، مثل طفل يلعب مع كلب، وهو ما يعكس بأن الطفل الفلسطيني مثله مثل أي طفل في العالم، وأن الشعب الفلسطيني شعب طيب ومضياف ويحب الحياة”.
“الزيارات التضامنية أحسن سفير للقضية”
وبخصوص تقييمه لنجاعة الزيارات التضامنية التي قام بها شبان سويسريون وفرنسيون إلى فلسطين، يقول ثائر ثابت: “في اعتقادي، عكست الزيارات التي قام بها “جيل فلسطين” من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا وسويسرا، أو حتى المتضامنين الذين جاءوا عن طريق مبادرات فردية، واقع الشعب الفلسطيني عندما عاد هؤلاء الشباب إلى بلدانهم وشرّحوا واقع ما يحدث في فلسطين وفي نابلس، سواء تعلق الأمر بالحياة اليومية، من اقتصاد وثقافة وفكر، أو بوصف واقع البلدة القديمة في نابلس”.
وهو ما لا تقوم به وسائل الإعلام التقليدية، حسب أمجد الرفاعي، الذي يتهمها بأنها “مُستعمرة من قبل اللوبي الصهيوني، حتى أكثر من الاستعمار الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني”. ويستشهد على ذلك بالتذكير أنه قرأ مقالا نشرته صحيفة فرنسية ورد فيه أن “المستوطنين في الخليل يشعرون بأنهم مستفَزين من قبل الفلسطينيين”، مُضيفا “مع العلم بأن الواقع أنهم هم الذين يذبحوننا يوميا هناك”.
لذلك يرى أمجد أن “الشبان المتضامنين الذين يزورون المنطقة من جمعية “جيل فلسطين” وغيرهم والذين يُنضمون مخيمات صيفية مع جامعة النجاح وجمعيتي “دارنا” و”أنصار الإنسان”، بالإضافة إلى تضامنهم ومساعدتهم الإنسانية لنا ومساعدتهم لأبنائنا في مجال التعليم، يُعتبرون أناسا صادقين ينقلون الواقع كما هو، وهم الرسل الذين يمثلوننا في أوروبا أحسن تمثيل. وعملهم هذا يجلب فائدة بالنسبة لنا أكثر بكثير من وسائل الإعلام الرسمية والتقليدية”.
ومن التعاليق التي يوردها الشبان الفلسطينيون، مثلما يقول وجدي، “تساؤل بعض الشباب الأوروبي إن كان لدينا حقا جامعة في نابلس وإن كانت الانترنت موجودة حقا عندنا”. ويجيب وجدي: “بالطبع كل هذه الأشياء موجودة لأن عندنا ثقافة وحضارة عريقة، لكن مشكلتنا تكمن في وجود إعلام يتجنب الحديث عن الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية”.
“نحن شعب يمد يده بالسلام”
ويأمل الفلسطينيون الثلاثة من وراء هذه الجولة في أن “يواصل هؤلاء الشبان والشابات الأوروبيين تنظيم مثل هذه الحملات الإعلامية بهدف توضيح القضية الفلسطينية، وذلك باستغلال المناسبات الوطنية الفلسطينية أو الأحداث السياسية، مثل مضايقات المستوطنين وجيش الاحتلال، ولإظهار أن هناك شعبا يرغب في العيش بسلام، ولكن تمنعه من ذلك قوات احتلال، مثلما يحدث في القدس من تهويد واستيطان وحواجز وجدار”، مثلما يشرح ثائر ثابت.
أما أمجد، فيرى أن الفائدة من هذا التضامن الذي يبديه الشباب الأوروبي تكمن في “زيادة الضغط على الحكومات الأوروبية من أجل رفع مستوى الدعم السياسي للشعب الفلسطيني لأننا، كشعب له الحق في الإعتراف به كدولة، نطمح إلى الدعم السياسي أكثر من الدعم المادي”.
وتعليقا على أول زيارة لهؤلاء الشبان الفلسطينيين الثلاثة لسويسرا ولجنيف بالضبط، قال أمجد: “لقد انتابنا شعور مزدوج كفلسطينيين: شعور بالفخر من جهة، لأننا وصلنا إلى هنا وسنتحدث عن فلسطين وعن القضية الفلسطينية، ومن جهة أخرى، شعور ثان (بتواجدنا في) البلد الذي احتضن أول مؤتمر للحركة الصهيونية في مدينة بازل، وهنا تم الحديث عن إقامة دولة إسرائيل على أراضي إما أوغندا أو الأرجنتين أو فلسطين. ولكن مع الأسف، وقع الاختيار على فلسطين”.
وأضاف زميله ثائر: “صحيح أن سويسرا سمحت بتنظيم أول مؤتمر صهيوني في بازل أتاح لليهود تحقيق حلمهم، ولكننا أيضا جئنا إلى هنا وحققنا حلمنا وطموحنا في تنظيم أول معرض يعكس عراقة ثقافتنا وحضارتنا”.
ويضيف أمجد: “لا يمكنني أن أحكم على الناس، لكنني أرى الأمل في عيون الشباب الذي يناصر فلسطين، وهذا يعطيني أملا في الحرية وفي إقامة دولة فلسطينية بدعم من هؤلاء الشباب؛ لأن رسالتنا هي أننا شعب يمد يده بالسلام، سلام الشجعان كما قال الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (هنا في جنيف أمام الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة المنعقدة في جنيف في عام 1988) لأننا من أبناء أبو عمار”.
سويس إنفو – محمد شريف – جنيف
جمعية مبادرات الشباب في نابلس “دارنا”:
تأسست في نابلس في عام 2004 كدار لعدد من الجمعيات في مدينة نابلس وضواحيها، بهدف تعزيز علاقات هذه الجميعات الأهلية منظمات أهلية دولية عربية وغير عربية.
كما توفر “دارنا” بعض الخدمات والبرامج لشباب نابلس وضواحيها، سواء في ميدان التعليم أو الفنون، من خلال العمل التطوعي ومساهمة الشباب المتضامن الوافد من عدد من البلدان الأوربية، من ضمنها سويسرا.
وتعمل أيضا على نقل صورة الواقع الفلسطيني من خلال التظاهرات التي تقيمها بالتعاون مع الجمعيات الأوروبية الصديقة.
ومن النشاطات التي ترعاها جمعية “دارنا” برامج لتعلم الموسيقى وتقنيات الإعلام والصحافة، وللاستفادة من المكتبات الإلكترونية.
وتتميز جمعية “دارنا” بتوفير مأوى للطلبة والطالبات المتوافدين من قرى ومدن مجاورة أو الذين يعانون من بعض العاهات.
وقد تم تعزيز نشاط جمعية “دارنا” قبل عام بإنشاء جمعيات فرعية للقرى المجاورة لنابلس.
جمعية أنصار الإنسان:
هذه الجمعية التي انطلقت من محاولة تقديم الدعم النفسي والسيكولوجي لأطفال الحجارة الذين يعبرون عن واقعهم من خلال رشق جنود الاحتلال بالحجارة، تحولت إلى مركز لتقديم الدعم النفسي لكل من يحتاج لذلك، أي غالبية الشعب الفلسطيني، ولدعم حقوق المواطن الفلسطيني.
وقد اختارت القيام بذلك من خلال المشاريع الثقافية بتنظيم مخيمات صيفية تجمع شبانا وشابات من مختلف الفئات الاجتماعية والأديان للتوعية حول ثقافة التسامح واللاعنف في رد الشباب على الأوضاع السياسية المتأزمة.
جمعية “جيل فلسطين”:
تأسست في فرنسا عام 2006 من خلال تجمع الشباب الأوروبي المنخرط في مشروع “جسور تتجاوز الجدار”، والمناصر لسلام عادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمناهض للأفكار المسبقة والعنصرية، والداعم لتطبيق القانون الدولي كحل بديل عن الحرب وعن مفهوم صدام الحضارات.
يتمثل الهدف الرئيسي لجمعية “جيل فلسطين” في تنظيم رحلات تضامنية وتبادل للشباب بين أوروبا وفلسطين وإسرائيل.
وقد سمحت عملية “جسور ما وراء الجدار” خلال السنوات الثلاث الماضية بإرسال أكثر من 200 شاب وشابة من البلدان الأوروبية المشاركة، من ضمنها سويسرا، لكي يطلعوا في عين المكان على واقع المدافعين عن حقوق الانسان وعن القانون الدولي. وهو ما سمح لهم بالوقوف على واقع الشعب الفلسطيني، وتوضيح ذلك للجمهور الواسع عند عودتهم إلى بلدانهم.
وللجمعية فرع سويسري ينشط فيه عدد من الشبان والشابات السويسريين أو من أصول عربية، وهذا الفرع هو الذي وجه الدعوة لممثلي الجمعيتين الفلسطينيتين “دارنا” و “أنصار الإنسان” لزيارة جنيف وتنظيم المعرض والندوة والسهرة الشعبية في ديسمبر 2008.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.