الحرب البرية.. بين “أهداف” إسرائيل و”طموح” حماس
أوضح حسام سويلم، الخبير الاستراتيجي المصري اللواء أركان حرب متقاعد، المدير الأسبق لمركز البحوث والدراسات الإستراتيجية بالقوات المسلحة، أن "قوات الاحتلال الإسرائيلي عجّـلت ببدء الهجوم البري على غزّة بعد فشلها في تحقيق أهدافها الأساسية من الحرب عن طريق القصف الجوي، معتبرًا أن الميزان العسكري غير متكافئ بين جيش نظامي يمتلِـك ترسانة أسلحة عسكرية على أعلى مستوى، وقوات من المقاومة الفلسطينية لا تملك إلا أسلحة بدائية".
وفي حوار خاص مع سويس إنفو، توقّـع اللواء أركان حرب حسام سويلم، الذي شارك في حرب أكتوبر 1973 وشغل بعدها منصب قائد مدفعية المنطقة الغربية، أن تستمر الحرب البرية من 7 إلى 10 أيام وأن نتيجتها تتوقّـف على قدرة إسرائيل على تحقيق أهدافها، التي أعلنتها مع بدء الحرب، كما تتوقّـف على قدرة المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس على التحمل والصبر والمناورة، معتبرًا أن ما تردّد عن امتلاك حماس قذائف مضادّة للدبابات وصواريخ مضادّة للطائرات، قد يغيِّـر مسار المعركة.
سويس إنفو: ما هي في تقديركم الأهداف العسكرية والإستراتيجية للحرب، التي يشنها الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: الهدف المُـعلن للقوات الإسرائيلية، هو تطهير المناطق الشمالية من قطاع غزّة من الصواريخ، لكي تستطيع تأمين المنطقة الجنوبية من إسرائيل من حالة الهلع، التي تسيطر على المدنيين فيها جرّاء الإطلاق المتواصل لصواريخ القسّام وكاتيوشا وغراد.
ويُـمكننا تلخيص الأهداف الإسرائيلية من العدوان الحالي على غزة، في النقاط التالية:
1- تدمير البنية التحتية والأساسية لحركة حماس وحركات المقاومة الأخرى.
2- منع إطلاق الصواريخ من قطاع غزّة تُـجاه المدن الإسرائيلية بعمق 15- 20 كلم.
3- تدمير الأنفاق الموجودة في قطاع غزة والتي تقدّر بحوالي 2000 نفق.
4-السيطرة على المعابر مستقبلا، بما فيهم معبر رفح، الذي يمثل إزعاجا كبيرًا لإسرائيل.
5- استعادة جيش الاحتلال “مِـصداقية الرّدع”، التي اهتزّت بعد حرب لبنان يوليو 2006.
6- توصيل رسائل شديدة اللّهجة لحزب الله وأنصاره في المنطقة، وفي مقدمتهم إيران وسوريا، وهنا، لابد أن نفهم أن قائد الحرب اليوم هو أيهود باراك وليس بيريتس، الذي كان يقود حرب لبنان في يوليو 2006؛ فباراك رجل عسكري وقائد من قواد العمليات الخاصة ولديه خِـبرة حربية كبيرة.
7- إضعاف حماس، عسكريًا وسياسيًا، وليس القضاء عليها، لأن القضاء عليها نهائيًا، ليس في صالح إسرائيل!
سويس إنفو: ما هو تقييمكم لنتائج المرحلة الأولى من الحرب؟ وإلى أي مدى حقّـقت إسرائيل فيها أهدافها المعلنة أو الخفية؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: حاولت إسرائيل تكثيف القصف الجوي على غزة، لكي تتمكّـن من فرض أمرٍ واقعٍ على الأرض في غزّة، قبل استلام الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما مهامّ منصبه يوم 20 يناير الجاري، ولمّـا لم تحقق المرحلة الأولى كل أهدافها كان لابد أن تبدأ المرحلة الثانية مبكرًا، ولكنا في البداية، لابد أن نعلم أن محدودية مساحة قطاع غزّة (6 كم عرض × 60 كم طول) وانتشار المخيمات الفلسطينية ذات الكثافة السكانية العالية، تمثل عائقا كبيرا أمام الهجوم البرّي الإسرائيلي، ولهذا، فإن إسرائيل تستهدف عمل نقاط عسكرية دائمة لها في قطاع غزّة بعد تقطيعه إلى 4 أجزاء، بجانب منع الصواريخ التي تنطلق على المدن المجاورة لغزة، عبر تأسيس مناطق عازلة في شمال وجنوب وغرب القطاع.
وفي اعتقادي أن قوات الاحتلال لا تستطيع المغامرة بدخول هذه المناطق الآهلة بالسكان، كما يصعب عليها المناورة على الأرض، في وقت فشل فيه سلاح الطيران في حسم المعركة، رغم التدمير الذي أحدثه في البنية التحتية لغزة.
وقد تمكّـنت إسرائيل من التوغّـل في القطاع وتقسيمه إلى 4 قطاعات عرضية، كما حاصرت عدة أماكن، منها: بيت لاهيا وبيت حانون، الإستراتيجيتين بالنسبة للقطاع، وتواصل القتال مع المقاومة في أماكن عدّة بجنوب غرب القطاع وشماله، كما استطاعت أن تغلِـق طريق صلاح الدّين، وهو الطريق الرئيسي في غزّة، والذي يربِـط القطاع ببعضه، فضلا عن تدميرها غالبية الأنفاق الموجودة بين رفح المصرية والأخرى الفلسطينية.
في رأيي، أن إسرائيل تمكّـنت في الأيام العشر الماضية من الحرب على غزة، من تحقيق الآتي:
· إغلاق المعابر كلها.
· تقسيم قطاع غزّة إلى أربعة أقسام منفصلة على يد قوات الاحتلال، بحيث تقطعت أوصال القطاع.
· تدمير 30% من البُـنى التحتية الأساسية العسكرية لحماس.
· قتل 600 فلسطيني (أغلبهم من المدنيين) وإصابة قرابة 3 آلاف (أغلبهم من المدنيين ونصفهم تقريبًا من الأطفال والنساء)!
· تدمير 50% من قوّة حماس العسكرية.
· تدمير 75 قاعدة حمساوية لإطلاق الصواريخ.
سويس إنفو: ما تقييمكم الاستراتيجي للأداء العسكري والميداني لقوات المقاومة الفلسطينية حتى الآن؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: بداية، يجب أن نعلم أن حماس كانت مستعدّة لهذه الحرب وكانت تعدّ لها، فأقامت بنية أساسية قوية تحت الأرض في المنطقة الشمالية من غزة، كما جهّـزت مراكز للقيادة السياسية والعسكرية في شبكة الأنفاق تحت الأرض.
وحتى الآن، فإنه يمكن القول بأن الأداء الخططي، العسكري والميداني، للمقاومة الفلسطينية جيد ومتوازن، حيث اتّـبعت عدة تكتيكات لمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، يُـعتقد أنها سبّـبت خسائر على الجانب الإسرائيلي، وهي: نصب عدد من الكمائن والقيام بغارات على أماكن تواجُـد القوات الإسرائيلية، باستخدام الصواريخ المضادّة للدبابات والرشاشات، والاستمرار في قصف الصواريخ بعد الانسحاب من منطقة شمال غزّة إلى داخل القطاع، رغم أن ذلك سيقلِّـل من المدى الذي تصل إليه الصواريخ.
كما أن الصواريخ الحمساوية موضوعة بإتقان شديد تحت الأرض في أنفاق بها قواعد للصواريخ، تماما مثل النظام الذي اتّـبعه حزب الله في حرب يوليو 2006، وهناك حفر برميلية تحت الأرض، فالصاروخ يطلع يضرب وينزل تاليا في الحفرة البرميلية، وتُـعتبر المنطقة الشمالية، هي المجهود الرئيسي للعمليات.
سويس إنفو: ماذا يعني عسكريًّا نجاح المقاومة الفلسطينية في تنفيذ عمليات تقول حركة حماس إنها كبَّدت إسرائيل خسائر كبيرة، واعترفت إسرائيل بجزء منها؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: إسرائيل تعلم سلفا أنها ستتكبّـد خسائر أكبر خلال العملية البرية، وقد أعلنت قيادات إسرائيلية قبل الحرب وفي أيامه الثلاثة الأولى، أنها تقبل بخسائر تصل إلى 200 قتيل و1000 جريح، وأنها تضحّي بذلك في سبيل تحقيق هدفها الأكبر، وهو القضاء على صواريخ حماس، وأشارت إلى أنها تعتقد أن الحرب ستستمر لحوالي 15 يومًا.
ولا شك أن نجاح حماس في تنفيذ بعض العمليات، التي كبَّدت إسرائيل خسائر اعترفت بها، سيكون عاملا دافعا لحماس لمواصلة حربها ضدّ إسرائيل، لأنها سترفع الرّوح المعنوية لمقاتلي المقاومة بقيادة حماس، في الوقت الذي سيؤثر سلبيًا على القدرات المعنوية للجيش الإسرائيلي، وكلّـما حققت حماس انتصارا – ولو بسيطا – على الأرض، فإنها سوف تندفع لمزيد من الثبات والمواصلة.
سويس إنفو: ولكن هل وقع الجيش الإسرائيلي – حسب رأيك – في خطإ فادح بشنِّـه هجومًا بريًا على غزة أم أن لديه حسابات أخرى؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: لا أعتقد أن الجيش الإسرائيلي قد أخطأ عسكريًا عندما شنّ هجومه البرّي. ففي رأيي أنه أعدّ جيدًا للعملية البرية، إنما هناك بالفعل خطأ سياسي كبير في قيامه بهذه العملية، لأنه ليس من المعقول أن يستهدف جيش متكامِـل مزوّد بترسانة أسلحة، مجموعات من المدنيين العزّل.
وفي تقديري، أن الجيش الإسرائيلي يستهدف من المرحلة الثانية من العملية البرية على غزّة، تدمبر البنية الأساسية لحماس واصطياد القيادات السياسية والعسكرية لحركة حماس وكتائب الشهيد عز الدّين القسام، إضافة إلى استكمال تدمير الأنفاق، وقد استخدمت إسرائيل في هجومها 4 ألوية عسكرية، إضافة إلى 3 ألوية مشاة ولواء مدرعات، وقد قصفت حتى الآن 1000 هدف في غزة!
سويس إنفو: وما هي في تقديرك الأسلحة التي استخدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأيام العشرة الماضية من الحرب ضد غزة؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: إسرائيل استخدمت حتى الآن 3 أسلحة أساسية، وهي:
· “القنابل الارتجاجية”: وهي أول نوع من الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في حربها ضد غزة، وهذه القنابل هي عبارة عن غاز يطلع ويختلط مع الأوكسجين، فيولد قوّة ضغط هائلة تنتج عنها موجات تضاغطية تصل إلى 32 ضغط / جو. ولمعلوماتك، فإن الدبّـابة عندما تنفجر، تولد 3 ضغط/ جو، والمركب الحربي عندما ينفجر، يولد 1.5 ضغط/ جو، واللّـغم عندما ينفجر يولد 2 ضغط/ جو، فما بالك بـ 32 ضغط/ جو!!
· قنابل (G.B.U 39): ثاني سلاح استخدمته إسرائيل في حربها ضدّ عزة، هو 1000 قنبلة من طراز (G.B.U 39) والذي حصلت عليها من أمريكا منذ شهرين فقط، وهي قنبلة صغيرة الحجم، لكن قوتها التفجيرية كبيرة جدا، فقد تصل إلى 900 كيلو غرام، وهي قادرة على أن تخترق 3 أمتار أسمنت مسلّح، ثم الانفجار إلى 20 مترا في عُـمق الأرض.
· العملاء والجواسيس: ثالث نوع من الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل في حربها ضد عزة، هو العملاء، ومعلوم أن جيش العملاء التابع لإسرائيل يصل عدده إلى 45 ألف عميل في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك حسب سجلات الاستخبارات الإسرائيلية، وهؤلاء العملاء كانوا وراء نجاح إسرائيل في اغتيال عدد من قيادات حماس ورجال المقاومة، مثل الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي وغيره، وذلك عن طريق قطعة معدنية صغيرة يطلق عليها (بيكون) يضعها العميل بجوار الهدف ويعطي الإشارة، فتقوم الطائرة بقذف صاروخي موجّـه على القطعة المعدنية، فيدمر الهدف. وهؤلاء العملاء هم من أصل عربي، من كتائب يطلق عليها (المتكال)، وهناك متكال مصري وسوري وأردني، وهؤلاء يوجِّهون الطائرات الإسرائيلية إلى الأهداف.
سويس إنفو: وما هي – حسب المعلومات المتوفرة لديكم – الأوراق العسكرية التي تملكها أو تعتمد عليها حماس والمقاومة الفلسطينية في مواجهتها للترسانة العسكرية الإسرائيلية الضخمة؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: يمكن تلخيص القدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في النقاط التالية:
· 35 ألف مقاتل مسلّـح بأسلحة خفيفة وعبوات متفجرة.
· صواريخ “قسام” بأجيالها المختلفة (قسام 1، قسام 2)، وهم حوالي 2000 صاروخ.
· صواريخ “كاتيوشا”، وهم حوالي 1000 صاروخ.
· صواريخ “غراد” الصينية الصّـنع، وعددها حوالي 200 صاروخ، ويصل مدى الصاروخ منها إلى 40 كيلومتر فقط، وليس 60 كيلومتر كما يردّد البعض.
· حوالي 200 استشهادي لاستخدامهم عند اللّـزوم لرفع الروح المعنوية لمقاتليها، والتأثير السلبي على الروح المعنوية لقوات الاحتلال الإسرائيلي.
سويس إنفو: تقول حماس إنها تمتلك صواريخ قادرة على أن تضرب العمق الإسرائيلي، وتتوعّـد بالمزيد من المفاجآت.. فما مدى مِـصداقية ذلك؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: لا أعتقد أن حماس لديها صواريخ قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي كما تدّعي، وقد أشرنا في السؤال السابق إلى كل القدرات العسكرية التي تملكها حماس، والتي تعتبر صواريخ “غراد” ذات المدى الأبعد فيها والتي لا يزيد مداها عن 40 كلم فقط، وهي لا تستطيع الوصول للعمق الإسرائيلي، وفي اعتقادي أن ما يقال عن امتلاكها صواريخ قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي، يمكن تفسيره على أنه نوع من الحرب النفسية التي تلجأ إليها القِـوى المتحاربة، للتأثير على الحالة المعنوية للعدُوّ.
وقد سمعت أن حماس تقول إنها حصُـلت على صواريخ (تانتم)، وهي صواريخ مضادّة للدبابات، بالإضافة إلى صواريخ (B.U 29)، وهي صواريخ مضادة للطائرات، وربما تكون صادقة في هذا، لأنها استطاعت خلال الأيام القليلة الماضية تدمير دبّـابتين إسرائيليتين في كل دبّـابة من 4 إلى 5 جنود، كما تمكّـنت من إسقاط طائرة استطلاع إسرائيلية، وقالت في أحد بياناتها العسكرية، إنها ضربت طائرة (F 16)، وهذا لم يكُـن ليحدُث بدون امتلاكها لهذه الصواريخ.
وستثبت الأيام القليلة القادمة صِـدق ادّعاء حماس من عدمه؛ فلا شك أن القذائف المضادّة للدبّـابات ستؤثِّـر على مسار الحرب، لأنها ستجعل إسرائيل أقل مغامرة في التوغّـل البري، وأتوقع أن تحاول إسرائيل أن تتغلّـب على هذه القذائف بالمهاجمة عبر أطقم المشاة.
سويس إنفو: ما هي السيناريوهات المتوقّـعة للمرحلة المقبلة من الحرب الدائرة في قطاع غزة؟ وهل تتوقع أن تستمرّ المواجهات لفترة طويلة؟
لواء أ.ح.م حسام سويلم: يمكِـننا أن نلخِّـص الإجابة في عبارة واحدة (مَـن يتحمل ويستمر.. سينتصر)، فمصير الحرب يتوقّـف على قُـدرة إسرائيل على تطهير شمال غزة من الصواريخ، وأيضا على قدرة حماس على التحمّـل والصبر والمواصلة والمقاومة أيضا، وأعتقد أن الصِّـراع سيمتَـدّ بين الدبّـابات الإسرائيلية والقذائِـف الحمساوية المضادّة لها، وبين الطائرات الإسرائيلية والصواريخ الحمساوية المضادّة للطائرات.
وفي رأيي أن هناك 3 سيناريوهات متوقّـعة للحرب الدائرة الآن في غزة، وهي:
· نجاح إسرائيل في تصفية القُـدرات العسكرية لحماس، ثم خروج إسرائيل من غزة.
· نجاح إسرائيل في الإبقاء على قوات إسرائيلية على الأرض، لحين تسليم الحدود لقوات دولية.
· إنشاء منطقة عازلة بين غزّة وإسرائيل، أكبر من مدى الصواريخ التي تطلِـقها حماس.
· وهناك احتمال رابع وأخير، وهو أن تنجح حماس في إطالة أمَـد الحرب البرية، ومن ثَـمّ تكبيد إسرائيل خسائر كبيرة، خاصة إذا ما لجأت إلى الورقة الأخيرة في أسلحتها، وهي (العمليات الاستشهادية) في داخل العُـمق الإسرائيلي، والتي يمكنها أن تغيِّـر نتيجة الحرب، لو نُـفِّـذت بنجاح وأدّت إلى مقتل عدد كبير من القتلى والجرحى.
وفي اعتقادي أيضا، أن العملية العسكرية البرية ستستمر من 7 إلى 10 أيام، فإن الجيش الإسرائيلي سيسعى في الفترة المقبلة إلى:
· استمرار تقطيع أوصال قطاع غزة.
· تطهير المنطقة الشمالية من الصواريخ.
· إطلاق الهجمات في اتِّـجاه معبر رفح لدفع مصر لإغلاقه.
· العمل على تدمبر البنية الأساسية لحماس.
· مواصلة تدمير الصواريخ الحمساوية.
أجرى الحوار يوم 6 يناير 2009 في القاهرة همام سرحان
غزة (رويترز) – حركت اسرائيل قواتها صوب بلدة بجنوب غزة يوم الثلاثاء 6 يناير، وطالبت بالحيلولة دون اعادة حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) تسليح نفسها، كشرط رئيسي لوقف اطلاق النار في الصراع الذي دخل يومه الحادي عشر والذي أودى بحياة المئات من الفلسطينيين.
وقال مارك ريغيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت عن ضمان وقف تهريب الاسلحة عبر حدود قطاع غزة مع مصر “هذا هو القول الفصل”. وذكر مسؤول اٍسرائيلي بارز، أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي يزور الشرق الاوسط ويعمل مع مصر، يتابع “مبادرة جادة” من أجل وقف اطلاق النار. وأضاف “نعمل على شيء ملموس” وكشف عن محادثات بخصوص حجم “تواجد دولي” على حدود قطاع غزة مع مصر، حيث تريد اسرائيل منع وصول الصواريخ وأسلحة أخرى الى حماس عبر أنفاق.
وفي دمشق طلب ساركوزي يوم الثلاثاء من سوريا، المساعدة لاقناع حماس بالتعاون مع الجهود الدولية لانهاء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة. وقال دون أن يذكر حماس بالاسم “أعرف أهمية سوريا في هذه المنطقة من العالم وتأثير سوريا على عدد من الاطراف الفاعلة، وليس لدي أي شك في أن الرئيس (السوري) بشار الاسد سيلقي بوزنه ليقنع الجميع بالعودة الى طريق التعقل”.
أما توني بلير، مبعوث اللجنة الرباعية للسلام بالشرق الاوسط، قال يوم الثلاثاء، إن التوصل لوقف فوري لاطلاق النار في قطاع غزة ممكن، إذا توقفت إمدادات الاسلحة عبر الأنفاق التي يستخدمها نشطاء حماس. وتابع رئيس الوزراء البريطاني السابق لهيئة الاذاعة البريطانية “أعتقد أن الوضع هو أن هناك ظروفا معيّـنة تسمح بالتوصل لوقف فوري لاطلاق النار، وهو ما يريده الناس. أعتقد أن هذه الظروف تركز بشكل كبير على اتخاذ إجراء واضح لقطع إمدادات الأسلحة والمال عبر الأنفاق، التي تمر من مصر إلى غزة”.
وفي الوقت الذي تتسارع فيه الجهود الدولية، قال مسؤولون بالقطاع الطبي الفلسطيني، ان غارة جوية اسرائيلية أسقطت ثلاثة قتلى في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، التابعة للأمم المتحدة في قطاع غزة والتي لجأ إليها فلسطينيون للاحتماء من القتال.
وقتلت قذيفة دبّـابة اسرائيلية ثلاثة جنود إسرائيليين وأصابت 24 آخرين يوم الاثنين 5 يناير في حادث “نيران صديقة”، أثار تساؤلات في الدولة العبرية حول ما إذا كان يجب على قادة إسرائيل مواصلة الهجوم المدمّـر. وأعلن الجيش الاسرائيلي مقتل ضابط إسرائيلي في حادث منفصل بنيران اسرائيلية أيضا، فيما يبدو.
وذكر شهود عيان فلسطينيون، أن قوات إسرائيلية تقدمت صوب خان يونس في جنوب غزة مع توسيع الجيش هجومه البري، الذي أطلقه قبل أربعة أيام ضد نشطاء حماس في أعقاب أسبوع من الغارات الجوية، التي فشلت في وقف إطلاق نشطاء فلسطينيين صواريخ عبر الحدود. واشتد القتال أثناء الليل على مشارف مدينة غزة، حيث احتشد السكان داخل منازلهم خوفا. ووصل عدد القتلى الذي سجله مسؤولو القطاع الطبي الفلسطيني، الى 574 قتيلا. ومعظم عشرات القتلى الذين وصلوا الى مستشفيات قطاع غزة في الايام الاخيرة من المدنيين. وقال الجيش الاسرائيلي إنه قتل 130 نشطا منذ يوم السبت 3 يناير، وهو ما يشير الى أن إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين منذ 27 ديسمبر 2008، قد يكون قارب 700 قتيل وأن جثثا ربما ما تزال في أرض المعركة.
ويفتقر العديد من سكان قطاع غزة ومجموعهم 1.5 مليون نسمة للغذاء أو المياه أو الطاقة. وفي جنوب اسرائيل، ما زالت المدارس مغلقة ويهرع مئات الالاف من الناس الى المخابئ عند سماع صافرات الإنذار محذّرة بسقوط صواريخ.
وقال مسعفون فلسطينيون، قبل مقتل فلسطينيين في المدرسة التابعة للامم المتحدة، إن 23 مدنيا فلسطينيا قُـتلوا يوم الثلاثاء، بينهم عشرة لقوا حتفهم في إطلاق سفن تابعة للبحرية الاٍسرائيلية قذائف على شاطئ في وسط قطاع غزة، وقتل اثنان من النشطاء أيضا في الاشتباكات، كما قتل تسعة اسرائيليين، بينهم ثلاثة مدنيين في هجمات صاروخية فلسطينية.
وقالت الشرطة الاسرائيلية، ان خمسة صواريخ على الأقل أطلقت من قطاع غزة وسقطت على اسرائيل يوم الثلاثاء، بينها صاروخ أصاب بلدة غديره الواقعة على بعد 28 كيلومترا من تل أبيب، وأصيبت طفلة تبلغ من العمر ثلاثة أعوام.
وأشار ريغيف إلى أن حماس، التي سيطرت على قطاع غزة عام 2007 في أعقاب اقتتال داخلي مع قوات حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس استخدمت التهدئة التي استمرت ستة شهور وتوسطت فيها مصر لمضاعفة مدى صواريخها من 20 الى 40 كيلومترا. وتطالب حماس برفع الحصار الاسرائيلي المفروض على غزة في أي اتفاق لوقف اطلاق النار.
وقال الجيش الاسرائيلي في وصف قصف دبّـابة اسرائيلية يوم الاثنين لقوة اسرائيلية، ان جنودا من لواء جولاني للمشاة أصيبوا عند احتلال مبنى في شمال قطاع غزة. وقائد اللواء وهو كولونيل بين المصابين. وتسبب هذا الحادث في أعلى عدد للقتلى في صفوف الجيش الاسرائيلي منذ أطلق عملية “الرصاص المصبوب” ضد حماس.
وقال معلق في راديو الجيش الاسرائيلي “هذه المرة أطلقنا الرصاص المصبوب على أنفسنا”، وكان المعلق تساءل في مقابلة مع مسؤول بارز بوزارة الدفاع الاسرائيلية، ما اذا كانت العملية تحقق هدفها المعلن بوقف الهجمات الصاروخية لحماس، مشيرا إلى أنه لم يكن هناك توقف يذكر في إطلاق الصواريخ عبر الحدود على بلدات اٍسرائيلية. وكتب أموس هاريل، وهو صاحب عمود في صحيفة هاارتس الاسرائيلية قائلا، ان مقتل ثلاثة جنود من لواء جولاني للمشاة “انجاز أول هام” من وجهة نظر حماس. وكتب “لاول مرة، تثير نشرات الاخبار التلفزيونية الاسرائيلة التساؤل بشأن ما اذا كان استمرار العملية أمرا يستحق”.
وبدأت اسرائيل هجومها بعد أن أعلنت حماس الشهر الماضي وقف تهدئة استمرت ستة شهور وصعدت من هجماتها الصاروخية ردّا على الغارات الاسرائيلية والحصار المفروض على غزة.
وأوضحت اسرائيل التي يخوض زعماؤها انتخابات برلمانية في العاشر من فبراير، أنها تعطي الاولوية لضمان سلامة مواطنيها، ولكن سقوط عدد كبير من الضحايا الاسرائيليين قد يقلِّـص من الدعم العام القوي للعملية.
(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 6 يناير 2009)
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.