الحرب على غزة.. تقرير أممي يُـحـمّـل إسرائيل المسؤولية في ست حالات
أقرت الأمم المتحدة في تقرير لها أن لإسرائيل مسؤولية في ست اعتداءات على مقرات الأونروا أثناء الحرب على غزة، فيما شدد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة المطالبة بالتعويض.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه لجنة التحقيق المنبثقة عن مجلس حقوق الإنسان لإجراء تحقيق في أحداث غزة إذا ما حصلت على الترخيص الإسرائيلي، وأثارت فيه لجنة مناهضة التعذيب تساؤلات بخصوص ممارسات الدولة العبرية لما يُشبه “الترخيص بممارسة التعذيب”.
وكانت الأمم المتحدة قد كشفت النقاب جزئيا يوم الثلاثاء 6 مايو عن فحوى التقرير الذي أعدته لجنة تحقيق أممية، ورفعته للأمين العام للمنظمة بخصوص تسع حالات اعتداء تعرضت لها مقرات ومباني أممية في قطاع غزة اثناء الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد حركة حماس في نهاية العام الماضي وبداية هذا العام.
وتوصلت لجنة التحقيق إلى “أن لإسرائيل مسؤولية في ست حالات من بين التسعة التي خضعت للتحقيق والتي قامت فيها قوات الدفاع الإسرائيلية بإطلاق قذائف إما من الجو أو من البر والتي تسببت في عمليات قتل وجرح وإلحاق أضرار”. أما الحادث السابع فهو من مسؤولية إسرائيل أيضا ولكن بأسلحة خفيفة.
وإذا كان الحادث الثامن قد تم تحديد المسؤولية فيه “لفصيل فلسطيني من المحتمل أن تكون حركة حماس”، فإن لجنة التحقيق لم تتمكن من تحديد المسؤولية في الحادث التاسع.
تكذيب التعليلات.. ومطالبة بالاعتراف
إذا كانت إسرائيل قد عللت أثناء وبعد الحرب على غزة بأن القصف الذي استهدف بعض المباني التابعة لمفوضية الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) كان “ردا على قصف قامت به مجموعات فلسطينية من داخل تلك المباني”، فإن تقرير الأمم المتحدة يقول بالحرف الواحد “إنه لم تسجل أية نشاطات عسكرية انطلاقا من مباني الأمم المتحدة اثناء تلك الحوادث”.
واتهم التقرير السلطات الإسرائيلية “بعدم بذل ما يكفي من الجهود واتخاذ ما يكفي من الاحتياطات لتحمل مسؤولياتها في احترام حرمة مباني الأمم المتحدة وحماية المدنيين المتواجدين في تلك المباني”.
ومن بين الأحد عشر توصية التي قدمتها لجنة التحقيق الأممية التي يرأسها البريطاني يان مارتين، تلك التي تطالب إسرائيل “بالاعتراف الرسمي بأن ادعاءاتها العلنية من أن الفلسطينيين أطلقوا قذائف من مدرسة جباليا التابعة للأونروا في 6 يناير ومن مكتب الأونروا في 15 يناير هي إدعاءات كاذبة وأن إسرائيل تأسف لها”.
وإذا كان الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة قد تمسك في تقريره المختصر الذي رفعه إلى مجلس الأمن بخصوص مضمون تقرير لجنة التحقيق (الذي لم يُنشر بسبب احتوائه على معلومات حساسة بالنسبة لأمن المنظمة)، قد تمسك بتوصية تدعو إلى “مطالبة إسرائيل بتقديم تعويضات” عن الأضرار التي لحقت بمباني الأمم المتحدة، فإنه تخلى عن توصية أخرى دعت إلى “القيام بتحقيق إضافي مستقل في أحداث غزة التي استهدفت المدنيين”.
في المقابل، كذب الأمين العام للأمم المتحدة الانتقادات التي وُجهت له “من أنه عمد الى تليين حدة الانتقادات الواردة في التقرير تحت ضغوط السلطات الإسرائيلية”.
انتقاد إسرائيلي
إسرائيل التي قامت من جانبها بإجراء تحقيق في أحداث غزة، عبر أجهزة تابعة لجيشها، توصلت الى أن “قواتها لم ترتكب انتهاكات تُذكر”، وسارعت إلى رفض تقرير اللجنة الأممية حتى قبل نشر تفاصيله.
وقد أوضحت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان صادر عنها أن “دولة إسرائيل ترفض الانتقادات الواردة في هذا التقرير معتبرة إياها بأنها مُحرّفة وغير متوازنة وتجاهلت الطريقة التي عرضت بها إسرائيل تلك الأحداث أمام لجنة التحقيق مما يعمل على مغالطة الرأي العام”.
وأضافت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيانها “إنه لمن المصعق رؤية أن التقرير لم يُحمّل حماس أية مسؤولية رغم أنها أقامت مواقعها بالقرب من مباني الأمم المتحدة للقيام بهجمات ضد قوات الجيش الإسرائيلي”.
تحضيرات في جنيف لتحقيق أممي آخر
في سياق متصل، شهدت جنيف خلال الأسبوع الممتد من 4 الى 8 مايو أول اجتماع للجنة التحقيق التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في دورته الخاصة حول أحداث غزة في 12 يناير، والتي يرأسها المدعي العام الجنوب افريقي السابق ريتشارد غولدستون، والتي ستتولى مهمة “تقصي الحقائق في الانتهاكات المرتكبة من قبل قوة الاحتلال الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني”، أثناء الحرب الذي شنتها إسرائيل على قطاع غزة.
وإذا كان البيان الصادر عن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان يشير الى “قيام أعضاء اللجنة بالتباحث مع ممثلي كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وممثلي دول معنية ومنظمات أممية وغير حكومية”، فإن حقيقة الأمر تتمثل في أن هذه اللجنة (التي تضم أيضا البروفسور كريستين شينكين من بريطانيا، والسيدة هينا جيلاني القاضية بالمحكمة العليا في باكستان، والعقيد الأيرلندي ديسموند ترافرس)، وعلى غرار لجان سابقة، لم تحصل بعدُ على ترخيص من إسرائيل لمباشرة عملها.
وكانت تل أبيب أعلنت في 16 ابريل الماضي على لسان مسؤول حكومي كبير بأن “إسرائيل سوف لن تتعاون مع هذه اللجنة”.
محمد شريف، swissinfo.ch
إسرائيل التي عرضت هذا الأسبوع في جنيف تقريرها الرابع أمام لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة، تعرضت لتساؤلات شتى من قبل الخبراء المستقلين العشرة حول كيفية تطبيق إسرائيل لمعاهدة مناهضة التعذيب.
وجاء في مقدمة هذه التساؤلات “عدم احتواء القوانين الإسرائيلية على أي تحديد لمفهوم جريمة ممارسة التعذيب” حيث يرى أحد الخبراء “أن ممارسات إسرائيل اليوم تخلط بين المعاملة اللاإنسانية الخطيرة والتعذيب”.
كما تساءل خبير آخر عن استخدام إسرائيل “لمفهوم الضرورة القصوى” عندما تتعرض لاتهامات ممارسة التعذيب”، وكيف “أن الدولة تحتمي وراء المتطلبات الأمنية في الوقت الذي تقوم فيه أجهزة الدولة بتلك الانتهاكات”.
وقد دارت تدخلات الخبراء حول تعرض مئات المعتقلين الفلسطينيين للتعذيب على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية خلال السنوات الأخيرة، وبالخصوص المزاعم التي تحدثت عن إقامة إسرائيل لمكان اعتقال سري يطلق عليه إسم “المنشأة 1391”.
وفي سياق دفاع أعضاء الوفد الإسرائيلي عن تقرير بلادهم أمام لجنة مناهضة التعذيب، وبدون التطرق لإدعاءات وجود مركز الاعتقال 1391، قال شاي نيتزان، نائب المدعي العام للشؤون الخاصة بوزارة العدل الإسرائيلية “إن السلطات تحقق في كل شكوى تزعم تعرض سجناء ومعتقلين لمعاملة غير لائقة، وتدرسها بشكل جاد. وإذا وُجد أساس قانوني تُتخذ إجراءات جنائية تأديبية”. واستشهد “بأربع حالات فحصها مفتش مستقل وأسفرت عن إجراءات تاديبية، وعن ملاحظات عامة لمحققي وكالة الأمن الإسرائيلية”.
وستصدر لجنة مناهضة التعذيب توصياتها النهائية بخصوص هذا التقرير الإسرائيلي في نهاية استعراض تقارير سبع دول أخرى أي في حدود 15 مايو.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.