الحزب البورجوازي الديموقراطي يريد التحول إلى قوة وطنية
في صيف عام 2008، كان التيار الليبرالي لحزب الشعب السويسري (يمين مُتشدد) يبدو معزولا ومُهـَمشا. لكن هذا التيار الذي انشق عن الحزب ليُشكّل "الحزب البورجوازي الديمقراطي" قضى موسم شتاء جيد وبات يريد التحرك على المستوى الوطني.
سويس انفو حضرت مؤخرا في مدينة تون، بكانتون برن، أعمال أول جمعية لمندوبي هذا الحزب الفتي وعادت بجملة من الانطباعات…
رغم أنه لم يحتفل بعد بذكرى مرور خمسة أشهر على ميلاده، فإن الحزب البورجوازي الديمقراطي مترسخ بعدُ جيـدا في المؤسسات الفدرالية، بحيث أن نسبة عالية من أعضائه مُكلفة بمهام سياسية، إذ يتوفر الحزب على 4 وزراء ويضم في صفوفه 58 برلمانيا في كانتونات غراوبوندن وبرن وغلاروس.
كما له سياسيون يشغلون مناصب في المجالس التشريعية والهيئات التنفيذية في جميع طبقات السلطة في سويسرا، من البلديات مرورا بالكانتونات ووصولا إلى الكنفدرالية. وتُعتبر وزيرة العدل والشرطة السويسرية إيفلين فيدمر-شلومبف بطبيعة الحال أبرز ممثلة لهذا حزب الحديث النشأة.
الوزيرة (ابنة كانتون غراوبوندن الناطق بالألمانية)، حرصت خلال جمعية مندوبي حزبها، التي انعقدت في مدينة تون يوم السبت الماضي 21 مارس، على إلقاء كلمتها الترحيبية باللغة الفرنسية، مما يدل على عزم الحزب البورجوازي الديمقراطي فرض نفسه على الصعيد الوطني في الأعوام المقبلة.
قريبا بالفرنسية..
قُبالة مطعم ” Bären” (أو الدِّببة)، حيث انعقدت الجمعية، يدردش خلال فترة الاستراحة مندوبان من كانتون فالي (المتحدث بالفرنسية) لا يفهمان الألمانية. قال أحدهما مازحا: “يوما ما، سيتمكن الحزب من توفير الترجمة الفورية، ويمكننا أن نطلب من كريستوف بلوخر (وزير الشرطة والعدل السابق، من حزب الشعب) أن يكون راعي هذه العملية”.
حتى وقت قريب، كان هذان النائبان من الفالي عضوين في فرع حزب الشعب في كانتونهما الذي تأسس قبل عشرة أعوام. ويسترجع أحدهما تلك الفترة قائلا: “آنذاك، دخلت الحقل السياسي لأنني كُنت أريد المشاركة بنشاط في مشروع وليس فقط اتباع الآخرين كالغنم”. لكنه لاحظ أنه كان “يتعين عليه الانصياع مثل الخرفان تماما” في حزب الشعب.
كفى من “الباباوات”!
أما النائب الثاني فيضيف: “في صفوف فرع حزب الشعب بالفالي، تسود سلطة “البابا أوسكار” وكان علينا القيام بدور تلاميذ المسيح”. وتابع متحدثا عن النائب في البرلمان الفدرالي، أوسكار فرايزينغر، الذي يعد أبرز وجه في فرع حزب الشعب بكانتون فالي: “كان يتصرف كقيادة الحزب والوزير المخلوع كريستوف بلوخر: بطريقة سلطوية ومركزية”.
لكن بدون المركزية وبدون العصيان، لم يكن للحزب البورجوازي الديمقراطي أن يخرج إلى الوجود. ففي يونيو 2008، أقصت القيادة الوطنية لحزب الشعب بالفعل فرع الحزب في غراوبوندن بعدما رفض هذا الأخير طرد إيفلين فيدمر-شلومبف من صفوفه على إثر انتخابها عضوا في الحكومة في خريف 2007 لتحل محل كريستوف بلوخر (الزعيم الروحي للحزب).
هذه التطورات دفعت الأعضاء المقصيين من حزب الشعب إلى إنشاء الحزب الجديد، الحزب البورجوازي الديمقراطي في غراوبوندن. ثم تضامن معهم النواب الليبراليون في فرعي حزب الشعب في كل من برن وغراوبوندن، الذين كانوا لعدة أشهر في نزاع مع القيادة الوطنية لحزب الشعب. وهكذا رأى الحزب البورجوازي الديمقراطي السويسري النور يوم 1 نوفمبر 2008.
بورجوازيون ومحافظون
رئيس الحزب الحديث العهد، هانس غروندر، يضفي قدرا من النسبية على التأكيدات التي مفادها أن حزبه سيكون البديل المناسب لحزب الشعب، ويقول في هذا السياق: “بالطبع، التحق بنا العديد من أنصار حزب الشعب، لكن 40% من أعضائنا لم يسبق لهم في الماضي أن كانوا أعضاء في أي حزب. فهنالك فضاء تُرك فارغا نحاول ملأه. وينحدر أعضاؤنا من الطبقة المتوسطة، فهم بورجوازيون ومحافظون”.
ولا يعرف السيد غروندر بالضبط نسبة النساء في حزبه، ويضيف: “ليست لدينا بعد إحصائيات دقيقة”، معربا عن اعتقاده أن تلك النسبة تتراوح بين 20 و30%؛ وهو معدل أعلى من ذلك المُسجل في صفوف حزب الشعب. ويقول رئيس الحزب الجديد: “من اللافت العدد الكبير للفروع التي ترأسها نساء. أما فيما يتعلق بالسن، فنحن في المتوسط أكثر شبابا من حزب الشعب”.
بين حزب الشعب والراديكاليين
ويسعى الحزب الديمقراطي البورجوازي إلى الحصول على عشرة مقاعد في البرلمان الفدرالي بدل الستة الحالية خلال الانتخابات التشريعية التي ستجري في خريف 2011. كما يريد أن يكون حاضرا في نصف الكانتونات، على الأقل، من خلال فروع جهوية.
أهداف الحزب الجديد تبدو واقعية، فخلال الأشهر الأخيرة، سجل أولى نجاحاته في التصويت على مستويي الكانتونات والبلديات. كما ستضاف لفروعه الكانتونية السبع الحالية، فروع أخرى خلال السنوات القادمة.
وفيما يخص التموقع السياسي، فإن الحزب يوجد “بالضبط بين يسار حزب الشعب ويمين الراديكاليين”. بعبارة أخرى، يستطيع هذا الحزب بوضوح أن يقف في المربع الذي حدده لنفسه.
يعتبر الحزب البورجوازي الديمقراطي حالة خاصة بين الأحزاب الجديدة التي تم تأسيسها في سويسرا في السنوات الثلاثين الماضية. فعلى خلاف حزب الخضر، على سبيل المثال، أو حزب سائقي السيارات الذي تحول إلى حزب الحرية، يوضح الرئيس غرونر أن حزبه “لم يُكون نفسه حول موضوع واحد. ومع مرور الوقت ستصبح ملامحنا أكثر دقة”.
سويس انفو – أندرياس كايزر – تون
سابقة: عقد الحزب البورجوازي الديمقراطي، الذي نشأ العام الماضي على إثر انفصال الجناح المعتدل لحزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، أول جمعية للمندوبين في مدينة تون (كانتون برن) يوم 21 مارس 2009.
الأهداف: يسعى الحزب البورجوازي الديمقراطي إلى الحصول على عشرة مقاعد على الأقل في البرلمان خلال الانتخابات التشريعية لعام 2011، بدل المقاعد الستة التي يتوفر عليها حاليا. ويظل رئيسه، هانس غروندر، على قناعة بأن حزبه يمكن أن يتجاوز نسبة 4% من نيات التصويت التي أظهرتها مؤخرا استطلاعات الرأي المتعلقة بانتخابات 2011
فروع الحزب : بات الحزب البورجوازي الديمقراطي، الذي يضم 4500 عضوا، يتوفر على فروع في تسعة كانتونات (غراوبوندن، برن، غلاروس، تورغاو، أرغاو، سانت غالن، أوبفالد، زيورخ وفالي). ويجري تكوين فروع أخرى في كانتونات سولوتورن، ولوتسرن، وشفيتس، وبازل- القرية. وفي سويسرا الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، يعتزم الحزب فتح فرعين في كل من فريبورغ ونوشاتيل.
قرارات: اتخذ المندوبون مواقفهم من المواضيع التي ستطرح في التصويت الشعبي يوم 17 مايو القادم. وبأغلبية ساحقة، دعوا إلى التصويت بـ “نعم” على اعتماد جواز السفر البيومتري (المتضمن للخصوصيات البيولوجية). وبـ 45 صوتا مقابل 33، قرروا تأييد المشروع المضاد للمبادة حول أنواع الطب التكميلي.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.