الحكومة السويسرية توافق على الشروع في إجراءات جنائية ضد النظام الليبي
يمكن لمكتب المدعي العام الفدرالي فتح تحقيق جنائي ضد ليبيا بشأن عملية احتجاز للرهائن وممارسة الابتزاز التهديدي في قضية المواطنيْن السويسريين رشيد حمداني وماكس غولدي. هذا ما قررته الحكومة الفدرالية أثناء جلسة عقدتها صباح الإثنين 6 يونيو الجاري في العاصمة برن، أكدت خلالها عدم وجود أي سبب سياسي يعارض البث في تلك الإجراءات الجنائية.
وكان مكتب المدعي العام الفدرالي قد قدم للحكومة السويسرية في شهر مارس الماضي مطلبا بهذا المعنى، بعد أن رفعت وزارة الخارجية السويسرية شكوى ضد مجهول. وبموجب المادة 66 من القانون المتعلق بتنظيم السلطات الجنائية، تخضع محاكمة المخالفات السياسية لترخيص مسبق من قبل الحكومة الفدرالية.
الإجراء الذي أطلقته وزارة الخارجية السويسرية كان موجها ضد المسؤولين الليبيين عن اختطاف المواطنين السويسريين، دون توضيح دقيق للأشخاص المستهدفين. وبعد تقديم هذه الشكوى، أعرب السيد حمداني عن رغبته في أن يتم الإقرار بـ “الظلم” الذي تعرض له رفقة ماكس غولدي، وعن استعداده الادعاء بحق مدني.
مدة اعتقال ناهزت السنــتين
وردا على اعتقال نجل العقيد الليبي، هانيبال القذافي وزوجته ألين لمدة يومين، من قبل شرطة جنيف في صيف عام 2008 بعد رفع شكوى ضدهما بتهمة سوء معاملتهما لاثنين من خدمهما العرب، احتُجز ماكس غولدي ورشيد حمداني في ليبيا لمدة سنتين تقريبا. وتمكن السيد حمداني من مغادرة ليبيا في فبراير 2010، فيما قضى السيد غولدي بعد ذلك أربعة أشهر في سجن ليبي قبل أن يتمكن من العودة إلى سويسرا يوم 14 يونيو 2010.
وكان رجلا الأعمال السويسريان قد اقتيــدا في شهر سبتمبر 2009 إلى مكان سري حيث تم اعتقالهما بشكل منفصل لمدة 53 يوما، بعد أن كانا يقيمان في السفارة السويسرية في طرابلس.
وكان رئيس حزب “حركة مواطني جنيف” الشعبوي، إيريك شتاوفر، قد رفع من جانبه شكوى جنائية أمام الإدعاء العام للكنفدرالية وعدالة جنيف في يونيو 2010 ضد هانيبال ومعمر القذافي بسبب احتجاز الرهينتين السويسريتين مع طلب فدية وتوجيه تهديدات وممارسة الابتزاز.
ولا تزال هذه الشكوى معلقة. وقد أكد السيد شتاوفر في تصريحات لوكالة الأنباء السويسرية هذا الإثنين أنه لا ينوي سحب الدعوى بعد صدور قرار الحكومة الفدرالية.
إجراءات متتالية ضد رموز نظام القذافي
على صعيد آخر، أعلنت سويسرا في شهر فبراير الماضي عن تعليق الأعمال التحضيرية لهيئة التحكيم المكلفة بالنظر في “قضية القذافي” بسبب حركة التمرد في ليبيا.
وكان إنشاء هيئة تحكيم تتخذ من برلين مقرا لها، يدخل في إطار خطة العمل التي وقعت عليها في عام 2010 وزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري ونظيرها الليبي موسا كوسا لتسوية الأزمة الدبلوماسية وتطبيع العلاقات بين البلدين. ويفترض أن تنظر تلك الهيئة في ظروف اعتقال هانيبال القذافي عام 2008 في جنيف. وكان قد وافق على مبدأ إنشائها رئيس الكنفدرالية آنذاك هانس-رودولف ميرتس.
وفي شهر مارس الماضي، عبرت رئيسية الكنفدرالية لعام 2011 ووزيرة الخارجية ميشلين كالمي-ري عن أملها في أن يمثل العقيد الليبي معمر القذافي أمام المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته على ما وصفته بـ “الجريمة ضد الانسانية” المرتكبة حاليا في حق حركة التمرد التي تشهدها ليبيا.
ويذكر ضمن هذا السياق أن لجنة تحقيق تدعمها سويسرا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، اتهمت أيضا مؤخرا النظام الليبي بارتكاب “فظائع” من هذا القبيل.
وفضلا عن تعليق أعمال هيئة التحكيم، جمدت برن أيضا أصول العقيد الليبي وأقربائه المودعة في سويسرا. ويشار إلى أن أموال “مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية والتنمية” التي تتخذ من جنيف مقرا لها تعرضت أيضا للتجميد، مثلما أوضح يوم الجمعة 13 مايو المنصرم السيد رولان فوك، رئيس إدارة العقوبات بكتابة الدولة للشؤون الاقتصادية لوكالة الأنباء السويسرية.
ورغم أنها ليست مستهدفة مباشرة بالعقوبات التي تفرضها سويسرا على العقيد القذافي والمقربين منه، إلا أن وجود أحد ابناء القذافي على رأسه المؤسسة أدى إلى تجميد أموالها من طرف برن.
وكانت سويسرا قد جمدت إلى ذلك التاريخ 360 مليون فرنك من الأموال الليبية المودعة في سويسرا حسبما صرحت به السلطات الفدرالية.
تم اعتقال المواطنَيْـن السويسريين ماكس غولدي ورشيد حمداني في ليبيا مرة أولى بعد 4 أيام من اعتقال هانيبال القذافي في جنيف يوم 15 يوليو 2008. وبعد 10 أيام من السجن أفرج عنهما بكفالة وظلا محتجزين داخل الأراضي الليبية.
في منتصف سبتمبر 2009، وعلى إثر نَشر الصحافة السويسرية صوراً التقطت لهانيبال القذافي لدى اعتقاله من طرف الشرطة، تم استدراج الرجلين للخروج من مقر السفارة السويسرية في طرابلس حيث كانا يقيمان بدعوى إجراء فحوص طبية ليتم اختطافهما وإيداعهما في مكان غير معلوم لأكثر من 50 يوما.
وأكد غولدي أنه أمضى 53 يوما في غرفة مظلمة وفي عزلة تامة. وقال إن حرّاسه تصرّفوا بشكل سليم، غير أنهم كانوا مُتحفِّـظين ولم يرغبوا في أي اتصال مُباشر معه.
وفي 22 فبراير 2010، أُطلِق سراح رشيد حمداني، التونسي الأصل والحامل للجنسيتين التونسية والسويسرية، بعد تبرئته من التهم المنسوبة إليه والتي تخص “الإقامة بشكل غير مشروع” و”مُمارسة أنشطة اقتصادية غير مشروعة”.
أما ماكس غولدي، فلم يتمكن من مغادرة ليبيا إلا يوم 13 يونيو 2010، إثر إفراج السلطات الليبية عنه، بعد أن ظَلَّ مُحتجزاً هناك مدة 700 يوماً. وقد قَضّى غولدي الأشهرالأربعة الأخيرة في سجنٍ الجديدة القريب من العاصمة الليبية طرابلس.
وعقب وصوله إلى سويسرا، قال ماكس غولدي أمام الصحافة: “لقد أمضيْـت فترة 23 شهراً من عدم اليقين والخوف. وقد كنتُ ضحية لصراعٍ ليس لي علاقة به”.
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.